تتجه مصر لتعيم مبادئ الحوكمة علي الشركات المصرية خاصة بعد اصدار دليلين للحوكمة الأول خاص بشركات القطاع الخاص والآخر الشركات قطاع الأعمال العام؟ وعلي الرغم من أهمية تقييم مبادئ الحوكمة التي تحقق المصداقية بين المساهمين ومجلس الادارة مما يسهل علي الشركات توفير المزيد من التمويل اضافة إلي اتاحة فرص أكبر امشاركة الاستثمار الاجنبي في أعمالهم. ورغم كل ذلك يوجد غياب كبير في الوعي لدي الشركات المصرية بمبادئ الحكومة. قامت "الاسبوعي" باجراء حوار مع مارتن شتايندل مدير الحوكمة ببرنامج شراكة المشروعات الخاصة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا التابع لمؤسسة التمويل الدولية IFC التابعة للبنك الدولي، وهو البرنامج المختص بنشر مبادئ الحوكمة في مصر ورصد فيه ابرز ملاحظاته علي أوضاع الحوكمة في الشركات المصرية من خلال السطور التالية. * ما أهداف برنامج مؤسسة التمويل الدولية بشأن الحوكمة في مصر.. وكيف كانت بدايته؟ ** برنامج الحوكمة التابع لمؤسسة التمويل الدولية يعمل منذ عام وتتمثل اهدافه في العمل مع البنوك والشركات لنشر معايير الحوكمة وانشاء مؤسسات تواصل العمل في هذا المجال، كما نعمل مع الجامعات والوسائط المالية لمساعدتهم علي فهم مبادئ الحوكمة بشكل افضل وقد صممنا مواد تدريبية من 24 جزءا لتدريب المدراء واعضاء مجالس الادارات كما نعمل مباشرة مع الشركات لمساعدتهم علي مراجعة المبادئ التي يتبعونها ودعمهم في ادماج الممارسات الصحيحة للحوكمة، وتركز مؤسسة التمويل الدولية علي حوكمة القطاع الخاص. * في رأيك ما هي الجوانب المتعارضة في الادارة المصرية لمبادئ الحوكمة؟ ** توجد بالطبع مشكلة عدم فصل الملكية عن الادارة اضافة إلي ان هناك اعتقادا مازال موجودا عند البعض في مصر بأن الافصاح والشفافية سيقللان من ارباح الشركة وليس العكس، كما ان هناك مشاكل في هيكل مجلس الادارة نفسه حيث يختلف دوره كثيرا عن مجالس الادارة العالمية وخاصة فيما يتعلق بعدم تحديد دور معين لكل عضو حتي يصبح داخل مجلس الادارة مزيجا من المهارات بين كل عضو ويحدث التكامل بينهم. التحدي الأكبر * وهل ترتبط العيوب الادارية بحجم أو قطاع معين تعمل فيه الشركات في مصر؟ ** لا أعتقد ان حجم الشركة يؤثر بدرجة كبيرة في ذلك ولكن التحدي الاكبر يكمن في الشركات العائلية ولا تقتصر مشكلتها فقط علي فصل الملكية عن الادارة ولكن هذه الشركات تموت بالتدريج بسب تطبيق التوريث بداخلها بشكل خاطئ فالجيل الأول المؤسس للشركة هو الذي ينميها ويطورها والجيل الثاني يديرها بنجاح أما الجيل الثالث فهو من الاحفاد وغالبا ما يكون عددهم كبيراً ولا توجد بينهم شخصية قيادية واضحة وقد لا يكونون ملمين بظروف الشركة ولكنهم يريدون العمل بها وتبدأ الشركة هنا في الدخول في مرحلة الخطر خاصة ان المعاملات الداخلية تتم بينهم بشكل غير قانوني لأنهم اقارب ويتطلب ذلك وضع برامج واضحة لتوريث الشركة واجراءات تنظيمية محددة لعلاقة أفراد العائلة بالشركة وأسس صارمة وواضحة للرقابة الداخلية. هل تري أن المحاسبين في مصر يتمتعون بالكفاءة التي تؤهلهم للمراجعة وفقا لمبادئ الحوكمة؟ * هناك مشكلة لاحظت انها تواجه المحاسبين في مصر وهي ان المحاسب يعمل كمراجع للحسابات داخل الشركة ويعمل في أعمال اخري داخل نفس الشركة ويتعارض ذلك مع مبادئ الحوكمة لأن المحاسب يجب ان يتمتع باستقلاليته داخل الشركة حتي لا يكون متحيزاً ومن المفروض توجيه هؤلاء المحاسبين للاستغناء عن الوظيفة الثانية داخل الشركة واستبدالها بالعمل كمراجع للحسابات لدي أكثر من شركة. الحوكمة.. والائتمان تشمل مباديء الحوكمة في مصر الشركات التي تعتمد بشكل اساسي علي التمويل من خلال قروض البنوك.. فما هو تعليقك علي مستويات الائتمان في مصر؟ * تعتبر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان كثرة اعتماد الشركة علي الائتمان هو مؤشر علي نجاح هذه الشركة في تطبيق مبادئ الحوكمة وهو بالطبع ما يعمل علي تحسين سمعة الشركة في السوق.. اما في مصر فهناك عدة مشاكل أولاها ان الكثير من تعاملات البيزنس تنفذ في مصر بالعلاقات الشخصية كصداقة قديمة بين الطرفين او ثقة شخصية ولا تنفذ بناء علي الثقة في أداء الشركة من خلال التزامها بمبادئ الحوكمة وهو ما يجعل البنوك تشعر بالمخاطرة حيال اقراض هذه الشركات بسبب قلة المعلومات وهناك مشكلة في البنوك نفسها وهي ان موظفي الائتمان يركزون علي الجوانب المادية فقط في تقييم الملاءة الائتمانية دون باقي مبادئ الحوكمة وهو ما يرفع تكلفة القرض علي الشركات التي لا تحظي بتوافر هذه الجوانب المادية ونحن نتعاون مع معهد المصرفيين في تقديم دورات لموظفي البنوك لتغيير هذه الفكرة عندهم. * ولماذا لا تطبق الحوكمة بشكل جبري علي الشركات من أجل التسريع بنتائجها؟ ** هناك بعض التشريعات الملزمة للشركات والتي تتعرض لبعض مبادئ الحوكمة ولكني أري أن فكرة الاجبار والالزام بشكل عام لا تناسب الحوكمة لأنه من الافضل ان تتم بشكل طوعي من خلال دفع الشركات للدخول فيها ليتمكنوا من الاستثمار المشترك مع الشركات الدولية كما تسهل من عملية الاقتراض من البنوك لتصبح هذه الشركات هي النموذج في السوق الذي يتبعه الجميع ونحن نركز حاليا في مصر علي نشر الوعي بالحوكمة بين الشركات المدرجة بالبورصة ونعرض نماذج الشركات التي اتبعت هذه القواعد والتأثير الايجابي لذلك علي أعمالها كما نقوم بدورنا ايضا من خلال تدريب قيادات قطاع الأعمال علي هذه المبادئ اما في حالة الاجبار علي تطبيق الحوكمة من خلال التشريعات المبالغ فيها فتأتي بنتائج سلبية لانها قد لا تترك مساحة من الحرية في القيام ببعض الاجراءات التي تحتاجها الشركة وفقا لظروفها الخاصة. الشركات الصغيرة * كيف تري مشكلة قطاع الأعمال في مصر من وجهة نظرك؟ ** لم أكون خبرة كبيرة في هذا المجال ولكن المشكلة التي الاحظها وهي موجودة ايضا في الشركات العائلية ان مدير الشركة لا يفصل حياته الشخصية عن العمل فمن الممكن مثلا ان مدير الشركة يستعمل سائق الشركة لتأدية اغراض شخصية. * وجهت اتهامات لاحدي الشركات بالبورصة انها تتلاعب بالسوق من خلال قيام اعضاء مجلس ادارة الشركة بشراء اسهمها بشكل غير مباشر.. وعلي الرغم من تبرئة الشركة من ذلك الا انه يظل هناك تساؤلا عن كيفية مراقبة وكشف هذه الممارسات؟ من الصعب كشف هذه الممارسات الا من خلال تحقيقات الأمن او وسائل الاعلام ولكن من الممكن ان تنكشف اذا كان بعض اعضاء مجلس الادارة فقط هم من يقومون بذلك مع التزام الباقين بمبادئ الحوكمة وسيكون من الطبيعي عندها صدور قرار بإقالة هؤلاء الاعضاء. * هناك اتجاه لانشاء بورصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة فكيف سيمكن دفع هذه الشركات للافصاح والالتزام بالحوكمة اذا كانت الشركات الكبري لا تلتزم بها؟ ** بالعكس أنا أري أن هذه البورصة ستحل جزءاً كبيراً من المشكلة لأن هذه الشركات تحتاج للتمويل وسوف تتيح البورصة لهم ذلك، وبالتالي فإن دخولهم البورصة سيلفت انظارهم لمبادئ الحوكمة ويحاكون الشركات المدرجة بالبورصة والملتزمة باتباعها.