«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة البحث الغذائي عن البديل المستحيل
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 11 - 09 - 2010

طعامنا يقتلنا!.. حقيقة لم يعد بالإمكان تجاوزها أو تجاهلها، خاصة مع ارتفاع معدلات السمنة المفرطة، والانتشار المخيف للعائلة السرطانية.. مجلة «تايم» في عددها الصادر بتاريخ 6 سبتمبر 2010 نشرت مقالا شديد الأهمية ل «جيفري كلوجر» يتوقف أمام هذه الحقيقة بمعلومات أهم، أغلبها صادم.. إذ يتفرع منه إلي تلك المعركة الساخنة بين أنصار الطعام المعالج والمتاح وأنصار الطعام العضوي الخالي من أي تدخل بشري أو كيماوي مرتفع التكلفة.
يقول جيمس ماك وليامز - أستاذ التاريخ البيئي بجامعة ولاية تكساس : نحن نشجع الناس لأن يأكلوا بطريقة معقولة، بل فاضلة! لكنهم يصطدمن بمعايير عالية للغاية لنفعل ذلك.
الغذاء المثالي - كما يذكروننا طوال الوقت - هو الطعام العضوي، فعلينا أن نستبدل كل طعام معالج، بكل ما هو طازج، وكل ما هو من السوبر ماركت بما يأتي من أسواق المزارعين.
الطعام العضوي يمثل حوالي 3% من الأطعمة بالسوق الأمريكية، وما بين 1% و7% في الدول الأوروبية، أما اليابان فطالما كانت صاحبة أكبر سوق للأطعمة العضوية في آسيا.. ولكن سوق الأطعمة العضوية تنمو في الصين، وتايلاند، وسنغافورة، وماليزيا والهند مع ارتفاع دخول المستهلكين، كما استضافت بكين مؤخرا أول سوق للمزارعين العضويين، بينما في الهند ازداد حجم سوق الأطعمة العضوية المعتمدة بنسبة 200% في العامين السابقين.. أهمية الاتجاه للطعام العضوي ضئيلة في الدول النامية، فأهمية وجود أغذية علي الإطلاق يهمش الاهتمامات الأخري، ولكن - كما يقال لنا - يجب علي القادر منهم أن يؤيد حركة الاتجاه للأطعمة العضوية.
الفكرة تبدو رائعة، لكن هناك ثمنا في مقابلها، الفاكهة، الخضروات، اللحم، اللبن العضوي غالبا ما تكون أغلي من الأطعمة العادية، وفي بعض الأحيان أغلي بكثير! علي سبيل المثال في الصين أسعار الأطعمة العضوية المعتمدة تصل إلي 700% أغلي من الأطعمة العادية.
وما يزيد علي ذلك أن لحم الماشية المتغذية علي الحشائش، تكون دهونه أقل، ولبنها بدون كيماويات، يبدو أمرا رائعا، إلا أن ما هو ليس بنفس القدر من الوضوح، هو القيمة الغذائية المميزة التي يحظي بها الطعام العضوي، في 2009 نشرت «الصحيفة الأمريكية للتغذية الطبية»، دراسة أثارت عاصفة نارية في عالم الأغذية، وصلت إلي أن الأغذية العضوية والعادية لا اختلاف بينهما إلا في 3 عناصر فيتامينية وغذائية، بل فاق الطعام التجاري العضوي في إحداها.
نحن نضع حدا فاصلا قويا بين الأغذية العادية والعضوية، يقول ماك وليامز، ويستكمل: بينما العلم لا يفعل ذلك، هم يتقابلان في الكثير من المواصفات، ولكن الناس من علي جانبي الجدال، يختارون ما يتمسكون به من معلومات وما يتغاضون عنه، كما أن بالنسبة للمستهلك الذي يبغي أن يأكل ويطعم بيته أطعمة صحية، وذلك من ميزانية أصبحت أضيق من أي وقت آخر، الشد والجذب الأيديولوجي لا يفيد البتة، ما يحتاج إليه هو أجوبة وليس جدالا.
