أحمد موسى: استقالة حكومة مدبولي مفاجأة لم يكن يتوقعها أحد    إصلاح التعليم    بالأرقام| مصطفى مدبولي.. قائد «حكومة التحديات» لصُنع الإنجازات    محافظ الإسماعيلية يستقبل رئيس قطاع الحسابات والمديريات بوزارة المالية    فرحات: حكومة «مدبولي» عملت في بيئة شديدة التعقيد ونجحت    الولايات المتحدة تتوقع موافقة تل أبيب على مقترحها لغزة وتترقب موقف حماس    منتدى أسوان يناقش أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وأهداف التنمية المستدامة    إحالة العاملين بثلاثة مراكز شباب بالقليوبية للتحقيق لتغيبهم عن العمل    موراتا يلمح لمغادرة أتلتيكو مدريد    كرواتيا يحسم الشوط الأول أمام مقدونيا الشمالية بهدفين    «لبيك اللهم لبيك».. ضيوف الرحمن يغادرون لأداء فريضة الحج| صور    جيش الاحتلال يعلن مقتل 4 من المحتجزين فى خان يونس جنوبي قطاع غزة    حزب الريادة: حكومة مدبولي قدمت العديد من الإنجازات في وقت بالغ الصعوبة    وزير الصناعة: 16.9% زيادة في حجم التبادل التجاري بين مصر والمجر العام الماضي    رئيس النواب يهنئ "مدبولي" لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة    وجه جديد أم استقرار؟ وزير الرياضة في الحكومة الجديدة بين مؤيد ومعارض.. 3 مرشحين وملف يهددون إنجاز أشرف صبحي (تحقيق)    وزير الرياضة: تتويج نائل نصار إنجاز جديد في تاريخ الفروسية    الجابر: دعم الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة وتقديم مزايا تنافسية لتشجيع التصنيع المحلي    سيناتور أمريكى يطالب بايدن بوقف دعم إسرائيل عسكريا بسبب تقيد مساعدات غزة    رئيس الوزراء يتابع عدداً من ملفات عمل صندوق مصر السيادي    نسرين طافش تستمتع بالطبيعة في أحدث ظهور لها    إيرادات الأحد.. "فاصل من اللحظات اللذيذة" الثالث و"تاني تاني" بالمركز الخامس    مي عمر عن علاقتها بحماتها :«أمي التانية وفي المشاكل بتقف معايا» (فيديو)    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالإسماعيلية    بعد تتويجه مع الأهلي بدوري أبطال أفريقيا 4 مرات.. تكريم ديانج في مالي (فيديو)    قبل عقد قرانه على جميلة عوض.. 9 معلومات عن المونتير أحمد حافظ    ثقافة الإسكندرية تقدم عرض قميص السعادة ضمن عروض مسرح الطفل    عضو "الفتوى الإلكترونية" ل قناة الناس: هذا وقت استجابة الدعاء يوم عرفة    الكشف على 417 شخصاً بالقافلة الطبية بمركز شباب الهيش بالإسماعيلية    رئيس «الرقابة والاعتماد» يشارك في افتتاح مؤتمر ومعرض صحة أفريقيا 2024    جولة لرئيس جامعة القاهرة للاطمئنان على سير الامتحانات وأعمال الكنترولات    قائد القوات الجوية يلتقى قائد القوات الجوية والدفاع الجوى لوزارة دفاع صربيا    وظائف متاحة للمعلمين في المدارس المصرية اليابانية.. رابط التقديم    تعديل تركيب بعض القطارات بخط «القاهرة- الإسماعيلية».. السبت    البابا تواضروس يستقبل السفير التركي    وزير الأوقاف يوصي حجاج بيت الله بكثرة الدعاء لمصر    إضافة «الطب البشري» لجامعة حلوان الأهلية    سلوت لا يمانع بيع صلاح    8 وجبات تساعد الطلاب علي التركيز في امتحانات الثانوية العامة    متى تذهب لإجراء فحوصات تشخيص مرض السكر؟.. «الصحة» تُجيب    