تعرض عدد من المساجد الاثرية والتي بها صنادق للنذور للسرقة مما جعل حربا تشتعل بين وزارة الأوقاف وهيئة الاثار الاسلامية بعدما يتم ابلاغ الشرطة بحوادث السرقة فقد تبادلت الجهتان التهمة، أكدت هيئة الاثار في بيان لها ان الوزارة هي المسئولة عن جميع المساجد اثرية أم غير ذلك، بينما اصدرت الوزارة بيانا مضاداً تنفي مسئوليتها وتؤكد أن دورها يقف عند حدود تعيين إمام ومقيم للشعائر لتلك المساجد وطالب الوزير بتعيين حراسات من الشرطة علي تلك المساجد لحمايتها من اللصوص. علي الجانب المقابل يفكر وزير الاوقاف في الاستعانة بالشرطة لحماية المساجد التي بها صناديق للنذور حيث تمثل تلك الموارد المالية جزءاً مهما للانفاق علي تطوير ورعاية الانشطة داخل تلك المساجد مما يخفف العبء المالي علي الوزارة بما يمكن توجيهه لسد احتياجات أخري. العلماء ايدوا قرار الوزير بتعيين حراسات شرطة علي المساجد التي تتعرض للسرقة سواء اثرية أم بها صناديق للنذور معتبرين أن ذلك مؤشر علي مدي الجوع الذي وصل إليه الناس وسوء الحالة الاقتصادية المتردية مما يضع الوزير والحكومة التي ينتسب إليها في مواجهة مع الرأي العام، فالشعب المصري متدين بطبعه ويعلم حرمة بيوت الله ولكن عندما يصل الأمر إلي ذلك فإن هذه مشكلة تحتاج لدراسة ووضع الحلول. الشيخ فرحات السعيد المنجي من علماء الأزهر الشريف قال: لا نختلف حول قرار الوزير وأهميته في حماية بيوت الله التي لها قدسيتها واحترامها في قلوب المسلمين أما ان يصل امتهانها لهذا الحد بسرقتها فإنه دليل علي الحالة الاقتصادية المتردية التي وصل إليها الشباب وتحتاج لحلول عاجلة وفورية قبل ان نجد صداما شعبيا مع الحكومة، فاغلب محاضر الشرطة بسرقات المساجد تجدها أحذية. أضاف ان الأسبوع الماضي أمسك المصلون بالمسجد الذي يصلي به بشابين أثناء سرقتهما أحذية المصلين وعند سؤالهما انفجرا في البكاء بعدم قدرتهما علي وجود عمل ووصل الأمر بهما إلي درجة الجوع وعدم القدرة علي توفير متطلبات الحياة الضرورية، وبعيدا عن سرقة المساجد نوجه رسالة للمسئولين ووزير الأوقاف وأعضاء الحكومة معه بالاقتراب من خط النار وهي قضايا الجوع والبطالة. أوضح الشيح المنجي انه لا توجد مخالفة شرعية في تعيين حراسات شرطة علي المساجد لحمايتها طالما الوازع الديني قد ضاع لهذا الحد وبدلا من اعمار بيوت الله نجد ايدي المسلمين وغيرهم تمتد لنهبها وسرقتها تلك والله مصيبة وكارثة. الداعية الإسلامي يوسف البدري قال إن ذلك القرار له جانبان احدهما انه يضع المساجد تحت حراسة الشرطة وكلنا نعلم انها تؤدي عملها علي مبدأ الشك مما يضيق علي الداخل والخارج بتفتيشه وذلك بدوره سيؤدي لاحجام المصلين عن الدخول لاداء الصلاة بتلك المساجد سواء الاثرية أم التي بها صناديق للنذور وهذا معناه صد للناس عن الصلاة في بيوت الله والذي حذر منه تعالي بقوله: "ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعي في خرابها". وأضاف ان ذلك القرار ضروري وهو حراسة المساجد من اللصوص الذين ينذرون بأفعالهم في احداث فوضي عارمة وعودة لانتقاضة الحرامية ولكن في الوقت ذاته يضع مسئولية علي الحكومة ببحث حالات هؤلاء الشباب الذين فقدوا معني قدسية بيوت الله، وعلي الوزارة ان تدرس عمليا وعلميا كيفية حماية بيوت الله من خلال وضع كاميرات داخلية متقدمة قادرة علي رصد كل حركة تدور بالمسجد، وربطها بشاشات تليفزيونية خارج المسجد تراقبها الشرطة وأي حركة يتأكدون من وقوعها يقومون علي الفور بامساك الفاعل