انتقد الدكتور هادي بن على اليامي، رئيس لجنة حقوق الإنسان العربية عضو الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، الدور الذي تمارسه إيران لتأجيج الصراعات والنزاعات الطائفية بالوطن العربي، واستهداف العديد من الدول العربية بخلاياها وعملياتها الإرهابية التي امتدت إلى ابعد من محيطنا العربي، رغم حرص الدول العربية على العمل وفقًا لمنظومة إقليمية ودولية تهدف إلى نشر السلام والتسامح وإنهاء الصراعات والحروب بالعالم، والسعي لتحقيق العدالة والتنمية بعيدًا عن العنف والإرهاب بجميع صوره وأشكاله. وقال اليامي في بيان له اليوم الأحد، أن الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان عقدت أولى فعالياتها المتعلقة بتعزيز قيم حقوق الإنسان، حيث عقدت ندوة بقصر الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بجنيف تحت عنوان "الإرهاب والأمن الإنساني في المنطقة العربية"،في إطار مشاركتها بالدورة الثالثة والثلاثون لمجلس حقوق الإنسان، سلطت خلالها الضوء على ما يواجه الوطن العربي من إرهاب فكري يتمثل في العديد من صور وأشكال العنف والقتل وتهديد حالة الأمن والسلام، لاسيما مع ما تمر به العديد من الدول العربية من اضطرابات سياسية وأمنية وصلت في العديد منها إلى حالة النزاع والصراعات المسلحة التي مثلت تهديدا كبيرا وحقيقيًا للحق في الحياة والأمن والتنمية، وتسببت في حدوث انتهاكات واسعة وخطيرة لحقوق الإنسان،مع استعراض دور المنظمات غير الحكومية في مواجهة هذا التهديد وإسهاماتها في بناء وتنفيذ الخطط والإستراتيجيات الخاصة بمواجهة الإرهاب ونشر قيم السلام والتسامح بالمجتمعات، واستعراض فرص التكامل والتعاون بين المنظمات الدولية ومع الحكومات والهيئات الأممية لمواجهة خطر الإرهاب وحماية الأمن الإنساني للفرد والمجتمع في إطار منظومة متكاملة لحماية المجتمعات المدنية وضمان تمتعها بحقوقها في الأمن والسلام والتنمية. وأضاف اليامي أنه شارك في الندوة عدد من المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الغربية والإقليمية، إضافة إلى مجموعة من الناشطين والمختصين والمهتمين في قضايا حقوق الإنسان في الوطن العربي. وأوضح أن الندوة تناولت ثلاثة محاور رئيسية، تناول الدكتور ريتشارد بورتشيل، رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة ترندز للبحوث والإستشارات المحور الأول منها والخاص (بجذور الإرهاب وارتباطه بالفكر المتطرف وتهديده للأمن الإنساني، حيث استعرض خلالها ما يمثله الإرهاب من تهديد للأمن الإنساني العالمي، وارتباط الإرهاب بجذور فكرية أو عقائدية أو أيديولوجيات قائمة على العنف ورفض الأخر، مشيرا إلى أن الإرهاب يعد التحدي الأكبر الذي يواجه العالم في سبيل تعزيز حقوق الإنسان وإقامة دولة المؤسسات والقانون، موضحا بان على الدول أن تتخذ إجراءات صارمة للتصدي للإرهاب في إطار قيامها بدورها في حماية مجتمعاتها وأنظمتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مستطرد في هذا الصدد ما تسببه الأعمال الإرهابية أضرار للممتلكات ومن تهديد لكرامة الإنسان وما تتسبب فيه من وضع المجتمع تحت تأثير الخوف بشكل دائم. كما أشار إلى المعايير والضوابط التي ينبغي على الحكومات الالتزام بها لمواجهة هذه الأعمال الإرهابية بما لا يتسبب في تقليص الحقوق والحريات التي يجب أن يتمتع بها المدنيين، وان لا تشوبها أية انتهاكات تتعلق بمصادرة الحقوق الأساسية أو تجاوزات ترتبط باستخدام السلطة، مع ضرورة الموائمة بين الإجراءات الشرطية والعقابية في إطار الالتزامات الدولية التي أطرتها التشريعات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بما يحقق للمجتمع التمتع بحقوقهم وحرياتهم ويمكن الدول من القيام بمسئولياتها الأساسية في