ترامب لا يرغب فى وقف الحرب البشعة ضد أهل غزة مثلنا أو حتى مثل الكثير من الدول الأوروبية لإنقاذ أهل غزة من بشاعتها وأهوالها كلام الرئيس ترامب الآن حول الأوضاع المتردية فى قطاع غزة والدمار والخراب الذى لحق به والحياة البائسة التى يعيشها أهله ليس الهدف منها الدعوة لإنهاء تلك الحرب البشعة وإنما الإلحاح والضغط لتنفيذ رغبته فى تهجير أهل غزة خارج أرضهم.. فهو بدلًا من أن يقول إن هذه الأوضاع المتردية تدعو إلى وقف الحرب فورًا لإنقاذهم من القتل الجماعى والتجويع الممنهج، يقول إن معظم أهل غزة يرغبون فى ترك أرضهم والخروج من القطاع إذا وجدوا البديل! هكذا ترامب مازال مصرًا ومتمسكًا بطرد أهل غزة من أرضهم.. هو لم يتراجع أمام الرفض الفلسطينى والعربى والعالمى وإنما يعود مجددًا ليتحدث عن تهجيرهم ويدعى أنهم راغبون فى ذلك.. وهو بذلك يعفى نفسه من إدانة قوات الاحتلال على ما ترتكبه من جرائم إبادة جماعية وتجويع ممنهج. وتدمير وتخريب متعمد. وبالتالى يعفو نفسه من واجب ممارسة الضغط على نتانياهو لوقف تلك الحرب البشعة، بل إنه يتحدث عن سياسة جديدة سوف ينتهجها مع إسرائيل بعد تعثر مفاوضات صفقة هدنة الستين يومًا، وكشفت الحكومة الإسرائيلية عن أن هذه السياسة ترمى إلى احتلال الربع الباقى من مساحة القطاع بعد أن سيطرت قوات الاحتلال على ثلاثة أرباع أراضى القطاع، وجاء ذلك بعد أن أعلن ترامب أن أمريكا وإسرائيل تعلم أين يوجد المحتجزون الإسرائيليون فى غزة! وحتى لو صدقنا ترامب أنه يرغب فى وقف الحرب البشعة ضد أهل غزة فهو لا يرغب فى ذلك من أجل إنقاذ أهلها من الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج الذى يتعرضون له ليل نهار الآن منذ 22 شهرًا بلا توقف إلا لأيام محدودة من تنفيذ هدنة فيها، وإنما ليبدأ فى تنفيذ خطة تهجيرهم وطردهم من أرضهم، وليس تنفيذ الخطة المصرية لإعادة إعمار القطاع مع بقاء أهله فى أرضهم.. ولعل ذلك يفسر لنا لماذا رفض ترامب أن تشارك بلاده فى المؤتمر الدولى الذى عقد فى نيويورك لتأكيد حل الدولتين والدعوة لإقامة الدولة الفلسطينية، ولماذا استنكر ترامب إعلان فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى شهر سبتمبر المقبل، وإعلان بريطانيا بعدها عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية أيضًا فى شهر سبتمبر، رغم أن الاعتراف البريطانى مشروط بعدم وقف الحرب ضد أهل غزة. إذن ترامب لا يرغب فى وقف الحرب البشعة ضد أهل غزة مثلنا أو حتى مثل الكثير من الدول الأوروبية لإنقاذ أهل غزة من بشاعتها وأهوالها، وإنما ليبدأ مشروعه لتحويل غزة إلى ريفيرا عالمية تجتذب أثرياء العالم.. إنه وإن كان ينفى طرد أهل غزة من أرضهم، فإنه يردد الآن أنهم هم راغبون فى هجرة أرضهم التى دمرت فيها مقومات الحياة.. أى أنه لا يطردهم وإنما يستجيب لتنفيذ رغبتهم! وبالتالى لا يكفى أن يستجيب ترامب لدعوتنا له مع العديد من دول العالم لوقف تلك الحرب البشعة ضد أهل غزة، وإنما يتعين أن تتسع الاستجابة لتشمل أولًا انسحاب القوات الإسرائيلية من أراضى القطاع، ثانيًا الشروع فورًا فى تنفيذ الخطة المصرية لإعادة إعمار القطاع خاصة خطة التعافى المبكر دون عقبات وعراقيل إسرائيلية، ثالثًا الإعداد والتحضير لإقامة الدولة الفلسطينية وبدء مفاوضات خاصة بذلك فلا يكفى وقف الحرب وقوات الاحتلال تسيطر الآن على معظم أراضى القطاع وترفض الانسحاب من أجزاء مناسبة منه خلال هدنة الستين يومًا، ولا معنى من وقف الحرب دون أن يعقب ذلك فورًا إعادة إعمار للقطاع. أما حل الدولتين فهو الذى سيمنع تجدد الحرب سواء فى قطاع غزة أو الضفة الغربية.. وهذا ما نشاهده منذ يونيو 67 حتى الآن. إن هذا ما نطالب به ترامب.. نحن نريد إنقاذ أهل غزة وتحقيق سلام حقيقى مستدام... وهو لن يتحقق إلا إذا حصل الفلسطينيون على حقهم المشروع فى التحرر من الاحتلال مثل بقية شعوب العالم وظفروا بدولتهم المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية.