في خطوة أممية لافتة، جددت الأممالمتحدة إدراج إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، على "القائمة السوداء" للجهات التي ترتكب انتهاكات جسيمة ضد الأطفال في مناطق النزاع، وذلك ضمن تقرير الأمين العام أنطونيو غوتيريش السنوي لعام 2024 المعنون ب"الأطفال والنزاعات المسلحة". تحليل سياق القرار الأممي القرار يعكس اتساقًا نادرًا في موقف المؤسسة الأممية إزاء انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، إذ لم يعد الحديث يدور حول "مخاوف" أو "انتهاكات محتملة"، بل توصيف صريح: إسرائيل "طرف قاتل ومشوّه للأطفال"، و"معتدٍ على المدارس والمستشفيات"، وفق التقرير. هذه اللغة تُعد تطورًا نوعيًا في لهجة الأممالمتحدة تجاه إسرائيل، ونتاجًا مباشرًا لتصاعد أرقام الانتهاكات وتوثيقها الممنهج. أرقام صادمة ترصد عمق الجريمة 2944 طفلًا فلسطينيًا تعرّضوا لانتهاكات جسيمة خلال عام واحد فقط، منها: 951 حالة اعتقال، أكثر من 90٪ منها في الضفة الغربية، وثلثها تقريبًا في القدس. 27 طفلًا استخدموا كدروع بشرية في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. 1561 طفلًا من ذوي الإعاقة، غالبيتهم أصيبوا بنيران قوات الاحتلال أو المستوطنين. 5091 حالة منع مساعدات إنسانية، ما بين غزة والضفة، تعكس سياسة ممنهجة لخنق الفلسطينيين ومعاقبة الأطفال بوسائل غير مباشرة كالتجويع والحرمان من الرعاية. البعد القانوني والحقوقي: التقرير لم يكتفِ بالتوثيق، بل دعا صراحة إلى محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها، في لهجة غير مسبوقة تعيد التذكير بالتزاماتها تحت مظلة القانون الإنساني الدولي واتفاقية حقوق الطفل. وأكد التقرير على أهمية حماية المدارس والمستشفيات ورفض استهدافها عسكريًا، في إشارة إلى السلوك الإسرائيلي المستمر في قصف المراكز الحيوية. ترابط الانتهاكات بين غزة والضفة يكتسب التقرير أهمية إضافية في ظل تزامنه مع مواصلة إسرائيل لعدوانها واسع النطاق على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر 2023، والذي وصفته جهات دولية متعددة، بينها محكمة العدل الدولية، بالإبادة الجماعية. وتشير الإحصائيات إلى: 186 ألف شهيد وجريح في غزة، معظمهم من الأطفال والنساء. 11 ألف مفقود، ومجاعة تفتك بالأبرياء. أكثر من 17500 معتقل ونحو 1000 شهيد في الضفة والقدس. تهجير قسري لمئات الآلاف، ما يكشف عن نمط مدروس من العقاب الجماعي. أهمية الإدراج على القائمة السوداء: هذا الإدراج الأممي، وإن لم يرفق بإجراءات عقابية مباشرة، إلا أنه يُعدّ وثيقة إدانة رسمية تحمل آثارًا قانونية وأخلاقية بالغة: يُمكن الاستناد إليه أمام المحاكم الدولية. يُحرج الحكومات المتواطئة أو الصامتة عن تزويد إسرائيل بالأسلحة أو الدعم. يُعزز مطالب منظمات حقوق الإنسان ومجتمع المدني بفرض عقوبات أو حظر سلاح.