■ كتب: أحمد ناصف حفاظا على استقرار المجتمع ووحدته الفكرية والدينية، أقر مجلس النواب قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية، وذلك وسط توافق كامل بين الجهات الدينية الرسمية، وفى مقدمتها الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية، تكمن أهمية هذا القانون فى كونه يحد من فوضى الفتاوى العشوائية، ويمنع غير المؤهلين من إصدار فتاوى قد تثير الفتن أو تؤدى إلى تفسيرات مغلوطة للدين. كما يسهم القانون فى تعزيز مرجعية المؤسسات الدينية الرسمية، وضمان أن تكون الفتوى صادرة عن أهل العلم المختصين، ما يرسخ الثقة لدى الناس ويعزز الأمن الفكرى والاجتماعى. ◄ القانون يحدد الجهات المختصة رسميًا بالفتوى وجاءت الموافقة النهائية على مشروع القانون بالتصويت وقوفًا بعد تحقق النصاب اللازم، بما يعكس حالة من الإجماع النيابى والمؤسسى على أهمية هذا التشريع الذى طال انتظاره لتنظيم واحد من أخطر المجالات المرتبطة بالعقيدة والدين والأمن المجتمعى. واستعرض النائب الدكتور على جمعة، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدينية والأوقاف ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، والذى تضمن شرحًا مستفيضًا لمبررات إصدار القانون، وأبرز أهدافه ومضامينه، وأوضح التقرير البرلمانى أن الفتوى الشرعية، حين تصدر دون ضوابط أو من غير المؤهلين، تصبح أداة خطيرة يمكن أن تهدد أمن المجتمع الفكرى والديني، وتخل بالسلم المجتمعي، لاسيما مع تنامى الظاهرة عبر منصات الإعلام والتواصل الاجتماعي، وغياب الإطار القانونى الرادع، وأكد التقرير البرلمانى أن صدور القانون لم يعد ترفًا تشريعيًا، بل ضرورة وطنية ودينية لضمان انضباط الخطاب الدينى وصيانة ثوابت الدولة والمجتمع. ■ الأزهري والضويني خلال مناقشات القانون ◄ تحديد الجهات ويهدف مشروع القانون بشكل أساسى إلى تحديد الجهات والأشخاص المصرح لهم بإصدار الفتاوى الشرعية العامة والخاصة، وتنظيم عملية الفتوى بشكل مؤسسى يحترم المرجعيات الدينية ويمنع العشوائية، ويكافح الفتاوى المتطرفة أو المغلوطة، وقد حدد مشروع القانون الجهات الرسمية المختصة بالفتوى، وهى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مجمع البحوث الإسلامية، مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، دار الإفتاء المصرية، وكذلك أئمة وزارة الأوقاف الحاصلون على ترخيص خاص وفق الشروط المحددة فى القانون. وشهدت مناقشات القانون مداخلات موسعة من عدد من ممثلى المؤسسات الدينية، فى مقدمتهم الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف وعضو هيئة كبار العلماء، الذي لعب دورًا بارزًا فى تقديم عدد من التعديلات على نصوص المشروع، حازت على موافقة البرلمان، ومن أبرز هذه التعديلات ما ورد على تعريف الفتوى الشرعية، ليصبح «إبداء الحكم الشرعى فى فتوى شرعية عامة أو خاصة»، بدلًا من «إبداء الحكم الشرعى فى فعل يتعلق بالشأن العام أو الخاص»، وهو ما اعتبره الضوينى أكثر دقة وشمولًا. ◄ اقرأ أيضًا | مفتي الجمهورية يستقبل رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم لبحث التعاون المشترك ◄ مقترحات الأزهر كما تقدم وكيل الأزهر الشريف بمقترح على نص المادة 3، بحيث يختص بالفتوى الشرعية الخاصة كل من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أو مجمع البحوث الإسلامية أو مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أو دار الإفتاء المصرية أو اللجان المشتركة بموجب أحكام المادة 4 من هذا القانون أو أئمة وزارة الأوقاف الذين يتوافر بشأنهم الشروط المنصوص عليها بالمادة 4 من هذا القانون، ووافق المجلس على جميع مقترحات الأزهر الشريف لتعديل هذه المادة. وأعلن الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، خلال الجلسة، دعمه الكامل لمقترحات الأزهر الشريف، مشددًا على أن الوزارة كانت ولا تزال «ابنة بارة بالأزهر الشريف»، وأن التعاون بين المؤسسات الدينية الرسمية هو ضمانة حقيقية لوحدة الكلمة واستقرار الوطن، كما أيد الدكتور على جمعة، رئيس اللجنة الدينية، كافة التعديلات المقترحة، مؤكدًا أنها تعكس روح التعاون والتكامل بين المؤسسات، وتقدم للعالم نموذجًا فريدًا فى التنسيق الدينى المؤسسي. ◄ المادة الثامنة وفيما يتعلق بالمادة الثامنة من القانون، والتى أثارت بعض المخاوف بسبب النص على إمكانية توقيع عقوبات سالبة للحرية، أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية، أن المادة لا تخالف نصوص الدستور، بل جاءت متوافقة مع المادة 71 منه، والتى تحظر الحبس فى قضايا النشر باستثناء حالات التحريض على العنف أو الطعن فى الأعراض أو التمييز بين المواطنين، وهى ذات الحالات التى تنطبق على بعض أشكال الفتوى المغلوطة التى قد تهدد الأمن العام، معتبرًا أن العقوبة المقترحة هى من صميم الدستور، وتُرك أمر تطبيقها لتقدير القاضي، ما يضمن التوازن بين حرية الرأى وحماية المجتمع من الفوضى.