بعد نحو قرن من الزمن في قلب القاهرة، يستعد القناع الذهبي الشهير للملك توت عنخ آمون لمغادرة المتحف المصري بالتحرير، متجهًا إلى مقره الأبدي الجديد داخل قاعات المتحف المصري الكبير المطل على أهرامات الجيزة. هذه الخطوة التاريخية تأتي ضمن الاستعدادات لافتتاح أعظم مشروع ثقافي في تاريخ مصر الحديث، رغم تأجيل موعد الافتتاح الرسمي إلى الربع الأخير من العام الجاري لأسباب تتعلق بالأوضاع الإقليمية. وبين الحماس الشعبي والترقب العالمي، تتواصل الاستعدادات لنقل كنوز الفرعون الذهبي في رحلة أخيرة إلى حيث يليق بها من عرض وحفاوة. ◄ القناع الذهبي يودّع التحرير القناع الذهبي، رمز الفرعون الشاب توت عنخ آمون، لم يعد أمام الزوار سوى أيام قليلة لرؤيته في المتحف المصري بالتحرير، قبل نقله إلى المتحف المصري الكبير. ووفق ما صرّح به مدير المتحف المصري بالتحرير، علي عبد الحليم، فإن عدد القطع المتبقية من مجموعة توت في المتحف لا يتجاوز 26 قطعة، تشمل القناع والتابوتين، وسيتم نقلها كلها قريبًا، باستثناء المومياء التي ستظل بوادي الملوك. ◄ صالة عرض خاصة لأعظم كنز فرعوني في المتحف المصري الكبير، ستُخصص صالة عرض فاخرة تضم أكثر من 5,000 قطعة أثرية من مجموعة توت عنخ آمون، تُعرض لأول مرة في مكان واحد. من ضمن القطع المنقولة، كرسي الاحتفالات الفاخر الذي عُثر عليه في الممر المؤدي إلى مقبرة توت، إلى جانب مقصورته المذهبة، ومجوهراته المصنوعة من الذهب والعقيق. ووفقًا للدكتور أحمد غنيم، رئيس هيئة المتحف، فقد تمت عمليات الترميم والنقل بأعلى المعايير الفنية، لضمان سلامة القطع خلال رحلتها الأخيرة. ◄ تأجيل الافتتاح الرسمي.. والأسباب كان من المقرر أن يُفتتح المتحف رسميًا في 3 يوليو، على أن تمتد فعالياته لعدة أيام، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي. غير أن الحكومة قررت تأجيل الموعد إلى الربع الأخير من العام الجاري، في ضوء المستجدات الإقليمية. وجاء في بيان وزارة السياحة والآثار أن القرار يعكس حرص الدولة على تقديم فعالية تليق بمكانة مصر الحضارية وضمان أوسع مشاركة دولية. اقرأ أيضا| شاهد على العصر.. لحظة انبهار الأميرة ديانا أمام تابوت الملك "توت عنخ آمون" يمتد المتحف المصري الكبير على مساحة 500 ألف متر مربع، ويُصنّف كأكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، هي الحضارة المصرية القديمة. وتبلغ مساحته ضعف مساحة متحف اللوفر في باريس، و2.5 ضعف مساحة المتحف البريطاني. ويقع على بُعد دقائق من أهرامات الجيزة، ما يمنحه موقعًا استثنائيًا يربط بين الماضي المجيد والحاضر المشرق. ◄ علاقة وثيقة بين المتحف والأهرامات بحسب الدكتور أحمد غنيم، فإن افتتاح المتحف سيُبرز العلاقة البصرية والتاريخية بينه وبين أهرامات الجيزة. وأضاف أن الحفل سيكون مبهرًا ويُقام باستخدام الإمكانيات التاريخية والسياحية لمصر، بما يعزز من صورتها الدولية ويبرز مكانتها الثقافية. سيوفر المتحف تجربة غير مسبوقة، حيث يستطيع الزائر أن يسير في دروب الحضارة المصرية القديمة عبر آلاف القطع، من التماثيل الضخمة إلى الأغراض اليومية التي استخدمها المصريون القدماء. كما سيتضمن المتحف قاعات عرض دائمة، وأخرى مؤقتة، إضافة إلى مسرح، وقاعات تعليمية، ومركز للترميم يُعد من الأحدث عالميًا. ◄ مشروع انتظره العالم يمثل المتحف المصري الكبير أحد أضخم المشاريع الثقافية في العالم، وكان حلمًا بدأ منذ أكثر من عقدين، لكنه تأخر مرات عدة لأسباب سياسية واقتصادية وجائحة كورونا. واليوم، بات المشروع في مراحله الأخيرة، في انتظار لحظة الافتتاح التي ستحظى بتغطية إعلامية دولية واهتمام عالمي واسع. سبق أن وجّهت مصر دعوات لكبار قادة العالم لحضور الافتتاح، من بينهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وملك إسبانيا فيليبي السادس. وستمتد فعاليات الافتتاح لأيام، تشمل عروضًا فنية وثقافية وتغطيات إعلامية تروّج لمصر كمقصد سياحي وثقافي عالمي. بين أروقة التحضير والترميم، ومع كل قطعة تُنقل من التحرير إلى الجيزة، تكتب مصر فصلًا جديدًا في كتاب حضارتها العريق. قناع توت عنخ آمون لا يودّع فقط المتحف الذي احتضنه لعقود، بل ينتقل إلى متحف يليق بعظمته، في زمن تتجدد فيه مصر عبر ماضيها، وتخاطب به العالم كله.