نهر النيل الحائر بين ثلاث وزارات هي الري والزراعة والبيئة يعاني من فعل بني البشر حيث تعرض طوال تاريخه لتعديات كثيرة وردم أجزاء كبيرة منه علي اعتبار أنها أراض من طرح النهر بلا صاحب , وزادت هذه التعديات بعد الثورة حيث تمت إقامة مبان مخالفة عليه علاوة علي التعدي علي البعض الآخر بالردم فضلا عن الملوثات التي تلوث مياه النهر مثل الصرف الصحي والصناعي التي تلقي بها المصارف مثل مصرف عمر بك الكبير بنهر النيل. ولأن التعديات السابقة لم يستطع أحد الوقوف أمامها, خاصة تعدي مسئولي الدولة في العهد السابق, حيث قاموا بالتساهل بالبناء بالأراضي التي تطل علي النيل مباشرة وهي ما تسمي بأراضي طرح النهر فقد استمرت التعديات حتي الآن في غياب الرقابة. يقول صلاح أبو العينين وكيل المجلس المحلي السابق تعد أراضي طرح النهر واحدة من أجود الأراضي الزراعية التي تكونت بفعل تراكم الطمي علي جانبي نهر النيل وعلي الجزر المنتشرة به, ووفقا للقانون رقم116 لسنة1983, والقانون رقم2 لسنة1985 يحظر البناء علي أراضي طرح النهر أو تجريفها أو تبويرها, إلا أن هذه الأراضي لم يحمها هذان القانونان, ولا تبعيتها لهيئة التعمير والمشروعات بوزارة الزراعة, فأصبحت مطمعا لرجال الأعمال وكبار رجال النظام السابق الذين استقطعوا مساحات كبيرة منها. ولأن الكبار فعلوا هذا بالنيل وبأجود الأراضي الزراعية, لم تستطع الحكومة أن تقف كثيرا أمام تعديات الصغار, الذين تحولوا إلي حيتان يستولون علي أراضي طرح النهر لإنشاء مبان سكنية. ويضيف عبد الجواد سويلم وكيل لجنة الزراعه في المجلس المحلي السابق أنه لا يوجد إحصاء رسمي في مصر يوضح مساحة أراضي طرح النهر, ففي عام1958 كانت هذه الأراضي تمثل58 ألف فدان, إلا أنه طوال السنوات الماضية ونتيجة انحسار مياه النيل زادت هذه المساحات, لكن تشتت مسئولية حماية النيل بين وزارات الري, والزراعة والبيئة, أدي إلي ضياع المسئولية بينها حول هذه الأراضي والجهة المسئولة عنها. والمشكلة الخاصه بنهر النيل وأراضي طرح النهر متكررة في17 محافظة وفقا لتقارير وزارة الري. فيما يؤكد الدكتور زيدان شهاب الدين بمركز البحوث الزراعية أنه في الوقت الذي يجب فيه علي كل مصري حماية نهر النيل الخالد من أي اعتداءات علي حرمته باعتباره شريان الحياة وبالرغم من صدور قرار رئيس مجلس الوزراء الأسبق رقم1394 لسنة1999 الخاص بحظر إقامة أي مبان علي نهر النيل لعدم حجب الرؤية فإن المنطقة الواقعة فيما بين استراحة محافظة الدقهلية حتي مبني الرقابة الإدارية علي الشاطئ الأيمن لنهر النيل فرع دمياطبالمنصورة تتعرض لهجمة شرسة ببناء أبراج شاهقة عليها حيث تشهد حركة بناء واسعة علي أراضي طرح النهر في هذه المسافة التي يزيد طولها علي كيلو متر وحررت مع المشترين عقود ملكية في غيبة من ضمير المسئولين وهو الأمر الذي يطرح العديد من الأسئلة علي مسئولية إدارة حماية نهر النيل عن هذه الجريمة التي تشهدها المنصورة حاليا وتمثل اعتداء صارخا إن لم يكن علي أراضي أملاك الدولة فهو اعتداء علي حق المواطنين في رؤية النيل. والمسئولون عن حماية نهر النيل لم يكتفوا بتسهيل عمليات الاستيلاء علي جسر النهر فرع دمياط أمام مدينة طلخا