تراجع أسعار الذهب اليوم الأربعاء 24 سبتمبر في بداية التعاملات    رئيس «حماية المستهلك» يقود حملة ليلية مُفاجئة على الأسواق    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 سبتمبر    «التحرير الفلسطينية»: الاعترافات الدولية بدولة فلسطين تحول استراتيجي هام    نيران صديقة، متحدث الأهلي السعودي يكشف سر الخسارة أمام بيراميدز (فيديو)    حازم البهواشي مديرا للبرامج ب راديو مصر    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأربعاء 24/9/2025 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    حسين فهمي: القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في مهرجان القاهرة    إنقاذ طفل حديث الولادة مصاب بعيب خلقي خطير بالقلب بمستشفى أطفال مصر للتأمين الصحي    وزراء خارجية مجموعة السبع يناقشون فرض عقوبات جديدة على روسيا    زيلينسكي يقترح دولا عربية وأوروبية مكانا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين    انتصار الحب، إلهام عبد البديع تعود لزوجها الملحن وليد سامي بعد 4 أشهر من انفصالهما    الإسكان: المدن الجديدة لم تعد مجرد مشروعات سكنية بل أصبحت ركائز اقتصادية واستثمارية    ماكرون: الذكاء الاصطناعي يحمل مخاطر ويستدعي تنسيقًا دوليًا    مصرع ربة منزل سقطت من شرفة منزلها بالبحيرة    ترامب: سنواصل بيع الأسلحة لدول الناتو لتفعل «ما يحلو لها»    محافظ الدقهلية يشارك في احتفالية تكريم الطلاب المتفوقين من أبناء المهندسين    هاني رمزي: الموهبة وحدها لا تكفي وحدها.. والانضباط يصنع نجمًا عالميًا    نقابة المهن التمثيلية تنعي مرفت زعزع: فقدنا أيقونة استعراضات مسرحية    «أوقاف أسوان» تكرم 114 من حفظة القرآن فى ختام الأنشطة الصيفية    وزير الرياضة يهنئ نادي بيراميدز بتتويجه بكأس القارات الثلاث    هشام حنفي: القمة فرصة ذهبية لعودة الأهلي والزمالك مطالب بتحسين الأداء    «احمديات»: لماذا ! يريدون تدميرها    مصطفى نجم: تغييرات الزمالك أمام الجونة متسرعة.. وعدي الدباغ مرشح ليكون هداف الدوري    تفاصيل توزيع أعمال السنة للصفين الأول والثاني الثانوي 2025-2026    قرارات جديدة من وزارة التربية والتعليم بشأن الصف الأول الثانوي 2025-2026 في أول أسبوع دراسة    كوريا الجنوبية: ندرس الاعتراف بدولة فلسطين في إطار حل الدولتين    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025    «وريهم العين الحمرا.. واللي مش عاجبه يمشي».. رسالة خاصة من إبراهيم سعيد ل وليد صلاح الدين    رابطة الأندية تخطر استاد القاهرة بنقل المباريات بعد القمة دعمًا للمنتخب الوطني    مسلم يفجر أسرار عائلته: «من 15 سنة سبت البيت والجيران كانوا بيسمعوا عياطي»    وفاة النجمة الإيطالية كلوديا كاردينالي «ملكة جمال تونس 1957»    وزيرة التنمية المحلية توجه بإزالة الإشغالات والمخالفات بالممشى السياحي بدهب.. صور    أحمد الشرع: على إسرائيل العودة إلى ما قبل 8 ديسمبر 2024.. ولن نكون مصدر خطر لأحد    حبس مطرب المهرجانات "عمر أى دى" 4 أيام بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء بالإسكندرية    القبض نزل، بدء صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للعاملين بالدولة    رئيس الوزراء يؤكد لرئيس مجلس القيادة الرئاسى اليمنى دعم مصر للحكومة الشرعية فى عدن    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 24 سبتمبر في محافظة الغربية    نتيجة وملخص أهداف مباراة ليفربول ضد ساوثهامبتون في كأس الرابطة الإنجليزية    رسميًا.. موعد الإجازة المقبلة للقطاع العام والخاص والبنوك (يومان عطلة في سبتمبر)    عاجل- وزير التعليم العالي يطمئن معيد آداب سوهاج: التعيين محفوظ والدعم الصحي كامل    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تدعو الطلاب للإسراع بالتقديم الإلكتروني قبل انتهاء المهلة    وزيرة التنمية المحلية توجه بإزالة إشغالات ومخالفات بالممشى السياحى بدهب    بعد اعتراض الرئيس، هل يعيد مجلس النواب مناقشة قانون الإجراءات الجنائية؟ (فيديو)    مصرع 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين على صحراوى البحيرة    مندوب مصر بالأمم المتحدة: مصر حرصت على تجنب العديد من الاستفزازات    ترامب: نريد إنهاء الحرب في غزة واستعادة المحتجزين.. صور    رئيس شركة «غازتك» ينتقل إلى موقع تسريب الغاز بمحطة القصر العينى.. صور    حملات موسعة لإزالة التعديات بشوارع المجزر الآلي واللبيني وزغلول وكعبيش    النائب محمد زكي: ملفات التعليم والصحة والاقتصاد تتصدر أولوياتي    جامعة قناة السويس تكرم الدكتورة سحر حساني والدكتورة شيماء حسن في حفل التميز العلمي    إجراء جراحة ناجحة استمرت 17 ساعة لاعتدال عمود فقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    مدير فرع الرعاية الصحية بالأقصر يطلق مبادرة "اليوم المفتوح".. صور    بعد انطلاق موسم الدراسة.. 5 أطعمة لا تضعيها لأطفالك في «اللانش بوكس»    ما حكم الحصول على مال مقابل "لايكات" على فيديوهات المنصات؟ أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يوضح كيفية الصلاة على متن الطائرة ووسائل المواصلات.. فيديو    ما حكم الاستثمار فى صناديق الذهب؟ أمين الفتوى يجيب    اليوم العالمي للغة الإشارة.. 4 خطوات أساسية لتعلمها وإتقانها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم التحولات في لوحات سمير فؤاد
نشر في القاهرة يوم 28 - 12 - 2010

لوحات الفنان سمير فؤاد والتي عرضت مؤخراً في قاعة بيكاسو بالزمالك ليست سردية حكائية بل هي مشهد اللحظة.. لكنها لحظة محملة بثقل عاطفي شديد.. وفي كثير من لوحاته يكون هناك رؤية مفاهيمية أو فلسفية أو علي الأقل تأملية.
ولوحات معرضه هذا بدت لي خاضعة بدرجة كبيرة لمفهوم التحولات.. التحولات البصرية من الوجه المتماسك إلي الوجه المفكك.. والتحولات الفلسفية من اللحم الحيواني الذبيح إلي اللحم الإنساني الحي.. والتحولات النفسية من الصراخ إلي هيستريا الحركة.. وسأشير إلي هذه التحولات في مواقعها والتي بدت تحولاته أكثر ما تكون وضوحاً في الجسد.. الجسد الإنساني كمادة، الذي أراه ليس فقط من أروع المواضيع لكن من أكثرها مراوغة..
فالمظهر الخارجي لشخوصه ندركه ونحن نراهم يعيدون تشكيل أنفسهم أمام أعيننا خلال ذلك البناء اللحمي تحت ضغط وتوتر قلق مخبأ في الشخصية البشرية.. الشخصية التي جعلها في أكثر من حوالي الخمس لوحات مرتبطة في المكان مع اللحم الحيواني المذبوح المعلق في خطاطيف ما بعد الذبح.. لندرك ان هناك شيئاً ما غريباً في تعليق اللحوم النيئة.. وأيضاً لندرك كل هذا الموت الذي تلي الذبح ليصبح للبيع.. أي هو موت للبيع في ألوان ينسحب منها لون الحياة الزاهي في سيريالية لأجدها مفسرة في لوحاته لأنه ليس هناك سياق حكائي داخل اللوحة.. لذلك وبدون ذلك السياق الحكائي هل يهتم سمير فؤاد بالجسد المادي أم باللحم ذاته؟.. وحين نري في مسطح واحد لحم ذبيحة نيئة اللحم في مقابل اللحم البشري الحي فإلي أي مدي يدفعنا هذا إلي النظر إلي منطقتنا الحيوانية؟.. خاصة وهناك ارتباط وثيق يربط اللحم الحيواني المادي الذي يشبه نسيج ولون لحمنا بل انه يصبح جزءاً من أجسادنا البشرية علي المدي الطويل.. فكل ما نأكله يصبح نحن.. وأكلنا للحم الحيوان يتحول إلي لحمنا في النهاية..
وتبعاً لنسبة استهلاكنا للحم الحيواني الذي هو لحم ميت.. ذلك اللحم الميت الذي بأكلنا له نمد له في الحياة من جديد داخل أجسادنا أي داخل نطاق جديد.
