كل ممثل له وجود من نوع خاص داخل الأستوديوهات مع كل العاملين في السينما.. له طريقة عندما يدخل البلاتوه يعرفها كل.. كل العاملين معه.. قد تسبقه خطواته.. صوته.. طريقة تحيته الصباحية .. في بداية يوم عمل جديد.. كلمة دائمة علي لسانة يعرفها الجميع.. له لقب ينادونه به.. يشاركونه طعامه في فترة الراحة.. يبادلونه الضحكات.. يملأ المكان بنوع خاص من التعامل المرح.. يفتقدونه في يوم ليس له فيه تصوير.. دائما ينتظرون قدومه.. هو نجم من هذا النوع!! لم أره منذ فترة.. لم يعد يقابل أحدا.. لم يعد ذلك المرح.. ذلك الموجود.. وإنسحبت منه كل هذه الصفات.. هرب منه مرحه.. وإحتل الصمت فترات راحته بين مشاهد التصوير.. إنعزل عن جزء من حياته داخل الإستوديوهات.. إحترم الجميع صمته.. ولكنهم تساءلوا في همس.. ماله؟.. أين هو؟ ماذا حدث له؟ وجلست أنا بجواره.. أحترم صمته.. أراقب عينيه.. وهي تنظر إلي ما لا نهاية.. أحاول برفق أن أجذب إنتباهه.. دون جدوي.. سحابة كثيفة من الكآبة تحتل كل ملامحه.. وكان لابد.. من اقتحامه!! وهم.. هل كل ماعشته وقدمته علي الشاشة كان مجرد وهم.. أنا أقف الآن مع وأمام ذاتي وأراجع مشوار حياتي الفنية.. أحسست بضياع الحب بين الزملاء.. وتساءلت بيني وبين ذاتي.. وهل ذهب الحب بيننا كزملاء.. خرج وهرب منا فعلا ولم يعد.. أين هذا التضامن الحقيقي الذي ضاع بعد أن كان حضنا بيننا.. كل يسعي إلي ذاته.. وقد تجد منا.. من يبتعد عنا بقصد لايمكن تفسيره.. وانتشر بيننا مرض الذاتية المؤسفة.. وأنظر حولي فلا أجد إلا سواي.. جردت نفسي ممن حولي.. فوجدتني وحيدا جدا.. أشعر بالبرودة من حولي.. أخاف الأشياء.. الصمت أصبح له حجم كبير أتحرك فيه بلا صوت.. يرعبني صمتي الآن.. وعاد إلي صمته.. وراحت عيناه تنظران إلي مالا نهاية!! ولكنك تكلمت.. حركت الصمت.. إنها ياصديقي النجم الكبير حالة معروفة.. تأتي كل فنان.. بسبب كل ماعاشه.. فنا وتعاملا مع الآخرين.. هي حالة يعرفها الطب النفسي.. والتغلب عليها ضروري وسهل.. أنت الذي سعيت إليها وأحضرت لها عناصرها.. وأنت الذي توهمت بأن حياتك الفنية.. وهم.. وأعطيت أهمية كبيرة لتصرفات بعض الزملاء.. التي وضعتها في حجم أكبر من اللازم.. وكان تأثيرها عليك أكبر من اللازم.. فأنت وأنا.. وهم.. بشر لهم بعض الأخطاء.. وعلينا الابتعاد عنها بكل هدوء.. ونحرم المسئ من ذاتك.. فهو الخسران وليس أنت.. وانظر إلي ماقدمته علي شاشات السينما.. والتليفزيون. والمسرح لأنها جميعا من أهم الحقائق الخاصة بك والموجودة في حياتك.. عد إلي نفسك إلي وجودك ساعد نفسك برؤية أعمالك بفخر وإعتزاز.. أنظر إلي جوائزك التي نلتها عن أعمالك الرائعة.. عش بين خطابات معجبيك.. أنظر إلي العيون من حولك تجد فيها كل الرغبة في التحدث إليك واللهفة لرؤياك.. ليس تمثيلا فقط وشهرة.. ولكن في الحقيقة التي تعيشها.. حاول أن تبتسم من جديد.. ستجد إبتسامتك علي شفاة الآخرين.. أصرخ.. إنفجر.. باكيا أو ضاحكا.. حطم هذا الكابوس.. ستجد الجميع حولك.. ينتظرون مقدمك إلي الإستوديو.. في لهفة إلي البسمة من نجمهم المحبوب.. فعد إليهم.. أيها النجم الكبير.. وعد إلي نفسك!! وتركني وأسرع إلي حجرته.. وأغلق علي نفسه الباب.. وجلست أنا مع الزملاء في البلاتوه.. في إنتظار تجهيز تصوير المشهد القادم.. وعيوننا وجميعنا ننتظر النجم صديقي الغائب الحاضر.. وفجأة ظهر صديقي النجم.. وقال لي بصوت عال.. لقد وجدتني.. وأنا أنظر في المرآة بحجرتي.. فوجدتني أنا النجم الحقيقي الذي حاول أن يهرب مني.. وعدت إلي نفسي.. ونظر إلي الجميع وصاح سكوت هانصور.. وصفق كل من في الإستوديو.. ورد عليه المخرج بصوت عال مبتسما.. حاضر ياأستاذ ياكبير.. سكوت هانصور.. ودارت الكاميرا..!! وإلي اللقاء!!