هل كان اقتراح ويتكوف لتمديد هدنة غزة سيحمى اأهلها من الجحيم الذى توعدهم الرئيس ترامب به أكثر من مرة ؟! البيت الأبيض يقول ذلك بعد ان استأنفت اسرائيل الحرب ببشاعة أكبر ضد أهل غزة حينما تضمن بيان له ان حماس اختارت الحرب حينما رفضت اقتراح ويتكوف الذى كان يتضمن مد وقف إطلاق النار حتى بعد عيد الفصح أو منتصف ابريل مقابل افراج خماس عن خمسة أحياء من المحتجزين الاسرائيليين فى غزة .. لكن الحقيقة أن اقتراح ويتكوف كان سيحمى أهل غزة من الجحيم الموعود لبضعة أسابيع قليلة فقط وسيؤجل استئناف حرب الإبادة الاسرائيلية الى أواخر شهر ابريل المقبل فقط وربما فى شهر مايو .. وثمة أكثر من سبب تؤكد ذلك. أول هذه الأسباب أن الرغبة فى استئناف الحرب كانت دفينة وقوية لدى نتنياهو لأنه لم يحقق ما ينشده منها سواء ما يتعلق بحماية نفسه من المحاكمات التى تنظره وبدا بعضها فعلا ، أو للاستمرار فى الحكم بالحفاظ على ائتلافه الحكومي والإبقاء على وزراء اليمين الدينى المتطرف فى حكومته ، أو اقناع الاسرائيليين أنه حقق انتصارا كبيرا حاسما فى غزة ، أو أيضا تحقيق هدفه الحقيقى من تلك الحرب وهو التخلص من أهالى غزة بطردهم من أرضهم ، وهو الهدف الذى انتعش بعد أن أعلن ترامب مشروعه بالاستيلاء على قطاع غزة بعد إخلاءه من سكانه وتهجيرهم إلى مصر والأردن وربما الصومال والسودان ايضا ! أما ثانى الأسباب فهو يتمثل فى أن قوات الاحتلال الاسرائيلى بدأت الاستعداد للعودة للحرب مبكرا مع انتهاء المرحلة الاولى من اتفاق الهدنة وقبل أن يطرح ويتكوف اقتراحه لسد الفجوات كما قال من أجل تمديد وقف اطلاق النار .. بل الملفت للانتباه أن ويتكوف يوم الجمعة الماضى أدلى بتصريحات لم يغلق فيها الباب تماما أمام حماس وإن كان حذرها أن الفرصة تضيق أمامها ، بيننما نتنياهو اتخذ كما قال الاعلام الاسراءيلى قرار استئناف الحرب اليوم التالى ( السبت ) فى اجتماع لحكومته المصغرة وبعد أن حصل ايضا على موافقة واشنطن وهو ما أكده وزير الخارجية الاسرائيلى.. والأكثر من ذلك فان نتنياهو كان قبلها باكثر من أسبوع قد أمر قوات الاحتلال القيام بعمليات عسكرية محدودة فى قطاع غزة خلفت شهداء وجرحى وتدمير المزيد من المنشات ! بينما ثالث الأسباب يتمثل فى ان نتنياهو حصل قبل البدء فى تنفيذ المرحلة الأولى لهدنة غزة على موافقة ترامب وبايدن معا على العودة للقتال اذا تعثر تنفيذ تلك المرحلة أو تعذر تنفيذ المرحلة الثانية للاتفاق .. وهذا أمر أكده أكثر من مسؤول اسرائيلى فى حينه . فان كل ما كان يهم واشنطن هو استعادة المحتجزين الاسرائيليين فى غزة وليس انقاذ أهل غزة من من عملية القتل والإبادة الممنهجة ، وحتى عندما أراد الرئيس ترامب انقاذهم لم يجد سبيلا لذلك سوى طردهم من أرضهم ، وهو ذات ما يعتقده ويؤمن به نتانياهو أيضا ثم ياتى السبب الرابع وهو ان الرئيس الأمريكى ليس متحمسا لحل الدولتين ولو على سبيل الادعاء كما كان الحال فى عهد بايدن .. ووقف الحرب فى غزة بشكل نهائي كان سيطرح مؤكدا وبالحاح ضرورة التحرك من أجل تنفيذ هذا الحل لاقرار السلام فى المنطقة ، خاصة وان مصر طرحت خطة نالت تاييدا عربيا وأوربيا لاعادة اعمار قطاع غزة تقترن بتحرك دولى للحل السياسى للقضية الفلسطينية وحتى الان رغم تراجع ترامب امام الرفض المصرى والعربى الحازم عن مشروعه لتهجير أهل غزة الا انه وادارته لم يعلن قبوله للخطة المصرية العربية التى رفضها نتانياهو فورا بعد اقرارها من القمة العربية التى استضافتها القاهرة فى بداية هذا الشهر . وهكذا .. ثمة عدد من الأسباب توءكد ان نتنياهو كان سوف يستأنف حرب الإبادة لأهل غزة حتى وان كانت سوف تدمر ما هو مدمر بالفعل على مدى خمسة عشر شهرا مضت .. كان فقط التاريخ سيتغير ليصبح فى شهر ابريل بدلا من شهر مارس الخالى وربما فى شهر مايو .. فان حكومة نتانياهو قد عقدت العزم منذ قبولها اتفاق هدنة غزة بمراحله الثلاث على العودة للحرب مجددا .. وهى حصلت على مواقفه امريكا على ذلك منذ ان اعلنت ان من حق حكومة نتانياهو ان تتخذ ما تراه فى مصلحتها سواء كان تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة ، او تمديد المرحلة الاولى او حتى العودة للقتال مجددا .. وتلك هى أهم معضلة تعوق. الان جهود إنهاء هذه الحرب البشعة واقرار السلام فى المنطقة.