الاستثمار فى افريقيا هو مثل الغوص فى المياه العميقة يمكن ان يسفر عن اكتشاف احجار اللؤلؤ او مجرد العثور على نفايات. هكذا وصف مدير احدى الشركات الخليجية احوال القارة السمراء بكل صراحة لصحيفة الهيرالدتريبيون التى رصدت فى تحقيق لها مؤخرا اتجاها لتحول الاهتمام من الاستثمار فى الدول الغربية الغارقة فى مشاكل الديون الى الاستثمار فى الموارد الافريقية ومدى جدوى هذه السياسة وتأثيرها على النمو فى افريقيا . تتجه الشركات الخليجية هذه الايام الى التوسع فى افريقيا للاستثمار فى موارد طبيعية غير مستغلة الى حد كبير فى تحول واضح عن التركيز على الولاياتالمتحدة واوروبا. ويرجع هذا التحول لمخاوف تتعلق بتزايد ضغوط مشاكل الدين الحكومى على اسواق اوروبا وامريكا فهذه المناطق لم تعد تبدو جاذبة للمستثمرين الخليجيين كما كانت من قبل سنوات قليلة. وهناك اسباب اكثر اهمية وهى: النمو الاقتصادى السريع فى افريقيا وظهور طبقة متوسطة جديدة واكتساب البعض سمعة طيبة من حيث الحوكمة والاستقرار السياسى. الواقع ان افريقيا لديها ميزات تنافسية تجذب المستثمرين من دول الخليج باعتبارها مصدرا للغذاء مع توافر الاراضى الصالحة للزراعة، كما تشهد العديد من الدول الافريقية طفرة فى مشروعات البنية التحتية تشبه النهضة التى قامت بها دول الخليج ذاتها خلال العقد الماضى وبالتالى يمكن الاستفادة من خبرة الشركات الخليجية من تطوير المطارات، الموانى، شبكات الاتصالات والنتيجة كما يقول مديرو الشركات هى تدفق اموال خليجية على افريقيا وهو الامر الذى تسارعت وتيرته خلال العام الماضى ويمكن ان يكون احد العوامل المهمة فى النمو الافريقى. وهنا يؤكد احمد هيكل رئيس مجلس ادارة شركة القلعة احدى اكبر شركات الاستثمار فى الشرق الاوسط التى تدير اصولا بقيمة 9.5 مليار دولار تطلع المستثمرين الخليجيين للاستثمار فى افريقيا قائلا ان افريقيا تكتسب اهتماما متزايد للاستثمار فيها بفضل مواردها الطبيعية وتركيبتها السكانية وتطور الحوكمة فيها. ومن الاهمية بمكان ان النمو الاقتصادى الافريقى يتزامن مع فترة صعود لاسعار النفط مما يوفر سيولة لمنتجى النفط والغاز فى منطقة الخليج ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولى سوف يسجل مصدرو النفط فى منطقة الشرق الاوسط فائضا تجاريا بقيمة 400 مليار دولار فى 2012 ومعظم تلك الاموال سيتم ضخها مرة اخرى للاستثمار فى اصول اجنبية واذا كان يتم استثمار الجزء الاكبر فى اصول غربية مثل سندات الخزانة الامريكية فان جزءا متناميا يذهب الى اسواق ناشئة مثل افريقيا. وبالرغم من عدم توافر المعلومات الكافية عن الاستثمارات الخليجية فى افريقيا يقول محللون ان الارقام تسير على نهج التجارة الثنائية، وقد تضاعفت التجارة بين الشرق الاوسط وافريقيا خمس مرات الى 49 مليار دولار سنويا خلال العقد الماضى مقارنة ب 10 مليارات فى 2002 وذلك وفقا لاحصاءات بنك ستاندرد تشارترد. يذكر انه فى السابق اتجهت معظم الاستثمارات الخليجية فى افريقيا الى دول الشمال بسبب عوامل سياسية وثقافية وعلى سبيل المثال استثمرت شركة القلعة 3.7 مليار دولار فى مشروع مصرى لتكرير البترول بالتعاون مع قطر بتروليم انترناشيونال لتصبح شريكا مهما. ولا تكتفى الشركات الخليجية بذلك بل تخاطر بالاستثمار فى افريقيا جنوب الصحراء باستخدام شمال افريقيا كمركز لاعمالها، وقد استثمرت شركة ابداع الاماراتية 125 مليون دولار هذا العام فى ساهام للتمويل فى المغرب التى تعمل فى مجال التأمين وفى الدول الافريقية الناطقة بالفرنسية. يذكر انه فى شهر نوفمبر الماضى قد اطلقت شركة ابوظبى لإدارة الاصول صندوق استثمار جديدا يتركز نشاطه فى افريقيا والشرق الاوسط وبعض من شركات البنية الخليجية الكبيرة كانت من اللاعبين الكبار فى افريقيا لسنوات طويلة منها على سبيل المثال شركة موانى دبى التى تتمتع بتواجد قوى فى القارة منذ عشر سنوات فتدير ميناء داكار فى السنغال وتمتلك موانى فى موزمبيق والجزائر وجيبوتى. بالاضافة الى استثمارات فى مصر ونيجيريا لدى شركة اتصالات الاماراتية العملاقة حصص رئيسية فى اتلانتيك تليكوم العاملة فى العديد من الدول الافريقية وكذلك شركة الاتصالات التنزانية زانتل والسودانية كانار. من ناحية اخرى فى بعض الاحيان بالغت الشركات الخليجية فى تقييمها لمكاسب الاستثمار فى افريقيا وهو ما وضحه الرئيس التنفيذى لشركة اتصالات فى شهر اكتوبر الماضى من ان الشركة لا تعتزم الانسحاب الكامل من اى من اسواقها الاجنبية لكن معدل استثماراتها الافريقية يتباطأ لاسباب منها المنافسة الشرسة من الشركات الاخرى. على صعيد اخر تعد الزراعة فى افريقيا من القطاعات الواعدة والجاذبة للاستثمارات الخليجية فالدول الغنية بمواردها النفطية التى تعانى من الفقر المائى مثل السعودية وقطر تشترى مساحات شاسعة من الاراضى فى الخارج لتأمين امدادات الغذاء. ومع هذا هناك مخاوف من رأس المال المخاطر الخليجى فى مجال الرزاعة على نطاق واسع ان يودى الى مشاكل سياسية واجتماعية فى الدول المضيفة اذا ما تم تهجير مواطنين من اراضيهم او حدث نقص مؤثر فى الموارد المائية مما قد يؤدى الى تزايد العنف على المستوى المحلى هو ما حدث بالفعل فى العديد من المناطق الافريقية. فى النهاية: نمو الاقتصاد الافريقى بمعدلات تفوق مثيلتها فى بقية انحاء العالم يضمن لها استمرار التدفقات الخليجية. . واذا كان الاستثمار فى اوروبا محفوفا بالمخاطر فسوف يتجه المستثمرون الى افريقيا حيث العائد أعلى