في مشهد يجسد التحول الجذري لمنظومة الإصلاح في مصر، كشفت الجولة التفقدية داخل مركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان عن واقع جديد تتصدره فلسفة عقابية حديثة ترتكز على احترام حقوق الإنسان وصون الكرامة الإنسانية، تحت مظلة توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبإشراف اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، فمن إنهاء ملف الغارمات بالكامل، إلى تطوير منظومة طبية عملاقة تضاهي المستشفيات المتخصصة، مرورًا بدعم المواهب وتنمية مهارات النزلاء، وصولًا إلى برامج العلاج النفسي والإدمان التي تحقق نسب شفاء تتجاوز 65%، وتطوير منظومة متكاملة تتضافر كل الجهود، لتتشكل ملامح تجربة إصلاحية غير مسبوقة تعيد تعريف دور مراكز الإصلاح والتأهيل. وخلال الجولة، أكد اللواء حسام عبد العزيز، مساعد وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية؛ أن مراكز الإصلاح لم تعد مجرد منشآت لتنفيذ العقوبة، بل بيئات شاملة لإعادة البناء النفسي والإنساني، تتكامل فيها دور العبادة، والعلاج المتطور، والتأهيل المهني، والدعم المعنوي، فمن وحدات الرنين والقسطرة والحضّانات، إلى الورش الفنية ومعارض الرسم، ومن غرف علاج الإدمان المتقدمة، إلى قصص حقيقية لنزيلات انتصرن على المخدرات، تتجسد على الأرض رؤية دولة تراهن على الإنسان أولًا، وتؤمن أن الفرصة الثانية حق يستحقه كل من يبدأ طريقًا جديدًا. في مستهل الجولة، قال اللواء حسام عبد العزيز، مساعد وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية، بحضور وفود من منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والإعلاميين والصحفيين؛ إن الدولة المصرية نجحت في عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في إنهاء ملف الغارمات بالكامل، مؤكدًا أن هذا الإنجاز يأتي ضمن استراتيجية شاملة تُعلي من قيمة الإنسان وتدعم الفئات الأكثر احتياجًا. وأوضح اللواء عبد العزيز، خلال كلمته؛ أن قطاع الحماية المجتمعية يحرص على إقامة دور العبادة داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، بما يشمل المساجد والكنائس، بهدف المساهمة في تقويم سلوكيات النزلاء وإتاحة مساحة روحية تساعدهم على إعادة بناء الذات والانضباط، موضحًا أن مراكز الإصلاح تتبنى نهجًا واضحًا يقوم على احترام حقوق النزلاء والحفاظ على خصوصيتهم الكاملة، باعتبار أن صون الحياة الخاصة جزء أساسي من فلسفة الإصلاح التي تتبناها الدولة، مضيفًا أن القطاع يتبنى فلسفة عقابية حديثة ترتكز على الإصلاح والتأهيل، من خلال مجموعة من البرامج المتقدمة، موضحًا أن الشخص الذي يقضي عقوبته داخل المراكز يُطلق عليه «نزيل» احترامًا لآدميته. وأضاف؛ أن النزيل يخضع فور وصوله لفحوص طبية وثقافية وسلوكية لتحديد أفضل سبل التعامل معه، مع مراعاة طبيعة القضايا المتهم فيها أثناء عمليات التسكين، مضيفا أن مراكز الإصلاح تضم منشآت طبية مجهزة على أعلى مستوى، حيث يتم تزويد بعض النزلاء ممن يعانون من بتر بالأطراف الصناعية، بالإضافة إلى توفير سماعات أذن وكراسٍ متحركة للحالات التي تحتاج إليها. واستكمل: «نحرص على تعليم النزلاء العديد من الحرف، خاصة الصناعات اليدوية وصناعة الأثاث، لتمكينهم من إيجاد مصدر رزق بعد خروجهم»، مشيرا إلى أن أن القطاع يولي اهتمامًا خاصًا بالدعم النفسي للنزلاء، لا سيما المتهمين في قضايا التحرش، لضمان عدم تكرار الجريمة، مشيرًا إلى أن برامج التأهيل تمتد لستة أشهر على الأقل وتحقق نتائج مبهرة. كما تستغل هوايات النزلاء المختلفة مثل كرة القدم والرسم والموسيقى لدمجهم نفسيًا ومجتمعيًا، موضحًا أن قطاع الحماية المجتمعية، يوفر منظومة تعليمية متكاملة خلف الأسوار، حيث التحق العديد من النزلاء بفصول محو الأمية وخرجوا متعلمين، كما تتوفر مكتبات ومعامل دراسية تشجع النزلاء على تحصيل العلم. وأشار