اعرف طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    مصرع أكثر من 29 شخصا وفقد 60 آخرين في فيضانات البرازيل (فيديو)    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك وبداية موسم الحج    الخضري: البنك الأهلي لم يتعرض للظلم أمام الزمالك.. وإمام عاشور صنع الفارق مع الأهلي    جمال علام: "مفيش أي مشاكل بين حسام حسن وأي لاعب في المنتخب"    "منافسات أوروبية ودوري مصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين في غزة جائزة حرية الصحافة لعام 2024    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    أيمن سلامة ل«الشاهد»: القصف في يونيو 1967 دمر واجهات المستشفى القبطي    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    مصطفى شوبير يتلقى عرضًا مغريًا من الدوري السعودي.. محمد عبدالمنصف يكشف التفاصيل    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    محمد هاني الناظر: «شُفت أبويا في المنام وقال لي أنا في مكان كويس»    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انخفاض جديد مفاجئ.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالبورصة والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    الغانم : البيان المصري الكويتي المشترك وضع أسسا للتعاون المستقبلي بين البلدين    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هنا "بيوت النار".. كيف انهارت صناعة الطوب؟
نشر في البوابة يوم 03 - 10 - 2016

حسام الحارونى ومحمد أشرف وإسلام الخياط وأمل سمير ورامى القناوى وأحمد أبوالقاسم وأحمد محمود وحسنى دويدار
أزمة الوقود تتسبب فى طرد المئات بالشرقية.. وصاحب مصنع: تحملنا ما لا طاقة لنا به.. ونطالب المسئولين بالنظر لنا بعين الرحمة
صرخات مكتومة لا يسمعها إلا من يقترب منها، لكنها هذه المرة خرجت من وسط النيران، أو هكذا أطلق عليها أصحابها، «بيوت النار»، فبعدما ارتفعت أسعار الوقود فوجئوا بفرض ضرائب وصفوها بالجزافية عليهم، كما ارتفعت فاتورة الكهرباء إلى آلاف الجنيهات، ما جعلهم يفكرون فى إغلاق مصانعهم، وهو ماحدث بالفعل فى محافظة الغربية، التى أغلقت فيها 10 مصانع، بسبب عدم قدرتها على دفع التزاماتها المالية للحكومة.
«البوابة» ترصد فى هذا التحقيق معاناة العاملين فى مصانع الطوب الطفلى، بعدة محافظات، قبل أن تقع الكارثة وتغلق آلاف المصانع أبوابها بسبب ديونها المتراكمة، الأمر الذى سيؤدى لمشكلة أكبر تتمثل فى انضمام آلاف العاملين بتلك المهنة إلى طابور العاطلين، ما يدخل الحكومة فى دوامة جديدة لحل أزمة «العاملين فى مصانع الطوب».
الجيزة
تتعرض مصانع الطوب الطفلى بمحافظة الجيزة والبالغ عددها نحو 1400 مصنع للانهيار التام بسبب ما تعانيه من أزمات وكوارث مستمرة منذ عدة سنوات تزداد وتيرتها يومًا تلو الآخر.
بدأت المشكلة بانخفاض ضخ الغاز الطبيعى إلى ربع النسبة التى كانت قبل ذلك عن بعض المصانع وانقطاعه عن البعض الآخر، حسب رواية «خالد غريب» المتحدث باسم مصانع الطوب، عضو جمعية صناعة مواد البناء بالجيزة، ما يهدد إنتاج 275 مصنعًا هى إجمالى المصانع التى تعمل بالغاز الطبيعى، أما ندرة المشتقات البترولية، واختفاؤها فى أحيان كثيرة من السوق، مع زيادة رقعة السوق السوداء يهددان عمل باقى المصانع التى تعمل بالمازوت والسولار، والبالغ عددها 1125 مصنعًا بالمحافظة يتركز أغلبها فى منطقة «عرب أبوساعد» ومركز «الصف».
ويؤكد المتحدث باسم مصانع الطوب، أن ارتفاع سعر الدولار هو أحد العناصر الأساسية المتحكمة فى ارتفاع أسعار الطوب، حيث إن وحدة المحاسبة فى هذه المصانع هى الدولار وليس الجنيه المصرى بالنسبة لأسعار الوقود، ويضيف «غريب» أن ارتفاع سعر الكهرباء خلال ثلاث سنوات أكثر من الضعف يهدد استمرار عمل عدد كبير من المصانع بسبب الديون المتراكمة على أصحابها.
ويتابع «غريب» أن مشكلة عدم فتح آفاق جديدة للاستثمار، وعدم إنشاء مدن جديدة، وعدم وجود إمكانية لتصدير الطوب خارج البلاد، تؤثر على إنتاج المصانع التى تدر سنويًا مليارات الجنيهات إلى خزينة الدولة، أما فرض الضرائب والرسوم الباهظة على أصحاب المصانع هى أحد أهم الأسباب التى تؤدى إلى تدهور تلك الصناعة المهمة.
