يشهد شاطئ جمصة بمحافظة الدقهلية بصفة مستمرةمحاولات للهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط إلي إيطاليا دون رادع للمهربين أو السماسرة أو من يساعدهم من أبناء القري المطلة علي شاطيء البحر. يقول محمد أبو مازن سوري صاحب أحد المطاعم بمدينة المنصورة: عندما اندلعت الحرب في بلدنا جئت لمصر وتحديدا المنصورة وبدأت العمل لدي احد المطاعم الكبري كعامل بعد ان كنت تاجرا كبيرا ثم تحسن الحال و قمت بتأسيس المحل وأتعجب ان مصر بها فرص كبيرة للعمل وأهلها يهجرونها. ويشير محمد الحميري يمني الجنسية الي انه لجأ الي مصر بعد إبادة عائلته بالكامل في الحرب الأهلية التي تضرب اليمن مؤكدا انه يعمل بإحدي المزارع ببلقاس وعلي الرغم من ضعف العائد المادي, فإنه أهون من العيش بين ويلات الحروب أو تعريض نفسه للموت. فيما تعجب محمد أبو كامل تاجر من الصعيد من هروب أبناء الدلتا إلي أوروبا طمعا في الثروة, قائلا:( اللي عاوز يشتغل هيخلق الشغلواحنا جئنا من اسيوطمن قرية صغيرة ولا نملك قرش واحد ولما وصلنا المنصورة اشتغلنا في الفاعل لغاية لما ربنا فتحها علينا ونمتلك الآن سلسة محلات للخضراوات). يقول الدكتور محمد عبده باحث اجتماعيإن الدقهليةتعتبر في مقدمة المحافظات التي تصدر أبناءهاللهجرة غير الشرعية, وهناك قري بعينها في المحافظة تشتهر بالهجرة إلي اليونان وإيطاليا مثل ميت زنقر و نوسا الغيط وميت الكرما فيكفي ان يسافر احد أبناء تلك القري وينجح في العمل في تلك البلاد ليعودحاملا الذهب والمجوهرات لعروسه ويبني منزلا علي أعلي مستوي ليلتف حوله أبناء تلك القري و يصممون علي الهجرة. فكل قرية تصدر أبناءها إلي دولة معينة بالدقهلية فمثلا قرية بساط كريم الدين التابعة لمركز شربين, يفضل أبناؤها الهجرة إلي اليونان. وقرية ميت زنقر التابعة لمركز طلخا يهاجر أبناؤها إلي إيطاليا. أما أغرب القري فهي نوسا الغيط التابعة لمركز أجا, حيث إن نسبة كبيرة من أبنائها يهاجرون إلي إسرائيل للأسف, وهناك قرية ميت الكرما التي اصبحت قطعة من أوروبا و بالتحديدإيطاليا ويطلق عليها أبناء الدقهلية اسم ميلانو, نسبة إلي المدينة الإيطالية الشهيرة, بسبب كثرة عدد الشباب المهاجرين منها إلي هناك. وتشتهرميت الكرما بالفيلات الراقية بجميع أنحاء القرية, حيث يتنافس أبناؤها الموجودون في إيطاليا عليشراء الأراضي وبناء الفيلات الفخمة, حتي أن القرية أصبحت تشبه قري الساحل الشمالي, من روعة المباني الموجودة فيها, كما ارتفعت المهور بالقرية حتي وصلت شبكة العروس بها إلي50 ألف جنيه. يقول محمد السيد عامل: حاولت اكثر من مرة الهجرة إلي يطاليا, حيث سافر اقاربي الي هناك ونجحوا وعادوا بثروات طائلة و الطرق التي يسلكها الشباب في الهجرة كثيرة ومتعددة وعلي الرغم من خطورتها لكن الأمر يستحق.. فرحلة السفر تبدأ أولامع سماسرةوهم أشخاص منتشرون في جميع أنحاء محافظةالدقهلية, ولا تكاد تخلو قرية من سمسار أو اثنين..ومنهم من يقوم بدور الوسيط بين المهاجر وسمسار أكبر, ومنهم من يقوم بتسفير المهاجر مباشرة ويعيش هؤلاء السماسرة حياة مترفة. أما عن طرق السفر, فيقول محمد المكاوي: هاجرت الي اليونان في سن صغيرة وواجهت صعوبات كثيرة حيث عملت في مختلف المهن, مشيرا إلي ان الرحلة تبدأ منجمصة بالدقهليةوهي الأكثر خطورة و نسبة نجاح الرحلةلا تتجاوز25% من عدد المهاجرينويدفع المهاجر15 ألف جنيه. وهناك طريق أقل خطورة ومع ذلك قليلون هم من ينجحون في الوصول للبر الآخر, حيث تتفق أولا مع سمسار وتدفع20 ألف جنيه كمقدم للسفر ثم تدفع باقي المبلغ عند الوصول إلي الدولة المضيفة, قبل الوصول إلي اليونان. ويضيف هانيعبد الله عامل: حاولت الهجرة منذ عامين, حيثاتفقت مع السمسار ودفعت المبلغ المطلوبوسافرت منالقاهرة إلي تركيا ثم قابلت الشخص المسئول وهو مصري يعيش بتركياوالذي بدوره يقوم بعملية تسليمي إلي المهرب الذي يتولي عملية إدخالنا من تركيا إلي اليونان وكانت جنسيته كردي, حيث قام بطلب مبلغ آخر لم نتفق عليه و بالفعل كلمت أهلي في مصر وحولوا المبلغ لحسابهثم ركبتقارب صيد ليصل بنا إلي الحدود اليونانية, ومن يعجز عن تدبير المبلغ المطوب يتم قتله ولكن اكتشفت الحكومة التركية أمرنا وعدنا لمصر بعد ان تم ترحيلنا بعد ان عشنا فترة من حياتنا في حالة من الرعب والآن أعمل في قريتي بمشروع من المشاريع الصغيرة. ويقول الدكتور السيد محمدين استاذالقانون الدستوري بكلية الحقوقإن التشريعات في مصر غير كافية لردع مهربي الهجرة غير الشرعية الذين توجه لهم تهمة القتل الخطأ, ومن المنتظر إقرارمشروع قانون لمكافحة الهجرة غير الشرعية من البرلمان, حيث إن هناك فراغا تشريعيا فلا يعاقب من يقوم بالتجارة بالشباب ومساعدتهم علي الهرب إلي الخارج بطرق غير شرعية عقابا رادعا لينتهي بهم الحال موتي في قاع البحر.. كما ان الهارب غير الشرعي لا يخضع لأية محاكمات ويتم إخلاء سبيله من النيابة بعد التأكد من عدم وجود أي قضايا ضده.