مثلها الأعلى مجدي يعقوب.. «نورهان» الأولى على الإعدادية ببني سويف: «نفسي أدخل الطب»    موسكو تهدد واشنطن بعواقب الأضرار التي لحقت بنظام الإنذار المبكر    "التابعى.. أمير الصحافة".. على شاشة "الوثائقية" قريبًا    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    محافظ المنوفية: تحرير 94 محضر انتاج خبز غير مطابق للمواصفات لمخابز بلدية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    بعد انسحاب قوات الاحتلال.. فلسطينيون يرون كيف أصبح حال مخيم جباليا    دعم منظومة النظافة في مركز بيلا بمكنسة أتربة إلكترونية (صور)    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسئول أمريكي سابق: سقوط القذافي وبشار الأسد سيجعل محاربة الإرهاب أكثر صعوبة
نشر في القاهرة يوم 03 - 05 - 2011

دخلت الأزمة الليبية مرحلة جديدة تنبئ بتغيير معادلات المواجهة بين المعارضين (الثوار)، وقوات معمر القذافي، وذلك في ضوء عدد من التطورات الفارقة في معطيات الموقف الراهن في ليبيا. فمن ناحية، صعّدت الولايات المتحدة من عملياتها العسكرية ضد مواقع قوات القذافي، وأمر الرئيس باراك أوباما باستخدام طائرات "بريداتور" وهي الطائرات من دون طيار المتطورة لقصف هذه المواقع، وأكد رئيس الهيئة المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية الأدميرال مايك مولن أن عمليات الناتو في ليبيا استطاعت استنزاف ما يقرب من 30 40 % من قوات الرئيس الليبي، كما صعّدت قوات الناتو عملياتها، وصولا إلي تدمير مكتب القذافي في مقر إقامته في طرابلس، وسمع دوي انفجارات قوية في أحياء العاصمة، ووصف مسئول ليبي ذلك بأنه " محاولة لاغتيال القذافي". من ناحية أخري، حصل ثوار ليبيا علي دعم معنوي وسياسي كبير، بعد زيارة السيناتور الأمريكي ومرشح الرئاسة الجمهوري السابق جون ماكين لبنغازي، ووصفه للثوار في ليبيا بأنهم " أبطال "، ودعوته للرئيس أوباما للاعتراف بشرعية المجلس الوطني الليبي، فيما ترددت الأنباء حول زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي إلي بنغازي . وعلي الصعيد الميداني، أعلنت قوات القذافي انسحابها من مدينة " مصراتة " التي شهدت مواجهات دموية وحصارا علي مدي شهرين كاملين، وأعلن الثوار أن ذلك يعني انتصارا لهم، وتراجع قوات القذافي التي تعاني من نقصا واضطرابا شديدين ( وفقا لمعلومات الثوار )، بالرغم استمرار بعض المعارك في مصراتة التي تشهد ملحمة دامية ، كما أكدت الأنباء الواردة من منطقة الحدود التونسية الليبية أن الثوار يسيطرون الآن علي بوابة " الذهبية " الواقعة علي مسافة 650 كم جنوب العاصمة التونسية، وتراجع قوات القذافي إلي التراب الليبي . وعلي الصعيد السياسي الإقليمي، ترددت الأنباء عن جهود سياسية تبذلها المغرب للتوفيق بين القذافي، ومعارضيه، حيث عقد اجتماع بين مسئولين مغربيين، وممثلين للقذافي والمعارضة، لكن بدون توافر معلومات كافية في هذا الصدد لتكتم الطرف المغربي حول هذه الجهود . هذا، فيما أكدت مصادر عليمة أن القذافي وما بقي من نظامه، يعاني عزلة دولية ومحنة واضحة، ومحاولة للهروب من مصير الرؤساء زين العابدين بن علي وحسني مبارك وصدام حسين، فيما أكدت المعلومات الاستخباراتية حصول جبهة