جميع المعطيات علي الأرض في ليبيا تدل علي أن الأزمة الراهنة بين القذافي ومعارضيه.. والتي تدخل الآن شهرها الثالث, سوف يطول أمدها بدرجة يصعب لأي مراقب للأحداث أن يتنبأ بقرب نهايتها. وذلك بعد أن ثبت أن أي طرف فيها لا يملك حتي الآن القدرة علي الحسم لصالحه. فلو القينا نظرة سريعة علي مسرح العمليات العسكرية الشاسع والممتد من بنغازي شرقا الي طرابلس غربا لاكتشفنا أن المعارك الضارية بين قوات القذافي والثوار تأخذ شكل الكر والفر والحصول علي مكاسب محدودة علي الأرض سرعان مايتم الانسحاب منها وسط خسائر كبيرة في الأرواح بين المدنيين والبنية الأساسية. وحتي عندما سمح مجلس الأمن لقوات الناتو بالتدخل العسكري لحماية المدنيين في ليبيا طبقا للقرار1937كان هذا التدخل مخيبا للآمال التي كانت تأمل في أن يتم تحييد قوات القذافي وابطال مفعولها حتي يمكن للثوار تحقيق آمال الشعب الليبي في الحرية والتخلص من النظام, وذلك لأن قوات الناتو لم تستخدم جميع امكاناتها لتحقيق الأهداف المرجوة منها بشكل مؤثر, وبالتالي فقد تعثرت المهمة العسكرية للثوار, وبقي الأمر سجالا مع قوات القذافي. ومن هنا فأن موقف الناتو القي ظلال الشك علي نوايا دول الغرب الحقيقية من التدخل في ليبيا والأهداف المنتظرة منه لأنه من الواضح أن هذه الدول لها نوايا برجماتية من هذا التدخل, وواضح انها قد استفادت من تجربة العراق, وبالتالي فإنها لن تغامر هذه المرة في ليبيا بل أمامها مصالحها التي تريد تحقيقها في الجماهيرية سواء باضعاف القذافي عسكريا, وتحطيم سلاحه التقليدي فقط لبيع صفقات بمليارات الدولارات للنظام المقبل. ووسط كل هذه الحقائق فإن التخوف الذي يفرض نفسه الآن وسط عدم الحسم العسكري والتخاذل الدولي أن تؤدي هذه الأوضاع الي مخاطر تقسيم ليبيا وتفتيتها في إطار مخططات لتقسيم الدول العربية, كما حدث في السودان ويجري التجهيز له لتنفيذه في اليمن والعراق ولبنان.