بالمصنعية| سعر الذهب اليوم الأربعاء 24-4-2024 في مصر للبيع والشراء    عاجل - يسكمل اقتحامه غرب جنين.. قوات الاحتلال داخل بلدة سيلة الظهر وقرية الفندقومية    البنتاجون: بدء البناء في ميناء مؤقت لإيصال المساعدات لغزة قريبا    نجم الأهلي السابق: هذا اللاعب هو الأفضل لقيادة الهجوم بدلًا من موديست    مشاهدة صلاح اليوم.. موعد مباراة ليفربول وإيفرتون في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    الأرصاد الجوية تحذر.. القاهرة تكسر حاجز 40 درجة مئوية في الظل    تكساس إنسترومنتس تتجاوز توقعات وول ستريت في الربع الأول    موازنة النواب: تخصيص اعتمادات لتعيين 80 ألف معلم و30 ألفا بالقطاع الطبي    ارتفاع جديد.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024 بالبورصة والأسواق    مفاجأة صادمة.. تفاصيل العرض النهائي من الأهلي لتجديد عقد علي معلول    البنتاجون: هجومان استهدفا القوات الأمريكية في سوريا والعراق    اليوم، فتح متحف السكة الحديد مجانا للجمهور احتفالا بذكرى تحرير سيناء    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    قناة «CBC» تطلق برنامج «سيرة ومسيرة» الخميس المقبل    خطر تحت أقدامنا    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    نتائج مباريات ربع نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    أيمن يونس: «زيزو» هو الزمالك.. وأنا من أقنعت شيكابالا بالتجديد    التموين: تراجع سعر طن الأرز 20% وطن الدقيق 6 آلاف جنيه (فيديو)    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    مصطفى الفقي: كثيرون ظلموا جمال عبد الناصر في معالجة القضية الفلسطينية    بالخطوات .. تعرف على كيفية الاستعلام عن تأشيرة السعودية برقم الجواز 2024    مصطفى الفقي: الصراع العربي الإسرائيلي استهلك العسكرية والدبلوماسية المصرية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأربعاء 24/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    من أمام مكتب (UN) بالمعادي.. اعتقال 16 ناشطا طالبوا بحماية نساء فلسطين والسودان    نشرة التوك شو| انخفاض جديد فى أسعار السلع الفترة المقبلة.. وهذا آخر موعد لمبادرة سيارات المصريين بالخارج    الارتفاع يسيطر.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024 بالمصانع والأسواق    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    موعد مباراة مانشستر يونايتد وشيفيلد في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    أداة جديدة للذكاء الاصطناعي تحول الصور والمقاطع الصوتية إلى وجه ناطق    القبض على المتهمين بإشعال منزل بأسيوط بعد شائعة بناءه كنيسة دون ترخيص    غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر وطرق بديلة هامة.. تفاصيل    3 أشهر .. غلق طريق المحاجر لتنفيذ محور طلعت حرب بالقاهرة الجديدة    