إلى أن هناك 8 مدارس متنوعة داخل المراكز، إضافة إلى إتاحة استكمال التعليم الجامعي والعالي، وقد حصل بعض النزلاء بالفعل على درجات علمية وصلت إلى الدكتوراة. عناية شاملة وأكد أن جميع النزيلات يخضعن للكشف المبكر عن الأورام، كما توفر رعاية كاملة للحوامل وتوجد حضانات للأطفال حتى سن أربع سنوات، يتلقون فيها الرعاية والتطعيمات اللازمة، مع السماح للأمهات بقضاء وقت كافٍ مع أبنائهن للحفاظ على صحتهم النفسية. وبعد بلوغ الطفل سن أربع سنوات، يسلم إلى ذويه مع استمرار رؤية الأم له خلال الزيارات. وأوضح اللواء حسام عبد العزيز، أن دور الدولة لا ينتهي بخروج النزيل من مراكز الإصلاح، إذ تتابعه إدارة شرطة الرعاية اللاحقة وتوفر له فرص عمل تساعده على الاندماج في المجتمع. وأشار إلى مثال لسيدة حصلت على دعم لإنشاء محل تجاري، وتمكنت لاحقًا من توسعته حتى أصبح لديها أربعة محال. واختتم حديثه قائلًا: «كما أكد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا يجب أن يعاقب الشخص على الفعل مرتين». وأكد أن الدراما كان لها دور ايجابي في تناول ملف النزلاء مثل كلمة شرف وأريد حلا، وغيرها من الأعمال الأخرى التي أسهمت في تشريعات قوية. رعاية طبية متكاملة وفي المركز الطبي بمركز الإصلاح والتأهيل، قال العميد أحمد السنداوي، مدير إدارة التجهيزات بالمركز الطبي بمركز الإصلاح والتأهيل العاشر من رمضان، خلال جولة داخل مركز الإصلاح والتأهيل، تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ويأتي ذلك تحت إشراف السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، في إطار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021 - 2026، حيث أولت وزارة الداخلية اهتماما كبيرًا، بتطوير المنظومة الطبية بقطاع الحماية المجتمعية من خلال العديد من المراكز الطبية الكبرى والمتكاملة، المجهزة بأحدث التجهيزات الطبية، وأفضل العناصر البشرية لتقديم خدمة طبية متميزة، لجميع النزلاء على مستوى الجمهورية. وأوضح؛ أنه كانت البداية مع المركز الطبي وادي النطرون، ثم المركز الطبي بدر، مرور بالعاشر من رمضان، 15 مايو، وأخيرا أخميم بسوهاج، جاء تصميم تلك المراكرز الطبية طبقا للأكواد المصرية والعالمية لإنشاء المستشفيات، ومعايير مكافحة العدوى وأيضا معايير جودة الرعاية الصحية. وأضاف العميد السنداوي، مدير التجهيزات بالمركز؛ أن المركز الطبي يتكون من ثلاثة مباني متصلة على ارتفاع ثلاثة أدوار بمساحة إجمالية 25 ألف متر مربع بطاقة استيعابية 300 سرير، يحتوي المركز الطبي على جميع الأقسام الرئيسية، ابتداء من العيادات الخارجية بعدد 28 عيادة طبية تخصصية، وقسم الطواري، و17 ماكينة غسيل كلوي للتعامل مع الحالات الحرجة والدقيقة، قسم المعمل ومجهز لكل التحاليل الطبية، والأشعة ابتداء من الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية والموجات فوق الصوتية والأشعة الرقمية، كما تم إنشاء وحدة المشروع بالتعاون مع هيئة الأممالمتحدة للتوعية ضد الأمراض المناعية مثل مرض الإيدز والعمل على علاجها، ويحتوي قطاع الحماية المجتمعية على 18 وحدة مشورة، ثم تطرق إلى الاقامة الداخلية وتتكون من ستة أقسام، منها غرف للعزل وأخرى لمتحدي الإعاقة، كما تم إنشاء قسم الطب النفسي وعلاج الإمادن، وماله من دور في علاج الأسباب الجذرية للجريمة، ويتكون من غرف للعلاج الفردي وغرفة للعلاج الجمعي وأيضا أماكن إقامة مجهزة لحالات الهياج العصبي. وأشار إلى أن هناك 4 غرف عمليات بنظام الكبسولة المدمجة المجهزة بأحدث التجهيزات الطبية لإجراء كل الجراحات الحرجة والدقيقة مثل المخ والأعصاب، 29 سرير رعاية مركزة بنظام الغرف المنفصلة، وبرعاية رجال مكافحة العدوى، و2 وحدة مناظير متكاملة، مناظير تعمل بموجات فوق الصوتية، قسم القسطرة، ويوجد قسطرة تشخيصية وقسطرة علاجية، كما أنشئت حضانات الأطفال ومجهزة بكل الساليب