ليلقي حسابه بدلا من ارهاب الناس بعناصر الشرطة حتي ان هناك بعض المساجد التي طبقت بها هذه التجربة صارت خالية من الناس تماما ولا تعمل سوي كمزار سياحي للقادمين من الغرب والشرطة فقط. أكد البدري ان تلك الحوادث تكشف أننا نعيش في آخر الزمان فآخر ما كنا نتخيله سرقة بيوت الله التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه، وأخشي ان توضع أجهزة تفتيش وكتابة اقرارات ذمة مالية للداخل والخارج أو غلق المساجد وعدم فتحها سوي أوقات الصلاة فقط كما يحدث في بعض المحافظات. د. آمنة نصير الاستاذ بجامعة الأزهر أوضحت ان احترام الإنسان لعقائده ومقدساته لازم وضروري ويأتي في نفس منزلة الاحترام تقديره ومحافظته علي اثاره وتراثه باعتبار ان ذلك جزء من حضارة الإنسانية بل يجب شرعا اتخاذ جميع الوسائل التي تحافظ عليها باعتبار ان ذلك يدخل ضمن سلطة ولي الأمر، فالاثار تشكل تاريخ الحركة الإسلامية منذ دخول مصر علي يد عمرو بن العاص حتي يومنا هذا. اضافت ان وضع نقاط شرطة علي المساجد غير كاف بل يجب ايضا رصد العقوبات والجزاءات الرادعة لهؤلاء المنحرفين الذين يجندهم عملاء الآثار لتفريغ البلد من تاريخه الإسلامي أو القبطي باثمان رخيصة. أوضحت رفضها للحساسية المفرطة، لدي الشعب المصري في التعامل مع الوجود الشرطي داخل أي مكان فهم يؤدون عملهم بالمحافظة علي النظام والالتزام داخل الاماكن المؤثرة وأما الاحتجاج بامكانية امتناع الناس عن الصلاة بالمساجد فليس صحيحا فالإنسان الواثق من نفسه لا يخاف لا تبدو عليه علامات التوجس فالفقهاء قالوا: الضرر يزال، ورفع المفاسد تقدم علي جلب المصالح، ولا شك ان السرقة ضرر ومفسدة سواء لبيت الله أم لغيره. د. جمال الدين حسين الاستاذ بجامعة الأزهر قال: المساجد لها اهمية كبيرة في الاسلام ومما يدل علي ذلك ان اول عمل قام به الرسول بعد ما ذهب للمدينة هو بناء المسجد مما يؤكد تأييدنا للعمل الذي اقترحه وزير الاوقاف من وضع المساجد تحت حراسة الشرطة طالما ان اللصوص انعدمت ضمائرهم ووصلوا لتلك الحالة المنحطة من السرقة التي تستوجب قطع ايديهم إذا اعتدوا علي مال الغير أما إذا اعتدوا علي بيوت الله والاثار فإن ذلك يعد افسادا في الأرض، والله تعالي أوضح عقاب المفسدين قال تعالي: "انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وارجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض". أشار د. جمال إلي أن حماية الشرطة للمساجد واجب شرعي باعتبارها ثروة قومية فالصناديق التي توضع بها النذور ينفق منها علي اعمار عقول الناس وقلوبهم من خلال دعم الدعاة الذين تنفق عليهم الوزارة بل يتأكد نفس الواجب في حق باقي الوزارات باعتبار ان المال المستحق لهذه الهيئات الحكومية مال عام وحرمته أشد من المال الخاص باعتباره حقاً للعباد. د. عبداللطيف عامر الاستاذ بحقوق الزقازيق طالب بتعميم حراسة الشرطة علي باقي المساجد التي كثرت فيها حالات الانحراف والسرقة لجيوب المواطنين وأمتعتهم وهم سجود لله رب العالمين مما يجعلهم يفقدون الخشوع اثناء الصلاة بل ان بعضهم قد لا يذهب للمسجد سوي في صلاة الجمعة والعيدين فقط تجنبا للسرقات. أضاف ان حراسة المساجد بالشرطة لحماية صناديق النذور أو الاثار لا تتناقض مع كون المساجد لله خالصة لعبادته لكن ظهور اللصوص يمنع المصلين ويصرفهم عن العبادة وملاحقتهم ومنعهم ضروري وان كان وضع الشرطة علي ابواب المساجد يحتاج لتقنين واختيار العناصر التي تنفذ تلك المهمة حتي لا تأتي بعكس نتائجها.