مصرع سائق سقط أسفل عجلات قطار على محطة فرشوط بقنا    العثور على جثة شاب طافية على سطح نهر النيل في قنا    مسئول أمريكي: خطر المجاعة «شديد جدًا» في غزة خصوصًا بشمال القطاع    إعلام عبري: مخاوف من إصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال لمسؤولين بينهم نتنياهو    إعلان مهم من أمريكا بشأن إعادة تمويل الأونروا    لازاريني: 160 مقار ل "الأونروا" بقطاع غزة دُمرت بشكل كامل    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    فريد زهران: الثقافة تحتاج إلى أجواء منفتحة وتتعدد فيها الأفكار والرؤى    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    هل يجوز طلب الرقية الشرعية من الصالحين؟.. الإفتاء تحسم الجدل    حكم تنويع طبقة الصوت والترنيم في قراءة القرآن.. دار الإفتاء ترد    رغم فوائدها.. تناول الخضروات يكون مضرا في هذه الحالات    عصام زكريا: القضية الفلسطينية حضرت بقوة في دراما رمضان عبر مسلسل مليحة    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    قد تشكل تهديدًا للبشرية.. اكتشاف بكتيريا جديدة على متن محطة الفضاء الدولية    طريقة عمل الجبنة القديمة في المنزل.. اعرفي سر الطعم    كم مرة يمكن إعادة استخدام زجاجة المياه البلاستيكية؟.. تساعد على نمو البكتيريا    العين يتأهل لنهائي دوري أبطال آسيا رغم الخسارة من الهلال    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق السبت‏:‏
حقول الدم لا تنبت زهورا‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 01 - 2010

طلقات الرصاص لن تزرع وردا ولن تحقق أربا‏..‏ فالدم المراق في نجع حمادي هو دم مصري قبل أن يكون دما قبطيا أو دما مسلما‏..‏ ولقد مد السيد المسيح عيسي بن مريم كلمة الله إلي خلقه يده بالحب لكل البشر‏..‏ ولا نريد في آخر الزمان أن يخرج من ظلمة الليل من يحاول أن يطفيء نور الله في الأرض‏..‏ وبدلا من أن نزرعها بسنابل الحنطة‏..‏ نرويها بدماء الأخوة والصحاب والرفاق في وطن لا نعيش فيه فقط‏..‏ ولكنه كما قال البابا شنودة الثالث وطن يعيش فينا‏..‏
لقد خرج المسيح عليه السلام يوما من بيت امرأة داعرة فقيل له‏:‏
ياروح الله ما تصنع عند هذه؟
فقال‏:‏ أما يأتي الطبيب إلي المرضي؟
ومر يوما بقوم فشتموه‏..‏
فقال‏:‏ خيرا‏..‏
ومر بآخرين شتموه أيضا‏..‏
فقال‏:‏ خيرا‏..‏
قال رجل من الحواريين‏:‏ كلما زادوك شرا زدت خيرا‏..‏ كأنك تغريهم بشتمك‏.‏
فقال كلمة الله‏:‏ كل إنسان يعطي ما عنده‏!‏
تعالوا نفتح ملف الحب والمودة والاخاء بيننا كما عشنا كلنا اخوة متحابين في وطن يعيش فينا ونتنفس هواءه ونعيش تحت سمائه ونستظل في هاجير الايام تحت اشجاره الوارفة‏..‏
اليكم في البداية اجمل قصة حب في تاريخ هذه الارض الطيبة‏..‏ انها قصة أحمد وبيشوي‏:‏
أحمد‏..‏ وبيشوي‏..‏ صديقان لا يفترقا ابدا‏..‏
عمرهما لم يتجاوز الرابعة عشر‏..‏
