أكد خبراء الاقتصاد وجود صعوبة بالغة أمام الحكومة لتحقيق معدل نمو يصل الي4.5% في الفترة المقبلة بسبب انخفاض حصة الاستثمارات الفعلية بالموازنة الجديدة. التي توقعها الخبراء بألا تزيد علي4% من قيمة الاستثمارات الحكومية البالغة10%, ووصفوها بأنها استهلاكية أكثر من تنموية فأغلبها سيتم توجيهه الي توفير مساكن اجتماعية. فيما اجمع عدد من رجال الصناعة علي عدم قدرة الحكومة علي توفير8 مليارات جنيه لزيادة الاستثمارات الحكومية في ظل وجود عجز في الموازنة الحالية وصل الي140 مليار جنيه. في البداية قال الدكتور حسن عوده, الخبير الدولي في اصلاح نظم المحاسبة والموازنات الحكومية, ان ماتم الاعلان عنه بشأن تحقيق معدل نمو يتراوح من4 الي4.5% في الموازنة العامة للدولة للعام المقبل يعد كلاما عاريا من الصحة, لأنه من الصعوبة زيادة حجم الأموال الموجهة للاستثمار التي تساهم في تحقيق هذا المعدل. وأوضح أن ارتفاع معدل النمو متوقف علي حجم مايتم توجيهه الي الاستثمار الحكومي أكبر قدر من الأموال للاستثمار, لافتا الي أن زيادة الموازنة الحالية كان حجم مايتم استثماره يبلغ49 مليار جنيه أي بما يعادل9% من اجمالي الانفاق العام. وأشار عودة الي أن هناك17 مليار جنيه فقط مايتم استثماره و32 مليار جنيه المتبقية موجهة الي بناء وحدات سكنية وانشاءات, موضحا أن8.4 مليار جنيه هو ماشهدته نصيب استثمارات الحكومة للموازنة الجديدة عن الحالية لن تمنح الفرصة أمام المسئولين لتحقيق معدلات تصل الي4.5% اي زيادة2% عن المعدل الحالي. وتوقع أن تتراوح قيمة تسديد الدين مابين100 الي110 مليارات جنيه ومعدل فائدته مابين110 الي120 مليار جنيه, مشيرا الي أن دعم المنتجات البترولية يبلغ70 مليار جنيه في الموازنة المقبلة أي بما يشير الي أن هناك55% من اجمال الانفاق العام يوجه الي سداد الديون. أضاف: أن النسبة المتبقية البالغة45% هو ماسيتم توجيه جزء منه الي الاستثمارات علاوة علي باقي أوجه الدعم, وماتم تخصيصه للأجور, مؤكدا أن نسبة الاستثمار الفعلية لن تتجاوز4% من اجمالي10%. من جانبه وصف الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة, الموازنة العامة الجديدة بأنها استهلاكية وليست لاضافة نمو اقتصادي حيث تستحوذ بالأساس علي اعتمادات لمشاريع اسكان من بينها اسكان اجتماعي وليست مشاريع استثمارية, والبنية الاساسية متوقعا ان يستحوذ الدعم والفوائد وسداد أصل الدين علي نحو56% من اعتمادات الموازنة. وقال ان الاستثمارات الحكومية في الموازنة الجديدة ارتفعت الي55.6 مليار جنيه مقابل نحو49 مليار جنيه بالموازنة الحالية الا أنها لاتكفي اطلاقا لتحقيق التنمية ومعدل نمو يصل الي4.5%. وتساءل الشريف حول سبل الموازنة العامة الجديدة في سد العجز البالغ نحو140 مليار جنيه بها, مطالبا بعرض الموازنة تفصيليا متضمنة جميع البنود ومصادر ايرادات الدولة. الدكتور حمدي عبدالعظيم- رئيس أكاديمية السادات الأسبق, أكد أن مصر تمتلك بدائل استثمارية عديدة علي رأسها القوة الاقتصادية الخارجية للمصريين والتي يمكن ربطها لدعم الاقتصاد باستثمارات محددة الي جانب امكانية طرح صكوك تمويل بعملات أجنبية لتمويل مشروعات تنموية مثل تشجيع زراعة القمح محليا بما يعمل علي توفر فرص العمل وتنشيط الحركة الاقتصادية. وأشار الي أن هناك عوامل عديدة أمام الحكومة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة في الخارج العام الماضي قد بلغت رقما قياسيا تجاوز12 مليار دولار وتحصيل الضرائب المتأخرة وترشيد الانفاق الحكومي مع وضع خطة تحفيزية لاستغلال ودائع القطاع المصرفي في بدائل تنموية آمنة, اضافة الي اعادة النظر في الأصول الحكومية غير المستغلة وتشغيل المصانع المعطلة الي جانب تحويل قناة السويس الي منطقة اقتصادية للخدمات اللوجستية عالميا بالاضافة الي اعادة النظر في الحوافز الاقتصادية والضريبية وربطها في الأساس بمؤشرات العائد الاستثماري والقيمة المضافة. أضاف أن رفع نسب الضريبة التصاعدية وتطبيق الضريبة العقارية مع اعادة هيكلة الموازنة من خلال الغاء دعم الطاقة لجميع الأشكال التجارية يعد من أحد البدائل المهمة لمواجهة عجز الموازنة. وفي سياق متصل أكد خالد أبوالمكارم, عضو مجلس ادارة غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات أنه يصعب علي الدولة تحقيق رفع معدل النمو ليتراوح من4% الي4.5% في ظل العديد من المقومات التي تقف حائلا أمام المسئولين وعلي رأسها ضخ الاستثمارات الأجنبية لرؤوس الأموال بنسبة تزيد علي85% لانشاء مشروعات استثمارية جديدة فضلا عن توقف الاستثمارات الأجنبية في المشروعات القائمة أو التوسع فيها والتي تم توقيعها قبل ثورة يناير. وأوضح أن استعادة الاقتصاد المصري لعافيته وبداية الانطلاق نحو تحقيق هذه النسبة لن يحدث في ظل حالة الانفلات الأمني وعدم الاستقرار السياسي ومن خلفه الاقتصادي والذي دفع العديد من الأجانب ليس لايقاف استثماراتهم فحسب وانما عودتهم لأوطانهم لحين الانتهاء من الصراعات السياسية. وأشار الي أنه علي المستوي المحلي فانه يصعب علي الدولة زيادة حجم الاستثمارات الحكومية أكثر من8 مليارات جنيه في ظل عجز الموازنةالذي تعاني منه الدولة حاليا بالأضافة الي الأوليات التي تفرض نفسها علي الحكومة لاقتناص أي مصدر تمويل ومنها استكمال المشروعات والاستثمارات القائمة فعلا والمتوقفة حاليا لعدم توفر السيولة. أضاف أن قطاع الصادرات والذي تعدي حاليا132 مليار جنيه بجميع القطاعات التصديرية بزيادة17% عن العام السابق رغم الظروف المحيطة به منذ اندلاع الثورة مثل توقف عدد من الموانئ ومنها العين السخنة وشرق التفريعة فضلا عن حالة الانفلات الامني والاعتصامات والاضرابات فان هذا القطاع لم يحصل منذ عام2009 علي رد الاعباء أو المساندة التصديرية المقررة له والتي تم خفضها من4 مليار الي2.6 مليار جنيه رغم ارتفاع حجم الصادرات حوالي42 مليار جنيه خلال3 سنوات. وقال انه بالرغم من الاتفاق مع د. كمال الجنزوري رئيس الوزراء علي صرف600 مليون جنيه متأخرات للشركات المصدرة خلال الاجتماع الذي عقد منذ شهر ونصف بحضور عدد كبير من الوزراء ومنهم فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي وممتاز السعيد وزير المالية إلا ان الشركات المصدرة لم تحصل علي جنيه واحد مما تم الاتفاق عليه في ظل العجز المالي للحكومة. وأكد السيد البرهمنوشي, رئيس لجنة الاستثمار باتحاد الصناعات, أن تحقيق معدل النمو المتوقع خلال الموازنة الجديدة يتوقف علي استعادة الاستقرار السياسي والامني خلال الفترة القادمة. وأشار الي أن الانتهاء من انتخابات الرئاسة واختيار الرئيس الجديد لمصر سوف ينهي جميع الصراعات السياسية ليعيد حالة الاستقرار السياسي ويدفع الاقتصاد المصري إلي استعادة نشاطه في ظل عودة الثقة لدي الاستثمارات المحلية والأجنبية في الخريطة الاقتصادية المصرية باعتبارها جاذبة للاستثمار وبصفة خاصة خلال الفترة القادمة. .. و تحويلات المصريين.. إنقاذ مؤقت للموازنة في الوقت الذي كشف تقرير للبنك المركزي المصري ان تحويلات المصريين العاملين بالخارج قد ساهمت في الحد من تفاقم العجز الكلي في ميزان المدفوعات خلال العام الماضي وذلك بسبب ارتفاعها الي14,3 