ويواصل: ندفع رسومًا جديدة لم يكن لها وجود قبل ذلك، كذلك يقوم أصحاب تلك المصانع بدفع ضريبة المبيعات عدة مرات، الأولى على المحاجر ممثلة فى المواد الخام، والثانية على الطاقة ومختلف المواد البترولية والكهرباء، أما الثالثة فهى على الطوب بعد تصنيعه ممثلة فى كارتة المحافظة ورسوم الدخول لبوابات المحافظات وكذلك الميزان، الهدف من تحصيل هذه الضرائب هو إصلاح الطرق ورصفها وإنشاء شبكات طرق جديدة وتزويد مناطق تلك المصانع بالمرافق، وهو ما لم يحدث حتى الآن، فالطرق غير الممهدة هى إحدى المشكلات التى تواجه أصحاب المصانع فى تلك المناطق الجبلية الوعرة.
ويؤكد «غريب» الأهمية الاقتصادية التى تعود على الدولة من تلك الصناعة، وأن توقفها خسارة فادحة بالنسبة لاقتصاد الدولة، ويضيف أن معظم أصحاب هذه المصانع إما مقترضون من البنوك أو مدينون لشركات الغاز بسبب الخسائر الباهظة، وأن هناك الكثير من أصحاب تلك المصانع يرغب فى نقل تكنولوجيا الغرب والشرق الأوسط المطابقة للصناعات العالمية للمصانع المصرية تحت بند «تحديث صناعة الطوب الطفلى» كى تتواكب مع التكنولوجيا العالمية، مما يتيح تصدير تلك الصناعة للخارج، وهو الأمر الذى يعود على خزينة الدولة بنحو 12 مليار جنيه سنويًا على أقل تقدير.
ويرى «غريب» أن إهمال الدولة لهذه الصناعة منذ ثمانين عامًا هو إحدى المشكلات التى لا بد من حلها، بالرغم من التحديث الوحيد الذى طرأ عليها فى فترة الثمانينيات، حيث كانت تعمل قبل ذلك على تجريف التربة وهو ما يهدد الرقعة الزراعية، ليتم استخدام المواد المحجرية بدلا من تجريف الأراضى الزراعية، إلا أنه لا بد من تطوير تلك الصناعة لتناسب المواصفات العالمية وتساهم فى الحفاظ على البيئة وصحة العمال والمواطنين وتحقيق أعلى فائض لخزينة الدولة، وكذلك بنود تلك الصناعة مثل التغليف والتصدير والجمركة وغيرها.. وهو ما يوفر فرص عمل أكبر للشباب فى بيئة صحية نظيفة.
أما عمال تلك المصانع فهم أكثر المتضررين من كل هذه المشاكل التى ليس لهم فيها أى ذنب، حيث يعمل فى تلك المصانع بشكل مباشر ما يقرب من 320 ألف عامل، تتعرض حياتهم للخطر فى كل يوم، أما العمالة المرتبطة بنفس نطاق الصناعة فتقارب 2 مليون عامل فى مختلف المواقع، يتقاضى كل منهم أجرًا متوسطه 50 جنيهًا يوميًا، ومتوسط أعمارهم من 16 إلى 65 عامًا.
فى زيارتنا لأحد هذه المصانع الواقعة فى منطقة عرب أبوساعد، جنوب الجيزة، اصطف العمال أمامنا، الذين يتوسط عددهم فى المصنع الواحد 150 عاملًا، الكل يريد أن يدلى بشهادته وأن يشكو للمسئولين همه ومشاكله اليومية التى لا يجد لها حلًا، لكنه يحاول جاهدًا أن يصل صوته للمسئولين عن هذا القطاع، كل الأعمار تقف أمامنا الكبير والصغير من كل المحافظات، جمعهم هنا فقط «لقمة العيش»، كل منهم قلق على مستقبل من يعول حين يتوقف عن العمل ولا يجد قوت يومه، لا يشتكون من راتبهم اليومى لكنهم يخافون من انقطاع هذه الجنيهات فى أى يوم من الأيام دون سابق إنذار، يتقدم واحد منهم ليحكى عن زميله الذى وقع فى فرن الطوب ليجدوه متفحمًا بين تلك الأحجار وتلك النار التى تشبه «نار جهنم»، على حد وصفهم، ويشكو من عدم وجود أى تأمين اجتماعى لهم، ذلك الشاب الثلاثينى الذى ترك من بعده زوجةً وطفلة فى الشهور الأولى من حياتها، لا يعرف أحد من البشر كيف يكون مستقبل تلك الطفلة بعد وفاة من كان سببًا فى وجودها فى الحياة، يتقدم الآخر الذى يقطن إحدى محافظات الصعيد، وقد تجاوز من العمر الخمسين ليتحدث عن أولاده السبعة الذين يجتهد كل الاجتهاد فى الحياة من أجل توفير الحياة الكريمة لهم، خائفا من انقطاع راتبه فى أى يوم من الأيام لإغلاق أصحاب المصانع مصانعهم مضطرين لعدم وجود مقومات الحياة فى تلك المصانع، مضيفًا «ملناش أى مصدر رزق تانى نعيش عليه»، وهذا طفل فى بداية العقد الثانى من عمره جاء ليكون زميلًا لوالده فى هذه الشمس المحرقة ليكون عونًا له فى تدبير شئون الحياة، الكل يريد الحديث، الكل يتمنى أن ينظر لهم المسئولون نظرة الرحمة على حالهم، أما هذا الرجل الستينى الذى يجلس محتميًا بإحدى المظلات من تلك الشمس الحارقة فكان مطلبه فقط هو أن يستمر العمل فى تلك المصانع بنفس طاقتها حتى لا يتم تشريد آلاف العمال الذين لن يجدوا لهم أى مصدر رزق يعيشون عليه بعد ذلك.