القذافي علي كميات جديدة من العتاد العسكري والذخيرة، الأمر الذي فسرته دوائر سياسية بأن القذافي لا يزال يستبعد تماما فكرة التخلي عن السلطة، ومغادرة ليبيا، وتوقعت هذه الدوائر أن يستمر القذافي في المواجهة، حتي النهاية . فشل الناتو في ليبيا أكدت شواهد عديدة علي أن الموقف الراهن في ليبيا أصبح يمثل ( أزمة ) لحلف شمال الأطلنطي ( الناتو ) علي الصعيد العسكري، بما يرقي إلي مستوي الإحراج الشديد لممثلي الحلف الذين توقعوا أن يسقط القذافي بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من بداية ضربه في 19 مارس علي أقصي تقدير، فإذا به يواصل استخدام قواته ضد المدنيين في ليبيا، ويحاصر مدينة مصراتة ما يقرب من شهرين، بما يعنيه ذلك من مقاومة صلبة من جانب نظام القذافي الذي لم يبدأ في الانهيار بعد . زيادة علي ذلك، كما يقول كارل هاينز كامب مسئول الكلية الحربية لحلف الناتو إن مواجهات الحلف في ليبيا، وما وصلت إليه من نتيجة، كشفت أن قدرات الناتو العسكرية محدودة، وناقصة، وأن هناك عمليات ضرورية في ليبيا لم يستطع الحلف القيام بها، حيث ينقصه علي سبيل المثال نوعية من الطائرات (من طراز تانكباستر ايه 10) والتي تسمح بمهاجمة الدبابات في الشوارع، وبالتالي فإنه بدون دعم ومساندة وتدخل الولايات المتحدة في عمليات ليبيا، فإن الحلف لن يصل إلي النتيجة المرجوة، خاصة مع حالة الضعف الشديد من جانب المعارضة الليبية . في الوقت نفسه، يؤكد وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونجيه أن هجمات القذافي لن تتوقف بدون مشاركة فاعلة من جانب الولايات المتحدة بسبب ما تفتقر إليه القوات الجوية الأوروبية من نوعيات الطائرات الضرورية في مثل الحالة الليبية، ويضيف باراك سينر من معهد يونايتد سيرفس في لندن أن المشكلة تتمثل في أن واشنطن تخشي من " التورط " في ليبيا، فيما هي تسعي أصلا لإنهاء صلتها وعملياتها في العراق وأفغانستان . من ناحية أخري، فإن حلف الناتو يواجه مشكلة قانونية أخري تتمثل في صعوبة الحصول علي موافقة دول الحلف البالغ عددهم 28 دولة علي القيام بعمليات تسليح وتدريب إضافية للثوار في ليبيا، ومن المعروف أن تركيا العضو في الحلف لاتوافق علي توسيع عمليات الناتو في ليبيا، وتتحفظ علي الكثير من خطوات التدخل في هذا الصدد، كما تحفظت دول أخري علي الصعيد العالمي علي عمليات الحلف في ليبيا، ومنها روسيا والصين حيث انتقدت الدولتان قيام بريطانيا وفرنسا وإيطاليا بإرسال مستشارين عسكريين إلي ليبيا لمساعدة الثوار، ومن ثمة تؤكد دوائر قريبة من الحلف، أن أطرافا أخري، غربية أو عربية، يمكن أن تقوم بالمهمات الضرورية عسكريا للتأثير علي قوة النظام الليبي، وإمكانية تسليح الثوار الليبيين لدعمهم، وتعزيز مقاومتهم للنظام . ويمكن القول إن حالة الجمود العسكري في ليبيا عكست بصورة مباشرة حالة من «الانقسام الدولي» وتشتت الخطط والطروحات الدولية بالنسبة للموقف في ليبيا . وفي ضوء هذا (المأزق) الذي يواجه الناتو في ليبيا، اضطرت الولايات المتحدة للموافقة علي المشاركة بطائرات (بريداتور) من دون طيار في ليبيا، والتي تتميز بأنها يمكن أن تبقي فوق منطقة ما لمدة تصل إلي 12 ساعة، بلا توقف، وهو ما يوفر لها ميزة تمييز الثوار