هناك 3 تجارب عالمية متميزة في مكافحة غسل الأموال القذرة وتمويل الارهاب وعلي الرغم من تنوع التجارب الثلاث إلا أن كلها يتفق علي شيء واحد هو أن عمليات تمويل الارهاب وغسل الأموال باتت تشكل خطرا حقيقيا علي الاقتصاديات العالمية بل وتؤثر سلبا علي معدلات النمو سواء داخل الدول التي يتم فيها غسل مئات المليارات من الدولارات سنويا كالولايات المتحدة وإسرائيل وجزر المحيط الهادي أو تلك التي لا تتجاوز فيها حجم عملية الغسل بضعة آلاف من ملايين الدولارات. التجارب الثلاث هي للولايات المتحدة وبريطانيا ومصر وتم عرضها خلال أعمال مؤتمر مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب الذي نظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع اتحاد بنوك مصر بمدينة شرم الشيخ يومي الخميس والجمعة الماضيين. التجربة الأمريكية تجربة أمريكا في مكافحة تمويل الارهاب ليست بالقديمة وكذا الحال بالنسبة لعمليات غسل الأموال وكما تقول راشيل لابنسون المستشار السياسي الأول بوزارة الخزانة الأمريكية والمسئولة عن مكافحة تمويل الارهاب فإن نقطة البداية في مكافحة تمويل الارهاب بدأت عقب وقوع أحداث 11 سبتمبر 2001 مباشرة أي منذ نحو 4 سنوات ففي هذا اليوم صحا المواطن الأمريكي علي كابوس فظيع حيث تم قتل مئات الأمريكيين وتدمير مبني التجارة العالمي وتعرض البنتاجون للضرب. هنا انتبهت السلطات الأمريكية إلي مشكلة الارهاب وبدأت في اتخاذ خطوات لمحاصرتها والقضاء عليها ومع التعامل مع هذه المشكلة كان لابد من التعرف علي مصادر تمويل الارهابيين وتجفيفها وهو ما يفقد الارهابيين دعما اساسيا لتمويل عملياتهم. وتقول راشيل من هنا دعونا كل المؤسسات الأمريكية للتعاون للقضاء علي هذه الجريمة (تمويل الارهاب) كما أصدرت السلطات تعليمات وقوانين في هذا الشأن وتم وضع استراتيجية مشتركة لحماية مؤسساتنا المالية من هذه الجريمة العالمية. وتطرقت المسئولة الأمريكية بعد ذلك إلي تفاصيل التجربة الامريكية في مواجهة تمويل الارهاب حيث اشارت إلي أن التجربة قامت علي عدة محاور هي: 1- إلزام مؤسسات القطاع الخاص الامريكية بالابلاغ عن الانشطة المشبوهة والتي تشك فيها. 2- الزام البنوك والمؤسسات المالية بتطبيق قواعد مكافحة غسل الأموال وعلي رأسها "أعرفك عميلك" وكذا التعليمات الصادرة عن مجموعة العمل المالي الدولي (الفاتف) التي تتخذ من فرنسا مقراً لها. 3- تبادل المعلومات بين البنوك الخاصة بالحسابات المشكوك فيها. 4- تزويد وزارة الخزانة الأمريكية بكل المعلومات المتاحة التي تضمن حماية القطاع المالي والمصرفي من إساءة الاستخدام، وهذه المسألة تتم بواقع مرتين كل عام، أما بالنسبة للمعلومات المتبادلة بين وحدات القطاع المصرفي فإنها تتم بشكل دوري. 5 - تأسيس مكتب بوزارة الخزانة للرقابة علي الأصول المالية. 6 - التعاون مع المؤسسات العالمية العاملة في مجال مكافحة تمويل الارهاب وغسل الأموال وعلي رأس هذه الجهات البنوك المركزية وسلطات النقد ووحدات التحريات المالية والفاتف ومينا خاتف ومجموعة اجمونت وصندوق النقد والبنك الدوليين. 7 - السعي نحو حل المشاكل المتعلقة بالاقتصاد غير الرسمي، وأن هذه المشاكل لا تمثل تحديا لاقتصاديات الدول الشرق الأوسط فقط، ولكنها تمثل تحديا للاقتصاد الامريكي ايضا. 8 - التنبيه علي البنوك والمؤسسات العاملة في مجال ادارة الأموال بالحفاظ علي السجلات المتعلقة بعملائها حتي يتم الاستعانة بها وقت الحاجة. 9 - وضع ضوابط للأدوات التي يتم من خلالها تمويل الأموال وعلي رأسها الحوالات المصرفية والشيكات وغيرها. 10 - اصدار قانون "باتريوت" الذي يجرم عمليات تمويل الارهاب بكل صوره سواء عن طريق وسائل مشروعة أو غير مشروعة كما يفرض علي القطاع الخاص الاخطار عن الأنشطة المشبوهة. وقالت راشيل ان هذه الجهود أسفرت عن التعرف علي محاولات لتمويل عمليات ارهابية، كما تم رصد 400 مؤسسة وفرد لصلتهم بالارهاب والتحقيق معهم وتجميد أموال العديد منهم في وقت لاحق. واختتمت مسئولة مكافحة تمويل الارهاب الأمريكية تجربتها بقولها ان العالم في حاجة لاستراتيجية موحدة لحماية المؤسسات العالمية في الاموال القذرة وان المشكلة ليست سهلة كما يتصور البعض، إذن إن الارهابيين يستخدمون أنظمة تحويل متطورة قد تهدد مكانة النظام المالي العالمي، ودعت راشيل إلي التحرك بسرعة لحماية الاستثمارات العالمية والحفاظ علي نظافتها، ووصفت الارهاب وغسل الأموال بانهما توءمين خطيرين وانه يجب اتخاذ التدابير الاحترازية والأدوات الفعالة التي تجعل نظامنا المالي نظيفاً وشفافاً. كما دعت دول العالم إلي الانفتاح في مسألة تبادل المعلومات والبيانات المتعلقة بعملاء البنوك والحالات المشتبه بها، خاصة وان الإرهاب بات يطول كل دول العالم بما فيها دول الشرق الأوسط وأوروبا.