تتعرض حياة كل هؤلاء العمال للخطر يوميًا دون وجود أى تأمين صحى أو اجتماعى لهم، فإذا أصيب العامل أو مات فإن أسرته تموت معه، فقد انقطع عنهم سبب رزقهم الوحيد الذى يعيشون منه.
أما المشكلات البيئية التى تحيط بهؤلاء العمال كفيلة بقتلهم أحياء، فمياه الشرب الملوثة هى التى يعيش عليها هؤلاء العمال فى تلك المناطق، كذلك الهواء الملوث الناتج عن استخدام المازوت والسولار ما يجعل تلك المنطقة من أكثر المناطق تلوثًا على مستوى العالم إن لم تكن أكثرها، وهو ما يضر بصحة العمال، مع عدم وجود أى رعاية صحية أو مستشفيات قريبة من هذه المنطقة، بجانب عدم توافر الأمن فى تلك المناطق الجبلية المحيطة بتلك المصانع ما يعرض حياة العمال للخطر يوميًا.
تواصلنا مع النائب «بكر أبوغريب» عضو مجلس النواب، وأحد أصحاب مصانع الطوب فى تلك المنطقة، حيث عدّد لنا المشاكل وتحدث إلينا باستياء شديد من تجاهل الدولة لمطالب أصحاب المصانع، وأكد نقص المازوت فى الأسواق وكذلك انقطاع الغاز عن غالبية المصانع فى معظم الأوقات منذ بداية استخدامه من حوالى 10 سنوات، وهو ما يؤثر على إنتاج المصانع بشكل كبير بل يهدد الكثير منها بالإغلاق، وأشار النائب إلى وجود كارثة حقيقية بسبب إغلاق «كوبرى التبين» الذى يربط محافظة القاهرة بمحافظة الجيزة أمام حركة النقل، ما يجعل سيارات النقل تقطع عشرات الكيلو مترات لتصل إلى منطقة «أبونجم» بالعياط ثم تعود مرة أخرى.
وتحدث النائب عن وجود أيادٍ خفية فى أجهزة الدولة تحاول تخريبها بشتى الطرق، وأكد أنه لا يمكن للطائفة التى تعمل فى تلك المصانع أن تترك هذه المهنة وتذهب لغيرها، ولا يمكن لهم العمل إلا فى هذا المكان، هذا المكان هو فقط مصدر رزقهم الوحيد، فهم لن يجدوا لهم أى مأوى غير هذه المصانع.
وتابع النائب: لم تتحرك أى جهة حكومية لحل الأزمة حتى الآن. وأضاف: خاطبت رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة ووزير التجارة، ووزير القوى العاملة، خاطبت الجميع وعندى مذكرات بكل هذا، لكن لم يتحرك أحد لحل هذه الكارثة، خاطبت محافظ الجيزة ورئيس الوزراء لجعلها منطقة صناعية، لكن لم يهتم أحد، أصحاب المصانع هم من أنشأوا البنية الأساسية من كهرباء وشوارع وطرق حتى الغاز على نفقاتهم الخاصة فى تلك المنطقة منذ عام 1990، دون وجود أى اهتمام من أجهزة الدولة.
وأكد «أبوغريب» انعدام الأمن فى تلك المنطقة بالكامل، وكذلك الرعاية الصحية، وأن مياه الشرب الملوثة تدفع أصحاب المصانع لشراء فنطاس مياه كل يوم، وتكلفة الفنطاس الواحد 100 جنيه.