يسكنان في حي شبرا المظلات‏..‏ أخر حدود القاهرة الشمالية‏..‏ كانا طوال الوقت لها لا يفترقان الا ساعة النوم‏..‏
يوم الجمعة يذهب أحمد إلي المسجد‏..‏ ويوم الأحديذهب بيشوي إلي الكنيسة‏..‏
أحمد‏..‏ وبيشوي‏..‏ نزل الاثنان ليستحما في النيل‏..‏ اشرف احمد علي الغرف‏..‏ حاول بيشوي ان ينقذه‏..‏ فسحبتهما الدوامة ليغرقا معا‏!‏
أحمد وبيشوي هما معا مصر المحبة‏..‏ مصر السلام‏..‏ بلا فتن بلا ضغائن بلا تطرف‏..‏ بل حقول الغام‏..‏
أحمد وبيشوي هما فرعا نيل مصر‏..‏ دمياط ورشيد ينبعان من نهر واحد هو نهر النيل‏..‏ لو وجد احدهما‏..‏ وجد الآخر‏...‏ استعاد اسماءهما من نهاره‏..‏ وتطلهما أشجار النخيل علي ضفتيه ويقتسمان رغيفا واحدا‏..‏ خرج من حصاد حقول الحنطة‏..‏ وتطل عليهما شمس واحده‏..‏ هي الشمس المصرية‏..‏
أحمد وبيشوي هما بميلادهما معا‏..‏ في سنة واحدة بحياتهما معا اربعة عشر ربيع‏..‏ بمهاتهما معا متعانقين في ساعة واحدة في يوم واحد‏..‏ رسالة إلي كل من يريد ان يزرع جمره‏..‏ أن يدق إسفينا‏..‏ ان يوقع بين الأخ واخيه ان يفرق بين اخوين عاشا معا قرونا بلا كراهية‏..‏ ويريدون الان أن يفرقوا بينهما‏..‏
من رضي ان يفترق الجار عن جاره‏..‏ في الحفل‏..‏ في البيت‏..‏ في الوقت الكبير؟
من يرضي ان يفترق الأخ عن أخيه‏..‏ الاخت عن أختها‏..‏ الاب عن داره‏..‏ بيته‏..‏ عرضه‏..‏ الأم عن عيالها‏..‏ ضناها قرة عينيها‏..‏؟
يبدو اننا لم نتعلم الدرس‏..‏ ولم تفهم مغزي الرسالة التي قدمها لنا قبل أعوام أحمد وبيشوي‏..‏
وربما لن نفهم ولن نتعلم‏..‏ وعندما نفهمهما يكون الوقت قد فات‏..‏
‏.........‏
‏.........‏
ولكن الذي يحدث بيننا الآن شيء عجيب وغريب‏..‏
في فرشوط اختطف شابا قبطيا فتاة مسلمة صغيرة واغتصبها عنوة واقتدارا‏..‏ ثم صور عملية الاغتصاب وووزعها علي موبيلات الشباب البلدة كلها‏..‏؟
من هنا خرجت الشرارة
ومحمد شاب ناجح ويافع ومتزوج ولكن تخليه عن دين الاسلام والمتيقن هو وزوجته المسيحية‏.‏
والد محمد يقول ان هناك من اجبر ابنه او اغراه بالمال والوظيفة والشقة بالارتداد عن دين الله‏..‏
ووالد زوجة محمد يطالب بالتفريق بين محمد الذي ارتد عن دينه وابنته التي تزوجها محمد وهو مسلم وهي مسلمة‏.!‏
وأربع فتيات يختفين من محافظة الغربية‏..‏ يتهم اهلهم ذلك الفريق أو ذاك يخطفهم‏..‏ ثم ظهرت البنات في اسوان‏..‏ طفشن من أهلهن بحثا عن الحرية ولقمة العيش‏!‏
وآباء في الصعيد يشكون من عملية ارغام بناتهم واولادهم علي الدخول في الاسلام‏.!‏
والاتهامات تحولت إلي عيدان كبريت يلقيها كل طرف إلي حقل الطرف الآخر‏..‏
وكلام ولغط كثير لم يكن موجودا وليس مبررا وليس هذا وقته وليس هذا زمانه وليس هذا مكانه‏..‏ وأقاويل واشاعات‏..‏ الحق ياجدع‏..‏ بلغ ياجدع واشتغل يابوليس‏..‏ وحققي بانيابه‏!‏
واقباط في المهجر يزيدون ان النار اشتعالا باستعداء الكونجرس الامريكي بجلالة قدره علي مصر كلها‏..‏ ويزعمون انها تعادي الاقباط ولا تعطيهم حقوقهم‏.!‏
