■ كتب: محمد نور أعادت أزمة أبناء الفنان الراحل محمود عبدالعزيز مع أرملته، الإعلامية بوسي شلبي، الجدل مرة أخرى بشأن قضية الطلاق الشفهي، والتى لا تزال مثار جدل واسع فى الشارع المصري، فرغم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة، التى حدثت مؤخرًا إلا أن الطلاق الشفهي أو الشفوي لا يزال يحدث دون وجود أى توثيق رسمى، ما يترك آلاف النساء عالقات فى حالة من الضياع القانونى والاجتماعى، وأيضًا المادى. ◄ كمال: التوثيق يحفظ حق المرأة ويضع حدًا للظاهرة ◄ محام: يجوز إثباته بشهادة الشهود أو برسائل الهاتف هذا الأمر دفع النائبة أمل سلامة، عضو مجلس النواب، للتقدم بمشروع قانون يهدف لتوثيق الطلاق الشفهى وذلك حماية لحقوق الزوجة، مُطالبة بضرورة توثيق الطلاق الغيابي، حتى يتم إثبات آثاره القانونية من خلال المحكمة، لضمان إخطار الزوجة رسميًا بحدوث الطلاق، مشيرة إلى أن التعديل القانونى المقترح، الذى تقدمت به، يُحد من ظاهرة هذا الطلاق الغيابى، وترك الزوجة دون علم، الأمر الذى من شأنه يؤثر بالسلب على حياتها الاجتماعية والمادية، مُحذرة من أن عدم إخطار الزوجة رسميًا بحدوث الطلاق قد يتيح للزوج استرجاعها من دون علمها، وهذا الأمر مرفوض شرعا، ويتطلب توثيق الطلاق بشكل رسميً عن طريق المحكمة. وأوضحت، أن الطلاق الشفهى لا يمكن التراجع عنه، لكن الطلاق الغيابى من المُمكن أن يُنفذ من دون وجود دليل واضح، مما يترك الزوجة، وهى غير مدركة لوضعها القانونى، وشددت على أن الطلاق الغيابى والاعتراف به يجب أن يشترط فيه الإثبات أمام المحكمة، وإخطار الزوجة رسميًا، وأنه إذا فقد فيه هذا الشرط فإنه لن يُعتد به قانوناً، ولن يترتب عليه أى آثار قانونية، مُشيرة إلى أن توثيق الطلاق يؤدى للمُساعدة فى ضمان حقوق الزوجة، والعمل على ترتيب أوضاعها الشخصية واستقرارها ماديًا، ناهيك عن إلزام الزوج بالوفاء بالتزاماته الحقوقية المالية، ومنها إيداع النفقة المؤقتة، كما يُساهم فى حماية الزوجة من أى أضرار اجتماعية قد تنتج عن هذا الطلاق المفاجئ دون معرفتها به. ◄ خطأ «محمود» الدكتور أحمد كمال، الأستاذ بكلية الحقوق، المُحامى بالنقض، أكد أن الحالة التى نحن بصددها «محمود عبدالعزيز» تُبين لنا أن الزوج المُتوفى الذى قام بالطلاق الغيابى، الذى هو من المفترض أنه طلاق رجعي، وأنه قام بالتوثيق عند المأذون، فلا يجوز للزوج القيام برجوع زوجته دون عقد ولا مهر جديد، ولكن فى مثل هذه الحالة التى أمامنا، وهى عندما قام بالطلاق الرجعي، كانت فى فترة العدة، وردها بدون أذنها وبدون عقد ولا مهر فإن عقد الزواج فى هذه الحالة من الناحية الشرعية قائم، لكن الخطأ هنا أن الزوج وهو المطلق قد أغفل توثيق عملية الرجوع، كما أنه لم يعلن الزوجه بأنه أعادها مرة أخرى، لكن طالما قام بتطليقها عند مأذون طلقة أولى رجعية ففى هذه الحالة كان يفترض على المأذون بعد انتهاء فترة الأربعين يوما القيام بإخطار الزوجة أن الزوج قام بردها أو أنه لم يقم بردها وهنا خطأ وقع فيه المأذون وأيضًا وقع فيه الزوج بأنه اعتقد طالما هى - أى