تعد قضية الإيجار القديم من أهم الملفات على طاولة الدولة حاليًا للتوصل إلى حلول نهائية لمشكلة قائمة منذ سنوات طويلة، بهدف توفيق الأوضاع بين المالك والمستأجر، ومن أكثر المشكلات التى أثارت الجدل وتسبب فيها الإيجار القديم أن 90% من الوحدات السكنية مغلقة ومعطلة عن السوق العقاري فى ظل وجود إقبال على السكن، بالإضافة إلى اقتناع المستأجر بأن الوحدة السكنية حق مكتسب له تورث لأبنائه وأحفاده من بعده، وهو الأمر الذى أرهق الملاك آملين فى أن يمنحهم القانون الجديد الذى تناقش تعديلاته حاليًا فترة انتقالية لتسوية الأمور بين الطرفين بما يمنح المنفعة للجميع. ◄ يجب تحديد فترة انتقالية لا تزيد على 3 سنوات ◄ 1.3 مليون وحدة سكنية مغلقة تنعش السوق العقاري ◄ رضا: أمتلك عقاراً في وسط البلد قيمة إيجار الشقة 280 قرشًا منذ سنوات طويلة وضعت تشريعات استثنائية تخص الإيجار لمواجهة الأزمة السكانية، وصارت هذه التشريعات منهجاً للإيجار حتى اليوم، إلى أن وصل عدد الوحدات السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم حسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى 3019662، والساكن منها فعلياً 1642870، أى أن هناك 1376792 وحدة سكنية مغلقة . ◄ المشكلة الحقيقية طبقاً لهذه الأرقام تمثل الشقق المغلقة نسبة كبيرة من إجمالى عقارات الإيجار القديم، التى تدعو «آخرساعة» إلى عمل مبادرة لتكون هى نقطة الانطلاق لتوفيق أوضاع ملاك العقارات القديمة مع المستأجرين، خاصة مع محاولات بعض السكان فى الرجوع مرة أخرى إلى هذه العقارات لشغلها مجددًا وإثبات وجودهم بها رغم أنهم قاموا بتركها منذ سنوات ويدفعون الإيجار بالسنة لضعف قيمة الإيجار، وهو أمر من السهل كشفه عن طريق فواتير استهلاك الكهرباء والغاز وغيرهما من المرافق. في ضوء ذلك يوضح مصطفى عبدالرحمن رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة، أن هناك ملايين من الشقق السكنية المغلقة التى هجرها أصحابها منذ سنوات لأنهم بالفعل لديهم البديل ويدفعون الإيجار مجمعًا كل عام لأنه لا يمثل قيمة حقيقية بالنسبة لهم، ومنذ أن علموا بالإعداد لقانون الإيجارات القديم حاليًا يريدون أن يثبتوا وجودهم بعد إغلاقها لسنوات طويلة لتوريثها لأبنائهم، متسائلًا: هل يعقل أن يغلق المستأجر شقته السكنية لتوريثها لابنه ذى ال12 عامًا والمالك غير قادر على زواج ابنه (30 عامًا) لأنه لا يجد شقة للزواج؟، مؤكدًا أنه بمجرد تطبيق القانون سيتخلى المستأجرون عن هذه الشقق المغلقة، وتُحل أزمة كبيرة تسببت فى شغل عقارات دون فائدة . وقدم مصطفى الشكر للرئيس السيسى ومجلس النواب لفتح ملف الإيجار القديم بعد سنوات طويلة من الظلم، لافتًا إلى أن ملاك الإيجار القديم لديهم تحفظ على مادتين فى القانون الأولى تخص الفترة الانتقالية بين المالك والمستأجر والمنصوص عليها ب5 سنوات، حيث إنها فترة طويلة لأن المستأجر موفق أوضاعه ولديه البدائل ويعلم بقدوم هذا اليوم، بالتالى نطالب بألا تزيد هذه المدة على 3سنوات، وكذلك المادة الخاصة بالحد الأدنى للقيمة الإيجارية التى نطالب بأن تكون 2000 جنيه بالمناطق الشعبية، و4000 بالمناطق المتوسطة، و8000 جنيه للأماكن الراقية. كما أكد الملاك أن هذا العدد الكبير من الوحدات المغلقة أفسد العلاقة بين المالك والمستأجر، وتسبب