عن القوات التابعة لنظام القذافي، كما يمكن لهذا النوع من الطائرات التحليق علي ارتفاعات منخفضة، وبالتالي الحصول علي رؤية أكثر دقة . ومع أن كثيرين في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) لايعتقدون أن هذه الطائرات وحدها ستكون كافية للتأثير النهائي علي نظام وقوة القذافي، غير أن وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس يطرح تطمينات مؤداها أن القدرات البرية لقوات القذافي تنخفض تدريجيا، وأن العقوبات المفروضة عليه من جانب الأمم المتحدة سوف تمنعه من تجديد مخزونه من الأسلحة والعتاد، ودفع رواتب الموظفين والمرتزقة الذين يستخدمهم، ومع ذلك، فقد اضطر جيتس لأن يؤكد في تعليقه علي الحدث الليبي أنه علي الناتو والآخرين (أن ينتظروا ليروا ما سيحدث لاحقا) . وكان السيناتور جون ماكين قد حذر الإدارة الأمريكية من (النتائج البشعة) التي يمكن أن تترتب علي استمرار نظام القذافي بسجله السابق المعروف ، مشددا علي خطورة حالة الجمود الحالية في الوضع في ليبيا، ومطالبا بالانحياز نهائيا إلي جانب المعارضة الليبية (الثوار) . يذكر أن حلف الناتو قام بما يزيد علي 1900 طلعة جوية منذ اضطلاعه بقيادة العمليات فوق ليبيا في 31 مارس من بينها 800 طلعة هجومية، ويقول البريجادير جنرال مارك فان أوم من هيئة أركان حلف الناتو إن الحلف ينفذ 155 طلعة جوية في المتوسط يوميا علي مدي الأسبوع، وأن قوات القذافي لا تستطيع استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المدنية، ولا أن يقاتل القذافي أينما شاء، وقتما يشاء . وقد أعلن متحدث باسم الناتو أن الحلف يعتزم إرسال ممثل له إلي بنغازي معقل الثوار، لإجراء اتصالات سياسية، كما يبحث في إقامة نقطة اتصال مدنية مع بنغازي، كما أجري أمين عام الحلف اندرس فوغ راسموسن لقاءات مع مسئول العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الانتقالي . عجز المعارضة الليبية تؤكد دوائر قريبة من المعارضة الليبية المسلحة أن حوالي ألف مقاتل فقط من الثوار الليبيين هم الذين تلقوا تدريبات عسكرية علي مستويات متواضعة . ومما يلاحظ علي المستوي الميداني أن الثوار الليبيين لا يحققون قفزات ملموسة في مواجهة قوات القذافي الأكثر تسليحا وعددا وتدريبا، وهذا الضعف الشديد من جانب المعارضة الليبية هو الذي يشكك التحالف الدولي في جدوي تسليح هذه القوات، فالثوار الليبيون علي وجه العموم، هم في الأصل مدنيون، اضطروا إلي حمل السلاح بعد أن واجهتهم قوات القذافي بالأسلحة الثقيلة فور اندلاع الانتفاضات الشعبية في 17 فبراير للمطالبة بإنهاء 42 عاما من حكم القذافي . وفي خضم المواجهة مع قوات القذافي، فإن المعارك تتركز علي ساحل المتوسط، وبين عدة مدن مثل البريقة واجدابيا ومصراتة، غير أن الوضع يبقي معقدا جدا وغامضا في مناطق الصحراء الليبية التي تغطي جزءا شاسعا من البلاد فمثلا يبقي الوضع غامضا في الكفرة حيث تتقاطع الطرق المؤدية إلي تشاد وإلي منطقة دارفور في السودان . يذكر ان منطقة الكفرة الصحراوية مقسمة بين قبيلتين: قبيلة الزاوية العربية، وقبيلة توبو المقيمة في المنطقة الحدودية بين ليبيا والنيجر والتشاد .