وشدد على ضرورة أن تجلس الحكومة على مائدة مفاوضات مع المنتجين ورجال الأعمال لتقديم جميع التسهيلات التى من الممكن أن تقدمها الدولة لتتيح للمستثمر إمكانية الاستثمار وإقامة المشاريع الكبرى، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وتابع النائب أن الحل فى يد رئيس الوزراء، فهو باستطاعته النظر بجدية لهذه الكوارث والتعامل معها حتى لا تتفاقم أكثر وأكثر، ولا بد من زيادة عدد المصانع والإنتاج.
وفى النهاية أكد النائب أنه لا يوجد أى تحرك رسمى جاد من جانب الحكومة حتى الآن بشأن هذه الكوارث.
الشرقية
تأثرت مصانع الطوب الطفلى بمدن ومراكز محافظة الشرقية، خلال تلك الفترة بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيلها، خاصة بعدما قام معظم أصحابها بتحويل مصانعهم لمصانع صديقة للبيئة تستخدم الغاز الطبيعى بدلًا من المازوت، ما أدى لتهديد عمال «الفاعل» المشتغلين فيها بالتشرد وقطع أرزاقهم بسبب ارتفاع أسعاره كمصدر طاقة نظيفة وعجز أصحاب العمل عن سداد التكاليف ما أدى لتسريح نسبة كبيرة منهم، وضعف نسبة الإنتاج وزيادة أسعار هذه السلعة.
يقول أحد أصحاب المصانع ل«البوابة»: أصبحنا شبه متوقفين عن العمل ونعمل بأقل طاقة إنتاجية بسبب أسعار الوقود التى باتت تزداد وترتفع وأصبحت غير مستقرة منذ اندلاع أحداث ثورة 25 يناير حتى الآن، الأمر الذى يحملنا ما لا طاقة لنا به من تكاليف، وتحدث لنا أزمات فى ظل أن المسئولين لم ينظروا لنا بعين الرحمة أو الشفقة ويطبقون علينا الجزاءات بصورة مستمرة، ويرفعون القيمة الإيجارية لمتر الأرض الذى بلغت قيمته أكثر من 12 جنيهًا لأن الأرض تتبع أملاك الدولة، مشيرًا إلى أن هذه الأسباب دفعت البعض منهم للتفكير فى غلق مصنعه تزامنا مع الارتفاع الملحوظ فى سعر الدولار والأزمات الاقتصادية التى تشهدها البلاد والتى تسببت فى ركود أسعار الطوب فى الأسواق.
وطالب عمال الطوب من المسئولين المختصين فى هذا الشأن بالتدخل السريع لتقنين أوضاعهم حفاظًا على حقوقهم تحسبا لتعرضهم للفصل التعسفى وتشريدهم، قائلين: «إحنا بناكل من عرق جبينا وبنصحى الصبح نشقى على لقمة عيشنا بدراعنا، ولو أصحاب المصانع سرحونا هنترمى فى الشارع ومش هنلاقى رغيف العيش». وأضافوا: «إحنا راضيين بالهم والهم مش راضى بينا وحياتنا فى المصانع دى تتعرض للخطر ومهددين بالموت فى أى لحظة ومعظمنا بيعانى من الأمراض الصدرية والجهاز التنفسى، ورغم ده كله حامدين ربنا وشاكرين له وشغالين إحنا وعيالنا عشان عاوزين نعيش فى أمان الله ومش طالبين حاجة تانى من الحكومة».
وشنت الفروع الإقليمية لجهاز شئون البيئة حملات تفتيشية على 4 مصانع طوب فى مركز ههيا بمحافظة الشرقية خلال الشهور الماضية، حيث تبين من القياسات، أن المصانع مطابقة لحدود القانون، بينما بلغ سعر الطوب الطفلى المثقب 25×12×13 سم فى هذه الأيام 918 للألف قطعة طبقت لما سجلته البورصة المصرية والسوق المحلية.
أسيوط
وفقدت مصر منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، مئات الآلاف من الأفدنة من أجود الأراضى الزراعية فى معظم قرى محافظة أسيوط بالبناء والتجريف بقصد استغلال تربتها فى عدد من الصناعات كالدخول فى صناعة الطوب الأحمر، وذلك ليس هو النموذج الوحيد لإهدار الأراضى الزراعية بالمحافظة وإنما لا يزال مسلسل تجريف الأراضى الزراعية مستمرًا كثانى أبرز الأخطار التى تواجه المحافظة، رغم تجريم تجريف الأراضى الزراعية أو نقل أتربتها بالقانون 116 لسنة 1983م، ورغم تحريم وتجريم التعامل مع الطوب الأحمر المصنع من طمى الأراضى الزراعية بقرار وزير الزراعة 11/8/1985م وبصدور الأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996م.
وفى أسيوط لا يزال المجرفون للأراضى الزراعية والمصنعون للطوب الأحمر من تربة الأراضى الزراعية يعملون تحت سمع وبصر الأجهزة المعنية، ولا يستطيع أحد بأسيوط أن ينكر ذلك لأنه واضح كالشمس ولا يحتاج إثبات، فى معظم القرى التابعة لمحافظة أسيوط.