تعزيز وصيانة الأمن الإنساني. وفي ورقتها التي تناولت خلالها "الإرهاب وتهديد لحالة حقوق الإنسان والأمن الإنساني"، شددت الدكتورة وسام باسنوده، رئيسة المبادرة العربية للتثقيف والتنمية وعضو الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، على أهمية مواجهة الإرهاب ووقف تهديد لمنظومة الحقوق والحريات التي ناضل العالم من أجل تحقيقها والتمتع بها، وضرورة العمل على ضمان الأمن الإنساني سبيلا لتعزيز الحقوق والحريات التي نصت عليها التشريعات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، مشيرة في هذا الصدد إلى أن ما تواجهه العديد من الدول العربية يؤكد على أن الإرهاب مصدر إلينا واننا بالوطن العربي ضحايا للإرهاب ولسنا مصدرين له، مشيرة في هذا الصدد إلى ما تمثله بعض الدول والتنظيمات الإقليمية من تهديد للأمن الإنساني العربي، لاسيما بسوريا والعراق واليمن والبحرين، وهو ما يمثل تهديدًا عربيا كبيرا يجب أن تتم معالجته في إطار إقليمي عربي ودولي، وان تتضافر وتتعزز الجهود العربية لمواجهة الإرهاب الفكري والديني من حيث جذوره الفكرية وامتداداته السياسية والإقليمية والعسكرية التي أسهمت في إثارة العديد من الصراعات والنزاعات المسلحة بكثير من الدولة العربية، وهو ما عرض حالة حقوق الإنسان للتراجع بشكل خطير من تجاوز أعداد القتلى من هذه الصراعات مئات الآلاف من المدنيين، وتشريد الملايين من المدنيين وتعطيل جميع صور التنمية وتوقف الأنظمة المتعلقة بالتعليم والصحة في هذه البلدان. كما أكدت على وجوب التزام الدول والحكومات عند مواجهتها للإرهاب بعدم تجاوز قيم ومبادئ حقوق الإنسان. وأكدت الدكتورة وسام أن الإرهاب لا يقتصر فقط على العمليات الإرهابية فحسب ولكن عمليات التكفير والتحريض التشويه تعتبر عمل من أعمال الإرهاب، لاسيما التحريض الطائفي الذي يأتي من جماعات خرجت من عباءة الإسلام السياسي وتتزعمها اليوم دولة جارة تحرض على العنف الطائفي واستهدفت بشكل فاضح الوطن العربي ليصبح ضحية هذا النوع من الإرهاب. من جهته قدم عيسى العربي، الأمين العام للفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، في ورقته التي تناول فيها "جذور وأسس الإرهاب الديني بالوطن العربي"، حيث أوضح العلاقة التي تربط منظومة الحقوق والحريات التي يجب أن يتمتع بها الإنسان، بالأمن الإنساني، مستطرد في هذا المجال توضيح الإشكالية المتعلقة بمفاهيم العلاقة بني "الحقوق والأمن"، وما افرزه الواقع من تحديات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى ما يواجه العام اليوم من تهديد عالمي حقيقي يتمثل في الإرهاب، وهو ما افرز تأكيدا لتأصيل العلاقة بين الحقوق والأمن، تقوم على مفاهيم وأسس توفير الأمن كسبيل لضمان توفير الحقوق والحريات"لا حقوق بلا أمن". مؤكدا في هذا المجال على أهمية الأمن الإنساني كأساس للمحافظة على أمن المجتمع وسلامته وضمان تمتعه بكامل حقوق وحرياته، إذ لا يمكن أن يتم بناء وتعزيز منظومة مستقرة ومتكاملة لحقوق الإنسان إلا في ظل مجتمع آمن ونامي. كما تطرق الأمين العام للفيدرالية العربية لحقوق الإنسان في ورقته إلى الجذور التاريخية للإرهاب بالوطن العربي، والتي بدأت بوعد بتقسيم الوطن العربي وزرع الاحتلال الصهيوني بدولة فلسطين العربية، وهو ما تطلب خلق وإيجاد بيئة حاضنة لهذا الاحتلال ولمنع أية مشاريع وحدوية تسعى لإقامة وحدة عربية متكاملة، حيث سعت القوى الاستعمارية إلى خلق الأنظمة والجماعات وفقًا لنظرية الدولة الدينية وليست الإسلامية، التي تسعى إلى الخلط بين الفكري الديني والنظام السياسي وتسخير الأيديولوجيات الطائفية والمذهبية سبيلًا لتعزيز اختراق المجتمعات والوصل إلى السلطات. وأشار العربي في ورقته إلى ما يمثله الإرهاب الديني من تهديد للأمن