ويؤكد الثوار أنهم يحظون بالدعم من العرب الزاوية، بينما يستمر القذافي في تجنيد التوبو التشاديين . وبناء علي ذلك، يبدو أن قوات التحالف الدولي، أصبحت مقتنعة بأنه إذا كان هناك درجة قوية من الإجماع الدولي حول إسقاط نظام القذافي الطاغية، فإن ذلك لن يتم علي نحو سريع، ولن تستطيع المعارضة الليبية وحدها تحقيق هذا الهدف . كما يبدو أن هذه هي"المعضلة" التي تواجه التحالف الدولي بالنسبة لمصير نظام القذافي، وما يجري عليه النقاش تحديدا في الدوائر الأمريكية . ومن ثمة، تؤكد مصادر الولايات المتحدة أنه قد جري البحث في وسائل مختلفة، ومن ذلك أن عددا من رجال المخابرات الأمريكية قد وصلوا بالفعل إلي ليبيا، في إطار موافقة الرئيس باراك أوباما علي تقديم " دعم مستتر " للمعارضة الليبية التي تقاتل القذافي . فالرئيس الأمريكي، من صلاحياته القانونية، الموافقة علي إرسال رجال المخابرات، إلي جهات ما، وقد وقع الرئيس أمرا سريا بهذا الخصوص منذ حوالي أسبوعين، للسماح لعناصر ال «سي أي إيه» للقيام بعمليات خاصة في ليبيا لمساعدة المعارضة الليبية ، كما صرح مصدر حكومي أمريكي، بأن إدارة أوباما بصدد دراسة خطط واضحة لعمليات خاصة لتدريب المقاتلين الليبيين، علي غرار ما قامت به هذه العناصر في أفغانستان . كما أن من مهمات العناصر المخابراتية الأمريكية في ليبيا التعرف بصورة مباشرة علي حقيقة الجماعات المناوئة لنظام القذافي، ذلك أن هناك دوائر أمريكية لاتزال تعتقد أن من بين هذه الجماعات عناصر من المتطرفين، أو حتي من تنظيم القاعدة، وهو ما يعني الحذر الشديد في تزويدهم بالأسلحة، ويواصل الدبلوماسي الأمريكي كريس ستيفنز مهامه في بنغازي للتعرف علي أطراف المعارضة الليبية، عن قرب، وتزويد الخارجية الأمريكية بالمعلومات عنهم أولا بأول . وربما يكون الاعتراف بشرعية المعارضة الليبية، وممثلها المجلس الوطني الانتقالي، هو أهم تحدي يواجه الثورة الليبية، فلم يحظ المجلس بعد بالاعتراف سوي من جانب عدد محدود من الدول، وإن كان يكتسب يوما بعد يوم (علاقات ودية) يصل بعضها إلي مستوي المساعدة المادية، ومن ذلك، إقدام الكويت علي منح المجلس الانتقالي الليبي 180 مليون دولار خلال لقاء مصطفي عبد الجليل رئيس المجلس مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، كما وافق باراك أوباما علي تزويد ثوار ليبيا بحوالي 25 مليون دولار من السلع والخدمات ( لدي الولايات المتحدة 34 مليار دولار من أرصدة القذافي المجمدة ). مصير ليبيا من المسلم به أن الثورات العربية بوجه عام تستهدف النظم السياسية الاستبدادية في الدول العربية، لإسقاطها، وبناء نظم ديمقراطية بدلا منها . وقد رأينا ذلك في مسار الثورتين التونسية والمصرية، وبدون أن يمتد تأثير الثورة للمساس بأسس بقاء الدولة، الأمر الذي يعني التمييز بين مسألة انهيار النظام، وانهيار الدولة، حيث يمكن في بعض حالات نشوب الثورة، أن تؤدي إلي انهيار النظام والدولة معا . وبالنسبة للحالة الليبية، فإن غموضا يحيط بما يتعلق بمصير الدولة، فليس ثمة مؤسسة عسكرية قوية ومسلحة، وإنما هي أجهزة وتشكيلات عسكرية تحمي القذافي وأبناءه وأقرباءه، وفيما يتعلق بولاء الجيش للنظام، يذكر أن الأعوام 1975، و1985، و1993، شهدت محاولات انقلابية للإطاحة بالقذافي . وبالنسبة لثورة 17 فبراير 2011، لم يحسم الجيش موقفه إلي جانب الثوار، ولا للوقوف مع نظام القذافي، بل انقسم بين الطرفين . فضلا عن ذلك، يمكن القول إن النظام السياسي في ليبيا سقط بقرار دولي، بعد أن
