الهروب من النفس شيء مطلوب وملح في كثير من الأحيان.. أن تنكر نجوميتك وتهرب حتي من اسمك لتستريح قليلا من هموم الشهرة ومنغصاتها.. ولكن كيف الهروب؟ وإلي أين؟ وإلي متي؟! وصمت صديقي النجم.. وشرد بفكره قليلا ثم قال.. حاولت مرة أهرب من نفسي!! كنت أجلس في أحد المطاعم البعيدة عن المدينة في أطرافها علي النيل.. كان المكان خاليا. شعرت براحة هائلة.. والصمت حولي.. والتأمل يملأ المكان. وجدتني أتنفس بلا قيود.. وأتحرك بلا قواعد.. فرحت وابتسمت. ثم قهقهت وارتفع صوت ضحكاتي.. وفجأة سكت.. خشيت أن يراني أحد ويتهمني بالجنون.. وبعد أن نظرت حولي. ولم أجد أحدا عدت إلي ضحكاتي وأخذت أكلم نفسي كمجنون. وفجأة سمعت صوتا قادما من خلفي يناديني باسمي.. حضرتك فلان. نجمنا المحبوب؟ وصمت المكان وأسرعت بالهروب مني.. قلت له لا ليس أنا.. أنا موظف في إحدي المؤسسات.. وهذا النجم يسبب لي مشكلة.. فشدة الشبه بيني وبينه دائما تسبب لي حرجا كبيرا مع الناس.. لم يصدق الشاب ما أقول ونظرة الريبة في عينيه تؤكد ذلك.. ولكني أكدت له مرة أخري أني لست أنا.. وقلت له إذا أردت تقابل هذا الفنان الذي أشبهه تجده دائما يجلس في المكان الفلاني.. وحددت له محلا أعرفه.. خطر اسمه علي بالي لحظتها!! وانصرف الشاب وعلي وجهه علامات الدهشة وهو ينظر إلي مع كل خطوة يخطوها.. وفرحت جدا لهذا الهروب.. وأخذت أمارس حريتي ونظرت إلي ساعتي لقد حل موعد مهم مع مخرج عملي الجديد وانصرفت مسرعا إلي حيث موعدي!! في المكان المحدد للقائي بالمخرج.. جلست أمامه نناقش بعض النقاط الأولية في سيناريو الفيلم الجديد.. ونحن في عز الاندماج وصديقي المخرج يلحظ سعادتي.. وحرية حركتي في الكلام والمناقشة وسألني المخرج.. مالك؟ قلت له استطعت أن أهرب من نفسي وأنا في هذا الحالة الآن!! فجأة.. سمعت نفس الصوت يأتي من خلفي يناديني باسمي. حضرتك فلان نجمنا المحبوب.. وصمت المكان. نفس الصوت.. نفس الشاب.. ولم أستطع هذه المرة أن أهرب. حتي في المرة الأولي لم أهرب كاملا.. فقد أعطيته اسم المحل الذي سألتقي فيه مع المخرج دون أن أدري.. وابتسمت ونظرت إليه وتبادلت معه التحية.. كانت نظراته بها ريبة.. أراد أن يحكي لي ما حدث ولكنه توقف عن الكلام. ربما احترم هروبي ولممت أوراقي وركبت سيارتي وانطلقت مسرعا.. وشاهدت الشاب يقف علي الرصيف الأوسط.. يحييني بابتسامة.. لها معني خاص!! وصمت صديقي النجم وقال لي.. كيف أهرب من نفسي.. أريد أن أستريح قليلا.. قلت له.. لن تستطيع فهذا قدرك. ونجوميتك هي مصيرك المحترم.. ولن تهرب منه!!.