في عينيها حزن الدنيا.. وعلي شفتيها إشراقة الحياة.. في صوتها نداء للوجود.. دائما أقابلها عند أزماتي النفسية أجدها أمامي.. في الأماكن التي أذهب إليها وأجلس وحيدا أتحدث بلا كلمات إلي المكان الذي يضمني.. وأحاول أن أريح نفسي بالشكوي لنفسي أنا.. وليس لغيري.. فأفاجأ بها بجواري... أو أمامي.. وأنا لا أعرف اسمها.. ولكني أعرفها جيدا... تربطنا صداقة نادرة الوجود.. تسألني دائما.. هل هناك مانع لصداقة من هذا النوع؟ أنا فراشتك الصديقة التي تعرفها وتلقاني دائما.. ويكون معنا حوارات حول أزماتك!! عند سؤالي الدائم مابك أيها الصديق؟! أجيبها وكأني أعترف بلا حدود.. تندفع الكلمات مني كبركان ثلجي يلسع الوجوه.. لقد انفصل عني الزمان.. فقدت الإحساس بالليل أو النهار... وضاع مني المكان.. وهرب مني الخيال.. وفقدت الأمل.. وازدادت حيرتي.. أنا إلي أين؟! أنا من أكون؟ أنا لست أنا.. والمحيط ليس محيطي.. والمكان ليس مكاني.. وأنا في انشغالي لمعرفتي لنهايات الأشياء يقتل في نفسي كثير من الطموح... وأحسست أني أعيش في عالم الزهايمر الذي يفقد التوازن في الحياة.. وهربت مني الراحة والاتزان.. وتضاربت الثواني بالدقائق والساعات... واختلطت الأيام ببعضها.. وتحاصرني الأهوال الصعبة وتمتص الهواء من حولي... وأقف حائرا لا أدري ماذا أفعل؟! وابتسمت صديقتي الفراشة وقالت: أنت تمر بظروف صعبة.. إن الأحداث التي تحيط بك تؤثر عليك بشكل كبير.. لم أشهده من قبل.. فلاتحزن أو تتقوقع في فقاعة الظلام!! فالدنيا.. دائما جديدة.. يطلع شمسها كل يوم في كل لحظة فيها الجديد فقط أنت حاصرت نفسك في حيز ضيق.. انظر إلي الحياة خارج دائرتك تجدها تشع بالحياة.. وأنت أحسن من غيرك.. لأنك تستطيع الهروب في شخصياتك الفنية التي تقدمها علي الشاشة... وأنا أعرف الأزمة الطارئة في عالمك السينمائي هذه الأيام.... أما غيرك فإنه قليل الحيلة وفي انتظار! وسمعت صوت مساعد المخرج... وهو يطلبني للتصوير.. واستأذنتها حتي أنتهي من تصوير مجرد مشهد صغير في فيلمي الجديد.. وبعد أن انتهيت من تصوير المشهد عدت فلم أجدها. ليس بيننا قواعد حضور أو إنصراف.. لا أعرف لها عنوان ولاتليفون.. ولا اسم.. غير الفراشة.. ولكني أعرفها عندما أراها أمامي. وسكت.. بعد كل هذه الحكاية وأنا أقصها علي صديقي النجم الذي كان يجلس معي في حجرتي بالاستوديو.. وقال لي.. جميل جدا.. إنها فكرة فيلم جديد... وتقوم أنت ببطولته... قلت له... ليس فيلم ياصديقي.. إنها حقيقة فعلا... أنا أراها وأتحدث إليها دائما.. وربما تغيب عني شهورا أو مجرد أسابيع.. ولكنها تعرف مكاني وأراها وأتحدث إليها..!! قال صديقي النجم يسألني.. هل يراها أحد غيرك؟!.. قلت له.. ماذا تعني؟ إنها فعلا موجودة.. وأمس كانت معي وأنا أصور مشاهد فيلمي هذا وكانت تجلس معي أنا والمخرج علي نفس الترابيزة التي كنت أجلس عليها مع المخرج نناقش اللقطة المطلوبة.. لاتشكك في وجودها فعلا. فهو يعرف المخرج.. وهو ليس معنا... ولكنه في الاستوديو يجهز اللقطة الخاصة بالمشهد الجديد.. فأمسك صديقي النجم بالموبايل الخاص به وطلب المخرج.. وسأله أمامي وأنا أسمع.. ياأستاذ.. هل شاهدت أمس فتاة تجلس معك أنت وصديقي النجم فلان وذكر اسمي له.. وأنت وهو في مناقشة دارت بينكما. في حضورها؟! وتلقي هو الرد.. وأغلق الموبايل.. وظهر علي وجه صديقي النجم تعبير لم أره من قبل.. فأنا أعرف وجه صديقي النجم جيدا... وكان واضحا من تعبيره.. أن المخرج قال له... لم تكن معنا أي فتاة!! ونظر إلي صديقي النجم معبرا عن رد المخرج.. وتركني وانصرف في هدوء.. وجلست أنا في صمت.. وأنا لست في حيرة من أمري.. لأني واثق.. أني سألتقي بصديقتي الفراشة.. مرة أخري. رابط دائم :