مع التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل، عاد طرح إغلاق مضيق هرمز إلى واجهة التوتر العالمي، باعتباره الورقة الاستراتيجية الأخطر التي تملكها طهران. جاء تصريحٌ من قائد الحرس الثوري الإيراني السابق، وزيارة عسكرية للمضيق قبل مقتله، تبعه تلويح مباشر من نوّاب برلمانيين إيرانيين بأن «إغلاق المضيق» خيار مطروح على الطاولة، رغم ما قد يسببه من أضرار على إيران نفسها. فهل تملك طهران القدرة فعلًا على إغلاقه؟ وماذا لو فعلت؟. لماذا مضيق هرمز مهم لهذه الدرجة؟ يعتبر مضيق هرمز واحدا من أهم نقاط الاختناق البحرية في العالم، حيث يمر عبره نحو 20٪ من إمدادات النفط العالمية، بما يعادل حوالي 20 مليون برميل يومياً، أو تجارة سنوية تقدر ب 600 مليار دولار. يربط المضيق الخليج العربي بخليج عُمان وبحر العرب، وتمرّ عبره صادرات السعودية، العراق، الكويت، الإمارات، وحتى إيران نفسها. هل يمكن لإيران إغلاق مضيق هرمز؟ بحسب تقارير البنتاجون ومراكز أبحاث أمريكية، لدى إيران عدة طرق لتعطيل حركة الملاحة أو إغلاق المضيق، منها: * زرع الألغام البحرية: يمكن نشرها عبر زوارق سريعة وغواصات صغيرة. * مضايقة السفن: باستخدام زوارق هجومية تطلق أعيرة تحذيرية. * استهداف مباشر لناقلات النفط: كما حدث خلال الثمانينيات. * الإعلان عن حظر ملاحي أحادي، ما يخلق حالة من الذعر ويؤثر على التأمين البحري. لكن رغم كل ذلك، فإن إغلاق المضيق بالكامل يتطلب مواجهة بحرية مفتوحة مع الولاياتالمتحدة، القوة الأكثر حضورًا في الخليج. من الأكثر تضررًا؟ * الدول الأكثر اعتمادًا على المضيق: o السعودية: تُصدر عبره أكثر من 6 مليون برميل يوميًا. o الإماراتوالعراقوالكويت: يعتمدون عليه بشكل شبه كامل. o الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان: أكبر مستوردي النفط من الخليج. o الولاياتالمتحدة: تستورد نحو 700 ألف برميل يوميًا عبره. * الدول الأقل تضررًا نسبيًا: o أوروبا: تعتمد بشكل أقل على النفط الذي يمر عبر المضيق. o إيران نفسها: تبيع جزءًا كبيرًا من نفطها للصين عبر المضيق، ما يجعل أي إغلاق كامل «ضربة ذاتية». ماذا عن البدائل؟ في السنوات الماضية، عملت دول الخليج على تطوير بدائل لتقليل اعتمادها على المضيق: * السعودية: خط أنابيب «شرق- غرب» ينقل 5 مليون برميل يوميًا إلى البحر الأحمر. * الإمارات: خط أنابيب يصل إلى ميناء الفجيرة على خليج عُمان. * إيران: دشنت خط «غوره- جاسك» إلى خليج عُمان لكنه يعمل بطاقته الدنيا (350 ألف برميل). لكن رغم هذه البدائل، تبقى غير كافية لتغطية كامل الإمدادات العالمية. هل تجرؤ إيران على الضغط على الزناد؟ وصف محللون تلويح إيران بهذا الخيار ب«الرصاصة الأخيرة»، إذ أن الخسائر الاقتصادية والسياسية ستكون كارثية: * سيتضرر الحلفاء أكثر من الأعداء: خاصة الصين، أكبر مستورد للنفط الإيراني. * ستُتهم طهران ب«ابتزاز الطاقة»، ما قد يسرّع عقوبات دولية شاملة أو حتى تدخل عسكري. * سيؤدي ذلك إلى ارتفاع جنوني في أسعار النفط عالميًا، وربما ركود اقتصادي عالمي. السيناريوهات المحتملة السيناريو النتائج المتوقعة إغلاق جزئي مؤقت ارتفاع في الأسعار، توتر سياسي، وقدرة على المناورة الدبلوماسية إغلاق كامل بالمواجهة العسكرية تدخل أمريكي مباشر، قصف لمواقع بحرية إيرانية، وربما توسع للحرب إعلان تهديد دون تنفيذ ضغط نفسي على الأسواق والدول المستوردة دون تكلفة حقيقية على طهران هل يتكرر سيناريو الثمانينيات؟ في حرب الناقلات بين إيرانوالعراق (1980–1988)، لم تُغلق الملاحة في المضيق، لكن الألغام والهجمات رفعت تكلفة الشحن بشكل جنوني. أصيب حينها عدد من السفن، واضطر الأسطول الأمريكي لتأمين المرور البحري تحت علمه، فيما سقطت طائرة ركاب إيرانية بصاروخ أمريكي خطأً.