الغربية
سيطرت حالة من الخوف على آلاف العاملين بمصانع الطوب بالغربية، بسبب تهديدات أصحاب تلك المصانع بإغلاقها، وتشريد العمال.
فى مركز زفتى التى يوجد بها أكثر من 150 مصنعًا، تعانى جميعها من خطر الإفلاس والإغلاق وتشريد العمال بسبب العديد من المشاكل والتى من بينها تراكم ديون الضرائب الجزافية وارتفاع أسعار مكونات الإنتاج وأسعار الكهرباء وعدم حصولهم على حصة ثابتة من الطاقة (المازوت) من شركات البترول، الأمر الذى دفع أكثر من 10 مصانع لإغلاق أبوابها بالفعل.
محمود عياد، صاحب مصنع، أكد أن المصانع تواجه الكثير من المشاكل وأهمها الطاقة «المازوت» التى تدار بها هذه المصانع، حيث يصل سعر الطن إلى 2700 جنيه والاستهلاك الفعلى لهذه المصانع يصل إلى 35 طنًا فى الأسبوع الواحد يتم بها إنتاج 400 ألف طوبة.
وأضاف: «نحن كأصحاب مصانع لا نعرف إذا كانت هذه الكمية من المازوت التى يحضرها المقاول التابع لشركة البترول هى الحصة المخصصة للمصنع أم أنها من السوق السوداء، حيث إننا ندفع ما يطلبه المقاول ولا نعلم ما هو سعر المازوت فى الشركة الحقيقى». مشيرًا إلى أن الزيت المحروق «بديل المازوت» يتم بيعه بسعر 2350 جنيهًا للطن، وأحيانًا يصل إلى 2500 جنيه للطن.
وأكد محمود حجازى، صاحب مصنع، أن ارتفاع أسعار الكهرباء، والتى وصلت إلى 34 ألف جنيه لكل مصنع شهريًا، يحتاج لوقفة، مطالبًا المسئولين بعلاج مشاكلهم المتراكمة، خشية إغلاق المصانع وتشريد الآلاف من العمال، لافتًا إلى أن متأخرات الكهرباء قد تسببت فى إغلاق أكثر من 10 مصانع بقرية كفر سنباط وحدها، وتسريح عمالها، لافتًا إلى أن كل مصنع يوجد به 180 عاملًا 65٪ منهم مؤمن عليهم والباقى عمالة موسمية.
أما إبراهيم توكل، صاحب مصنع، فيقول: «ندفع 3000 جنيه شهريًا عن كل مصنع ضريبة مبيعات، ويتم دفع هذا المبلغ سواء كان المصنع يعمل أو متوقفًا، بالإضافة إلى 25 ألف جنيه ضريبة عامة نهاية كل عام، ورغم ذلك يقوم الموظف كل 6 أشهر بعمل فحص للإقرارات الضريبية وتتم إضافة فروق فحص تسمى بالضريبة الإضافية وهى عبارة عن ضريبة مركبة تصل قيمتها إلى 16 ألف جنيه فروقات كل عام، ما يسبب عبئًا ماليًا ضخمًا على أصحاب المصانع، يضطر معه أصحاب هذه المصانع إلى عدم دفع تلك الضريبة، ما يتسبب فى تراكم الديون على أصحابها.
وأكد «توكل» أن أصحاب المصانع لن يتمكنوا من الاستمرار فى إنتاج الطوب بعد تهديدهم بغلق مصانعهم والسجن، بسبب عدم دفعهم الضريبة الإضافية، لافتًا إلى أن المصانع تخسر بعد ارتفاع أسعار الطفلة، موضحًا أن سعر متر الطفلة يصل إلى 44 جنيهًا، ما يجعل سعر تكلفة الألف طوبة 390 جنيهًا فى حين أن سعرها فى السوق يباع الألف ب370 جنيهًا مما يهدد هذه الصناعة بصورة حقيقية، وطالب المسئولين بزيارة تلك المصانع لوضع حد لمشاكلهم.
المنوفية
خطر الإفلاس يهدد مصانع الطوب الطفلى فى المنوفية، بسبب عدد من المشكلات التى تواجه تلك المهنة بالرغم من وفرة الخام.
«أسامة. ع»، صاحب مصنع طوب طفلى، أكد أن العمل بمصانع الطوب الطفلى يبدأ بعد صلاة الفجر، حيث يتم تشوين الرمل والطفلة السمراء بالمصنع، وتقوم اللوادر بتغذية خط الإنتاج بالخام الذى يتم تصنيعه إلى قوالب خضراء، وتقوم الجرارات بنقل الكميات المصنعة إلى ساحة «النشر» ويتم فيها تخزين الطوبة الخضراء لمدة تتراوح بين أسبوع فى فصل الصيف و10 أيام فى فصل الشتاء، قبل أن يتم إدخالها إلى أفران الحرق لتخرج الطوبة بالشكل المعروف، ويصل إنتاج المصنع لأكثر من 50 ألف طوبة يوميًا حسب الطلب.