ضريبة الأكل
أهم سبب لعدم تجاهل ما يدعيه مؤيدو الطعام العضوي هو أن الكثير مما يقولونه صحيح، أسلوبنا الغذائي بالفعل يقتل منا الكثير، بل يقتل الكواكب أيضا، في أوائل شهر أغسطس أصدرت مراكز السيطرة ومنع المرض بأتلانتا دراسة تشير إلي أن 27% من الأمريكيين يعانون من السمنة «أي يزيد وزنهم علي المثالي ب 20%»، والكثير من الدول الأوروبية نتائجها لا تختلف كثيرا، فمعدل السمنة بألمانيا بين الرجال البالغين يتعدي ال20%، وكذلك بريطانيا وفينلندا، العالم المتقدم يأكل الكثير من اللحم، يصل المعدل إلي 100 كيلوجرام لكل رجل وامرأة وطفل سنويا بالولايات المتحدة، وحوالي 90 كيلوجراما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، معدلات السمنة في الدول النامية منخفضة نسبيا، لكنها ترتفع مع ازدياد الأطعمة الغنية بالسكر والدهون انتشارا، في الصين نسبة السمنة العامة للسكان أقل من 5%، ولكن في بعض المدن ترتفع لتصل إلي 20%، أما الهند، الدولة التي بها أكبر عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في العالم 9% من الرجال و13% من النساء يعانون من الوزن الزائد أو السمنة.
الأغذية المعالجة غزيرة الملح، وتعوم في شراب الذرة الغني بالفراكتوز «سكر»، طعامان لا نستطيع أن نقاومهما، كما أن هناك مشكلة إهدار ضخمة في الغرب، حاليا يتم إنتاج ما يعادل 2350 سعر حراري لكل شخص في الولايات المتحدة، في حين يحتاج المرء إلي 3250 سعر فقط، وبينما يلقي البعض منه في القمامة، يتم ابتلاع أغلب هذا الطعام قبل أن يبرد علي الأرفف.
لكي يستمر الطعام في التدفق، والأسعار في الانخفاض يتطلب الكثير من الألاعيب الصناعية الهندسية، وهذه لها تداعيات غير مرغوب فيها، في الولايات المتحدة يصل حجم المخصبات الكيماوية التي تضخ لتخصيب حقول الذرة وحدها إلي 10 ملايين طن، مما زاد الإنتاج ب 23% بين عامي 1990 و2009 ولكنه تسبب في تلويث خليج المكسيك المحاصر، في الاتحاد الأوروبي يستخدم المزارعون 17 مليون طن من المخصبات كل عام، والصين التي تستخدم أكبر قدر من الكيماويات علي مزروعاتها تستهلك 47 مليون طن من المخصبات سنويا.
اللحم البقري الذي تتم تربيته في ظروف صناعية يتم إعطاؤه المضادات الحيوية والهرمونات منشطة النمو، مما يترك رواسب كيماوية في اللحم واللبن، مركز متعدد الاهتمامات أصدر دراسة مؤخرا تشير إلي أن فتيات أمريكيات لم يتعدين السبع سنوات يدخلن مرحلة البلوغ وبهذا هن ينمون بضعف المعدل الذي كانت تنمو به قريناتهن في أواخر 1990 وربما يكون هذا ناتجا عن وباء السمنة، أو بسبب الهرمونات الموجودة في بيئتهن، بما في ذلك طعامهن، في أغسطس تم الإبلاغ عن أربع حالات مختلفة من البلوغ المبكر في فتيات رضع في الصين الشرقية، ووسط الصين، ولم يتضح السبب بعد، أما بالنسبة للأغذية التي تتوافر خارج مواسمها الطبيعية، تتم زراعة المحصول بأكمله في مكان واحد، ثم يعبأ في شاحنات أو طائرات ليسافر آلاف الأميال إلي أسواق بيعه، مما يتسبب في ترك آثار أقدام عوادمية عملاقة، ثمن امتياز أكل البرقوق في ديسمبر.