وكان مصر هذه لم تكن يوما وطنا لهم وملاذا‏!‏
وفضائيات عربية وغير عربية تلقي علي النار التي مازالت تحت الرماد نفطا كثيرا وكرها اكبر وتنفخ فيها حتي ترتفع السنة اللهب الطائفي التي لا تزق بين مسلم وقبطي‏..‏ فالنار ليس لها عينان تقرأ بهما خانة الدين في البطاقات‏..‏ لتحرق الزرع والقرع والوطن كله‏!‏
‏..........‏
‏..........‏
رحلة عمر بدون الغام‏!‏
لنهدأ قليلا وتلتقط انفاسنا ونفتح معا شريط عمر وطن واهل وشارع وحارة وبيت وأفاق ورفاق مدرسة ورفاق طريق ورفاق رحلة حب حقيقية آن لها ان نكشف عنها الستار‏..‏ إنها وحياتك وحياتي وحياة كل مصري يستنشق منذ الأزل هواء مصريا خالصا‏..‏ لم يستنشقه من قبلنا انس ولا جان‏..‏
لقد فتحت عيني علي جارات لنا‏..‏ كانهن من بقية شجرة العائلة الست ماريا والست تريزا‏..‏ قالت لي امي انهما كانتا ترضعاني مع اولادهما وبناتهما ونحن مازلنا في سن الرضاع‏..‏ يعني ان لي اخوة اقباط واخوات في الرضاعة‏..‏
وكانت أمي تحملني صغيرا إلي كنيسة مارجرجس في مصر القديمة لكن يعالجني القساوسة والراهبات عندما امرض‏..‏ وكنت اشفي عن كل مرة‏..‏
وكان عطا الله افندي وجرجس افندي ناظر المدرسة ليل نهار عندنا سهران يلعب الطاولة مع أبي ساعة العصاري في الترسينة وهو اسم البلكونة علي أيامي في بيتنا القديم في القناطر الخيرية‏..‏
وعندما خطبت كوكب إبنه المعلم اسطفانوس إلي جارنا تاجر المانيفاتورة في شبين الكوم‏..‏ وكانت رقيقة ذات لون خمري أخاذ كثمرة الدوم وليلتها بكية بالدموع لفراق كوكب التي كانت لي عناية الاخت الكبيرة‏..‏ طول النهار عندنا تساعد امي في كل شيء‏..‏ وتأكل وتشرب وتلهو وتلعب الكوتشينة معنا‏..‏ كانها اختنا الكبيرة لي ولاخي الاكبر صلاح‏..‏
وجاري في التختة في ثالثة ابتدائي مازلت اذكر اسمه‏:‏ عبدالله بشري حنا‏.‏ كنا نذهب كل صباح إلي المدرسة مشيا علي كوبري القناطر ونعود ظهرا‏..‏ ونذاكر معا ونلعب معا وننجح معا‏..‏ وعندما زارهم القسيس في بيتهم ليبارك خطبة اخته الكبري كارولين‏..‏ مسح شعر رأسي بيده ودعا لي بالفلاح وحب الخير‏..‏
لم نكن نشعر ولو للحظة زمان واحده‏..‏ ان هذا مسلم وهذا قبطي‏..‏ كنا نعيش ونجد وننجح ونفشل ونأكل ونشرب كلنا معا‏..‏ فاننا أسرة واحدة تسكن بيتا واحدا وتعيش تحت سقف واحد‏..‏ فقط لا زواج ولا ميراث‏!‏
وفي الجامعة كان استاذي‏..‏د‏.‏ امير بقطر المفكر العظيم‏..‏ وقد تاثرت كثيرا بكتابات سلامة موسي وكتبه العظيمة‏..‏
ولكنني واعلنها ها لأول مرة قررت في مستقبل حياتي استثناء الزواج من فتاة قبطية‏..‏ والحكاية انني كنت أخطو خطواتي الأولي في بلاط صاحبة الجلالة في وسط عمالقة الزمن الجميل‏..‏ بعد ان تخرجت في قسم صحافة في كلية الآداب‏..‏ عندما جمعتني رحلة بالقطار إلي حدائق انشاص عندما كانت لها حدائق غناء‏..‏ مع رفيق صباي فوزي حجازي وكان ايامها معيدا في كلية زراعة عين شمس ومع خطيبته ايامها درية حمروش مع صديقتهما فريال غبريال وكانت الاخيرة تبارك الخلاق فيما خلق تحفة فنية صنعها الالة كنموذج للجمال الفرعوني الأصيل‏..‏ وكانت ماتزال طالبة بكلية الحقوق‏..‏ ولعب القدر لعبته وتعلقنا ببعضنا حتي وصل الأمر الي مرحلة اللا عوده‏..‏ وانه لا فراق الا بخناق‏...‏ يعني انه لا فكاك إلا بالموت علي حد تعبيرها هي أيامها‏.!‏
