وسواس غبي يطاردني بأننا سنفقد قدرتنا علي استخدام عقولنا، ونتحول إلي اشياء متحركة متزاحمة .. تأكل لتعمل، وبالعكس، لكن بلا روح !.. وإلا فلماذا مثلا تبقي واقفا بتغني في طابور احترام الإشارة الحمرا، يهجم عليك واحد سرحان بيتكلم في الموبايل، يهبدك من الخلف، تهبد اللي قدامك، وتسمع شتيمتك، يخرجلك إيده من الشباك ويقولك " سوري" !!.. والعسكري الغلبان يخرجك من حطام عربيتك ويقولك بكل جدية الحمد لله ربنا ستر، في داهية العربية !.. ولماذا مثلا، نسلم أطفالنا اذكياء مشرقين لمناهج الحكومة، ونحمد ربنا لأنه ستر وخرجوا "حمير" لكن مش مدمنين مخدرات زي أصحابهم !. ومثلا، ندخل مستشفيات عامة وخاصة، يقلبونا جسديا وماديا، ونشكر ربنا لأنه ستر ولم نخرج من باب المشرحة !.. حكي لي صديق أنه دخل طوارئ مستشفي فخيم مشهور، يتألم من قولون عصبي له أعراض مشاكل بالقلب .. استلموه وقلبوه، ودفع أكتر من الفي جنيه في سبع ساعات .. هي ثمن صورة دم ورسم قلب و" ايكو"، ليؤكدوا للمريض العزيز أنها حموضة في المعدة، وحكي لي معاناته في الإفلات من إصرارهم علي مبيته لفحص الكلي والكبد وأظافر صوابع قدميه !!. سألته لماذا لم تشكوهم، قال لأن ربنا ستر وقلبي سليم !. الحكايات اليومية المتكررة، كادت تقنعني أن خللا استجد في شخصياتنا، لنتقبل ونتواءم مع ما استجد من خلل في المجتمع .. وأن هذا من ستر ربنا بدل ما نتجنن !. حتي حكي لي طبيب شاب يعمل بمستشفي بانجلترا عن نظام وقانون العمل والتعامل مع المريض هناك .. وأن المريض يسلم نفسه باطمئنان لأصغر طبيب بالمستشفي، لأن إدارة المستشفي لن تسمح لأي طبيب بالتعامل مع أي مريض قبل اختبارالطبيب نفسيا ومهنيا وإداريا.. وإنها تراقب أداء كل طبيب، وتتابع نتائجه يوميا، وتحاسبه قبل أن يشكو المريض، أو يعرف بالخطأ حتي .. فزادت حيرتي .. لماذا يستر ربنا في مصر ولا يستر في انجلترا.