الصراع الدائر حول تعيين المرأة في مجلس الدولة يلخص ما يجري في مصر هذه الأيام. الجمعية العمومية لمجلس الدولة, رغم أن رأيها استشاري, رفضت بالأغلبية تعيين النساء في القضاء. أعضاء المجلس الخاص صاحب القرار يراوحون بين الرفض والقبول. المؤكد أن جهازنا القضائي مثل باقي مكونات المجتمع قد طالته موجة الفكر المحافظ والتدين المعادي لحقوق النساء. أما باقي المجتمع ففيه انقسامات وتلاوين كثيرة.نشطاء منتديات الإنترنت بينهم أغلبية واضحة من مؤيدي توظيف المرأة في القضاء, لكن المعلقين علي أخبار الجرائد اليومية علي شبكة الإنترنت لهم رأي مختلف. من الواضح أن كلا الفريقين يعكس خلفيات وتيارات متعارضة. نشطاء منتديات الإنترنت يأتون من الشباب أبناء الطبقات الوسطي من أهل المدن ذات الميول الأكثر تحررا. المعلقون علي ما تنشره الجرائد علي صفحات الإنترنت يأتون من فئات أكثر سنا يختلط فيها أهل المدن بالمراكز الحضرية الصغيرة التي تحتار في تصنيفها بين المدينة والريف. ما أقوله هو أحكام وتقديرات انطباعية فلا يوجد لدينا حتي الآن دراسة واضحة لجماهير مستخدمي الانترنت. لكن حتي يتم إجراء هذه الدراسة فالمؤكد هو أن في مصر تيارات عدة, وأن الرأي العام الذي نتحدث كثيرا عنه ليس رأيا عاما واحدا, ولكنه منقسم بين أكثر من تيار وأكثر من وجهة نظر. غياب النساء عن جدل المرأة والقضاء هو أكثر ما يلفت النظر في هذا الصراع. باستثناء الأنشطة التي نظمتها جمعيات مناصرة لحقوق المرأة والناشطات علي منتديات الإنترنت من أنصار المرأة, فإن عموم النساء غائبات عن هذا الجدل. نادرا ما تجد تعليقا كتبته امرأة منشورا علي صفحات الإنترنت. حتي الآنسات والسيدات اللاتي تقدمن للعمل في مجلس الدولة لم يقمن بالاحتجاج ضد قرارات استبعادهن. لدي شك كبير في إمكانية فوز المجتمع في معركة حقوق المرأة حتي يتم كسب النساء للصف المدافع عن حقوقهن. أظن أن النساء سيفزن في النهاية بالحق في العمل في الجهاز القضائي. غير أن الداخلات لسلك القضاء سيجدن هناك مناخا معاديا. علي هؤلاء الرائدات إدراك أن الخطأ أو التهاون لن يكون مقبولا منهن, وأن أعداء متربصين سيحرصون علي تضخيم أي هنة أو خطأ صغير يقعن فيه. مستقبل النساء في القضاء وفي غيره من المهن معلق في رقاب النساء العاملات اللاتي يتحملن عبء البرهنة علي جدارة المرأة في مجتمع تسيطر عليه الشكوك في المرأة وقدراتها.