اتفقت غالبية الأطراف إقليميا وعالميا علي إسقاط شرعيته بسبب استخدامه للقوة المفرطة ضد الشعب الليبي، ومن ثمة صدرت القرارات الدولية للتدخل في ليبيا عسكريا (قرارا الأمم المتحدة رقم 1970، 1973)، فضلا عن المقال المشترك الذي وقعه كل من الرئيس باراك أوباما والرئيس نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ونشرته وسائل إعلام عالمية، بما يتضمن الاتفاق علي إنهاء نظام القذافي . ومع ذلك، يبدو أن جميع الأطراف، الضالعة في الأزمة الليبية لاتزال تتساءل : وما هو البديل بعد سقوط النظام ؟ وهل يمكن أن ينتهي الصراع بدويلة في بنغازي، وأخري في طرابلس، بما ينهي تاريخيا وجود دولة شرعية باسم ليبيا الموحدة ؟ لقد نجح القذافي في إفقار ليبيا من أي مؤسسات قوية مدنيا وعسكريا، وسعي جاهدا لإحلال تشكيلات وتنظيمات مدجنة، وضعيفة، وهشة، وبلا أي مضمون سياسي حقيقي . وبينما لا يبدو في أفق الأزمة الليبية بصيص نور قريب لإنهاء الصراع، وإنقاذ مصير الدولة من خلال التوصل إلي توافق علي نظام سياسيي مستقر يحقق الطموحات الشعبية في دولة ديمقراطية، فإن التكهنات تنحو إلي توقع الأسوأ، وهو ما عبر عنه جون ماركس، رئيس مجموعة كروس بوردر انفورميشن البريطانية المتخصصة في استشارات المخاطر السياسية بقوله " إن المواجهة في ليبيا تحمل بوادر صراع طويل المدي " . الغرب.. وثورات العالم العربي في أثناء زيارة السيناتور الأمريكي جون ماكين لمدينة بنغازي، فإن المواطنين الليبيين الذين تجمعوا خلال اللقاء لتحية الضيف الأمريكي، كانوا يرفعون العلم الأمريكي، ولافتات توجه الشكر لأمريكا علي وقوفها إلي جانب " الثورة الليبية " . وبالطبع، فإن مسار الحالة الليبية يعتبر حتي الآن، نموذجا واضحا للتدخل الدولي، بجهود غربية بارزة، وصلت إلي مستوي التدخل العسكري، دعما لمعارضة (ثورية) داخلية ، وبهدف إسقاط نظام ورئيس عربي . وفي محاولة لإجمال جميع ردود الفعل الغربية، إزاء الثورات العربية، يمكن القول إنها تراوحت بين إصدار بيانات الإدانة لاستخدام القوة المفرطة، أو السعي لفرض عقوبات من الأمم المتحدة، أو المساعدة علي إجراء تحقيق من جانب المحكمة الجنائية الدولية، أو تقديم الدعم والمساعدة للمحتجين، ودعم المعارضة التي تطالب بالديمقراطية والحريات . غير أنه بإمعان النظر في هذه المواقف وردود الفعل الغربية، سنلاحظ التفاوت في هذا الصدد، ما بين حالة ليبيا مثلا التي وصلت إلي مستوي التدخل المباشر، وحالة سوريا التي برغم سقوط الضحايا والدماء بغزارة، فقد اقتصر الأمر من جانب الغرب علي " إبداء القلق .. والغضب " . ويعلق وزير الخارجية البريطاني وليم هيج في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي عندما سئل عن هذا التناقض بقوله ( لا يعني أننا تدخلنا في ليبيا أننا نستطيع أو أننا مستعدون للقيام بالأمر نفسه في دول عربية أخري ) . ويبدو أن الغرب يجري مقارنة بين وضع سوريا وظروف ليبيا، علي أساس أن القذافي لديه قوة عسكرية من الدرجة الثالثة، مع أنه يمتلك معدات ومدرعات يقاتل بها