عبد القادر شهيب هاجمت إدارة ترامب إعلان 28 دولة منها 21 دولة أوربية تأييدها لإقامة دولة فلسطينية ومطالبتها بوقف الحرب الوحشية فى غزة. بررت إدارة ترامب انسحاب أمريكا من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة بأنها متطرفة، وأن أهم مظاهر تطرفها هذا هو أنها منحازة ضد إسرائيل، وتروج لقضايا مثيرة للانقسامات وتعادى السامية وهذه ليست المرة الأولى التى تنسحب فيها أمريكا من اليونسكو.. فقد سبق أن فعلت ذلك عام 2017 فى بداية ولاية ترامب الأولى، وبعد أن قرر بايدن العودة إليها خلال ولايته جاء ترامب ليكرر الانسحاب مجددًا منها .. أو أن ترامب يستهدف اليونسكو ويصر على الانسحاب منها لحرمانها من التمويل الأمريكى لها. غير أن منظمة اليونسكو استعدت مبكرًا لهذا الانسحاب الأمريكى لها ولن تتأثر أنشطتها سلبًا كما حدث قبل ثمانية أعوام مضت حينما كان التمويل الأمريكى لها يمثل نسبة كبيرة معتبرة من ميزانيتها السنوية.. ومع ذلك فقد وصفت مديرة هذه المنظمة الدولية الانسحاب الأمريكى بالمؤسف. ويتضح هذا الوصف (المؤسف) بجلاء فى مبررات أمريكا للانسحاب من تلك المنظمة التى تنافس مصر الآن على رئاستها... فقد كشفت أمريكا عن انحيازها السافر لإسرائيل، رغم ما ترتكبه من جرائم قتل وإبادة جماعية وتجويع قاتل للجموع من أهل غزة الصامدين منذ 22 شهرًا فى مواجهة آلة القتل والتدمير الإسرائيلية، ورغم أنهم يفتقدون كل يوم أكثر من مائة شهيد أغلبهم من النساء والأطفال، وارتفع الرقم مؤخرًا بسبب التجويع الممنهج. ولم تكتف إدارة ترامب بغض الطرف عن تلك الجرائم التى ترتكبها إسرائيل فى غزة وإنما تنسحب من اليونسكو واعتبرتها متطرفة لأنها اعترفت بالدولة الفلسطينية وحق الفلسطينيين فى التحرر من الاحتلال العنصرى البغيض، واتهمتها بالتحيز ضد إسرائيل ومعاداة السامية. وقد سبق أن شنت إدارة ترامب هجومًا عنيفًا على محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية لأن الأولى تحاكم إسرائيل على جرائمها الوحشية فى غزة، ولأن الثانية أصدرت قرارًا بإلقاء القبض على نتانياهو لتورطه فى جرائم إبادة جماعية فى القطاع ضد أهله.. ولم تكتف بذلك وإنما فرضت عقوبات على قضاة المحكمة. والآن وقبل ساعات من إعلان واشنطن الانسحاب من اليونسكو هاجمت إدارة ترامب إعلان 28 دولة منها 21 دولة أوربية تأييدها لإقامة دولة فلسطينية ومطالبتها بوقف الحرب الوحشية فى غزة، لأنه لم يتضمن إدانة لحماس التى تفاوضها أمريكا الآن لإبرام صفقة تقضى بالإفراج عن نصف المحتجزين الباقين على قيد الحياة فى غزة. إذن.. من المنطقى أن نعتبر أمريكا شريكًا لإسرائيل فى حرب غزة الوحشية لاعتراف ترامب، سواء فى ظل إدارة بايدن أو إدارة ترامب.. شريك بما قدمته لإسرائيل من سلاح وأموال.. وشريك بما توفره من حماية سياسية دولية لإسرائيل.. وشريك بتقاعسها عن ممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف هذه الحرب الوحشية ولكى تقبل بمجرد هدنة لنحو ستين يومًا ولا تقدم ضمانات حتى لا تعود قوات الاحتلال لممارسة القتل الممنهج لأهل غزة. لذلك لا مفاجأة أن تعتبر واشنطن اليونسكو متطرفة ومنحازة ضد إسرائيل ومعادية للسامية لأنها تطالب بحق الفلسطينيين فى التحرر من الاحتلال العنصرى البغيض، وبحقهم مثل كل شعوب الأرض فى دولة مستقلة على أرضهم المغتصبة.