وأكد «محمود. م»، صاحب مصنع، أن ارتفاع أجور العمالة اليومية وعدم توافر الوقود والمحروقات أدى إلى توقف مصانع الطوب، فضلًا عن أن قلة إنتاجها تسبب فى ارتفاع سعر الطوب الذى أثر سلبًا على الاستثمار العقارى خاصة مع ارتفاع أسعار مواد البناء الأخرى إلى جانب زيادة نسبة البطالة.
وتابع: تكاليف النقل زادت بشكل كبير بسبب عدد من العوامل منها ارتفاع أسعار السولار، وزيادة تكلفة النقل ورسوم الموازين.
«محمد. س»، أحد العمال، قال إن الصناعة فى تدهور مستمر ورغم ذلك الصناعة لا يمكن أن تتوقف، وبعد أن كان يتم حجز الطوبة من قبل التجار قبل تصنيعها أصبح اليوم الرزق يوم بيومه، بسبب الارتفاع الكبير فى سعر الطوب، فيعد أن كان سعر ال1000 طوبة منذ 5 سنوات 120 جنيهًا، أصبح الآن 400 جنيه.
الدقهلية
تعانى صناعة الطوب الطفلى فى الدقهلية من العديد من المعوقات التى تجعلها قنبلة موقوتة قابلة للانفجار فى أى لحظة بسبب العشوائية التى طغت عليها، ما فاقم من مأساة العمال، الذين تحولوا إلى أداة تشترى للعمل بالسخرة.
مدينة ميت غمر، تعد أحد أهم قلاع صناعة الطوب الطفلى على مستوى المحافظة، حيث تنتشر المصانع على جانبى الطريق المؤدى من أجا وحتى بنها إلا أن أصحاب تلك الصناعات يصرخون، ورغم وقوع العديد من الكوارث إلا أن الدولة ما زالت تتجاهل تلك الصناعة.
يقول أحمد عبدالعال «صاحب مصنع»: بداية الصناعة كانت عبارة عن حرق التراب الشراقى الناتج عن تجريف الأرض الزراعية مما أدى إلى إنهاك الأرض وفقدها للخصوبة وتأثر الإنتاجية الزراعية، ومن هنا استشعرت الحكومة الخطر وقررت تجريم تجريف الأرض الزراعية والبحث عن بدائل، ومن ثم تحولت الصناعة إلى الطفل، والمأخوذ من الجبل والرمل، وأثبتت الخامات الجديدة وقتها أفضليتها عن العمل بالتراب الناتج عن تجريف الأرض الزراعية.
ويضيف السيد العشماوى، صاحب مصنع للطوب الطفلى، أن الخام يأخذ دورة تتراوح من أسبوع إلى 15 يومًا حتى تحول «الطفلة والرملة» إلى طوب يصل للمواطنين، مشددا على أن هذه الصناعة لا يمكن أن تتوقف بالرغم من جميع العقبات التى تواجه العمال وأصحاب المصانع، قائلا: «الطوب الطفلى بمثابة رغيف العيش الذى لا يمكن الاستغناء عنه أو إيجاد بديل له».
وعن العقبات يقول إبراهيم السيد أحمد، «صاحب مصنع»: أكثر مشكلة تواجهنا هى ندرة الغاز، ما يدفعنا لشراء أسطوانات الغاز الكبيرة وتوصيلها ما يعرضنا لمخاطر كبيرة.
وأضاف «السيد» أن طريقة توصيل تلك الأنابيب تعتمد على العشوائية، نظرًا لأن المصنع الواحد يحتاج إلى أكثر من 20 أنبوبة متصلة بعضها البعض بواسطة خراطيم، ما يتسبب فى كوارث كبيرة.
وأكد أن أصحاب مصانع الطوب تجمهروا أكثر من مرة بل وصل الأمر إلى قطع طريق المنصورة - ميت غمر، للمطالبة بتوصيل الغاز الطبيعى للمصانع، وتسوية أوضاعنا، مضيفًا: «الآن أصبحنا فى مهب الريح بعد ارتفاع الأسعار».
من جانبه أكد محمد عبدالرحمن، عامل بأحد مصانع الطوب، أن العمالة بتلك المهنة تعانى أشد المعاناة، خاصة أنهم يعتبرون عمالًا بالسخرة.
وأضاف أن العمل داخل المصنع يبدأ من الساعة الخامسة فجرًا وينتهى فى الخامسة مساء، بمعدل 12 ساعة يوميًا، ونعمل فى مسافة تقترب من 4 إلى 8 أمتار من النار.