بضراوة، أما سوريا فلديها جيش مدرب وجيد، وتمتلك صواريخ روسية وطائرات قتالية، ويعتقد البعض أن لديها أسلحة كيماوية، مما يجعل التدخل العسكري فيها غير وارد لدي الغرب علي الإطلاق، علي حد تعبير الكاتب الفرنسي بول تيلور . ومع ذلك، فإن " التعقيدات السياسية، والمصالح الاستراتيجية " تضيف المزيد من الصعوبات أمام الدول الغربية إزاء ثورات الشارع العربي . فمثلا، بالنسبة للبحرين، مقر الأسطول الخامس الأمريكي، الذي يراقب إيران علي الجهة الأخري من الخليج، وإزاء قتل المتظاهرين، واستدعاء قوات سعودية للقضاء علي الحركة الديمقراطية، اكتفي الغرب (الولايات المتحدة وأوروبا) بالتصريحات الصورية، والتعبير عن الاستياء، وبعد ذلك، لاذوا بالصمت . أما بالنسبة للسعودية، وما يعتمل فيها من " تحركات ديمقراطية " كانت علي وشك الظهور العلني، فإن ما يحكم مواقف الدول الغربية هو " مدي تأثر المنطقة التي تعد من أهم مناطق الإمداد النفطي للغرب "، حيث ارتفع سعر برميل النفط من 80 دولارا إلي 125 دولارا، وهي معطيات تجعل الغرب يفضل الوقوف إلي جانب النظام الرسمي، خاصة أن " المسئولين السعوديين " غير راضين عن تخلي واشنطن عن مبارك . وبالنسبة لسوريا، فإنه يطبق عليها معايير السياسة والاستراتيجية ومصالح الغرب، أكثر من معيار تأييد المطالب الديمقراطية، علي اعتبار أن سوريا يمكن أن تسهل مسألة الحوار الفلسطيني الإسرائيلي أو تعقده، ويمكن أن يؤدي التشدد نحوها إلي تقاربها بصورة أقوي مع إيران، أو دفع حزب الله لعمليات انتقامية من اسرائيل، والقوات الأوروبية جنوب لبنان، كما يعُمل الغرب حسابته فيما لو تصاعد الموقف في سوريا وأدي إلي صراعات طائفية، وأخيرا، هناك الاعتبار المتعلق بعلاقة التحالف بين سوريا وروسيا في حالة مناقشة موضوع سوريا في مجلس الأمن الدولي . ومع ذلك، ووفقا لمصادر مسئولين أمريكيين، يرجح محاولة الغرب إسقاط شرعية الرئيس بشار الأسد، والسعي لترتيب عقوبات علي النظام السياسي السوري، وقد وصف جون ماكين بشارالأسد بأنه " ديكتاتور "، (وقد تتبع ناحيته " سياسة الاحتواء " من جانب الغرب) . ولكن بالعودة إلي " الحسابات الغربية البراجماتية " تجاه الثورات العربية، نجد مايكل هايدن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي أي ايه" يحذر حكومات الغرب بأن سقوط القذافي وبشار الأسد، سيجعل المعركة الدولية ضد الإرهاب، أصعب بكثير، ويؤكد هايدن " أيا كان رأيكم في القذافي وموسي كوسا ( وزير خارجيته )، فإنهما كانا شريكين جيدين في مكافحة الإرهاب ، كما أن بشار الأسد جيد في مكافحة الإسلاميين السنة المتشددين، مع أنه يدعم التطرف الشيعي" . وبالنسبة للقذافي، كما يقول هايدن " يمكن أن يعقب سقوطه الفوضي، أو حرب القبائل، أو تحول ليبيا إلي مرتع للإرهابيين " . ومع شيوع هذه التحذيرات، فإنه لا يخفي أن الولايات المتحدة تبحث حاليا في ترتيبات ما بعد القذافي، وتبحث له عن منفي مناسب، غير أن المسألة تكتنفها صعوبات بسبب تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية حول جرائم الحرب التي ارتكبها النظام، ويسعي بالفعل فريق من محققي الأمم المتحدة لمساءلة مسئولين ليبيين حول انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.