لذلك لوحات سمير فؤاد لا أراها مجرد قدرة تعبيرية عن ماهية اللحم المذبوح واللحم الحي كجسد فقط بل أراه وسيلة استكشاف الموت والتأمل الذاتي وأيضاً هو رمز لثقافة الاستهلاك في عصرنا.. كما ان هناك دلالات كثيرة للحم من كونه لحماً حيوانياً أو بشريا لأن العلاقة بينهما تراكمية معقدة.
كما أري رؤية فلسفية في أعماله بذلك اللحم المذبوح الذي يدخل في نسيج حياة جديدة بتحوله لأجسادنا ثم تتحول أجسادنا للترهل إلي التلف النهائي السريع لأراه يقدم رؤية بما تشبه دورة الحياة خاصة في لوحاته الجامعة في مواجهة ومباشرة بين الذبيحة والإنسان كتجسيد للطبيعة الدورية للحياة والموت.
كما استطاع الفنان ان يخوض إلي مناطق غير مدركة للجسد بين مظهر اللحم البشري والحيواني كمادة تحت الجلد لكن من خلال الهيئة الخارجية كرؤية مزدوجة تبادلية رغم ان أحدهما مستقل عن الآخر وان أحدهما مستودع للآخر.
فنلاحظ في اللوحة أمامنا لهذا الصبي حارس اللحم والذي بدا كقطعة منه في لونه ومنظور الرؤية تماماً كالعاملين في المشرحة تصبح وجوههم صفراء باهتة ينفس لون برودة الموت الذي يتعاملون معه يومياً.. وفي هذه اللوحة نلاحظ استخدام الفنان لفرشاة سميكة قاسية للإيهام بعملية الذبح التي لم نرها وليمثل اللحم الحيواني في حال تجلده بتعرضه للهواء والذي أصبح باهتاً في مناطق ليتسق تماماً وتجلد وجه الصبي رغم صغره.. ويمكننا استخلاص مفهوم أكبر من مجرد تقابل لحمي الذبيحة والحي علي مسطح واحد.. فلحم الذبيحة يوحي بوجود سكين مسبق حاد وقاتل بينما جعل الوجه البشري في حالة من التأرجح الاهتزازي.
وندرك هذه الاهتزازية العنيفة للجسد في لوحته التي تصور امرأة متحركة في حركات خمس متتالية مما جعل الإيقاع في لوحته يصبح هو نفسه كاشفا عن احساس وسجل لتدفق زمني حتي ولو للحظات.
وهذه الإيقاعات خلقت حالة توتر نشط نراها في وجوه شخوصه وأجسادهم وقد زادت من مساحة التقلص والتمدد لساحة الجلد ليكشف الجسم والجلد عن نفسه.. وعن حدود هيئته الخارجية.. وليوحي أيضاً بوجود معاناة فائقة أطاحت بالوجه وجعلت الجسد كما في لوحتيه سجن «أبو غريب» مجرد قطع لحمية بشرية متراكمة فوقها فوق البعض كأنه مشهد لذبائح متراكمة في ركن ما بعد ذبحها في طبقات من الجلد العاري.
ويمكننا تصور سهولة تحول الفنان في لوحاته في انجازه لها بشكل متقارب أو متزامن داخل مرسمه وتحوله من رسم لحم الحيوان المذبوح إلي رسم الوجه النسائي الشبه مهترئ ثم رسم الأجساد المتجلدة لأتساءل عن أي منهما سبق الآخر في ذهن الفنان واعتمل في روحه قبل ان يعصف بها فوق سطح لوحاته.. وهل للوحاته وهي أكثر من خمس لوحات تقريباً صارخة بتمثلها لوجه يطلق صرخة من تأثير من ذلك التقابل المعقد ليجعل الفم هو الثقب الذي يهرب منه الجسم كله بتلك الصرخة.. كاشفاً عن الروح وعن قوة الدفع الجبار للصوت الغاضب من داخل الجسد الإنساني.
أعتقد ان الصراخ بهذا البراح يبلغ به الفنان النقطة القصوي.. نقطة كونية بشرية مطلقة يعتمل داخلها تقلصات وتمديدات وتحولات هيستيرية إشارة إلي واقع هيستيري من الجسم مرئي لما هو غير مرئي.
قدم الفنان الكبير سمير فؤاد زحام رؤي في مراقبة للأشياء وليس في سرديتها.. ليفسر ما تبقي من الحركة وليس العكس في مستويات من الإحساس المكثف إشارة إلي حواس ندركها، اهتزازاً وإيقاعاً وأصواتاً.
ربما أراد الفنان إيجاد علاقة بين اللوحة والهيستيريا متضمنة هيستيريا الذبح.. فالصراخ.. فالتحولات إلي التلف والزوال.. انه بكل ثقله عمل بلوحاته علي أعصابنا وضغط عليها بشدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.