وأضاف عبدالرحمن أن العمال مقسمون، منهم من يعمل على حمل الطوب ونقله إلى مقاطير تنتظر خارج المصنع، ومنهم من يعمل ببيت النار وغيرهم من الكباسين، مشيرًا إلى أننا فى مهنة بمهب الريح نعمل بقوت يومنا وإذا حدث لأحد مكروه لن يجد تأمينات أو معاشًا يستند إليه.
مراحل تصنيع الطوب الأحمر
يقول «محمد فرح عبدالظاهر» أحد عمال دق الطوب بقرية السوالم البحرية بأبنوب: أولًا يخلط الطمى بالتبن والهزازة والماء ويظل لمدة يومين حتى يتعفن ثم يضرب بالأيدى والأرجل حتى يكون متماسكًا بعدها ينقل الطين إلى مكان مستوى ومرشوش بالتبن أو بالهزازة ليكون صالحًا لضرب الطوب عليه، وبواسطة قالب خشبى يمسح الطوب بكف الضارب المبللة بالماء دائمًا ويصنع القالب الخشبى طوبة فى حجم 8×18 سنتيمترًا بمعدل طوبة كل 10 ثوان، ويمكن للعامل الماهر ضرب 2000 طوبة فى اليوم، وبعد أكثر من 5 أيام يقلب الطوب ليجف بالشمس والهواء ثم يرص «خلف خلاف» على هيئة قمير أو قمينة، فالقمير يحتوى على عيون لإدخال البوص أو الحطب على الوضع القديم، وترص على هيئة مستطيل ارتفاعه يصل إلى 3 أمتار، والقمينة على هيئة مكعب وفى الغالب تحرق بالمازوت الأسود بدلا من البوص حاليًا وتضم حوالى 10 آلاف طوبة.
كل هذه المراحل السابقة غير مكلفة ولا تحتاج إلا لأدوات بسيطة كالفأس والبرش والقالب الخشبى والحلة أو البراويطة - ثم بعد ذلك تأتى مرحلة إشعال النار فى القمينة لمدة كافية تصل إلى 24 ساعة حتى يحترق الطوب ويكون جاهزًا للبيع والبناء، وينقل فى مقطورات الجرارات الزراعية لبيعه ب450 جنيهًا للألف طوبة الواحدة، ويتم نقل 2000 طوبة بالجرار بتكلفة 750 جنيهًا فأكثر.
قضية خطيرة
يقول يوسف صدقى، بقطر بنى رافع التابعة لمركز منفلوط، إن العشرات من قمائن الطوب الأحمر تظهر بصورة متزايدة خاصة فى نهاية كل موسم زراعى حتى يظن الناظر من بعيد أن الدخان المنبعث نتيجة حرق مخلفات الزرع والحصاد، وإذا ضربنا عدد 20 قمينة فى 30 ألف طوبة تكون النتيجة 600 ألف طوبة فى خلال شهور قليلة، وكلها على حساب تجريف الأراضى الزراعية عن طريق التجريف البطيء المتدرج حيث تزال طبقة 5 سم من سطح الطبقة فى كل مرة.
ويقول أبوسليمان عبدالرحمن شهاب، قرية طعمة التابعة للبدارى: يتم حرق الطوب الأحمر غالبًا فى نهاية الأسبوع لضمان البعد عن الرقابة أى أواخر يوم الخميس، ومما يعكر صفونا هذا الدخان الكثيف السام الناتج عن عمليات الحرق سواء بالمازوت أو بالبوص، مما يتسبب فى تعرضنا لأمراض الجهاز التنفسى، خاصة عند ضعيفى المناعة كالأطفال والمرضى وكبار السن، وكذلك تتعرض حيواناتنا ومواشينا للنفوق والموت وتشويه واجهات المبانى والمنازل.
ويضيف رفعت سنوسى محمد، قرية ببلا وديروط: نحن نعانى من أدخنة قمائن حرق الطوب الأحمر، خاصة نهاية كل أسبوع، حيث يقوم محترفو حرق وبيع الطوب بإقامة القمائن لحرقها فى أيام الأربعاء والخميس والجمعة وفى مناطق بعيدة عن أعين مجلس المدينة أو الحى ويكتسبون من وراء ذلك مكاسب هائلة على حساب راحة الآخرين وفقدان الأراضى الزراعية ذات الجودة العالية وكذلك تلوث البيئة.
