توجيه عاجل من رئيس جامعة الأزهر لعمداء الكليات بشأن نتائج الفرق النهائية    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك فى حفل تخرج الكلية المعمدانية    حي شرق الإسكندرية يحصل 301 ألف جنيه تصاريح ذبح بمحلات الجزارة    طريقة سلخ الخروف تزامنا مع قدوم عيد الأضحى.. اتبع هذه الخطوات    لجنة الاستثمار بغرفة القاهرة تعقد أولي إجتماعاتها لمناقشة خطة العمل    أوكرانيا تستعيد 12 طفلا من مناطق تحتلها روسيا    بملابس الإحرام.. الرئيس السيسي يصل جدة لأداء مناسك الحج (فيديو)    وزير النقل السعودي: 32 تقنية حديثة و47 ألف موظف و27 ألف حافلة لخدمة ضيوف الرحمن    أمريكا تعلن تقديم 315 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان    كرة السلة، بيان هام من كابتن الأهلي بعد أزمة نهائي دوري السوبر    مصدر يرد عبر مصراوي.. هل فشلت صفقة انضمام بلعيد للأهلي؟    كولر يحسمها: هذا هو حارس الأهلي الأساسي    بالأسماء.. تشافي طلب طرد 5 لاعبين من برشلونة قبل رحيله    حقيقة موافقة ناتشو على عرض الاتحاد السعودي    التحقيقات تكشف تفاصيل مصرع جزار سقطت منه سكين أثناء تقطيع لحم العيد    أوس أوس عن علاقته بأحمد فهمي: أخويا من 12 سنة والناس بتحب الديو بتاعنا (فيديو)    لبلبة: دوري في فيلم عصابة الماكس لا يشبهني.. والأحداث مليئة بالمفاجآت    حلمًا يدفع منة شلبي للتصدق على روح نور الشريف.. ما القصة؟    يوم عرفة 2024.. موعده و أدعيته وفضل صيامه    صيام يوم عرفة، أشياء لا تتناولها في السحور للتغلب على درجة الحرارة    نقيب الإعلاميين يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى    ويزو: 'ممنوع الأكل في لوكيشن شريف عرفة بس أنا كنت مبسوطة'    شاهد| مراحل صناعة كسوة الكعبة بخيوط ذهبية وفضية.. والقرموطي: "شيء مبهر ومبتكر"    عاجل| القطاع العائلي في مصر يستحوذ على 58% من إجمالي الودائع غير الحكومية بالعملات الأجنبية في البنوك    فيديو.. المفتي يوضح فضل العبادة في العشر الأوائل من ذي الحجة    رابط التسجيل في منحة العمالة الغير منتظمة 2024 عبر موقع وزارة القوى العاملة    أول رد من هيفاء وهبي على انتقادات حضورها مهرجان كان السينمائي    الثانوية العامة 2024.. خبيرة تربوية: التغذية الصحية تساعد الطالب على الاستذكار والتحصيل    غارات صهيونية على قطاع غزة مع استمرار فشل محادثات الهدنة.. بايدن يتهم حماس بأنها العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق.. والاحتلال يستولى على أموال السلطة الفلسطينية    علي جمعة يوضح أعمال الحج: يوم النحر أكثر أيام الحج عملاً    أمن القليوبية يكشف تفاصيل جديدة في واقعة قتل طفل القناطر على يد زوجة أبيه    اليسار الفرنسي يكشف عن خطة للتخلص من إصلاحات ماكرون وتحدي الاتحاد الأوروبي    الصحة الفلسطينية: 5 إصابات برصاص الاحتلال من مخيم الأمعري بينها 3 بحالة خطيرة    بيربوك: يجب على الاتحاد الأوروبي الحفاظ على ضغط العقوبات على روسيا    الأزهر: يجب استخدام عوازل لمنع الاختلاط في صلاة العيد    الفيلم الوثائقي أيام الله الحج: بعض الأنبياء حجوا لمكة قبل بناء الكعبة    موعد صلاة عيد الأضحى في مصر 2024    كيف تساعد مريض الزهايمر للحفاظ على نظام غذائي صحي؟    إزالة مخالفات بناء في الشروق والشيخ زايد    حزب الله يطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل    «صيام»: نطبق استراتيجية متكاملة لتعريف المواطنين بمشروع الضبعة النووي| فيديو    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    وكيل «الصحة» بمطروح: تطوير «رأس الحكمة المركزي» لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين    ماذا يحدث للجسم عند تناول الفتة والرقاق معا؟    