يعتبر السوق الصيني بالنسبة لتجار التجزئة المحليين والاجانب سوقا ينطوي علي فرص لا مثيل لها ولذلك فقد تحول هذا السوق الي ساحة قتال بين مختلف المتاجر الكبري والصغري علي حد سواء.. وتقول ارقام مجلة "الايكونوميست" ان حجم سوق تجارة التجزئة الصيني بلغ 860 مليار دولار وانه ينمو بمعدل 13% سنويا ولذلك ينتظر ان يصل حجمه في عام 2020 الي نحو 2.4 تريليون دولار. لقد اصبح في الصين طبقة متوسطة عريضة نسبيا ونامية ففي مدن الصين يوجد اكثر من مليون من ارباب الاسر يكسب الواحد منهم اكثر من 100 الف يوان في السنة وهؤلاء اعتادوا علي شراء السلع الفاخرة الي جانب عدة ملايين اخري يكسب الواحد منهم ما بين 25 و100 الف يوان سنويا حسب تقديرات مكنزي للاستشارات ويقدر مكنزي ان عدد ابناء هذه الشريحة سيزيد من 42 مليون نسمة عام 2005 ليصبح 200 مليون نسمة عام 2015. ورغم ان سوق تجارة التجزئة الصيني قد تغير كثيرا في السنوات الاخيرة فان تجارة التجزئة المنظمة تعد امرا حديثا نسبيا في الصين.. وتوجد في الصين حاليا 100 سلسلة محال تجارية كبري تستأثر وحدها بنحو 10% من جملة مبيعات سوق التجزئة. وعندما بدأت عملية الاصلاح الاقتصادي عام 1979 سيطرت علي سوق التجزئة الصيني سلاسل المتاجر المحلية مثل داليان داشانج ووانج فيوجنج ثم بدأت تظهر في عقد التسعينيات سلاسل السوبر ماركت المتخصصة ومتاجر الالكترونيات والديكورات المنزلية ولاشك ان البيروقراطية وعدم نضج الاقتصاد الصيني وصعوبة التنقل بين المقاطعات كلها عوامل تعوق تمدد واتساع سوق تجارة التجزئة في الصين. وبعد ذلك بدأت المتاجر الاجنبية تصل الي السوق الصيني وتغير الاشياء ففي الصين الان توجد متاجر اجنبية كبري مثل وول - مارت الامريكي وكارفور الفرنسي وباركسون الماليزي وحتي (B&Q) البريطاني.. وتسيطر المتاجر الاجنبية علي 23% من مبيعات اكبر مائة سلسلة متاجر في الصين في الوقت الراهن.. ولاتزال المتاجر الاجنبية تتدفق علي السوق الصيني وخاصة في المدن الكبري وفي عام 2005 حصل 1000 متجر جديد علي تراخيص بالعمل وكان نصف هذا العدد من المستثمرين الاجانب ويوجد في الصين الان اكثر من 1000 متجر اجنبي بعد ان كان العدد منذ عامين لا يتجاوز 314 متجرا اجنبيا. ويرد التجار المحليين علي هذه المنافسة الاجنبية بشراسة واحيانا باستخدام اساليب قذرة مثل شراء البضائع من الاوكازيونات قبل ان تصل الي ايدي المستهلكين الحقيقيين ثم اعادة بيعها مرة اخري في محالهم بالسعر الرخيص.. وفي نفس الوقت فان تكاليف العمل بتجارة التجزئة تتزايد مع تزايد اسعار الممتلكات وارتفاع ايجارات المتاجر كما تتزايد ايضا تكاليف التسويق وقد زاد الانفاق علي الاعلان في العام الاخير وحده 50% وهذا بالطبع الي جانب زيادة الاجور التي تأكل اية وفورات تصنعها زيادة الانتاجية. وعلي جانب اخر فان اسعار السلع لا تزيد الا بصعوبة بل هي كثيرا ما تنخفض في الفرص والاوكازيونات وتزداد كثافة المتاجر في بعض احياء مدينة مثل شنغهاي حتي ان هناك الان في هذا الحي متجر كبير لكل 34 الف نسمة في حين ان هذه النسبة في بلد مثل فرنسا هي متجر كبير لكل 48 الف نسمة اي ان كثافة المتاجر في فرنسا اقل.. ولذلك نجد ان متوسط ما ينفقه الزائر الصيني في الزيارة الواحدة لايزال محدودا ولا يتجاوز 50 - 70 يوان في كل زيارة ("6.30 - 8.80 دولار). وفي قطاع تجارة التجزئة الصيني مثل غيره من القطاعات تنشط حركة الاندماجات والاكتسابات وعلي سبيل المثال فقد قامت متاجر جوم المسجلة في بورصة هونج كونج بشراء متاجر باراوايز الصينية مقابل 680 مليون دولار وهذا سيدعم نشاط متاجر جوم في بكين وشنغهاي والشاطئ الشرقي عموما وسيرفع نصيبها من مبيعات الادوات الي 10% أو اكثر. وتلاحظ مجلة "الايكونوميست" ان جزءا كبيرا من التوسع في سوق تجارة التجزئة الصيني ناجم عن فتح متاجر جديدة فمتاجر جوم تفتح فرعا جديدا كل 30 ساعة وهذا مجرد مثال. ويخلق سوق تجارة التجزئة في الصين عشرات الألوف من فرص العمل الجديد كل عام كما انه يسهم في تنشيط الواردات من السلع الغذائية خاصة في المدن الثرية مثل مدينة شنزهين حيث تقول الارقام ان 60% من الاطعمة المبيعة في متاجرها هي من الاطعمة المستوردة.