وتركت بيت الطالبات وطبت علينا لنعيش معي ومع امي في بيتنا الكبير في القناطر الخيرية وقالت لها أمي ليلتها‏:‏ تعيشي معانا كده ازاي‏..‏ اتجوزوا الأول‏!‏ وقالت لها فريال‏:‏ هاتوا المأذون‏!‏
قالت أمي بحزم‏:‏ يابنتي لازم اهلك يوافقوا الأول انت صعيدية من ملوي‏..‏ وانت من بيت طيب واصيل لكن صعب اهلك يوافقوا كده من الباب للطاق والصعايدة زي ما انا عارفة صعب خالص‏..‏ يمكن تطير فيها رقابي‏!‏
وباتت فريال ليلتها في حضن امي‏..‏ وفي الصباح اركبتها قطار الصعيد المسافر إلي ملوي‏..‏ لكي تأتي باحد من أهلها يقول لنا‏:‏ نعم‏..‏
ولكن فريال لم تعد‏.‏
وقررت السفر اليها‏..‏ ولكن امي بحكمة المرأة المصرية منعتني‏..‏ حتي لا اذهب انا الآخر ولا اعود‏!‏
ومرت ايام صعبة‏..‏ وذات صباح جاءتني امها وانا في مكتبي في الاهرام‏..‏ قالت لي‏:‏
انا ام فريال‏..‏ يابني بلاش الجوازه دي‏..‏ لان فيها دم‏..‏
سألتها‏:‏ دم مين يا أمي؟
قالت‏:‏ دم بنتي‏!‏
لتنتهي قصة فريال من أجندة حياتي كلها‏!‏
‏..........‏
‏..........‏
واكتشفنا رفاة يوحنا المعمدان‏..‏
ومازلت أعتز بالايام التي قضاها معنا نيافة البابا شنوده الثالث في قسم الصحافة في كلية الاداب كزميل زائر قبل نحو أربعة عقود‏..‏ وانا اعتز بالقرب منه فهو رجل دين واع ومثقف وجدت عنده في مكتبه بالكندرائية المرقصية بالعباسية عددا من المصاحف النادرة‏..‏ وهو يقرأ القرآن بل ويحفظ ايات منه ويرددها وهو يقول دائما‏:‏ التوراة والانجيل والقرآن هي كتب الله المنزلة التي قال فيها القرآن‏:‏ انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون‏..‏
وقد حذر في آخر موعظة له قبل سفره إلي واشنطن من محاولات خارجية أو داخلية للنيل من وحدة الوطن‏..‏ وعلي ان يسود الحب وروح التسامح بين كل المصريين‏..‏
ومازلت اعتز بكل رهبان دير الانبا مقار‏,‏ ومازلت اذكر بالخير الاب متي المسكين وأبونا يوحنا وابونا باسيليوس‏..‏ وقد امضيت معهم شهرا بحاله‏..‏ مع الدكتور عبدالرحمن عبدالتواب استاذ الآثار الاسلامية‏..‏ حتي خرجنا بالكشف المذهل الذي هز الدنيا كلها قبل اكثر من ربع قرن بعثورنا علي بقايا افات يوحنا المعمدان المعروف عندنا بسيدنا يحيي بن زكريا عليه السلام‏..‏ وقد اصدرت كتابا ايامها عنه‏..‏ قام بتمويله الصديق العزيز سمير متري جيد الخبير النووي الدولي‏.‏
وجاري في السكن والحي وصديق عمري الفنان الكبير رمسيس مرزوق المصور الفذ والمخرج السينمائي وزوجته الصحفية الزميلة عواطف صادق‏..‏ نتزاور ونقضي اجازاتنا معا‏..‏