فى حرمان المؤجر من التصرف فى أملاكه مطالبين بتحرير العلاقة الإيجارية لكل المبانى المؤجرة قبل صدور القانون 4 لسنة 96 المسمى ب»قانون الإيجار الجديد» . ◄ شكاوى من جانبها، تقول رضا عبدالعظيم: أمتلك عمارة سكنية بوسط البلد مكونة من 5 طوابق، بها 10 شقق، قيمة إيجار الشقة 280 قرشًا، وهو مبلغ زهيد للغاية، كما أننى لم أتحصّل عليها من السكان لتوتر العلاقة بيننا بسبب هذه القيمة القليلة جدًا للإيجار، فيقومون بدفع الإيجار عبر المحكمة أو يمتنعون نهائياً عن الدفع، وليس من المعقول أن أدفع 5 آلاف جنيه لمحامٍ لإنذارهم لأتحصّل فى المقابل على 280 قرشًا، لذا أضطر للسكوت والاستسلام للأمر الواقع وما زلت فى هذه الدائرة المغلقة منذ سنوات طويلة. وتضيف: فوجئت فى أحد الأيام بصدور قرار بترميم العقار سعى وراءه السكان كيدًا بى، لكننى لا أملك ما أنفقه لعمل هذا الترميم الذى يكلف آلاف الجنيهات، وكانت النتيجة أنه تم حبسى لعدم تنفيذ القرار، ودفعت غرامة مرتين كل منهما 5000 جنيه، حتى استُنزفت مادياً وصحياً بسبب كثرة التردد على المحاكم ومكاتب المحاماة والحى. وتتابع: أواجه مشكلة أخرى وهى استيلاء أبناء شقيقة المستأجر الأساسى على الشقة، وحصلت على حكم بطردهم عام 1999، لكنهم تحايلوا عند التنفيذ، وتمكنوا من الحصول على حكم بإبقائهم داخل الشقة من جديد وطعنت على الحكم، لكن منذ 2 يناير 2001 لم يحكم فى القضية حتى الآن، ما سبّب الكثير من المشاحنات معهم حيث هاجمونى بسيل من الافتراءات والمضايقات ضدى وضد أولادى خاصة أننى أقيم بنفس العقار. وتستنكر رضا تحوُّل المستأجر لشريك للمالك فى ورثه بمساعدة القانون، ويمنعه من الانتفاع والتصرف فيه، مطالبة بأن يضمن القانون وضع فترة انتقالية لتسوية الأوضاع بين المستأجر والمالك، وتحديد مدة زمنية للانتفاع بها من خلال العقود حتى لا يعتبرها المستأجر إرثًا لأبنائه وأحفاده . أما مصطفى الشواتفى مدرس من السنبلاوين، أكد أن الملاك يعانون من توريث أملاكهم للغير، حيث قال: «لدىّ منزل مكون من طابقين ورثته عن والدى إلا أن القيمة الإيجارية للوحدة السكنية به 20 جنيهًا فقط، رغم أن مساحة الشقة به تصل ل225 مترًا، من بينها شقة قام الساكن بالانتقال منها ولا يزال مصممًا على غلقها على الرغم من أنه أصبح فى غير حاجة لها، فلديه أملاكه الخاصة به لكنه يعتبرها حقًا مكتسبًا، وحينها لجأت للقضاء وأخذت حكما ضده لكنه لم ينفذ وما زال الوضع كما هو. يضيف: كمالك أتمنى أن يكون لدى الحرية فى التصرف بأملاكى، وألا تورث بنفس القيمة الإيجارية التى وضعت منذ 50 عامًا، حتى يكون هناك منفعة لكلا الطرفين، ويستطيع المالك تطوير المنزل للحفاظ على حياة الجميع، فصبر الملاك نفد ومسلسل انهيار العقارات مستمر. ◄ رجاء كما أكد محمد إبراهيم أحد الملاك على مشكلة ضعف القيمة الإيجارية: «أمتلك أحد العقارات السكنية بمنطقة العجوزة على مساحة 200 متر ورغم أن المنطقة راقية فإن أعلى قيمة إيجار أتحصّل عليها 11 جنيهًا و74 قرشًا، وأدنى قيمة إيجارية تبلغ 3 جنيهات و81 قرشًا، ومتوسط الإيجار 5 جنيهات، إلا أن المستأجر يطلب مقابل إخلائه الوحدة آلاف الجنيهات كأنه يعجّز المالك. ويضيف: العقار يوجد به 42 شقة منها 10 وحدات مغلقة، من بينها وحدات مضى على غلقها أكثر من 15 سنة، والمستأجر يعطى لى 