الزوجة - فى فترة الرجوع قام برجوعها دون إذنها ودون عقد ومهر جديد، وبالتالى فمن الناحية الشرعية الزواج قائم وصحيح، وكل ما هناك أنه كان لابد من إثبات عملية الرجوع خلال فترة العدة بشهادة شهود بأنه قام برجوعها خلال فترة الرجعة الخاصة بها، وكان من المفترض على الزوج إخطار المأذون بأنه قام برد زوجته خلال فترة ال40 يومًا الرجعية. ◄ شهادة الشهود أضاف كمال، أنه يجوز للزوج أن يُثبت أنه قام برد زوجته خلال فترة الرجعة، وهى ال40 يومًا كما أنه على الزوجة ضرورة إثبات عملية الرجوع خلال فترة الطلاق الرجعي، وشهادة الشهود هنا تقوم مقام الإثبات وبالتالى فمن الناحية القانونية عليها، أى الزوجة، القيام برفع دعوى تثبت فيها بأن الزوج قام بالطلاق بدون علمها، مما يتعين عليها القيام برفع دعوى إثبات واقعة الطلاق الرجعي، وأيضا إثبات فى نفس الوقت أنه قام بردها خلال فترة الرجعة، أما عملية التوثيق فيسأل عنها الزوج، فإذا كان متوفى فيسأل عنها المأذون القائم بعملية الطلاق، فالمسئولية هنا تقع على المأذون الذى وقع على الطلاق، ومن هنا يحق للزوجة القيام برفع دعوى بأن الزوج قام بردها خلال هذه الفترة، وأنها لا تعلم بأنه قام بتوثيق الطلاق الرجعى لدى المأذون، وأنها لم تعلم بواقعة الطلاق ولا بالتوثيق، ومن هنا فالقانون والشرع فى الطلقة الرجعية لا يحتاج إلى إبرام عقد جديد أو مهر بل يردها حتى بلمسة أو بضحكة، ويشير كمال إلى وجود من يسيء استخدام الطلاق الشفهى حتى وصل الأمر إلى الطلاق عبر الرسائل الإلكترونية فى مواقع التواصل الاجتماعي، لافتًا إلى أن الإحصائيات مرتفعة فى نسبة الطلاق الشفوي، وبالتالى فإن التوثيق يحفظ حقوق المرأة، كما يضع حدًا للطلاق الشفوى الذى يرهب الأنثى، ويحافظ على الأسرة والزوجة. ◄ الأركان الأربعة من جهته، يؤكد المفكر الإسلامى، الدكتور سيد مندور، أن الفترة الأخيرة أُثيرت خلالها قضية الطلاق الشفوي، وقد تزايدت أعداد الطلاق وتحاول الدولة المصرية جاهدة السيطرة على حالات الطلاق المتزايدة فى الفترة الحالية، والتى تعتبر أزمة كبيرة بين الأزواج، وتشكل عائقا كبيرا فى المجتمع، وتزامنا مع هذه الأزمة تتم مناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية بين مؤسسات الدولة المختلفة للوقوف على المسودة النهائية للخروج بمشروع القانون. وقال إن للطلاق أركاناً أربعة، أحدها الزوج، فلا يقع طلاق الأجنبى الذى لا يملك عقده، وثانيها الزوجة، فلا يقع الطلاق على الأجنبية، وثالثها صيغة الطلاق، وهى اللفظ الدال على حل عقدة النكاح صريحاً كان، أو كناية، ورابعها القصد، بأن يقصد النطق بلفظ الطلاق، ومع هذه المناقشات، يأتى الحديث عن الطلاق الشفوى ومسألة توثيقه، والتى دار فيها جدال ساخن خلال الفترة الماضية بين مؤيدين لوقوعه، ورافضين له، لافتا إلى أن الطلاق الشفوى واقع بالإجماع، وأن الزوج عليه مسئولية توثيق الطلاق طالما صدر منه اللفظ الصريح، وبعد أخذ رأى الشرع فى أن طلاقه قد وقع بالفعل. ◄ اقرأ أيضًا | أصالة توجه رسالة دعم ل بوسي شلبي ◄ حفظ الحقوق أضاف، أن الرأى