واعتز بالجلسات الصحفية‏..‏ تلميذ يتعلم من استاذه‏..‏ عندما كان يجمعنا حوار طويل‏..‏ فاروق جويده وعبدالوهاب مطاوع ومحمد زايد وانا داخل مكتبه في الاهرام‏..‏ إنه الدكتور والمفكر العظيم لويس عوض‏..‏
هذه هي حكايتي وروايتي مع اخوتي قبط مصر‏..‏ بلا بطاقات وبلا حساسيات أو حقول الغام‏..‏ اخوة وأخوات تحت سقف واحد يشربون من كوب واحد‏..‏ ويقلق راحتهم هم واحد‏..‏ ويجمعهم فرح واحد‏..‏ هكذا كنا وهكذا أمسينا وهكذا أصبحنا‏..‏ وهكذا سوف نمسي ونصبح حتي يوم الدين‏.‏
ومتي كانت باقة الزهور تسأل من هو جارنا ورفيقنا في الخميلة‏..‏ كل همها أن تزداد جمالا وأريجا‏!.‏
لا اكراه في الدين‏!‏
نحن لا نريد ان نفتح ملف القيل والقال وتبادل الاتهامات بين قلبي الأمة مسلمين واقباطا‏..‏ ولا نريد ان نقول لهذا انت مخطئ‏..‏ ولا نريد ان نتهم طرفا بانه فعل كذا وكذا وكيت وكيت‏..‏ ولكن واقرار للحق وحتي لا نضع رءوسنا كالنعام في الرمال خوفا وفزعا حتي لا نقع في المحظور‏..‏ فإن شريط القلاقل وتقليب الجمرات المستترة تحت الرماد ومحاولة إشعالها بدأ من حادثة فريال قسطنطين الشهيرة في يناير قبل عدة اعوام‏..‏ وكانت زوجة راهب كنيسة ابوالمطاير في محافظة البحيرة‏..‏ والتي اشهرت إسلامها في احد اقسام الشرطة‏..‏ وقامت الدنيا ايامها ولم تقعد وسارت مظاهرات قبطية تندد واعتصامات في مقر الكندرائية المرقصية بالعباسية‏.‏ وبعد شد وجذب انتهي الأمر بوصول السيدة وفاء الي وادي النطرون لتختفي اخبارها تماما‏..‏
واذكر انني ارسلت الي وفاء قسطنطين رسالة اطمئنان قلت في مقدمتها‏.‏ عزيزتي وفاء قسطنطين ارجو ان تكوني في سلام مع نفسك ومع الله‏..‏
ومن بعدها تفجرت ازمة مسرحية كنيسة الاسكندرية في رمضان قبل اعوام‏.‏
ثم جاء اخونا محمد حجازي وزوجته اللذين دخلا المسيحية ليطالب البعض باقامة حد الرد عليه هو وزوجته‏..‏ وأن كان الرسول الكريم قد اعلنها اكثر من مرة لا اكره في الدين ولم يرد عن الرسول الكريم أنه قتل مرتدا‏..‏ باستثناء من رفع راية الحرب عليه وعلي الاسلام‏..‏ والايات القرانية صريحة هنا‏:‏ لست عليهم بمسيطر سورة الغاشية آية رقم‏22‏ ثم قوله تعالي في سورة الانعام اية‏17:‏ وما انت عليهم بوكيل‏..‏ ولكن الشيخ يونس القرضاوي يري ان عقوبة المرتد المؤكدة هي القتل‏..‏ وهو نفس رأي د‏.‏ سعاد ماهر‏..‏
ولكن الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الازهر الاسبق وهو حجة في التشريع والتفسير يقول هنا‏:‏ ان الكفر نفسه ليس مبيحا للدم‏..‏ وانما يبيح القتل هو محاربة المسلمين والعدوان عليهم ومحاولة فتنتهم عن دينهم‏..‏
وعلي النقيض فإن الكنيسة المرقصية اكثر سماحة‏..‏ فانها تتعامل مع المرتد من المسيحية إلي الاسلام علي انه ترك الايمان المسيحي وخرج عن العقيدة‏..‏ ولا يمارس اي شعائر مسيحية وليس هناك اي اجراء قانوني ولا محاكم ضده‏..‏ فقط مجرد جلسات معه للنصح والارشاد‏.‏
