مشاجرات لا تتوقف لم تفلح زهرات اللوتس الحجرية علي مدخل كلية الآداب بجامعة عين شمس أن تسرب الهدوء إلي طلاب تزاحموا حول البوابة الرئيسية، منعهم الأمن من الدخول بعد التعليمات الصادرة إليه بتعليق الدراسة، فتدافعوا في محاولات يائسة لإزاحة الباب الحديدي الضخم والمرور منه، نجح الأمن في صدّهم، وفشل في حجب معاناته وكشف لنا عن صعوبات ومشكلات تمنعه عن أداء مهمته وتنال من كرامته. التمنيات بعودة الداخلية لإدارة الحرس الجامعي وجدناها علي ألسنة طلاب وموظفين قالوا إن خطر البلطجة، والأعمال المنافية للآداب، وانتشار تعاطي المخدرات داخل الجامعة يهدد الحياة التعليمية، بينما استمرار الأمن المدني علي تلك الصورة من الضعف يغري بالمزيد من الفوضي. وإذا كان بعض الخبثاء يرون أن ازدياد وتنامي ظاهرة العنف داخل الحرم الجامعي هو أمر مقصود ومدبر لتمكين الداخلية من العودة إلي الجامعة، فقد وجدنا من ينادي بأهمية الاستعانة بشركات الأمن المدربة لإنقاذ الموقف الصعب وتفويت الفرصة علي كل من يسعي إلي استعادة ممارسات قديمة من غير المقبول السماح بوجودها بعد قيام مصر بثورة عظيمة. "المشكلة هي مشكلة الشارع المصري، وليس مشكلة جامعة فإذا انعدل وضع الشارع استقامت الحياة داخل جميع المؤسسات بما فيها الجامعة" بهذه الكلمات يستقبلنا د.السيد علي رئيس جهاز الأمن الذي أشار إلي أن تاريخ أمن الجامعة يرجع إلي 70 عاما استمر خلالها علي أداء مهمته علي أكمل وجه، في حين لم ينف د. السيد حاجته إلي وجود عناصر من الشرطة لحماية الأسوار من الخارج لمنع قفز البلطجية داخل الجامعة أو حتي الطلاب الممنوعين من الدخول فضلا عن توفير الحماية وتخفيف العبء عن الأمن المدني. ويتفق معه عادل رمضان رئيس أمن البوابة الرئيسية الذي يعمل في تلك المهنة منذ 30 عاما، ويري أن الجامعة تعكس صورة مصغرة للشارع المصري وتتأثر بالمناخ العام، كما أن زيادة العنف بداخلها هو مجرد استمرار لحالة التردي، و الانفلات الاخلاقي الذي تضاعف بعد قيام ثورة 25 يناير، وهو ما جعل السلوكيات تختل داخل الجامعة فلا يوجد احترام بين الطالب والأستاذ أو الطالب وأي موظف من المفترض أنه يكبره في السن. يشكو عادل من إساءة تعامل الطلاب مع الأمن وتعاملهم بحدة وتطاولهم علي الأمن، رغم أن الأوامر الصادرة إليهم هي عدم السماح للطلاب بالمرور بعد تعليق الدراسة ومع ذلك يحاولون وغير مسموح لهم بأي تسليح ولو عصا كهربائية للتهويش الطلاب المشاغبين، في الوقت الذي يحمل فيه هؤلاء المشاغبون سلاحا أبيض! ولا ينسي أن يؤكد علي أعدادهم القليلة التي تجعل الواحد منهم يتحمل جهدا إضافيا في ظل تزايد أعداد الطلبة، ويشدد علي أهمية وجود لوائح وقوانين تجبر الطالب علي الانضباط والالتزام، والسماح لأفراد من الشرطة لحماية الجامعة من الخارج بهدف إعادة النظام المفقود. ويرفض