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    محافظ المنوفية: 647 مليون جنيه حجم استثمارات الدولة في قطاع التعليم قبل الجامعي    «التعاون الدولي» تُصدر تقريرا حول التعاون مع دول الجنوب في مجالات التنمية المستدامة    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    «التضامن»: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان «16023» خلال عيد الأضحى    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    فرج عامر: أوافق على مقترح الدوري البلجيكي.. ولا أستطيع الحديث عن عبد القادر وخالد عبد الفتاح    القاهرة الإخبارية تنقل صورة حية لطواف الحجاج حول الكعبة.. فيديو    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكاءه في مباراة بيراميدز وسموحة    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد رحيل أركون‏..‏ مازال بيننا الفكر الإسلامي المستنير

لم يرد علي سؤالي مباشرة‏,‏ بل صمت طويلا إلي درجة أدهشتني‏,‏ نعم‏,‏ عملت علي طه حسين لسنوات طويلة‏,‏ مضيفا أن طه حسين كان العنوان الذي حاولت التعبير به في السنوات الأول عن فكري‏,‏ راح يذكر هذه المحاضرة التي ألقاها في الخمسينيات وهذا العناء الذي واجهه حين فوجيء الحاضرون بالجزائر بالحديث عن طه حسين‏,‏ كان موضوع المحاضرة عن‏'‏ الوجه الإصلاحي‏'‏ عند طه حسين أو‏'‏مظاهر الإصلاح في مؤلفات طه حسين‏',‏ وكان الزمن زمن صعود الفكر العروبي من القاهرة إلي الشام إلي الجزائر مما حال دون تفهم الجالسين في القاعة لفكرة الإنسانية أو‏'‏ الإنساوية‏'-‏في تعبيره في الفكر العربي في هذه الفترة المبكرة‏,‏ خاصة‏_‏ أضاف‏-..‏ أنني انتمي بجذوري إلي القبائل الأمازيغية بالجزائر‏,‏ كان علي أن أؤكد إذن أنا ابن هذ الفئة‏,‏ أن الوعي العربي في مواجهة الغرب يجب أن يجاوز الإثنيات والأقليات إلي‏'‏ الخطاب العالمي‏'-‏
دهشت من صمت محمد أركون الذي التقيت به في القاهرة لأول مرة في شتاء‏2‏ وهو يلقي كلماته علي الجمهور الذي مازال يعيش أزمة الفهم الصحيح للعقيدة وتجلياتها‏..‏
كان يذكر دائما الأثر الذي حدث في مستمعيه في منتصف القرن الماضي حين ذكر‏'‏ الإصلاح‏'‏ الإسلامي عند طه حسين‏,‏ وكثيرا ما كتب وصرح بعبارة ننقلها بالنص من تعبيراته عن محمد عبده‏'‏ انظروا الفرق بين المواقف الفكرية لمحمد عبده وتفتح محمد عبده وفكره البراجماتي حتي فيما يخص الإفتاء في الشريعة ومواقف من نسميهم اليوم بالإسلاميين‏,‏ يتشبث بهم ويخضع لهم ويسجد لهم الملايين من المسلمين‏',‏ كان اركون واعيا الي تحول الفكر المعاصر الي تعبيرات منقولة او موروثة من عصور الانحطاط دون العود للاصول الاولي في العقيدة السمحاء‏..‏
كان فكر اركون اكثر وعيا في التعامل مع الواقع اليومي‏,‏ وعبورا فوق مصطلحات كثيرة نجدها في فكرة كالتركيبية والسيميائية وما بعد التركيبية والا نثروبولوجية واسماء عديدة عربية كابن رشد وابوحيان التوحيدي وغربية كجاك دريدا وميشيل فوكو‏..‏ الي غير ذلك يصل الفهم الانساني‏_‏ الذي يعود للانسنة في التعريفات التي تستخدم هناك‏_‏ هي الفاصل الكبير الذي نستطيع ان نصل معه الي هذا‏'‏الخطاب‏'‏ الفكري الواعي خاصة في كتابه المهم الذي كان يعتز به كثيرا والذي ترجمة الصديق محمود العزب‏'‏ا‏'‏ نزعة الأنسنة في الفكر العربي في القرن الرابع الهجري‏',‏ وهو مايفسر احتفاءه بالمثقف المستنير في التاريخ الاسلامي‏,‏ ان ابن رشد‏_‏ علي سبيل المثال‏-..