الجدل حول اللحم يولد الخلاف الأشرس في حرب الأغذية، أغلب الناس في الدول المتقدمة آكلو لحوم من الدرجة الأولي.. تنتج الولايات المتحدة 36 مليون كيلوجرام من اللحم سنويا، رقم مفزع بالنسبة لدولة بحجمها، الاتحاد الأوروبي ينتج الكمية نفسها، وآسيا بأكملها تنتج 228 مليار كيلوجرام من اللحم كل عام، كما أنه أصبح من المعلوم أن الحيوانات التي نأكلها تتم تربيتها متزاحمة في ظروف قاسية في مصانع، حيث يتم إطعامها علفا به سعرات حرارية عالية لتسمينها وأخذها للمجزرة في أسرع وقت ممكن. فكرة أن الحيوانات تعيش حياة قصيرة قاسية يضيف عنصرا مثيرا للجدل بين العضوي والتجاري، يتصدي صناع القرار الأوروبيون لهذا الأمر منذ بعض الوقت، فعلي سبيل المثال اتفقت الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي عام 1999 للتخلص من بطارية أقفاص الدجاج البياض «وهي أقفاص حديدية معدة خصيصا للدجاج البياض»، بحلول عام 2012 وقد تلحق بهم الولايات المتحدة، الشهر الماضي أيضا شهد أحد التطورات حيث عقد عمدة ولاية أوهايو هدنة بين ناشطي الحيوانات والمزارعين بالاتفاق علي توفير ظروف معيشية أفضل للخنازير، والعجول والدجاج، هذا الاتفاق كان علي نهج بعض الإصلاحات التي تم تطبيقها في كاليفورنيا في .2008
وعندما تربي شيئا ما له دورة دموية وجهاز عصبي، فاعلم أنه يستحق العناية، قالت بيف إجلستن - صاحبة «أطعمة صديقة للبيئة»، وهي مزرعة غير صناعية عن قصد في مونيتا بفيرجينيا. حيوانات تعيش في حقول وأعشاش، لا حظائر وأقفاص، المزرعة بها حديقة حيوان لملاعبة الحيوانات، والمجزرة مفتوحة الأبواب للزوار ليدخلوا ويروا الظروف الآدمية - علي قدر الإمكان - التي تذبح فيها الحيوانات، تقول إجلستن: أود أن أتكلم بالنيابة عن الحيوانات، ثم تضيف: عندما أرفع السكين أود أن تعرف «الحيوانات» أن هديتهم تم قبولها.
هناك بعض الفوائد المادية للمعاملة الآدمية للحيوانات، حيث إن الماشية التي تأكل حشائش أكثر بها نسب أعلي من الأحماض الدهنية Omega -3 إلي Omega -6 وهو توازن معروف عنه أنه يقلل من احتمالات التعرض للأمراض السرطانية، أمراض القلب، والتهاب المفاصل، بل يحسن من القدرة علي الاستيعاب، لكن إن أخذت البقر من حقوله وأطعمته علفا مصنوعا من الذرة لتسمينها فإن معدلات Omega -3 تهوي.
أصحاب مصانع اللحوم البقرية الضخمة يعترفون بأن نسب ال Omega-6 إلي Omega-3 تكون من 1,5 إلي 1 وتقفز إلي 7 إلي 1 في البقر المربي بالطريقة العضوية، ولكن ممثلي هذه الصناعة يتحدون أهمية هذا الاختلاف!!
«لم تتحدد بعد النسبة الأمثل فيما يتعلق بالتوازن الغذائي»، تقول شالين ماك نيل - إخصائية التغذية المسجلة التي تعمل لصالح مؤسسة مربي الماشية القومية الأمريكية، وتضيف إنها مجرد جزء صغير من نظام المستهلك الغذائي ككل.
كما أن الحيوانات التي تربي في المزارع تكون بها معدلات أعلي من حمض اللينول والأحماض الدهنية، والتي طبقا لبعض أبحاث حيوانات المعامل، تساعد علي تخفيض فرص الإصابة بعدة أنواع من السرطان. ويضاف إلي ذلك أن الحيوانات التيتربي في المزارع فرص نشرها لبكتيريا الE.coli أقل، حيث لا يكون الاحتكاك بمخلفاتها ومخلفات الحيوانات الأخري بنفس القدر، مع أن الولايات المتحدة وأوروبا يصرون علي أنهم يحسنون الأوضاع الصحية في المصانع.
الخنازير والدجاج تثير عددا أقل من المشاكل مقارنة بالماشية فيما يتعلق بالكيماويات، حيث إن اللوائح والقوانين غالبا ما تمنع استخدام الهرمونات منشطة النمو علي الحيوانين، ولكن يتم استخدام المضادات الحيوية بحرية، وهذا علي سبيل المثال وهو غالبا ما يكون مرضا مميتا MRSA له مخاطره، ستافيلوكوس أوروس المضاد للميثيسيلين يصاحب الأمراض التي تنتقل في المستشفيات، أصبح يظهر بازدياد في المزارعين الذين يتعاملون مع الخنازير، حيث يلتقطون العدوي من حيواناتهم.
