مثلت اليمن عبر التاريخ ومنذ عهد الملكة بلقيس أهمية استراتيجية كبيرة للمنطقة العربية كونها تقع على ممرات ملاحية مهمة كما أنها بمثابة بوابة العرب الجنوبية والتي من خلالها هاجم أبرهة الحبشي مكة من أجل هدم الكعبة فيما عرف تاريخيّا بعام الفيل. والتأثير الأمني لليمن في الدول العربية شمال القارة الإفريقية لا يقل أهمية عن تأثيرات اليمن في منطقة الخليج العربي، فعدن بمثابة بوابة العبور الجنوبية الشرقية إلى مصر كونها تطل على مضيق باب المندب والذي يعد بمثابة عنق الزجاجة للبحر الأحمر معبر التجارة الدولية. ففي عام 1837 فرض محمد علي باشا حاكم مصر سيطرته على مضيق باب المندب مما أدخله في حرب واسعة مع جيوش إنجلترا المدعومة من السلطان التركي آنذاك، وخاضت المملكة العربية السعودية 3 حروب مع اليمن نتيجة صراعات حدودية مع جارتها الجنوبية واستمرت هذه الحروب لعشر سنوات من عام 1924 إلى عام 1934، حيث انتهت بتوقيع اتفاق الطائف. وبدأت الحرب بخروج جيش يمني بقيادة عبدالله بن أحمد الوزير للسيطرة على مناطق حدودية بين الحجاز واليمن، وسيطر بالفعل على منطقة تهامة والعديد من موانئ الحجاز، وواصل التقدم حتى سيطر على عسير، وحاصر مدينتي صبيا وجازان. وطالب الحسن الإدريسي حاكم عسير في ذلك الوقت حاكم اليمن يحيى حميد الدين بوقف القتال لكن حاكم اليمن رفض؛ فتحالف الحسن الإدريسي مع ملك الحجاز عبدالعزيز آل سعود وعقدا معا اتفاقية حماية مشتركة ونجح عبدالعزيز آل سعود في السيطرة على حدود عسير ونجران وجازان الجنوبية، وضمها إلى السعودية، كما نصت معاهدة الطائف التي عقدها الطرفين لإنهاء الحرب، ونجح عبدالعزيز بعد ذلك في توحيد الكثير من مدن الجزيرة العربية وجمعها في كيان سياسي موحد أطلق عليه دولة المملكة السعودية. في 26 سبتمبر 1962، قامت ثورة ضد حكم «الإمام» فى اليمن، واندلعت حرب أهلية بين مؤيدي زعيم الثورة عبدالله السلال وأنصار المملكة المتوكلية بقيادة الإمام محمد بدر بن حميد الدين. وقد انقسمت الدول العربية حول الحرب الأهلية اليمنية آنذاك فقد ساندت مصر جمال عبدالناصر الثورة بقيادة عبدالله السلال فيما التفت السعودية والأردن وبريطانيا حول الإمام محمد بدر بن حميد الدين الذي هرب إلى السعودية وأدار المعارك من هناك. وكانت النظم الخليجية آنذاك تخشى المد الثوري القادم من مصر وتخوفت من سقوط الحكم الإمامي في اليمن وأن يكون ذلك بداية لاندلاع ثورات التغيير في الخليج العربي. واستمرت المعارك بين السلال والإماميين 8 سنوات وعززت مصر مناصرتها للسلال للتخلص من الحكم الإمامى، الذي وضع اليمن فى مكانة متخلفة لسنوات طويلة، فقد أرسل زعيم مصر جمال عبدالناصر كتيبة من الصاعقة لحماية عبدالله السلال تبعها إرسال 70 ألف جندي لمساندة الثوار ما أدى بالدول الغربية وعلى رأسها بريطانيا بأن تعطي الأوامر لإسرائيل بالعدوان على مصر فكانت نكسة عام 1967 والتي طرحت العديد من علامات الاستفهام التي لم تجد إجابات شافية حتى الآن. واضطرت مصر إلى سحب قواتها من اليمن، كما أوقفت السعودية دعمها للإمام بدر الدين وفق اتفاق أبرم بين القاهرة والرياض عرف باتفاق جدة وانتهت المعارك بانتصار الثوار وإعلان الجمهورية اليمنية عام 1970. وفي نوفمبر 2009 وفي إطار الصراع بين الحوثيين والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح هاجم عبدالملك الحوثي الأراضي السعودية بحجة أن عدوان وقع على جماعته المتمردة من داخل الأراضي السعودية ودخل في حرب مفتوحة مع المملكة العربية السعودية انتهت بانسحابه في يناير 2010. وبعد سقوط الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بعد ثورة فبراير 2011 سطع نجم الحوثيين في اليمن واشتدت شوكتهم نتيجة الدعم الإيراني والفوضى التي أعقبت الثورة اليمنية وفي ظل المتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة بفعل ثورات الربيع العربي رأت إيران في تكثيف دعمها للحوثيين أمرّا إيجابيّا يكسبها نفوذّا شيعيا واسعّا في المنطقة العربية كما يدعم موقفها التفاوضي مع الغرب حول برنامجها النووي، وحسب مراقبين فإن أمريكا باركت هذا الطموح الإيراني كونه يغذي الصراع الاثني في منطقة الخليج العربي فهي مدت لطهران الحبل لكي تشنق نفسها بنفسها كما أنها ستوفر على إسرائيل عناء دخول حرب مع إيران التي سيدفعها طموحها الإيديولوجي إلى الصدام مع الدول العربية ومن ثم حرب إقليمية ستكون نتائجها في كل الأحوال لصالح تل أبيب.