مليار دولار خلال عام2011 مقابل12.5 مليار خلال2010 فإن خبراء اكدوا أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج ما هي إلا إنقاذ مؤقت للموازنة. وطالبوا بمزيد من الاجراءات التي من شأنها زيادة الانتماء لدي ابنائنا بالخارج للوطن. أوضح الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد, عميد مركز البحوث بأكاديمية السادات, أن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج من12.5 إلي14.3 مليار دولار لها مردود إيجابي علي الاقتصاد المصري خلال المرحلة المقبلة, بدأت بالحد من تفاقم عجز ميزان المدفوعات وفقا لتقرير البنك المركزي المصري. أضاف أن زيادة معدل التحويلات في الوقت الراهن تعد مكسبا حقيقيا لنا خاصة في الوقت الذي يشهد الاحتياطي النقدي انخفاضا بمثل خطورة كبيرة في المستقبل القريب بالتزامن مع ضعف تدفقات النقد الاجنبي من السياحة والاستثمارات الاجنبية, مشيرا إلي أن الارتفاع سيعزز من الاحتياطي الاجنبي. وتوقع إن تشهد معدلات التحويل ارتفاعا مستمرا بعد طرح الدولة اراضي للمصريين بالخارج مما ينعكس تأثيره علي قيمة الجنيه المصري المتوقع انخفاضه بدرجة كبيرة, نتيجة الضغط المستمر عليه بسبب زيادة الطلب علي العملة الصعبة, وانخفاض معدل السيولة النقدية. وتابع أن الجنيه المصري سيتعافي مرة أخري أمام العملات, خصوصا بعد تراجع معدلات الضغط عليه بعدما تتوفر السيولة الاجنبية بسعر مناسب للجنيه المصري. وأرجع الخبير الاقتصادي سبب ارتفاع العائد من التحويلات إلي زيادة مرتبات العاملين بالخارج, حيث رفعت دولة الامارات أجور المواطنين بنسبة100%, موضحا انه من الطبيعي أن تشهد أجور المتعاقدين ارتفاعا بنسبة ساهمت في ارتفاع قيمة عوائدها. ولفت إلي إن تحويلات المصريين في الخارج تعد احد المصادر المهمة في تدفق العملات الأجنبية وهذا ما سيظهر خلال شهور الصيف بسبب عودة العاملين بالخارج لقضاء اجازاتهم وشراء العقارات فضلا عن السلع المعمرة, مؤكدا أن هذا كله سيصب في مصلحة الاحتياطي النقدي والاقتصاد المصري في المستقبل القريب. وأكدت يمن الحماقي رئيسة قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة القاهرة أن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلي مصر تتطلب عددا من الاليات لربطهم بمصر وزيادة مساحة الانتماء وارتفاع حجم المصالح المشتركة مع الوطن. وأوضحت أن الخطوة الأولي نحو هذا الهدف والتي بدأت منها الحكومة المصرية طرح الاراضي للمصريين العاملين بالخارج بمساحات مختلفة للاستثمار في القطاعات المتعددة سواء مشروعات عمرانية أو صناعية أو خدمية والذي من شأنه زيادة حجم الايرادات من العملات الاجنبية لخفض عجز الموازنة العامة للدولة من جانب وجذب الاستثمارات لانشاء مشروعات جديدة وتوفير فرصة عمالة لشباب مصر من العاطلين. وأشادت إلي ضرورة وضع الحكومة خطة استثمارية محددة تضم الفرص المتاحة لكل المجالات والحوافز لجذب وربط المصريين بالخارج وبصفة خاصة في المشروعات الصناعية. وأكدت أن هذا الاتجاه سوف يدفع رجال الاعمال المصريين وغيرهم من العاملين بالخارج إلي ضخ ما لديهم من مدخرات للاستثمار في مصر في ظل الازمات الاقتصادية التي تعاني منها دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والتحفظ في الاستثمار بها حاليا. وأشارت إلي أهمية اتجاه الشركات السياحية خلال الفترة القادمة إلي وضع دراسات جيدة لكيفية تحسين نوعية السائحين القادمين إلي مصر ووضع الاليات اللازمة لاستقطاب سائحي الدرجة الاولي بدلا من الثالثة مما يعني توفير إيرادات اعلي من قطاع السياحة.