الحديثة، ووحدة تفتيت الحصوات وعلاجها، بالإضافة إلى 6 وحدات من قسم الصيدلية، بالإضافة إلى الأقسام الرئيسية تم إنشاء بعض الوحدات التخصصية مختلفة المركز الطبية مثل القلب والصدر، بالمركز الطبي وادي النطرون، وحدة صحة المرأة بالمركز الطبي بدر، وبه جميع الأجهزة للكشف المبكر عن أورام الثدي، وحدة الأورام بالمركز الطبي أخميم بسوهاج، وحدة الحروق بالمركز الطبي 15 مايو، وحدة الأورام المتوطنة. تنمية مواهب النزلاء انتهجت وزارة الداخلية، ممثلة في قطاع الحماية المجتمعية، فلسفة عقابية حديثة تتوافق مع المواثيق الدولية وتضمن الحفاظ على حقوق الإنسان، وذلك من خلال تطوير ملحوظ على أرض الواقع لمنظومة متكاملة ومتناسقة، وتجلى ذلك خلال الجولة التفقدية، بمركز الإصلاح والتأهيل العاشر من رمضان. بدأت الجولة من المركز الطبي مرورًا بملاعب الرياضة والورش، وصولًا إلى مبنى التأهيل والتعليم الفني، الذي شهد تطورًا ملحوظًا يعكس فلسفة العقوبة الحديثة والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021-2026، ويؤكد الاهتمام بالنزلاء على مختلف المستويات، بدءًا من دخولهم المركز وحتى خروجهم ومتابعتهم عبر قطاع الرعاية اللاحقة. وفي مبنى التأهيل والتعليم الفني، عُرضت نماذج من نزلاء المركز تبرز مهاراتهم في مختلف الحرف والمهن والمواهب الفنية، وتعكس مستوى التدريب والتطوير الذي يتلقونه، كما أكد النزلاء أنفسهم على متابعة التطوير المستمرة لهم داخل المركز. في قاعة المشغولات اليدوية ومعرض الرسم داخل المبنى نفسه، شاهدنا أعمالًا تنم على لمسة جمالية تجمع بين الفن والعمل الجاد. وأكد وليد، أحد النزلاء الذي يعمل رسامًا، أنه طور مهاراته في الرسم داخل المركز، مشيرًا إلى أنه قبل دخوله كان يقتصر على رسم الأشخاص بالرصاص، لكنه استطاع، بفضل الدعم والاهتمام من القائمين على المركز، تطوير موهبته واكتساب مهارات جديدة. وكان المعرض ينبض بالحياة بلوحات فنية متميزة تعكس روح الإبداع لدى النزلاء واهتمام المركز بتنمية مواهبهم. وخلال جولة داخل مركز الإصلاح والتأهيل، وداخل المركز الطبي كان يوجد قسم الطب النفسي وعلاج الإدمان، حيث يتم علاج النزلاء الذين يعانون من أمراض نفسية والإدمان. وفي هذا الصدد قال اللواء حسام عبدالعزيز، مساعد الوزير لقطاع الحماية المجتمعية؛ أن ما يميز العلاج داخل قسم الطب النفسي وعلاج الإدمان، أن النزيل المريض موجود طوال الفترة داخل مركز الإصلاح ويتم المداومة على علاجه، وبالتالي لا يقترب من المخدرات، مثلما يتم علاج باقي النزلاء والنزيلات من الأمراض، ونسبة العلاج تتعدى ال65%. وتطرق مساعد الوزير لقطاع الحماية المدنية، إلى غرفة علاج الإدمان والأمراض النفسية، أنها غرفة مصممة ب «متريال» معين، ولا توجد في جميع مصحات العلاج على الجمهورية، فهي مكلفة جدا، حيث تتفادى أي صدمات لإصابة المدمن، كما أن تصميمها وألوانها لا تؤثر على مرضه النفسي. من جانبها حكت نزيلة قصتها مع الإدمان، وتدعى «ف»، عمرها 42 عاما، أنها خلال تواجدها بالمركز استطاعت ان تتجاوز الإدمان من 3 سنوات، فقد ابتعدت تماما عن طريق المخدرات بعدما كانتتتعاطى الهيرون وبودر، نظرا لعلاجها بشكل جيد داخل المركز الطبي بمركز الإصلاح والتأهيل العاشر من رمضان. بينما حكت نزيلة أخرى تدعى «سوزان»، في الثلاثينات من العمر، قالت: دخلت مركز الإصلاح والتأهيل بعد الحكم علي في قضية مخدرات كان السبب فيها والدي الذي يتاجر في المخدرات، وأدمنت بسببه، وابتعدت عن إدمان البودرة، عن طريق علاج المركز الطبي حيث قام الأطباء بقسم الطب النفسي وعلاج الإدمان بإعطائي قرص مكثف من الأدوية، حتى خرجت المخدرات من جسمي، كما أنني أستفيد من الجلسات التوعوية داخل المركز الطبي، وأتوجه بنصيحة أي شاب أو فتاة أن يبتعدوا عن المخدرات. اقرأ أيضا: مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح والتأهيل عن الطعام