الإنساني العربي، والمتمثل في (دولة ولاية الفقيه) الإيرانية، وجماعة الإخوان المسلمين، مستعرضا العلاقة التاريخية والتنظيمية التي تجمع كلا التيارين، والتي أبدت مع نهاية العقد الثالث من القرن الماضي بلقاء قادة التيارين، وتشكيل (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية) والتي تحولت اليوم إلى (الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) ليكون مظلمة للعمل المشترك بين كلال التيارين. مستعرضا المنعطفات التاريخية الأربع لهذه العلاقات المتزاوجة بين دولة "ولاية الفقيه" وجماعة "الإخوان المسلمين"، وطبيعة التنظيم التي تؤطر عمل وحراك كلا التنظيمين، والتي تقوم على مرجعية وفلسفة واحدة تمتد تاريخيا إلى جمال الدين الأفغاني وما تلاه من أفكار تمثلت في القيادات الروحية لكلا النظامين، متمثلتًا في محمد نواب صفوي "الأب الروحي" ثم لآية الله الخميني "المرشد" (لدولة ولاية الفقيه)، والى محمد عبده "الأب الروحي" وامتدت لحسن البنا "المرشد" (لجماعة الإخوان المسلمين)، واللذان قامت القوى الاستمارة والبريطانية تحديدًا بتمويلهم ودعمهم لتنفيذ مخططاتهم الاستعمارية القائمة على تمزيع الوطن العربي وهدف أسس وحدته وتنميته، قبل أن تقوم أمريكا بدعم تلك التيارات الإرهابية في إطار تعزيز مواقفها خلال الحرب الباردة، والاستعانة بها لتكون حائط صد لوقف المد الشيوعي بالمنطقة. كما تطرق الأمين العام للفيدرالية العربية لحقوق الإنسان إلى ما تنتجه إيران الدولة من نظرية "تصدير الثورة"، وجماعة الإخوان من خلال "التربية والحراك المجتمعي". القائمة على أفكار ومبادئ سيد قطب التي يعتمدها كلال التيارين كمنهج لحراكه السياسي والتنظيمي. وانتهى إلى ما تمثله إيران الدولة من تهديد للأمن الإنساني العربي، من خلال التزامها بمفاهيم تصدير الثورة واعتمادها على جماعاتها الإرهابية وقواتها العسكرية في إثارة الصراعات والنزاعات المسلحة التي هددت الأمن الإنساني العربي بشل كبير، كما أوضح الدور الذي لعبته حركة إخوان المسلمين في إثارة الصراعات والنزاعات المسلحة في الوطن العربي، ودورها في بروز التيارات الفكرية والدينية المتطرفة التي استهدفت الوطن العربي بعملياتها وأنشطتها، مؤصلا في هذا المجال الكثير من الحركات الإرهابية مثل حب الله والقاعدة وداعش وخلايا الحشد الشعبي وجماعة الحوثيين، ودورهم في تهديد الأمن الإنساني العربي. وتهدف الفيدرالية من إقامة هذه الندوة إلى تعزيز حضورها الدولي كأكبر تنظيم حقوقي عربي بعضوية تصل إلى 80 منظمة عربية ودولية معنية بقضايا حقوق الإنسان العربي، والى تسليط الضوء على القضايا التي هي محل اهتمام وانشغال الفيدرالية، ولمشاركة المجتمع الدولي لها في هذه الاهتمام والانشغال، وقد شهدت الندوة حضورًا نوعيًا ومتميزا، تمثل في ممثلي المجتمع الدولي والمنظمات الغير حكومية المشاركة في هذه الدورة من اجتماعات المجلس، وممثلي وسائل الإعلام المعنية بقضايا حقوق الإنسان، خبراء دوليين في الإرهاب والأمن الإنساني. جدير بالذكر أن إستراتيجية مشاركة الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان بهذه الدورة من اجتماعات مجلس حقوق الإنسان، تقوم على تأكيد حضورها الدولي وتمثيلها الإقليمي، حيث ستشارك الفيدرالية المجتمع الدولي اهتماماته وانشغالاته الدولية المعنية بقضايا حقوق الإنسان، كما ستستعرض خلالها جملة من القضايا العربية المعنية بحقوق الإنسان لتتشارك فيها مع المنظمات الدولية والهيئات الأممية المعنية بحقوق الإنسان، كما ستقيم العديد من الندوات والفعاليات بقصر الأممالمتحدة وبنادي الصحافة السويسري إضافة إلى الكثير من اللقاءات والاجتماعات التي سيتم التركيز خلالها على تنفيذ برامج ومشاريع الفيدرالية وتعزيز دورها الدولي والإقليمي.