البدائل هي الحل
يقول المهندس حسانين عبدالغفور حمزاوى، مدير إدارة هندسية بحى غرب أسيوط سابقا: أول تفكير فى إنتاج بدائل للطوب الأحمر كان مع بداية إنشاء السد العالى وأول قرار وزارى من المهندس حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان الأسبق، الذى يقضى بإيقاف وتصنيع الطوب الأحمر بدءا من 11/8/1985م، ولا يمكن حل مشكلة تجريف الأراضى الزراعية وإنتاج الطوب الأحمر إلا بتوفير بدائل له تتمثل فى الطوب الأسمنتى والحوائط الخرسانية أو الجبسية والطوب الجيرى والطوب الطفلى ويتميز هذا الأخير عن الطوب الأحمر فى انتظام مقاساته وقوة تحمله التى تزيد على 5 أمثال الطوب الأحمر حيث تصل إلى 1000 كيلو جرام لكل 10 سنتيمترات مربعة وقلة وزنه النسبى والقدرة على العزل الحرارى والصوتى وارتفاع مقاومته للرطوبة والتوفير فى أعمال البياض الداخلى والخارجى والمونة، وينبغى العمل على جذب الاستثمار فى إقامة مصانع للطوب الطفلى فى أسيوط.
وستكمل قائلًا: لكن مع الأسف نظرًا لعدم وجود بدائل أرخص من الطوب الأحمر فإن عملية تصنيع وتداول واستخدام الطوب الأحمر ما زالت مستمرة، حيث تباع الألف طوبة حمراء ب450 جنيها أما الطوب الطفلى ب550 جنيها والأسمنتى ب700 جنيه، وكان قبل أغسطس من عام 1985م استهلاك أسيوط من الطوب الأحمر يزيد على 25 مليون طوبة سنويا تقريبا، واليوم نعتقد أنه قد زادت هذه الكمية فى إنتاج الطوب الأحمر للضعف.
جريمة يعاقب عليها القانون
يقول الدكتور محمد أحمد بكر، مدرس القانون الخاص بكلية الشريعة والقانون بأسيوط: إن القانون حذر تجريف الأراضى الزراعية وذلك فى المادة 150 من القانون الزراعى رقم 116 لسنة 1983م والمعدل بالقانون 2 لسنة 1985م، حيث نصت على «يحظر تجريف الأراضى الزراعية أو نقل التربة لاستعمالها فى غير الأغراض الزراعية»، وقصد بالتجريف وفقا لنص المادة إزالة أى جزء من الطبقة السطحية أيا كان عمق أو مساحة هذه الطبقة وبناء عليه فقضت محكمة النقض بتجريم أى تجريف إذ لم يكن لتحسين الأراضى أو المحافظة عليها.
ونصت المادة 154 من القانون الجنائى على تقرير الحبس والغرامة من 10 آلاف إلى 50 ألفًا عن كل فدان تم تجريفه كعقوبة أصيلة، وهناك عقوبات تكميلية مثل مصادرة الأتربة والمعدات وإنهاء عقد الإيجار ووقف الأعمال المخالفة وإعادة الحال إلى ماكان عليه، وقد تم تشديد العقوبة بالأمر رقم «1 لسنة 1996م» الصادر من نائب الحاكم العسكرى، حيث زاد الحبس من سنتين كحد أدنى إلى 5 سنوات كحد أقصى ولا يجوز لوزير الزراعة العودة إلى ما كان عليه الحال كطريق إدارى، وإنما تكون إعادة الحال على نفقة المخالف، ومن مظاهر تشديد هذه العقوبة عدم جواز الحكم بوقف تنفيذها وتعدد العقوبة بتعدد الجنايات.
فيما أوضح مصطفى رشدى، وكيل وزارة زراعة سابق بأسيوط، أن جملة التعديات على الأراضى الزراعية بمحافظة أسيوط منذ يناير 2016م وحتى أكتوبر 2016م بلغت حوالى 30 ألفًا و413 حالة تعد، بإجمالى مساحة 858 فدانًا، مشيرا إلى أن السبب فى هذه النسبة الكبيرة من التعديات يعود إلى انتشار الجهل وعدم الوعى بالأضرار الناتجة عن التعديات على الأراضى الزراعية، والتى بدورها تؤدى إلى انحسار الرقعة الزراعية وزوالها تدريجيا.
ولاحظت «البوابة» وجود عدد كبير من الأطفال يعملون فى هذه الصناعة الصعبة، حيث أكد عدد من الأطفال أن عملهم يبدأ منذ الصباح الباكر فى حمل الطوب ورصه فى بلوكات فى ساحة أمام المصنع، قبل أن يتم تصنيعه الحياة، مضيفين أن ظروف الحياة فرضت علينا العمل ب«السخرة».
وائل غالى، المحامى الحقوقى، انتقد تشغيل الأطفال فى تلك المهنة، مؤكدًا أن القانون حظر تشغيل الطفل أكثر من 6 ساعات يوميًا، على أن يتخلل ذلك ساعات العمل فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة ولا تقل فى مجموعها عن ساعة واحدة، مطالبًا بتشديد الرقابة على تلك المصانع للحد من سخرة الأطفال، واستخدامهم للعمل فى أعمال صعبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.