في حديث د. أحمد نظيف لمجلة نيوزويك الأمريكية أوضح أن الدرس الأول الذي خرج به من الانتخابات هو عدم وجود معارضة "علمانية" قوية في مصر فهناك حكومة، وجهات غير حكومية، وقال إنه سأل العديد من الأشخاص الذين انتخبوا مرشحين إسلاميين عن أسباب اختيارهم لهم فأجابوا أنهم صوتوا لهم لأنهم ليسوا من الحكومة. وقال أيضا إنه كان من المحتمل أن يحصل مرشحو الإخوان علي 40% ولكن دون الأغلبية لأن عدد مرشحيهم لم يصل إلي نصف عدد المقاعد. وهذه الملاحظات التي أبداها د. نظيف نتفق معه فيها إجمالا وهي جزء من تقييم الانتخابات التي جرت في مصر في نهاية العام الماضي التي كانت محل متابعة دولية كثيفة.. ولكن ما لم أفهمه حقا هو ماذا يقصد رئيس الحكومة بأن الناخبين صوتوا للإسلاميين بسبب أنهم ليسوا حكومة. هل يقصد د. نظيف أن الناخبين قرروا حرمان الحكومة من تأييدهم نظرا لأن أداء الحكومة لا يعجبهم، أو أن الحكومة فشلت في تنفيذ ما وعدت به من إصلاحات، أو لأن الإصلاحات التي يريدها الناخبون لم ترد في برنامج الحكومة. حسب فهمي فإن الأصوات حين تذهب إلي المعارضة سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية فمعني ذلك هو عدم رضاء عن الحكومة وسياساتها، وأنه في المقابل موافقة أو قبول مبدئي لبرنامج المعارضة في هذا السياق. وسواء كان الحصول علي الأغلبية ممكنا أو مستحيلا فإن هناك شيئا اسمه اتجاه الناخبين وهو ما عبرت عنه الانتخابات الأخيرة من اتجاه ضد السياسات الحكومية بوجه عام وتطلع الجماهير إلي عملية إصلاح جذرية لا تتناول القشور فقط كالمعتاد أو إعطاء الناس بعض العناوين ليتحدثوا فيها. وأما تفسير اتجاه الناخبين بأنه عدم رضاء عن سياسات اقتصادية أو اجتماعية معينة فهو نوع من إغماض العين عن شيء واضح تماما فالرفض هنا لا يعود لسياسات نقدية تتعلق بالدعم مثلا، أو بنظام التعليم، أو بازدياد نسبة البطالة، ولكنه تغير في اتجاه الناس من الحكومة إلي غيرها بسبب تفشي قناعة بأن الحكومة لن تستطيع أن تفعل ما هو أكثر مهما أتيح لها من وقت إضافي، وأن مزيدا من الحديث عن الإصلاح الاقتصادي والحقوق الاجتماعية لن يبعد الأنظار عن حتمية تطوير الأداة السياسية ونظام الحكم ليصبح أكثر ديمقراطية وأكثر احتراما للمعارضة التي نجح في تشتيتها خلال العشرين سنة الماضية وترك الساحة مفتوحة لتيار واحد فقط يعمل من خلال الخلايا الاجتماعية وهو التيارالديني. إن الإصلاح السياسي أصبح ضرورة ملحة حسب اتجاه الناخبين لأن حقوق الناخبين الذين صوتوا ضد الحكومة هي أيضا معلقة في رقبتها.