صابر يس رئيس قطاع الدفاع المدني عودة الداخلية إلي إدارة الحرس، يقول: إن الشرطة تتدخل فيما لا يعنيها، والأمن المدني هو الأنسب للتعامل مع الطلاب، ونفس الشكوي الخاصة بقلة الأعداد نجدها علي لسان صابر الذي يذكر أن مهمتهم في تأمين الحرائق وحماية المنشآت تتطلب زيادة الأعداد. وينتقد قرار رئيس الجامعة الذي استثني أعضاء هيئة التدريس والموظفين من تعليق الدراسة وهو ما جعل الطلاب يطمعون في دخول الكلية مثلهم مثل هؤلاء. ويترحم علي أيام زمان يقول: كان يوجد أخلاق وأدب وتربية، ولكن بعد الثورة الوضع اختلف تماما فالطالب لا يري في الحرم الجامعي إلا متنزهاً للترفيه وممارسة كل الأعمال المنافية للآداب من تحرش وتعاط للمخدرات وبلطجة. فإذا فاجأت طالباً وطالبة في وضع مخل، ينظر إليك أحدهما ببجاحة ويقول لك: "بتبص علي إيه؟!" وإذا حاولت أن تنصحهما ستسمع هاتين الكلمتين: " وانت مالك".. ويتمني عبد الرحمن السيد عضو اتحاد طلاب حقوق عودة الداخلية مرة أخري ويضيف: "أيام الداخلية مكنش حد يقدر يتكلم أما دلوقتي أعضاء هيئة التدريس والطلاب كل يوم يضربوا الأمن إللي بيتحمل أكتر من طاقته بصراحة". "دلوقتي الإخوان بيضربوا نار في الجامعة، و فيه مخازن للسلاح موجودة داخل الجامعة، وبيع مخدرات عيني عينك، وانفلات أمني و كل يوم، وعربيات إسعاف داخلة و خارجة.. إزاي كل دا يحصل في جامعة محترمة انا نفسي الداخلية ترجع تاني عشان الجامعة ترجع جامعة محترمة . وأثناء تواجد "آخر ساعة" تعرض احمد فتحي مصطفي أحد أفراد الأمن للاعتداء عليه من قبل معيد في الكلية، وبعد أن انتهت الواقعة حكي أحمد ما حدث قائلا: احنا جاءت لنا تعليمات بمنع الدخول لأي طالب، والأستاذ (يقصد المعيد) قال لي أنا معيد من كلية علوم فطلبت منه الكارنيه(ID) فأعطاني البطاقة فلقيت مكتوباً فيها طالب، وعندما منعته من الدخول ضربني في صدري و أحدث إصابات في ركبتي.. ويشير إلي ساقه الموجوعة! الواقعة المؤسفة تذكر أحمد بأخري حدثت معه يقول: يوجد لدينا تعليمات بإغلاق البوابة بعد الساعة السادسة مساء، بعد إخلاء الكلية من الطلاب، وبعد الساعة 6.30 مساء وجدت فتاتين ترغبان في الدخول، وحين منعتهما قاما بتهديدي وذكرا أن والدتهما عضو هيئة تدريس وقالت إحداهن" سأتصل بها لتمسح بكرامتك الأرض!.. وهذا ما حدث بالفعل حضرت الدكتورة (رفض ذكر اسمها) وتحدثت إلي بألفاظ مسيئة وقامت بإصطحابهما معها" ويضيف: "نحن هنا نعاني من أن أعضاء هيئة التدريس والطلاب يتعاملون مع الأمن علي أننا لا نفهم شيئاً بمعني أصح جهلة، علي الرغم من أننا جميعا نحمل مؤهلات عليا ومنا من تم تسجيله في الماجستير، والمطلوب يعاملوننا باحترام علي أننا زينا زيهم و ليس أقل منهم وكل واحد بينفذ عمله وأنا نفسي أحمي الطالب صح و لكن لابد من تعاون هيئة التدريس معانا" " كما لابد من زيادة