وزيرة التنمية المحلية تترأس لجنة اختيار المتقدمين للوظائف القيادية    مصر تدين استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين    بعد اشتباكات طرابلس.. الأمم المتحدة تحذر من زعزعة الاستقرار في غرب ليبيا    لجنة التظلمات تعلن اعتبار الأهلي خاسرًا للقمة مع عدم خصم نقاط إضافية    اعترافات مقاول هارب من حكم بالمؤبد: "كنت مستخبي وشايل سلاح علشان أحمي نفسي"    محمد عبده يحيي حفلا في محافظة الشرقية بالسعودية مطلع يونيو المقبل    يجب إسقاط المشروع.. برلماني: الحكومة سقطت في اختبار قانون الإيجار القديم وانحازت للملاك    مد الفترة المخصصة للاستديوهات التحليلية في الإذاعة لباقي مباريات الدوري    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة مطروح لجميع المراحل (رسميًا)    أبرز محطات زيارة ترامب يوم الخميس إلى قطر والإمارات    أتلتيكو مدريد يسقط أمام أوساسونا بثنائية في الدوري الإسباني    بمشاركة واسعة من المؤسسات.. جامعة سيناء فرع القنطرة تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف    وفد اللجنة الأولمبية يدعم اتحاد الدراجات ويشيد بتنظيم بطولة أفريقيا للمضمار    450 كيلو وبرقبة طويلة.. تعرف على أهم النصايح لشراء الأضحية    وزير السياحة: بدء التشغيل التجريبي للتأشيرة الاضطرارية منتصف يونيو المقبل    إعلان الفائزين بجائزة «المبدع الصغير»    مهرجان العودة السينمائى يُكرّم أحمد ماهر وسميحة أيوب وفردوس عبد الحميد    «ملامح من المنوفية» فى متحف الحضارة    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الدين والتدين    ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟.. اعرف رد الإفتاء    هل يجوز الزيادة في الأمور التعبدية؟.. خالد الجندي يوضح    طريقة عمل القرع العسلي، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    دايت من غير حرمان.. 6 خطوات بسيطة لتقليل السعرات الحرارية بدون معاناة    حبس عامل مغسلة 4 أيام بتهمة هتك عرض طفلة في بولاق الدكرور    لابيد بعد لقائه نتنياهو: خطوة واحدة تفصلنا عن صفقة التبادل    طارق محروس: مشاركة منتخب الناشئين في بطولة أوروبا أفضل إعداد لبطولة العالم    تعزيز حركة النقل الجوى مع فرنسا وسيراليون    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    «الرعاية الصحية» تبحث آليات تعزيز التعاون في سلاسل الإمداد وتوطين الصناعة الطبية    وكيل صحة المنوفية يتفقد مستشفى رمد شبين الكوم ويتابع معدلات الأداء.. صور    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    أمام يسرا.. ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة فيلم «الست لما»    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    التأمينات الاجتماعية تقدم بوكيه ورد للفنان عبدالرحمن أبو زهرة تقديرًا لمكانته الفنية والإنسانية    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    كيف تلتحق ببرنامج «سفراء الذكاء الاصطناعي» من «الاتصالات» ؟    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    الأهلي يبحث عن أول بطولة.. مواجهات نصف نهائي كأس مصر للسيدات    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    خطف نجل صديقه وهتك عرضه وقتله.. مفاجآت ودموع وصرخات خلال جلسة الحكم بإعدام مزارع    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    ترامب: لا أرغب في اللجوء إلى القوة مع إيران وسنراقب تطور المفاوضات معها    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو الهول.. الوعي اليقظ رغم غبار مرور الزمن
نشر في القاهرة يوم 03 - 11 - 2009

في افتتاح معرضه بقاعة «لوت 17» بالزمالك بدا «أبو الهول» في لوحات الفنان الكبير جمال مليكة المقيم في ميلانو في حالة من المراوغة البصرية ليبدو كحفرية تعني بطوبوغرافية مكان معين يشغله «أبو الهول» ذاته كجسد مطلق في الزمن.. أو كأنه مومياء في لفائف مهترئة بلون الشيخوخة رغم براقة الألوان في معظمها.
المعرض كله« أبو الهول» العظيم المكانة كأسطورة في المكان دقة تناول الفنان رمزياً وتأثيرياً في معالجة حيوية بعجائنه اللونية وسكينة اللون الكاشطة لفكرة الزمان والمكان ليبدو مخادعاً للبصر كاهتداء للسطح بفعل مرور الزمن إلا أن الفنان يحافظ علي بنائية الكيان النفسي راسخًا نابضًا من بين ركام اللون ولطخاته وسخونة الانفاس التي رسمها لبشر متناثرين حوله كتناثر اللون.. إنه يقدم «أبوالهول» في معادل لزمن وجوده.. هذه الرؤية لمرور الزمن عبر نفس المكان الذي لم يغادره لآلاف السنين يحاول فيه الفنان لا أن يصور عظمة أبوالهول ولا إعجازه بل يمثله معادلاً للزمن ولد فكان كوثيقة تمثل تهشيراتها وسحجاتها لغة مرور الزمان فوق الجسد المكان.
