مع التوجهات الصحية الجديدة وسعي الشعب البريطاني لتناول اطعمة ذات قيمة صحية عالية والميل نحو تجنب الاطعمة التي تسبب السمنة المفرطة بما لها من تداعيات صحية خطيرة وخاصة بين الاطفال بدأت الشركات الكبري التي تدير سلسلة متاجر السوبر ماركت الكبري في الاستحواذ علي نسبة اكبر من مبيعات التجزئة من الاطعمة.. ورغم التحسن الظاهر لمبيعات وارباح هذه الشركات تعاني المؤسسات الاخري من ضعف المبيعات من جانب كما تشهد مبيعات الشركات الموردة لهذه الاغذية تراجعا في مفارقة غريبة لها ما يبررها وهو تراجع اسعار المستهلكين تحت وطأة المنافسة الحامية اضافة الي تركيز المستهلكين علي شراء اغذية بعينها تحتاج الي استثمارات ضخمة بما يضع الموردين تحت وطأة ضغوط كبيرة. والمثير ان الشركات الكبري التي تدير متاجر السوبر ماركت تتعرض في الوقت نفسه الي انتقادات من جميع الجهات والسبب اتهامها بالعمل علي زيادة الطلب علي الاطعمة وبالتالي ارتفاع اسعار الطاقة اضافة الي الهجوم عليها علي اعتبار انها تبيع اغذية تقل قيمتها الغذائية وتصيب الكثيرين بالسمنة وخصوصا الاطفال فمن المعروف ان حوالي ربع اطفال بريطانيا يعانون من سمنة مفرطة. والمثير ايضا هو تراجع اسعار الاطعمة في السنوات الخمس الماضية بنسبة تصل في المتوسط الي حوالي 5% رغم ارتفاع اسعار المواد الاولية وتحافظ سلسلة متاجر "تيسكو" علي المرتبة الاولي من حيث المبيعات وتحقيق الارباح، وتشهد اغلب الشركات الكبري الموردة عمليات التسريح لموظفيها ففي الاسبوع الماضي أعلنت شركة "هاينز" عن تسريح مئات من عامليها كما تعاني شركة "نورثرن فودز" وهي من اكبر منتجي الاطعمة التي تلقي طلبا كبيرا من الخسائر ولذلك اعلنت خطة ضخمة للاستغناء عن جزء من عمالتها بالاضافة الي قيامها بعمليات اعادة هيكلة واسعة النطاق، كما اعلنت شركة "هيجارد" للاغذية والتابعة ل"تيسكو" عن خطط مماثلة. ويعاني منتجو الاغذية في بريطانيا من ازمة عاتية فمنذ بداية العام الحالي اي خلال ما يقل عن نصف عام الاستغناء عن الآلاف سينضمون الي طوابير العاطلين ويبدو ان النزعة بين المستهلكين نحو البحث عن اغذية اكثر صحية والاتجاه نحو التعامل مع سلسلة متاجر السوبر ماركت الكبيرة وضعت منتجي الاغذية في مأزق كبير وزادت من عمق الازمة التي تعيشها. فشركة "نورثرن فودز" المنتجة للاطعمة التي تنتج بسكويت "فوكس" وبيتزا "جوتتزيللا" الشهيرة تستحوذ علي انتاج 75% من مبيعاتها وتستحوذ 5 شركات فقط علي هذه المبيعات وهذه الشركات هي: "تيسكو" و"سينسبري" و"اسدا" و"دبليو ام ماريون" و"ماركس اند سبنسر" التي تستحوذ وحدها علي 30% من مبيعاتها وشهدت مبيعاتها من الاغذية زيادة قدرها 5.6% في الشهور الثلاثة الاولي من العام وتقود مبيعات الاغذية عمليات التعافي لمبيعات لسلسلة متاجر "ماركس اند سبنسر" الشهيرة التي لا تخلو منطقة في بريطانيا من فرع لها وتنتج شركة "نورثرن" للاطعمة انواعا متعددة يزداد الاقبال عليها مثل الشيكولاتة البودنج السائلة التي ارتفعت مبيعاتها 3500% بعد ان تصدر هذا المنتج الحملات الدعائية ل"ماركس اند سبنسر" لدرجة دفعت رئيس الشركة الي القول ان العام الحالي كان هو عام "شيكولاتة البودنج" وذلك بعد فترة قصيرة من الاعلان عن زيادة ارباح ماركس اند سبنسر بنسبة 47% في السلسلة التي تقع اغلب متاجرها في منطقة وسط المدينة "لندن". ومع هذه الزيادة في مبيعات شيكولاتة نورثرن اضطرت الشركة الي زيادة الانتاج بنسبة كبيرة لمواجهة الزيادة المطردة في الطلب وهو امر يصعب تحقيقه حتي الان لان ذلك يستلزم الاستثمار بكثافة في هذا المجال والغريب ان الشركة منيت بخسائر صافية بعد خصم الضرائب بلغت مليوني استرليني وهو امر مثير للحيرة الا ان متحدثا باسم "ماركس اند سبنسر" يصر علي ان الشركات الموردة لها استفادت بنسبة تصل في المتوسط الي 8% بين عامي 2005 و2006. ويري بعض الخبراء في قطاع الاغذية ان الموردين قادرون علي استعادة ارباحهم بالتركيز علي انتاج خمسة منتجات وهي "البيتزا" الجاهزة للاعداد منزليا وانواع البسكويت والاغذية جاهزة الاعداد و"السندويتشات" و"بودنج الكريسماس" - اعياد الميلاد. وفي الوقت الذي تزيد فيه ارباح سلسلة المتاجر الكبري علي حساب الصغيرة والمتوسطة تتقلص ارباح الشركات المنتجة التي تقوم بتوريد الاغذية حتي ان اسهم شركة "نورثرن فودز" هبطت بنسبة 40% منذ بداية العام وهو ما يعني تراجع قيمة الشركة بمقدار 270 مليون استرليني. والاحوال ليست احسن حالا مع شركة "دياري كريست" وهي من كبار الموردين ايضا بعد ان فقدت تعاقداتها مع اكبر سلسلة متاجر في بريطانيا وهي "تيسكو" وتراجعت ارباحها 40 مليون استرليني قبل خصم الضرائب كما هبطت اسهم شركة "رييل فوود" بنسبة 30% منذ بداية العام. ويري احد الخبراء ان زيادة ارباح سلسلة المتاجر الكبري في مواجهة تراجع ارباح الشركات الموردة يعتبر مفارقة غريبة الا ان له ما يبرره وهو تراجع مبيعات المتاجر المتوسطة والصغيرة ونزعة المستهلك نحو تناول اطعمة اكثر صحية وبالتالي الإحجام عن تناول قائمة طويلة من الاطعمة بما يقود بالتالي الي خسائر جمة للشركات المنتجة. وينظر بعض خبراء الاغذية الي الاقبال علي تناول الطعام بشكل مفرط علي انه نوع من المرض مشيرين الي خطورته الصحية بما يسببه من مخاطر علي الصحة العامة ويرصدون ما لا يقل عن 20 مرضا ينجم عن التناول المفرط للطعام علي رأسها امراض القلب من انسداد القلب نتيجة لزيادة معدلات الكوليسترول العدو الاول لامراض القلب والقرح وامراض المعدة كما تكون بعض نوعيات الطعام هي المسئولة عن عدد من اورام المعدة والقرح فضلا عن اثار السمنة السيئة علي الحالة النفسية لمن يعانون منها.