الحملات المكثفة علي الطلاب فمثلا طلاب قاعدين في وضع ما فلابد من معرفة هما من كلية إيه، ولو هما من الكلية يبقي ماشي، و غير ذلك ناخذ منهم إجراء مناسب و احنا طالبنا بذلك كتير جدا ولكن لا استجابة" أما عن رأي الموظفين فيما يحدث فيقول خالد مغازي محاسب أنا لا أعرف سر العداء بين الطلاب و الأمن، ولا أدري ماذا يريد الطلاب من الأمن، ولو الداخلية رجعت تاني هيبقي أحسن مليون مرة فنحن لم نعرف قيمة الشرطة إلا عندما افتقدناها، ولكن لكي يعود النظام إلي الحرم الجامعي لابد من عودة الاحترام بين جميع الفئات . ويتفق معه أحمد صلاح، وأحمد عاشور مشرفا دفاع مدني: الطلاب يعتبرون الجامعة مكانا للترفية، وعلي طول تلاقي هنا طلاب غريبة داخلة وعند منعهم من الدخول يتطاولون علي الأمن و العميد قاعد و لا يدري شيئاً فيوميا جميع طلاب حقوق يأتون إلي آداب و العميد لا يأخذ أي إجراء. وتهاجم مرام أحمد معيدة ضعف الأمن قائلة: "احنا مبنحسش بالأمان داخل الجامعة، فلو واحدة حصل ليها أي شئ لا يدري بها أي شخص، فمثلا أنا وزميلتي تم حبسنا بالجامعة إلي الساعة السابعة مساء بسبب بلطجة أحد الطلاب و الأمن لا يدري عنا أي شيء". "في الأول عندما كانت الشرطة تحرس الجامعة كان اللي يرفع صوته فقط بيتم السيطرة عليه، أما حاليا فمعاكسات و مخدرات و فوضي زيادة عن اللزوم . إسراء عبدالله وندا السيد طالبتان بكلية الحقوق قالتا إنهما امتنعتا عن الحضور إلي الجامعة بسبب زيادة أعمال العنف، وطالبتا بإعادة الحرس القديم للمحافظة علي الأمن. وأضافت سارة مجدي طالبة بكلية أداب عبري: الشرطة أحسن بكتير من الأمن الموجود سواء في المظهر أو الشكل العام أو النظام والهيبة أيا كان شرطة او قوات مسلحة. وعلي عكس كل ذلك وجدنا طلابا تملأ الفرحة وجوههم بسبب إغلاق الجامعة إلي أجل غير مسمي فتقول إيمان اسماعيل طالبة بكلية الآدب: أنا لم آتي إلي الجامعة منذ شهر بسبب ظروف والدي المريض وأول يوم آجي أغلقوها ودي أحلي حاجة عملوها و يارب ما تفتح تاني! وتصف الدكتورة ليلي أبو المجد - رئيس قسم اللغة العبرية بكلية الأداب الأمن بأنه منعدم، وغير قادر علي السيطرة في الوقت الذي تشهد فيه الجامعة خناقات بالسلاح الأبيض، وتجارة مخدرات يتم بيعها خلف قصر الزعفران! وتقترح أن يتم دراسة الحالة الأمنية علي مستوي الجامعات حتي يتم اتخاذ قرارات من شأنها أن تعيد النظام داخل الجامعة مع سن قوانين رادعة تلزم الطالب بضبط سلوكه، والاستعانة في الوقت الحالي بشركات أمن مدربة تستخدم وسائل معينة لكشف الشغب مثل الكلاب البوليسية التي بإمكانها التعرف علي مكان المخدرات، وترفض الدكتورة ليلي عودة الداخلية التي يستغلها النظام كأداة قمع، وتسخر من اعتقاد البعض بأن الداخلية بيدها الحل وتقول: الشرطة لم تستطع ضبط الشارع فكيف يتم اللجوء إليهما لضبط الجامعة.