هذه اللغة هي ما نراه ملامسًا في اللوحات يتمثل بها لفكرة شغلت اينشتاين حول تشابك «الزمان و المكان» بل إن مسار الزمن يبدو منحنيًا في تشابكه والمكان.
وليقدم مليكة منحنيات لولبية كمظهر لاجساد بشرية تتناثر إلي جوار التمثال الحفرية.. وقد رسم مليكة شخوصه علي هيئة لولبيات خطية ملتفة حول ذاتها في انحناءات خطية متداخلة ومتقاطعة في تشابك أرضي هوائي وكأن هذه الشخوص مفرغة وأن خطوطها تلتف حول فراغ كان يشغله قبلاً جسد إنسان مما أحدث بصريا تداعيات وتنغيمات في التكنيك والمعالجة بين مادية جسد «أبوالهول» وهوائية اجساد البشر.. وأيضًا هي اطروحة لآثار مرور الزمن عبر كلاهما في بانوراما هائلة القوة والطاقة يجيدها جمال مليكة في تعامله ومعاجينه اللونية والخطية التي لا تجعلنا نري لوحات «أبو الهول» دفعة واحدة بل ننهج منهج التتالي الزمني بما يستلزم تتاليا بصريا لعناصر الفراغ المضغوط الذي يقود العين إلي التنقل خلال هذا التتالي من عنصر فراغي لآخر.
وأيضًا في اتجاهنا للاحاطة بسطح اللوحة نجدنا في مواجهة عمق غير منظور لكنه محسوس.. ورغم أننا لا ندرك «أبوالهول» من فرط غموض وجوده إلا أننا ندركه من فرط امتلائه بإرادة الوجود.. تلك الإرادة التي تخصنا جميعًا نحن المنتشرين حوله كنقاط انعطاف روحي.. كأننا كائنات حية تربطنا به علاقة «ايكولوجية» نتسلق كما في اللوحات بنيائه وكتلته.. لذا كان بإمكان جمال مليكة أن يدرك مكانه من تمثاله حتي وهو في ميلانو يرسمه حفرية حجرية بشرية.
.. وتجذبني في لوحات «أبو الهول» تلك الحيوية النابضة بتلك الشخوص المنثورة حوله أو المتسلقة أو الكائنة في عمق صدره أجساداً خاوية إلا من خطوط خارجية تشكل الفراغ وتجعل له حوافا كحواف الصورة الهيلوجرامية المجوفة في الفراغ في تماس علاقتها الديناميكية مع تعدد ملامس سطح جسد «أبو الهول» وإيحاء حركتها اللحظية حتي نكاد لا ندركهم موجودين من لحظة لأخري أو أنهم يخترقون السطح بلا ماديتهم في حركة تدفق روحي مستمر من خارج إلي داخل التمثال والعكس كأداة وصل بين الوعي اليقظ والعالم الخارجي.. وهذا العنصر قد يتعارض والطبيعة كصورة لكنه يمثل تاريخ هذه الصورة.
وهذه الشخوص الهيلوجرامية لا تقل أهمية وجودها البصري عن وجود «أبو الهول» وأراها تعمل في فراغ حر الحركة تنسل من «أبو الهول» آثاراً ماضية كي تتبع به ملامح مستقبلة كمجري زمني يتسلق وكيفية تعامل الفنان مع سطح اللون ملمساً رمزياً بتقسيماته وسحجاته كشيء قابل للانشطار والاهتراء عبر مساحات واسعة في اللوحة نستشعرها توتراً لونياً كتوتر متنبه.. كفكرة بين اليقظة والإغفال.. كأشياء منفصلة قائمة بذاتها تعمل داخل منظومة تواجد كوني لندرك بها الإيقاع الكوني الذي لا يمكن شرحه لأنه كالاتجاه.. والزمان.. والإيقاع.. والمصير.. والحنين.
إن مشهد لوحات معرض أ«بو الهول» يمثل كل شيء فيها التاريخ الذي ينبثق فجأة محملاًَ بكل ألوان الغبار الزمني أو ربما الغبار الكوني.
.. لقد جعل جمال مليكة التلاقي بين «أبو الهول» والبشر تلاقي امتداد استطرادي في تاريخ العالم كقصة استطرادية تحمل كامل مفرداتها البصرية والرمزية وطاقة الاستمرار والوجود.. لكنه جعلها «لأنه يقدم عملاً فنياً» في مقاطع مراوغة بين التعافي والشيخوخة.. بين الإفصاح والغموض.. كتلك المراوغة النفسية لتواجد «أبو الهول» اللا بشري واللا حيواني.. وكتلك الخطوط المحيطة لشخوصه المجوفة.. تحدد وجودهم وأيضاً تسجنهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.