د. عماد عبدالغفور محور وحدة النسيج المجتمعي المصري هو أحد أهم المرتكزات التي يعتمد عليها بناء الدولة في مصر، وأيضاً ضرب هذا المحور من خلال إحداث فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين هو أحد أعظم المخاطر التي تهددنا الآن في مصر، ولهذا كانت فكرة تكوين لجان للإنذار المبكر وحل المنازعات وفض الخلافات والتوافق الوطني، وكذلك تكوين لجان لتنمية التواصل والتسامح بين المسلمين والمسيحيين، ويتكون المكتب الرئيسي من مساعد وزير الداخلية للتواصل المجتمعي، وممثل عن الأزهر وممثل عن الكنيسة، وممثل عن مجلس النواب ومجلس الشوري، وممثل عن الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وممثل عن المجتمع المحلي، إضافة إلي مساعد الرئيس للتواصل المجتمعي، ويهدف التخطيط لانتشار تلك اللجان تدريجياً بمديريات الأمن وصولاً إلي جميع المدن والأقسام بالجمهورية. ونأمل أن يحصل القائمون علي العمل علي الدورات النظرية والعملية المناسبة للتأهيل لهذه المهام والتمكن من آليات التفاوض وفض الخلاف، وكذلك دعم التوافق الوطني وتنمية التواصل والتسامح بين طوائف المجتمع. لقد بدأنا العمل فعلاً في هذا الإطار، والذي يتطلب حتماً وجود الرؤية الواضحة، والأهداف المحددة، وعامل آخر شديد الأهمية وهو صدق الإرادة وإخلاص النوايا من المشاركين الأساسيين في العمل، وغياب الإرادة الحقيقية للإصلاح والتغيير هو السبب الأساسي لفشل كثير من عمليات الإصلاح التي يسعي إليها الأفراد والجماعات. وعامل آخر لا يقل أهمية عما سبق وهو بناء جسور الثقة بين الأطراف الفاعلة والمؤثرة، وغياب الثقة والشك المتأصل للأسف أصبح هو السمة الغالبة للعلاقة بين كثير من التيارات في مصر الآن، وعلاج هذه المشكلة تحتاج إلي مزيد المصداقية والصبر وكذلك الوقت وعدم العجلة، وخاصة إن المشكلات المتراكمة والذاكرة القريبة والبعيدة للأسف تزيد من مساحة الشك وتضيق من هامش الثقة، وأيضاً النفوس والذاكرة تميل للاحتفاظ طويلاً بالذكريات الأليمة والتجارب المريرة، بينما سرعان ما تنسي النجاحات والأفراح والإيجابيات، فالأمر حقيقة يحتاج إلي مهارة فائقة وعناية بالغة، وفوق هذا وقبله توفيق من الله. والعامل الذي لا يمكن أن نهمله أو نتخلي عنه هو الإيمان بحتمية النجاح، والذي نستمده من شرف الغاية التي نسعي إليها ونبل المقصد الذي نهدف إليه، وكذلك العقلاء والنبلاء والحكماء في جميع الأطراف هم أعلي فكراً وصوتاً وإرادة وهمة وستكون المبادرة لهم حتماً إن شاء الله، وأيضاً مساحة المتفق عليه بين المسيحية والإسلام هي مساحة واسعة جداً ويدركها الجميع، والموروث الفكري والثقافي الذي نحمله وندين به يأمر ويدعو ويحض علي التواصل والتفاهم وينهي عن التدابر والتخاصم. (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)