70 جنيها قيمة إيجارية للوحدة عن العام كاملًا، لذا أرجو من خلال القانون الذى يجرى إعداده حاليا ألا تزيد الفترة الانتقالية عن 3 سنوات . ◄ نروح فين؟! من ناحية أخرى، لدى مستأجرى وحدات الإيجار القديم تخوف فى ظل قانون مازال غير واضح بالنسبة لهم، خاصة فيما يخص القيمة حد زيادة القيمة الإيجارية ومدة الانتفاع. حيث يقول محمد رضا من مستأجرى وحدات الإيجار القديم: «هناك وحدات إيجار قديم لا تتعدى القيمة الإيجارية لها 5 جنيهات، لكننى قمت بتأجير وحدة إيجارا قديما منذ 15 عامًا ودفعت خلوا وقتها لصاحب العقار 30 ألف جنيه هو مبلغ قد يكون قليلا لكن كان له قيمة كبيرة، بالإضافة للتشطيبات التى كلفتنى مبلغًا كبيرًا، بخلاف الإيجار الشهرى 150 جنيهًا . يتابع: نأمل أن يراعى القانون هذه النقاط وأن المستأجر لم يسكن «ببلاش» ودفع لسنين طويلة، كما أن لدىّ أسرة ومصروفات والإيجار الذى أدفعه ليس قليلًا فى مقابل شقق سكنية لم يتعد إيجارها بضعة جنيهات فماذا سيكون مصيرنا نحن فى ظل أسعار متغيرة يومياً وميزانية نحاول ضبطها قدر المستطاع . فيما استنكر محمد صبحي من أصحاب المعاشات مسألة تحرير العلاقة الإيجارية بعد 5 سنوات، متسائلًا: «نروح فين؟» أنا على المعاش ومعى زوجتى وليس لدينا بدائل أخرى ولا أستطيع البحث عن مكان جديد للسكن فى هذه السنة، فليس لدىّ مانع لزيادة الإيجار لكن بما يتناسب مع مرتبات كبار السن والمعاشات. ◄ الإشكالية من جانبه، أوضح المهندس عمرو حجازى نائب رئيس جمعية المضارين من الإيجار القديم، أن إشكالية الإيجار القديم تتمثل فى أنه كان هناك دائماً انحياز فى القوانين للمستأجر باعتباره الطرف الضعيف فى العلاقة بينه وبين المالك، إلى أن جار ذلك على حقوق المالك رغم أن ذلك من حقوق المواطنة التى نص عليها الدستور، بالتالى غاب حق الملكية الذى ينص عليه الدستور منذ قيام الدولة، فأصبح المستأجر يتصرف كأنه المالك والعكس صحيح. يتابع: الإشكالية ليست فقط مادية، بل معنوية أيضًا، فأصبح المالك يشعر أنه غير قادر على ممارسة حقوقه التى تتمثل فى أن يكون قادرًا على التصرف فى ملكه دون أن يعارضه أحد، فالمستأجر يتعامل كأن الشقة أصبحت ملكًا له إذا أراد المالك بيعها يتدخل المستأجر بأن من حقه الحصول على نسبة 50% من ثمنها، متعللًا بالإيجار الذى كان يدفعه أثناء وجوده بالشقة، لكن يجب التوضيح أن الإيجار الذي يقوم المستأجر بدفعه هو مقابل انتفاعه بالعين، والذى يدل على ذلك أن المستأجر إذا امتنع عن دفع القيمة الإيجارية ستقوم المحكمة بطرده . ◄ لا توجد مشكلة وأكد أن القوانين الحالية للإيجار القديم كانت استثنائية لمواجهة الأزمة السكانية حينها، لكن حالياً شرعت الدولة فى القيام بالعديد من المشروعات السكنية ما بين الإسكان الاجتماعى، والسكن البديل، ونظام التمويل العقارى بفائدة 3% متناقصة على 30 سنة، بالتالى لم يعد هناك أزمة سكن كما فى السابق، فالدولة أوجدت لكل مواطن وحدة سكانية ستصبح فى النهاية ملكًا له فلا داعى للإبقاء على القوانين الاستثنائية للإيجارات القديمة. وأشار إلى أن هناك حوالى 3 ملايين وحدة مستأجرة بقانون الإيجار القديم، منها مليون و300 ألف وحدة مغلقة، أغلقها المستأجرون لأنها لا تشكل عبئًا ماديًا عليهم، لكنه حرم المالك من الاستفادة بها، واستغلالها بالسوق العقارية.