لقد بدأت الثورة او التغيير الجذري في قطاع تجارة التجزئة الهندي.. صحيح ان 97% من مبيعات التجزئة في الهند تتم عبر 15 مليون متجر صغير لا تزيد مساحة الواحد منها علي 500 قدم مربع (46 مترا مربعا) ولكن ريليانس اند استريز اكبر مجموعة اعمال في الهند خصصت 250 مليار روبية (5.5 مليار دولار) لانشاء متاجر كبيرة في مختلف المدن الهندية خلال السنوات الخمس القادمة وبدأت فعلا تنفيذ خطتها يوم 3 نوفمبر الحالي بافتتاح 11 متجرا جديدا في مدينة حيدر أباد جنوب الهند. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان كبريات شركات المتاجر الاجنبية بدأت هي الاخري تتدفق علي السوق الهندي وهي تعمل حتي الان في تجارة التجزئة عن طريق شريك محلي ولكنها تعمل بحرية في تجارة الجملة.. وكانت متاجر وولوورثز الاسترالية هي اول من فعلت ذلك في اكتوبر الماضي بالاشتراك مع تاتا جروب.. ويتوقع ان يصل تيسكو البريطاني الي الهند قريبا ان وول - مارت الامريكي وكارفور الفرنسي يبحثان عن مدخل الي السوق الهندي. ومن الواضح ان سلاسل المتاجر الاجنبية الكبري لا تنتظر حتي تفتح الحكومة الهندية قطاع تجارة التجزئة بالكامل امام الاستثمارات الاجنبية المباشرة وذلك حتي لا تسبقها المتاجر المحلية الكبري مثل بنطلون ريفيل وسبنسرز التي تتسارع في مجال تنفيذ ما اعدته من خطط للتوسع وانشاء المتاجر الواسعة المساحة. وحقيقة الامر ان سلاسل المتاجر الاجنبية التي ترغب في زيادة النمو عن غير طريق اسواقها المحلية لن تجد افضل من السوق الهندي لتحقيق النمو من خلاله.. فطلب المستهلكين في الهند يزدهر بعد ان نجحت خطة تحرير الاقتصاد الهندي في زيادة معدل نمو اجمالي الناتج المحلي بنسبة 8 - 9% سنويا وتتوقع تكنوباك وهي شركة لاستشارات تجارة التجزئة في دلهي ان ترتفع او بالاحري تقفز مبيعات سوق التجزئة الهندي الي 430 مليار دولار في عام 2010 بينما هي لا تتجاوز حاليا 250 - 300 مليار دولار كما ان نصيب متاجر التجزئة الحديثة من هذه الكعكة سوف يزيد علي 3% حاليا ليصبح 16 - 18% عام 2010 ايضا. ويمكن القول بأن قطاع تجارة التجزئة هو آخر قطاعات الاقتصاد الهندي التي يتم تحديثها وفتحها امام الاستثمار الاجنبي وكانت محاولات المتاجر الاجنبية لدخول السوق الهندي في التسعينيات تلقي صدا من الحكومة ومعارضة من التجار المحليين.. ولكن الاوضاع تغيرت الان حيث ينتظر فتح هذا السوق تماما امام الاستثمارات الاجنبية المباشرة قبل نهاية العام الحالي.. وتريد الحكومة الهندية فتح الابواب ولكنها تحرص علي الا يحل الاجانب محل التجار المحليين في تجارة التجزئة وفي ظل السياسات الحالية قامت متاجر الماركات الاجنبية الشهيرة مثل ريبوك وكارتييه ومارك آند سبنسر بالتشارك مع المتاجر المحلية لترويج بضائعها في السوق الهندي حيث يملك الشريك المحلي المتاجر ويديرها في حين يقوم الشريك الاجنبي عمليات التوريد وتجارة الجملة عن طريق اسلوب الامتياز وقد تم في وقت سابق من هذا العام زيادة حصة الشريك الاجنبي في متاجر الامتياز هذه الي 51% كما تم فتح الباب امام المتاجر الاجنبية للبيع بالجملة للتجار المحليين وهو الامر الذي استثمرته متاجر مترو الالمانية علي الفور كمدخل لها الي السوق الهندي الكبير. وتخطط مجموعة ريليانس اند استريز لفتح 5 آلاف متجر في مختلف مدن الهند في غضون السنوات الخمس القادمة وستكون متاجر كبيرة تتراوح مساحتها ما بين 2000 و2500 قدم مربع كما ستتضمن ايضا متاجر عملاقة "هايبر ماركتس" تتراوح مساحتها ما بين 25 و50 الف قدم مربع وسيبدأ انشاء اول متجر من هذا النوع الاخير في مدينة احمد أباد مع نهاية العام الحالي. وتقول ارقام مجلة "الايكونوميست" ايضا ان متاجر بنطلون ريثيل اكبر واسرع سلاسل المتاجر المحلية نموا اصبح لديها الان 144 متجرا في 32 مدينة هندية ويخطط كيشور بياني مؤسس هذه السلسلة لمضاعفة اتساع متاجره الجديدة اعتبارا من يونية القادم 2007. وبطبيعة الحال فان ملايين المتاجر الهندية الصغيرة تشعر بالخشية من توسعات سلاسل المتاجر المحلية والاجنبية الكبري في سوق تجارة التجزئة صحيح ان المشترين لن يهجروا تلك المتاجر الصغيرة بسهولة ولكن المتاجر الكبري ستقدم اسعارا ارخص ومستويات خدمة افضل ونوعيات سلع اجود وهذا سيجتذب الزبائن بمضي الوقت.. ولتوقي هذه الاثار بدأت بعض العائلات التي تمتلك متاجر صغيرة في تأجير متاجر لاصحاب الماركات العالمية الشهيرة مثل ريبوك وغيرها مقابل 300 الف روبية في الشهر وهو مبلغ يفوق اية ارباح يمكن ان تحققها تلك المتاجر الصغيرة.. كما بدأت بعض العائلاتن توسيع متاجرها الصغيرة لتتناسب مع هذا العصر الجديد وتتمكن من الصمود في وجه المنافسة القادمة.