هذا الشعب العتيق العريق.. القائد للبشرية (سابقا).. أصبح فهلوي.. وكمان ضميره في إجازة مفتوحة!! كنت ومازلت، مع كثيرين غيري نؤمن بالمقولة السابقة المدعمة بالانحراف والغش الذكي، الذي يفتخر صاحبه بقدراته الألمعية فيه! والسرقة الودودة! أيوه .. فيه سرقة كلها ود يحترفها النصابون الجهابذة مثل أصحاب شركات تسفير العمالة المصرية للشقاء في الخليج بنصف الأجر! لأن نصفه الآخر ينهبه صاحب تلك الشركة لأجل مسمي ( أو غير مسمي)!! فالسرقة لم تعد تقتصر علي الهجامة وحرامية الغسيل والسيارات وخطف العيال وطلب فدية.. لكنها من زمان تروج بآليات شرعية براقة تستهدف الحالمين بتحسين أوضاعهم المعيشية بأي ثمن، حتي أفرخت تلك الأحلام بياعين الهواء في (قزايز) مثل الريان وأمثاله، وطبعا حيتان السلطة ومصاصي دماء الشعب في كل زمن! المهم أن الفهلوة صناعة مصرية بامتياز، تتمدد من قمة الهرم السلطوي والاجتماعي حتي أدناه، عند (بتوع التلات ورقات)! وبالتالي، يجد الذين يبحثون عن الحياة السوية صعوبة في التأقلم مع ممارسات تبدو متناقضة وفجة أمام ما يسود المجتمع من انحراف وغياب شبه كامل للضمير (كان أولي بالثورة المهددة أن تبحث عن حل لاستشرائه وتفاقمه)! ومن بين هذه الممارسات، قطع الطرق الحيوية لإقامة صلاة الجمعة في معظم شوارع العاصمة.. وأنا أتساءل بدهشة، إذا كانت الزوايا والمساجد الصغيرة قد أصبحت شرطا يسبق وضع أساسات أي عمارة سكنية في العشرين سنة الأخيرة، وبالتالي فإن مواقع الصلاة أصبحت جزءا من مواضع السكن، فلماذا يهرول المصلون إلي المساجد الكبري يوم الجمعة ليتسببوا في قطع الطرق بافتراشها للصلاة، أو بسياراتهم العديدة؟ ولو أحصينا أعداد المصلين بالمساجد يوم الجمعة وافترضنا أنهم خيرة الناس وأفضلهم، فلن نجد من نتهمه بالمسئولية عن النصب والنهب والاحتيال والسرقة لأن معظمهم يحرصون علي أداء صلاة الجمعة بالمسجد!.. وربما يكون هذا التوقيت خاليا من أي جرائم سرقة، اللهم إلا سرقة أحذية المصلين المتكدسة خارج المسجد من لص تافه!.. أما قطع الطريق لإقامة الصلاة، فلا أظنه يختلف عما حض عليه الرسول ([) في حديث شريف عن عدم قطع سيولة الطريق وإلا كان في ذلك أذي للناس. ومن مظاهر موت الضمير، قبول الرشاوي الانتخابية التي تتجاوز علبة سمن وفرخة وكرتونة تموين ووعود بالرخاء، إلي شراء الأصوات بالغالي والنفيس (مثل تأجير البلطجية لفرض المرشح) ولا تغيب عن ذهني صورة منفرة لسيدة محجبة في هوجة دعم ترشيح عمر سليمان.. إذ قامت هذه المرأة المأجورة بتقبيل سيدها سليمان عدة مرات (في فمه بالصورة) وقد أدت المشهد بحماس عارم أنساها إسلامها وحجابها وهي تفعل ذلك علي صدر رجل (طول بعرض) كانت صورة عمر سليمان مطبوعة علي تي شيرت يرتديه الأفندي، الذي لم يمنعها من تقبيل صدره! هؤلاء وأمثالهم لايمانعون في لقمة عيش ملوثة بالعار مادامت لقمة سخية، تأتي دون عناء ولا عرق وكفاح، وأشياء مرهقة بلا داع.. فالمهم، (الرحرحة والبغددة)، والكسل المريح للجسد والعقل والضمير!! وضمان القوت من خلال مهنة دنيئة تعرف بالدعارة السياسية!! ولنضرب رؤوسنا في حائط مبكي الثورة.. لتتهشم غيظا.. ويتحلل الضمير وتدفن بقايا الثورة تحت لوح رخامي يقول: هنا ترقد الكرامة المهدرة! ❊❊❊ شوف الضمير واتعلم! هكذا تكون الشفافية السياسية والإعلامية والديمقراطية المحترمة.. في إنجلترا الآن فضيحة مدوية، بطلها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي تلقي أموال (رشاوي) مقابل تقديم خدمات!! ويخضع كاميرون للمساءلة البرلمانية.. وقد يدفع فقدان مستقبله السياسي ثمنا لهذه الفضيحة لو تأكد ثبوتها عليه.. أما حرية الصحافة التي تعتبر أقوي أدوات الديمقراطية، فقد صورت كاميرون في عدد سابق من أعداد جريدة الديلي تليجراف في نكتة كاريكاتير ساخرة وصارخة كأنه بائعة هوي تقف تحت (عمود نور) وينفث دخان سيجارته بوقاحة، بينما يمر الرجال المنحرفون لاصطياده والفوز بليلة ساخنة معه!! الدعارة السياسية في الدول الديمقراطية تجد الصحافة الحرة والكاريكاتير لها بالمرصاد.. ترفع الأشراف، وتزيل الفاسدين.. هكذا تصنع الثورات حين تقوي وتشتد: تؤسس للإصلاح وتدعم الديمقراطية وتقضي علي الفساد كلما بزغت بذوره العفنة. وهمت رموزه بالتهام الشعوب ودفنها في مقابر الفقر الجماعية.. الغرب تعلم من حضارة الشرق معني الشرف وقيم الأمانة والكفاح والضمير الناصع، ونحن الآن في حاجة ماسة لقراءة تجاربه التي نضجت، في غفلة طويلة منا عن أساسيات النهضة وشروط التقدم العفي، والصحوة المستنيرة، و.. اضرب راسك في الحيط! لعلك تستعيد وعيك الضائع، وتستنهض حاضرك.. وتؤسس لمستقبل وقور.