بينما العالم يحتشد من أجل إيقاف حرب الإبادة التى يشنها العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى فى غزة، يتوجه الكيان الصهيونى إلى الهدف الأساسى ويصدر «الكنيست» الإسرائيلى قراره الخطير الذى يطلب فيه من حكومة نتنياهو الإرهابية فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، فى خطوة تصعيدية سبقتها الرسالة التى وجهها 14 وزيراً من وزراء حزب «نتنياهو» الليكود بنفس المعنى. وهو ما يعنى أن الأمر جاد وأن الحكومة جاهزة وأن القادم أخطر مع إرهاب صهيونى يعتقد أن هذه لحظة الحسم بضم الضفة الغربية واستكمال تهويد القدس وإغلاق ملف القضية الفلسطينية كما يتوهمون. توقيت القرار تمت هندسته ليكون رسالة إلى المؤتمر الدولى الذى ينعقد بعد غد فى رحاب الأممالمتحدة لبحث تفعيل حل الدولتين.. والرسالة الصهيونية واضحة بأن الطريق مسدود، والرد عليها لا يكون إلا باعتراف دولى فورى بدولة فلسطين على حدودها المقررة بالقرارات الدولية، وبنيلها العضوية الكاملة فى الأممالمتحدة، وبتأكيد الرفض الكامل لأى تصرف إسرائيلى ضد الشرعية الدولية.. وقبل هذا وبعده تفعيل سلاح العقوبات الدولية الرادعة والذى لم يعد مقبولاً بأى شكل من الأشكال أن يظل غائبا. لم يعد مقبولاً أن ينتظر العالم وقوع الكارثة ليتحرك. ولا أن يصمت بعد أن تقع؛ لأن الجريمة إسرائيلية ولأن هناك من يحمى جرائم إسرائيل ويتستر عليها.. يكفى ما يراه العالم فى غزة وما ارتكبته إسرائيل من جرائم. الأمر سيختلف مع ابتلاع الضفة وتهويد القدس إن كنتم لا تعلمون!! قرار «الكنيست» الإسرائيلى ما كان ليصدر لو عوقبت إسرائيل على جرائمها.. قرار «الكنيست» صدر بعد يوم واحد من بيان مهم أصدرته معظم دول أوروبا ومعها بريطانيا وكندا ونيوزيلندا واستراليا يدين سياسة إسرائيل بأشد العبارات ويطلب إنهاء حصار التجويع وإيقاف إطلاق النار فى غزة. لم تكترث إسرائيل بالبيان ومضت فى جرائمها. كان الموقف سيتغير حتماً لو أن أوروبا أوقفت العمل باتفاق الشراكة التجارية مع إسرائيل، ولو أن دولاً- مثل بريطانيا- رفضت تماماً تصدير السلاح لإسرائيل، ولو أن أوروبا «وهى الشريك الاقتصادى الأكبر لإسرائيل» قد فرضت المقاطعة الكاملة على إسرائيل حتى ترتدع!! لكن علينا أن نقر أن الأمر يستلزم قبل الموقف الدولى موقفاً عربياً حاسماً يدرك حجم المخاطر وأبعاد التآمر على الوطن العربى بأكمله، ويضع كل إمكانياته للعبور الآمن من هذه الأزمة ولفرض الرؤية العربية المتفقة مع الشرعية الدولية للحفاظ على حقوق شعبنا الفلسطينى وأمن الوطن العربى بأكمله، العالم كله الآن يدرك أننا أصحاب قضية عادلة، وأن إسرائيل «دولة مارقة» تهدد سلام المنطقة كلها. لا عذر لأحد إذا لم يشهر سلاح العقوبات الرادعة فى وجه الإجرام الإسرائيلى. ولنتذكر جيداً أن فرنسا رحلت عن الجزائر بعد أن دفعنا الثمن أكثر من مليون شهيد، وأن النظام العنصرى فى جنوب إفريقيا لم يسقط إلا بعد أن واجه العقوبات الدولية لسنوات، ولنتذكر أننا أصحاب حق وأننا نملك الإرادة والقوة لنحمى حقوقنا مهما كانت التحديات. لو كان هناك وعى إسرائيلى بالتاريخ لأدركوا أنهم يحرثون فى البحر ويبحثون عن المستحيل، يسدون الطريق أمام أى فرصة لقيام الدولة الفلسطينية أو يظنون ذلك!! لكنهم فى الحقيقة لا يفعلون إلا شيئا واحداً هو التأكيد على أنهم نبت غريب وشيطانى فى أرض ستظل عربية وسيظل عنوانها الثابت هو فلسطين.