علي وشك التعهد بالاتجاه إلي اللحم العضوي، قرار رائع، ولكنه ليس للجميع، لا توجد حلول سهلة، لو قررنا جميعا اللجوء إلي اللحم الخالي من الكيماويات، لن يكفينا حيث إن 3% فقط من اللحم البقري يتم إنتاجه عضويا في الولايات المتحدة و02,0% من الخنازير، و5,1% من الدجاج فقط، والأرقام مماثلة في أوروبا، والسيئ هو أن بسبب هذه الندرة أسعار هذه الأطعمة العالية في ارتفاع مستمر.
فطالما تم الربط بين Omega- 3 بديل آخر هو أكل سمك أكثر، فهو صحي لأنه أقل دهونا، وبه سعرات حرارية أقل والنظام الغذائي الياباني الغني بالأطعمة البحرية ومعدلات سرطان الثدي المنخفضة وقلوبهم الصحية، ومتوسطات أعمارهم الأطول، لكن مع انهيار مخزون الثروة السمكية حول العالم لا يمكن أن يجدي هذا الحل طويلا، حل وسطي ولكنه قوي جدا، هو التخفيض من كمية اللحم الذي نستهلكه، حتي لو لم نستطع أن نتركها كلية، ومع وجود الكثير من البروتين في البيض، الصويا، الجبن، الحبوب، المكسرات، البقوليات، والخضروات ذات الورق الأخضر، فلن يكون هناك عجز في طرق تعويض البروتين.
«أنت تحتاج أكل اللحم، فقط لتكمل الحلقة الأخيرة من السلسلة الغذائية»، يقول فريد كيرشنمان - زميل مرموق في مركز ليوبولد للزراعة المستدامة بجامعة ولاية أيوا، وينهي حديثه: لو غيرنا بعض الأشياء في طريقة حياتنا، سيبقي عدد أقل من الحيوانات في النظام البيئي. محصول النقود
عندما يصبح بروتين اللحوم بغض النظر عن إن كان عضويا أو لا، لاعبا مساعدا في النظام الغذائي، وليس أساسيا، فإن الفاكهة والخضروات والحبوب تأخذ منصب القيادة، عامة هذا أمر جيد، لكن هنا أيضا بعض التعقيدات. نظرية العودة إلي الأرض المفلوحة من دون استخدام مبيدات صناعية، أصبحت صعبة التطبيق، وهذا لوجود 8,6 مليار فم ينتظر طعاما.
نورمان بورلوج الذي يدعي زعيم الثورة الخضراء الذي استطاع أن يضاعف محصول القمح في باكستان والهند في أواخر الستينيات عن طريق استخدام خليط من النبات عالي الإنتاجية والسماد، يعطي فضل إنقاذ مليار نفس كانت ستفقد للجوع، قل ما تشاء عن سرقة الشركات الزراعية للبيئة، بمزارعها الصناعية التي تأتي من كل فدان بضعف المحصول الذي تحصل عليه المزارع العضوية، وحتي هذا لن يلحق بالازدياد السكاني المضطرد، فنحن في طريقنا نحو 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050 و5% فقط من الأرض الصالحة للزراعة لم تزرع بعد، يقول المؤرخ البيئي ماك وليامز. ويضيف: إننا سنحتاج أن نزيد إنتاجنا ب 50% أو 100% إن اضطررنا للرش أو التسميد وحتي اللجوء للهندسة الوراثية، هذا أمر يجب علينا تقبله.
في الولايات المتحدة وأوروبا نفاد المحاصيل ليس مشكلة بعد، ولكن ترسبات المبيدات تسبب قلقا في محله عند الناس.
الغسل الجيد أو التقشير يحل أغلب المشكلة، لكن إن استطعت شراء الطعام العضوي تتفادي مشكلة المبيدات بأسرها، وهذا بسبب وصول بعض مبيدات المزارع غير العضوية القريبة للمحصول العضوي.
ولاستخدام المزارعين العضويين أنفسهم لبعض المبيدات من نوع آخر. الوكالة الأمريكية لحماية البيئة لديها قائمة من 195 صنفا من المبيدات البيولوجية المسجلة - وهي عبارة عن بعض المواد المستخرجة من حيوانات، نباتات وحشرات، وتكون سامة لبعض الآفات - وتستخدم في 780 منتجا تجاريا، هناك اتفاق عام علي أن المبيدات البيولوجية ليست بخطورة المبيدات التجارية، لكن أقل خطورة ولا تعني منعدمة الخطورة، الزراعة العضوية تمثل 2% فقط من كل الزراعة الموجودة، يقول ماك وليامز، ويستكمل حديثه قائلا: ولكن ماذا لو أصبحت 20%؟ الكيماويات تستخدم بقلة الآن، لكنها لم تكن هكذا حينئذ.
المخصبات العضوية تمثل مشكلة أصغر لأنها تتكون أساسا من السماد، بالإضافة إلي بعض الإضافات الحميدة مثل الجفت، الأعشاب البحرية، الملح الصخري، وأسمدة أخري، لكن من الممكن أن يكون سعرها مرتفعا جدا، حيث إنك ستحتاج إلي كمية هائلة من هذه المخصبات لتأتي بنفس مفعول كمية ضئيلة من المخصبات الصناعية، قد يستهلك حتي 4 أطنان من السماد للفدان الواحد لتأتي الأرض بمحصول، وعند معرفة ذلك تبدو حقيبة المخصبات الصناعية مغرية للغاية.
من ثم يطرح سؤال: إلي أي مدي يمكن استخدام مخصبات حتي يظل الطعام المنتج عضويا؟ لنأخذ الصين مثالا: حوالي 28% من أراضي الصين الصالحة للزراعة مزروعة بطريقة صديقة للبيئة، ولكن بسبب الاستخدام الغزير للمبيدات والمخصبات - والرقابة المشكوك في أمرها علي أحسن تقدير - الكثيرون يشكون في اعتمادات المنتجات كعضوية، كما أن في العام الحالي أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية قلقها من عملية إعطاء الاعتمادات للمنتجين الصينيين الذين يصدرون منتجاتهم للولايات المتحدة، وصرحت بأنها ستبعث فريق متابعة للمزيد من التقييم.
الجيب والفم
بالنسبة لأغلب المستهلكين فإن قرار الاتجاه للطعام العضوي مبني علي السعر، الطعم والتغذية في دراسة العام الماضي عن التغذية بالولايات المتحدة الكثير من أنصار الأطعمة العضوية كانوا مستائين، والكثير من المربين التجاريين شاعرون بالفخر، لكن دراسة فردية لا تروي القصة كاملة، الفرق الحقيقي بين ما هو عضوي وما هو ليس عضويا يقع في الوجود مثل النحاس والحديد والمنجنيز، بالإضافة إلي حمض الفوليك، وليس واحدا منها تم ذكره النسبي لل Micronutrients في هذه الدراسة، ولو تمت إضافتها تتشوش النتائج.
في تحليل جمعي أجراه المركز العضوي وهي مجموعة غير هادفة للربح في بولدر بولاية كولومبيا، وجد أن الأطعمة العضوية بها 25% من حامض الفينول ومضادات الأكسدة أكثر من الأطعمة الأخري، وهذه هي العناصر التي تنقص النظام الغذائي الأمريكي، وهنا تقع أهمية هذه الدراسة، هكذا قال عالم المركز الأول تشارلز بينبروك، لكن علامة «عضوي» علي المنتج وحدها لا تتضمن حصول جميع المستهلكين علي نفس القدر من هذه العناصر. القيمة الغذائية الحقيقية تأتي من التربة، لذا فالصفقة غير واضحة، إلا إذا كنت تعرف المزارع شخصيا وتعرف كيف يعامل أرضه، قال كيرشنمان من مركز الزراعة المستدامة.
وفي النهاية الحل الأمثل هو أن فريقي المنتجين العضويين والتجاريين وفريقي مستهلكيهم يجب عليهم أن يجدوا طريقة للتعايش، من المهم أن يتم التعامل مع الممارسات الشنيعة والملوثة في الصناعة، لكن يجب أن نضمن وصول الأطعمة إلي المتاجر.
عندما يكون ممكنا يجب تشجيع الزراعة المحلية، ليس فقط لزيادة الأطعمة الطازجة في الأسواق، ولكن أيضا حتي تنخفض تكلفتها تدريجيا.
لو حاولنا جميعا زراعة أكلنا بأنفسنا لن يتبقي لنا الوقت لفعل أي شيء آخر، يقول هاورد، ولحسن الحظ نحن لسنا مضطرين لذلك الآن، ولكن هذا لا يبرئنا تماما، يجب علينا أن نتصرف بذكاء حيال الأطعمة التي نبتاعها، وأن نختار بعناية بين التجاري والمحلي، العضوي والصناعي.. فالحياة ليست طعاما فحسب هناك أيضا الصحة وطول العمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.