37 عاما مرت علي رحيل "عميد الأدب العربي" الدكتور طه حسين، الذي ملأ الدنيا فكرا وأدبا وأيضا جدلا ساخنا، ولا تزال بعد هذه السنين الطويلة، أعماله حاضرة فينا، وتأثيره باقيًا في ثقافتنا، وبمناسبة ذكري رحيله التي تحل في 28 أكتوبر، أقامت "ورشة الزيتون"، ندوة لمناقشة كتاب "طه حسين والصهيوينة" لحلمي النمنم، وشارك فيها الكتاب كل من عبد القادر ياسين، والقاصة سلوي بكر والدكتور فخري لبيب والكاتب عمرو العادلي والكاتبة سامية أبوزيد. تساءلت سلوي بكر في بداية حديثها حول أسباب الحملة علي طه حسين، واتهامه بعدم الاهتمام بالقضية الفلسطينية ومن ثمة اتهامه بالصهيونية، قائلة: النمنم في كتابه حلل الموقف الهجومي وأسبابه لكل من الأصوليين والليبراليين والقوميين عليه، أما مشكلة كتاب النمنم أنه جمع كل ما قيل ضد حسين ليصب في بوتقة تحدد هل كان مواليا حقا للصهيونية، أم كان له خطاب من نوع خاص يتعلق بها، وقد ارتكز هذا الكتاب علي الثلاثة عوامل المؤدية للهجوم ويسعي إلي تفنيدها، الأولي أن طه حسين أشرف علي رسالة دكتوراه لطالب يهودي مصري في ظل احتدام الأزمة الفلسطينية، وأنه ألقي محاضرة بمدرسة يهودية بالإسكندرية، وفي كل مبحث يثبت المؤلف أن طه حسين كان يتحدث عن فكرة القومية العربية، وسياق مسيرة طه حسين العامة والخاصة هي التي قلبت عليه الكثيرين خلال هذه الفترة، ومن محاسن هذا الكتاب أنه قدم مرة أخري في شكل بانورامي مختصر سيرة طه حسين، وإشكالياته مع الحياة الثقافية والفكرية في مصر. استهل فخري لبيب حديثه عن الكتاب بأن مشكلة طه حسين تكمن في أنه لم يتحدث بالخطاب السائد أو اللغة السائدة وقتها، لهذا اتهم بالكفر والصهيونية، وقال كتاب النمنم عبارة عن صفحة جميلة في إنصاف طه حسين، وليس بافتعال إنما بموضوعية فلم يترك شيئا إلا ورد عليه. وهناك ثلاثة أشياء ذكرها النمنم عن طه حسين وهي: أولا نظرته المنهجية، ودعوته إلي تجديد الفهم والتفكير الديني، وهو ما تسبب في اتهامه بالكفر، ثانيا دعوته إلي الديمقراطية ورفض الاستبداد، وهو ما ترتب عليه فصله من الجامعة، وهو ما يمكن تسميته بالكفر السياسي، ثالثا رفضه للظلم الاجتماعي، خاصة ظلم المرأة والفقراء، وهو ما وصف بأنه كفر اجتماعي، فاتهم مرة بالشيوعية ومرة بالصهيونية، وللأسف أن ثورة 23 يوليو نجحت في تأكيد هذا الشكل من الاتهامات، واقترح لبيب في حال إصدار طبعة ثانية من الكتاب أن يحمل عنوان "طه حسين والتخلف".