عماد أنور بات التحكيم في ملاعب كرة القدم المصرية من أكبر الأزمات, ولم تتوقف مشكلاته يوما بعد يوم, فبمجرد أن يطلق حكم المباراة صافرة النهاية, تنطلق في وجهه قذائف الاتهامات والتجريح, بلا رحمة أو هوادة, لم تتعامل الأندية وجماهيرها مع حكم مباراة كرة القدم علي أنه بشر يصيب ويخطئ, فكيف لا يخطئ وهو يتعامل مع موقف يمر أمام عينيه في أقل من ثانية, يتخذ فيه قراره بالسرعة نفسها, علي الرغم من أن خبراء التحكيم يقفون في حيرة أمام الموقف نفسه الذي يعرض أمامهم علي شاشات التلفاز مرات عديدة. أصبح الحكم المصري في موقف اتهام دائم, مما جعله يدخل المباراة, وكأنه يذهب إلي الهلاك, لأنه إذا أخطأ يتحمل هو فقط المسئولية, ولم يجد من يدافع عنه في لجنة الحكام التي ينتمي إليها بل وفي اتحاد الكرة, وكأن قانون الاتحاد ينص علي أن الحكم كبش الفداء, الذي يضحون به عند كل أزمة, والأخطر من ذلك ان اتحاد الكرة ينساق وراء الأهواء الشخصية للأندية ويتأثر بغضب الجماهير, وهو ما يؤثر علي مبدأ الشفافية, في حين أنه يتأخر في صرف بدلات الحكام لشهور, وأصبحت الأندية من جانبها تطالب بحكام أجانب في كل مباراة علي الرغم من التكاليف التي تنفق علي طاقم التحكيم الأجنبي, مما يتسبب في هبوط المستوي الفني والبدني للحكام المصريين. الاسماعيلي كان البطل في آخر أزمات التحكيم, فبعد هزيمته أمام طلائع الجيش التي أدارها الدولي فهيم عمر, هدد بالإنسحاب من الدوري, معللا ذلك بأن اتحاد الكرة لم يسند المباراة إلي طاقم تحكيم أجنبي, أيضا لجأ الزمالك إلي نفس الحيلة عقب الأزمة الشهيرة في مباراته أمام المقاصة, والتي راح ضحيتها الحكم ياسر محمود, وأوقفته لجنة الحكام بل أحالته إلي التحقيق, علي الرغم من أن القانون لايجيز إحالة الحكم إلي التحقيق إلا لأسباب أخلاقية, الحال نفسه بالنسبة للأهلي, في حالة الهزيمة أو التعادل يعلق الأخطاء فورا علي الحكام, وهو ما حدث في مباراة طلائع الجيش, ويخرج مدير الكرة سيد عبد الحفيظ ليعلن أن الأهلي أكثر فريق يتعرض لظلم تحكيمي. ولم يكن الحال عند أندية القمة فقط, بل طالبت أندية القاع مثل الجونة والاتحاد والمقاولون العرب بإسناد مبارياتها لحكام أجانب, وكأنهم يمتلكون عصا سحرية تنقذهم من الهبوط, ولم ينظر أي فريق الي الأداء علي الإطلاق. ولم تتوقف أزمة التحكيم عند خطأ حكم, بل أن لجنة الحكام نفسها برئاسة عصام صيام تفتقد التنظيم, فنري ذهاب طاقمين تحكيم إلي مباراة واحدة في دوري القسم الثاني, دون أي تنسيق,' ربنا يستر علي الحكام المصريين'.. هذا ما قاله الحكم المعتزل ياسر محمود مؤكدا أن القادم أسوأ بالنسبة للحكام, لأن لجنة الحكام تفتقد القوة اللازمة للتعامل مع الأندية, وأضاف: الكل لا يتقبل أي شئ للحكم, مما يضعه تحت ضعط دائم طوال المباراة, ويؤثر علي أدائه, وإذا أخطأ يتعرض للاتهامات والاهانة, فتتأثر حالته المعنوية لأنه في النهاية بشر. كما أكد أن اسناد المباريات لحكام أجانب يسئ لسمعة الحكام المصريين في الداخل والخارج, علي الرغم من أن لدينا مجموعة جيدة من الحكام التي شرفت مصر في مختلف اللقاءات مثل فهيم عمر وسمير عثمان وغيرهم, أما ما يحدث لنا فهو شئ غير منطقي بالمرة, فالحكم كاللاعب المحترف تماما, كيف يصل للعالمية, وهو لايدير سوي مباراتين أو ثلاثة فقط داخل بلده, ورفض ياسر محمود اتهام الحكام بالتواطؤ, مؤكدا أن حكام مصر شرفاء ومن يمتلك أي مستند إدانة لأي حكم عليه أن يقدمه علي الفور. الحكم الدولي فهيم عمر اكد قبل ذلك, انه سيعتذر عن عدم إدارة أي مباراه إذا وافق اتحاد الكره علي اسناد مباريات الأهلي والزمالك والإسماعيلي المتبقيه من عمر المسابقة لحكام أجانب. واتفق معه في الرأي والموقف الحكم ياسر عبد الرءوف, وأضاف بقوله: لجنة الحكام تفتقد الشفافية في توزيع المباريات علي الحكام, فهناك حكام تدير مباراة أو أثنين في الموسم وأنا واحد منهم, في حين تسند مباريات بالجملة لحكام آخرين, وإذا كان الكابتن عصام صيام يشكك في قدراتي فلماذا أكلف بإدارة مباريات من الأساس. من جانبه دافع محمود عثمان الحكم الدولي السابق عن هيبة التحكيم, محذرا من أنه سيأتي يوم لا نجد فيه من يدير أي مباراة حتي في القسم الثاني بسبب زيادة أعتذارات الحكام يوما بعد الآخر, بينما وضع الحكم لدولي السابق عصام عبد الفتاح روشته لعلاج مشاكل التحكيم في مصر, تبدأ من تحسين مستوي الحكام وترضيتهم من الناحية المادية من حيث البدلات والمستحقات وصرفها في مواعيدها, وعمل دورات تدريبية للحكام خارج محافظة القاهرة, بالإضافة إلي الرعاية الصحية.