‏ يتكرر كثيرا في كتاباته‏,‏ لا لكونه ترجم فلسفة غربية وانما لقدرته العالية علي التحرر من تقاليد المثقف التقليدي‏,‏ كان واعيا اشد الوعي بالفكر المتخلف الذي يدعيه الدعاة الجدد‏,‏ هؤلاء الذين ينتمون الي النظام بشكل عضوي‏'‏وهو تعبير جرامش للمثقف‏'‏ لالكونهم واعين بقدر كونهم داعين الي الفكر السائد‏,‏ لا لانهم يرجون الافادة من الفكر المستنير في مجتمعهم الذي ينتمون اليه بقدر دعوتهم الي الفكر الذي ينتمي لمنظومة المعرفة المتخلفةلدي الكثيرين
كان اركون يهتم بفكر ابن رشد وبجانبها الفارابي و ابن سينا والتوحيدي كما ذكر هو نفسه كثير لكنه ينتمي اكثر الي الوعي المنهجي المعاصر في التعامل مع القضايا الكبري في زمن سيادة الحضارة الغربية بمعطياتها المعاصرة‏..‏
كان يشير الي الافكار الاصلاحية كما عرفها المثقفون العرب في العصر الحديث‏,‏ وليس مصادفة مايتردد في كتابات ابن السوربون حتي في السنوات الاخيرة من حياته اسماء ةافكار طه حسين والشيخ محمد عبده وافكار اسماء الأفغاني والكواكبي وعلي عبد الرازق و الجابري وعبد الله العروي وغيرهم‏.‏ لئلا يسقط في اطار الغموض الذي يلفه حين يصبح اداة في اعصار المتغيرات اليومية في المنطقة دون العود الي جوهر العقيدة‏.‏
وليس غريبا ان تصعد افكاره اركون‏'‏ او عرقون‏_‏ الاسم الصحيح للمثقف الأصول الأمازيغية‏,‏ من اسار الجزائراو‏'‏الامازيغية‏'‏ الي الفكر الانساني العالمي‏,‏ والفكر الاسلامي هنا في تجلياته الحقيقية‏,‏ يظل فكرا عالميا‏,‏ ومن هنا‏,‏ لاتستطيع التعرف علي اركون دون ان تنسي التأثير الامازيغي في جنسه او التأثير الاثني الضيق الذي يحيط بنا من كل جانب‏,‏ لقد حارب الرجل افكار الاقليات الامازيغية والدرزية والعلوية والشيعية فضلا عن اصوات مازالت تعلو بيننا الان‏:‏الارمن‏,‏ الكرد‏,‏الاقباط‏,‏ النوبيين الاباضيين والطوارق منتميا الي الفكر الديني المستنير‏-‏الانساني والعالمي‏-‏ ويظل هو الوحيد الذي فهم التراث الاسلامي حديث الفرقة الناجية في الساحة الاسلامية علي مدار القرون‏'‏ الي غير ذلك ممايتنامي الينا اليوم من الفضائيات والمدونات دون الوعي بان العقيدة الاسلامية كانت اكثر مايهتم بالعقل ويحرص عليه‏...‏
وبعد‏,‏ يرحل اركون في زمن رحيل مفكرين ومبدعين كبار‏:‏ محمد عابد الجابري‏,‏ و نصر حامد أبو زيد‏,‏ ومحمد عفيفي مطر‏,‏ و الطاهر وطار‏..‏ وغيرهم لكن يبقي دائما الاثر الذي عملوا علي تأكيده وتعميقه في الوجدان العربي‏,‏ وهو اعلاء قيمة العقل‏.‏
مازلت اذكر‏,‏ انني قبل ان اترك اركون كنت ذكرته بانه سجل رسالته مع جاك بيرك‏,‏ ولكن جاك بيرك الذي نذكره جميعا سقط في مازق الخطاب الاستشراقي الذي يفتقر الي الموضوعية وان بدا هذا بشكل موضوعي خاصة في ترجمته لمعاني القرآن الكريم‏,‏ كان لابد ان استمع الي اركون الذي راح يؤكد‏_‏ كما فعل انور عبد الملك بعد ذلك‏-..‏ من أن خطاب الاستشراق يفتقر بالفعل إلي كثير مما يجعل نظرته إلي الإسلام ومجتمعاته وتراثه الثقافي نظرة موضوعية ونزيهة قابلة لجدل علمي حول مضمون داخل منظومة العقائد والمعايير الخاصة به في اطار التعريفات الأنثروبولوجية لثقافات المجتمعات المختلفة‏..‏ وان جاك بيرك بمعرفته الشاملة للعقيدة لم يستطع ان يخلص من مأزق المعرفية الغربية لمعاني القرآن الكريم وان‏..‏و للحديث بقية‏..‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.