قال لي صديقي النجم.. تصور بعد كل هذه الأعوام من عملي في السينما.. بعد نجاح أكثر من30 فيلما.. بعد نجوميتي التي أعيش فيها مع الجماهير.. ومع كل أعمالي السينمائية.. وبعد كلام معظم النقاد عن قدراتي الإبداعية في أفلامي.. بعد كل هذا همس في أذني مخرج صديق أعمل معه لأول مرة قائلا.. أنت لم تكتشف بعد!؟ كيف بعد كل هذا المشوار؟! رد المخرج.. نعم.. إن كل ممثل لابد أن يعيد إكتشافه المخرج الذي يعمل معه.. إن الممثل الذي يعتمد علي ذاته.. وعلي نوع معين من الأداء.. أو يتآلف مع شخصيات ثابتة.. يضيع من قدمه الطريق.. الممثل الذي لايري إلا نفسه ولايقدم إلا ذاته حتي لاتنوعت الأدوار.. يصيب جمهوره بالملل.. وينفض من حوله السامر!! ونظر.. صديقي النجم إلي المخرج بإهتمام.. وواصل المخرج كلامه بحماس.. التجربة موجودة.. أنت تري ممثلا في أعلي مستوياته في أحد الأدوار ونفس الممثل تراه في أقصي درجات الهبوط في دور أخر.. لماذا يحدث ذلك؟! الفرق بين العملين هو.. المخرج.. للأسف لدينا بعض المخرجين يأخذون الممثل النجم كما هو.. كما تعود عليه الجميع في أدواره السابقة دون أن يكتشفوا فيه شيئا آخر جديدا.. يقدمون الممثل دون ملاحظات.. في الحد من أدائه أو إنفعاله.. يتركون الحبل علي الغارب للممثل يطيح بدوره كما يشاء.. معتمدا علي نفسه.. وعلي نجوميته.. وهنا يقع الممثل في المصيدة.. مصيدة الذات.. التي تجعله يعتقد أنه تفوق علي كل الملحوظات.. وأصبح فوق مستوي أي توجيه!! إن الممثل الذي لايقبل أن يكتشفه المخرجون بإستمرار.. أو يرفض التوجيه والإرشاد يفقد الكثير.. فالمخرج يري الممثل من زوايا مختلفة.. ويبقيه علي ماهو عليه دون أي تدخل.. لأي سبب من الأسباب.. لنجوميته.. لدراسته الكبيرة في عالم الآداء.. في كل نواحي أصول فن التمثيل.. كل هذا لايمنع المخرج من إكتشافه فالمخرج يري شخصيات الفيلم وهي علي الورق.. ويتحرك إبداع المخرج مع كل شخصية ودورها في أحداث السيناريو.. وكل شخوص الفيلم تتحرك أمامه وهي مازالت علي الورق.. ويعيش مع كل شخصية في الفيلم.. ويضع لها رؤية جديدة.. وأشكالا غير مكررة.. وإبداعا خاصا لكل شخصية.. وهو الذي يتخيل الممثل الذي سيقوم بكل دور في الفيلم.. وبعد دراسات ذاتية يقوم بها المخرج الدارس.. والفاهم.. لفن الاخراج.. عليه أن يمارس إخراجه.. ويواصل إكتشافاته؟! وسكت المخرج ونظر إلي صديقي النجم وقال له: مارأيك هل تريدني أن أكتشفك من جديد؟! وأجاب صديقي النجم.. أرجوك!! وتركني صديقي النجم ليذهب إلي البلاتوه مع المخرج ليبدأ مع المخرج الجديد.. مشوارا جديدا! وبعد أيام إلتقيت بصديقي النجم في حجرته بالإستوديو الذي يصور فيه فيلمه.. وتأملته وهو يجلس معي.. فوجدته نجما آخر غير الذي كنت أشاهده في كل لقاء.. ونظر إلي وقال.. تصور أن المخرج بعد أيام من التصوير.. أخبرني بحوار دار بينه وبين المونتيرة التي تقوم بعمل المونتاج في الفيلم.. قلت له.. ما الذي فعلته مع نجمنا المحبوب لقد كنت أسمع التصفيق في الإستوديو بعد كل مشهد يتم تصويره مع نجمنا.. تصفيقا من كل العاملين.. وعند عملي في المونتاج.. شاهد نجمنا المحبوب قد تغير تماما.. لم أشاهده بهذه العبقرية في أداء الشخصية شكلا وموضوعا.. إنه نجم جديد يصعد إلي قمة نجومية جديدة.. وتخلص تماما من مصيدة الذات. قلت لصديقي النجم.. مبروك أيها النجم الجديد الذي إكتشفه هذا المخرج الرائع.. الذي أصر علي أداء دور المخرج المبدع الرائع في إكتشاف نجومه.