طوال العشرين سنة الماضية بإقامة أندية وصالات بدون ترخيص اصبحت تحجب الرؤية عن نهر النيل فقط بل سمحوا بإقامة أبراج سكنية علي الشاطئ المقابل بالمنصورة وبطريقة عشوائية غير مسبوقة لا تراعي حرمة النيل. وأضاف طارق الزقرد رئيس المجلس المحلي الأسبق بأويش الحجر أننا خلال عدة سنوات كانت لنا وقفة ولكن كان معظم هؤلاء الفاسدين من أعضاء مجلس الشعب آنذاك فلم نستطع أن نحصل علي قرار فعلي بالإزالة والهدم فكل شيء كان حبرا علي ورق رغم صدور قرار إزالة لتلك العقارات المتعدية علي أملاك الدولة. فيما تقول دينا رمزي صبري كيميائي إن أهالي الدقهلية يعيشون كارثة بيئية تهدد حياتهم يوميا بسبب مياه الري الملوثة والتي تروي أراضي قري المحافظة يأتي ذلك وسط تجاهل مسئولي وزارة الري لإيجاد حل لهذه المشكلة الخطيرة التي تشهد تفاقما بمرور الوقت, بل انها أصبحت المصدر الرئيسي للكوارث المرضية لأبناء المحافظة من فشل كلوي وسرطان وأمراض الكبد وغيرها من الأمراض المزمنة ويعتبر مصرف عمر بك الكبير أهم المصارف التي تسبب التلوث لقري الدقهلية فمصرف عمر بك الكبير من أكبر المصارف وأطولها بمحافظة الغربية, يبدأ من زفتي مرورا بمركز مدينة طنطا والمحلة الكبري وسمنود وبقية مراكز الغربية ويخترق قري عديدة تصرف فيه مياه الصرف الصحي ومخلفات المصانع والصرف الزراعي. ويؤكد الكيميائي رائد ستين مدير عام إدارة الصرف الصناعي وضبط جودة مياه الصرف بشركة مياه الشرب بالدقهلية أن مصرف عمر بك الكبير بالمحلة الكبري تسبب في تلوث600 ألف متر مكعب من مياه النيل حيث يختلط بهذه المياه صرف صناعي وصحي بالإضافة لمياه الصرف الزراعي في محطة خلط بمنطقة محلة روح بالغربية. ويتم الدفع بالمياه إلي فرع النيل والتي تستخدم مياهها فيما بعد للري. وذلك إلي جانب الصرف الصناعي من معاطن الكتان ومصانع غزل المحلة حيث يوم غسل الكتان وتركه بالمياه لعدة أيام ليفرز بعض المواد من فطريات وبكتيريا لتختلط في النهاية بمياه الري في طريقها من الغربية مرورا بالدقهلية حتي البحر المتوسط. وأكد ان هيئة مياه الشرب مثل جميع الهيئات لايمكن لها تنقية ومعالجة الصرف الصناعي. فمن الصعب تنقية مياه الصرف الصحي والصناعي لوجود العناصر الثقيلة مما يسبب تدمير خلايا المخ والإصابة بمرض الزهايمر وأن هذه العناصر يصعب التخلص منها فنيا وتسبب تلوث الصرف الصحي وتلوث المياه الجوفية وتلف مواتير المحطات وخطوطها ولم يعد أمام الفنيين سوي استخدام الكلور. إلا أن زيادة نسبته علي الحد المقرر تتسبب في الأمراض السرطانية. ويضيف الدكتور عبدالله السعيد منصور الأستاذ بالمركز القومي للبحوث أن هناك تجارب في أوروبا في تنقية العناصر الثقيلة باستخدام الاشعة لمدة24 ساعة من نوع معين والتي تمتص العناصر الضارة الأمر الذي يساعد علي تنقية المياه. وتؤكد الدكتورة زينب شعبان الأستاذة بكلية علوم المنصورة أنه من الضروري إغلاق مصرف عمر بك الكبير لأنه سبب رئيسي في انتشار أمراض الكبد الوبائي والكلي والسرطان في محافظتي الدقهليةودمياط, وذلك تزامنا مع تاريخ وجود هذا المصرف قبل الثمانينيات والدليل واضح من كثرة المرضي بمستشفيات جامعة المنصورة ومراكزها المتخصصة. رابط دائم :