الشرعى للطلاق الشفوي، صدر عن المؤسسات المنوطة بالإفتاء فى الدولة وهما الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، كما أن الدولة المصرية هى التى تنظم آلية توثيق الطلاق وإلزام الزوج بهذا الأمر حال وقوعه، ولها كذلك أن تشرع من القوانين ما يجرم عدم توثيق الطلاق أو تهرب الزوج منه، أما فيما يخص رأى هيئة كبار العلماء والأزهر الشريف، فقد كانت هيئة كبار العلماء، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أقرت وقوع الطلاق الشفهى دون اشتراط توثيق أو إشهاد، وعقدت هيئة كبار العلماء بالأزهر، عدَّة اجتماعاتٍ لبحثِ عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة؛ ومنها حكم الطلاق الشفويِّ، وأثره الشرعي، وقد أعدَّت اللجان المختصَّة تقاريرها العلمية المختلفة، وقدَّمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء حيث اتفق العلماء جميعا على اختلاف مذاهبهم وتخصُّصاتهم، إلى أولًا وقوع الطلاق الشفوى المستوفى أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق، وثانيًا على المطلِّق أن يُبادر فى توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبة تعزيريّة رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ فى ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة. تابع مندور، أنَّ ظاهرةَ شيوع الطلاق لا يقضى عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوجَ المستخفَّ بأمر الطلاق لا يُعيِيه أن يذهب للمأذون أو القاضى لتوثيق طلاقه، علمًا بأنَّ جميع إحصاءات الطلاق المعلَن عنها هى حالاتٍ مُثبَتة ومُوثَّقة سَلَفًا إمَّا لدى المأذون أو أمام القاضي، محذرا المسلمين كافَّةً من الاستهانة بأمر الطلاق، ومن التسرُّع فى هدم الأسرة، وتشريد الأولاد، وتعريضهم للضَّياع وللأمراض الجسديَّة والنفسيَّة والخُلُقيَّة، وأن يَتذكَّر الزوجُ توجيه النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ الطلاق أبغَضُ الحلال عند الله، فإذا ما قرَّر الزوجان الطلاقَ، واستُنفِدت كلُّ طرق الإصلاح، وتحتَّم الفراق، فعلى الزوج أن يلتزم بعد طلاقه بالتوثيق أمام المأذون دُون تَراخٍ؛ حِفظًا للحقوق، ومَنعًا للظُّلم الذى قد يقعُ على المطلَّقة فى مثلِ هذه الأحوال. ◄ الوسائل متعددة أحمد المقدامي، محامى أحوال شخصية، يرى أنه يجوز إثبات الطلاق الشفهى بكافه طرق الإثبات التى نص عليها القانون، وأهمها شهادة الشهود، كما يجوز أن يتم الاستعانة بوسائل الإثبات المستحدثة مثل الرسائل الصوتية عبر الهواتف، وقال: «رأينا القانونى أنه يجب على المشرع وضع نص صريح وصارم ليحكم وجوب إثبات إيقاع الطلاق الشفهي، ووضع عقوبات لكل من يثبت أنه أوقع الطلاق وأنكره بعد ذلك».. وأضاف، نرى أنه يوجد عورة من عورات طرق الإعلان بالطلاق الغيابى الموثق الذى يتم على يد مأذون شرعى وبشهادة الشهود، حيث إن طريقة الإعلان للمطلقة تتم بطرق مضى عليها الزمن ولا تتواكب مع العصر، وتؤدى فى معظمها لمشاكل جمة من ضمنها أن آلاف المطلقات لا يعلمن بطلاقهن إلا بعد حين من الزمن.