ثم قفزت الي السطح حكاية فتاة فرشوط التي فجرت كل شيء‏!‏
‏.........‏
‏.........‏
الداء‏..‏ والدواء
ولقد جلسنا وسط طابور العقل والفهم والحكمة لنضع هذه النقاط المضيئة علي الطريق قبل ان يستفحل الداء ويصعب الدواء‏:‏
‏1‏ من حق كل إنسان أن يتخذ العقيدة التي يريدها فلا إكراه في الدين‏..‏ ومن حقه ان يغير أو يبدل عقيدته كما يشاء‏..‏ ولن يضير المسلمين أن ينقص منهم مسلم اختار المسيحية دينا‏..‏ ولن ينقص من المسيحيين مسيحي اختار الإسلام دينا‏..‏ لأن الدين الإسلامي يشترط علينا لكي يكون إسلامنا صحيحا أن نؤمن بكل أنبياء الله‏..‏ موسي وعيسي ومحمد ومن قبلهم جميعا‏..‏ وهو الدين الوحيد الذي يؤمن بكل الرسل وبكل الرسالات في الأرض‏..‏
‏2‏ كما ان الدستور المصري كما يقول د‏.‏أحمد كمال أبوالمجد صريح وقاطع في إسباغ الحماية الدستورية علي حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وهي الحماية التي قررتها المادة‏46‏ من الدستور‏.‏
وغني عن الذكر أن هذه الحماية تظل بظلها جميع المصريين والمصريات‏..‏ مسلمين ومسيحيين‏..‏ وهي فوق ذلك مبدأ أساسي من مبادئ الشريعة الإسلامية التي جعلها الدستور المصدر الأساسي للتشريع‏..‏ وذلك انطلاقا من القاعدة القرآنية الصريحة في انه لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي‏..‏
‏3‏ لابد ان نوقف حملات التشهير التي يقودها نفر من قبط المهجر‏..‏ فإنها تهز الداخل وتستعدي الخارج‏.‏ وتصنع قضية بلا أوراق وبلا حيثيات‏!‏
‏4‏ علينا ان نعود الي صوابنا ونثوب إلي رشدنا‏..‏ فليس هذا وقت نواح ولطم خدود‏..‏
‏5‏ وياليتنا كلنا مسلمين واقباطا ان نقرأ ونردد ونحفظ ما قاله الله تعالي في كتابه العزيز عن قبط مصر في الآيتين‏82‏ رو‏83‏ من سورة المائدة‏:‏
لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا‏..‏ ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا‏..‏ الذين قالوا إنا نصاري‏..‏ ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون‏..‏ واذا سمعوا ما انزل إلي الرسول تري اعينهم تفيصض من الدمع مما عرفوا من الحق‏..‏ يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين‏..‏
صدق الله العظيم‏..‏
‏........‏
‏........‏
لقد قلت اكثر من مرة وسأظل اقول واردد‏..‏ إن الانسان المصري هو أول من قرأ واول من كتب واول من قال لا إله إلا الله الواحد الأحد‏.‏
وفوق تراب مصر نزل ادريس عليه السلام وتربي موسي وعاد المسيح عيسي بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ليحتمي بحماها وينصر دين الله من كيد الكائدين‏.‏
وفي بيوت مصر ولدت هاجر زوجة سيدنا ابراهيم عليه السلام وأم سيدنا اسماعيل الذي جاء من نسله الطاهر سيدنا محمد اخر النبيين والمرسلين‏.‏
ومن بيوت مصر ذهبت ماريا القبطية التي تزوجها الرسول الكريم لتنجب له اغلي ابنائه ابراهيم الذي اختاره الله صبيا وبكت امه ماريا بكاء مرا‏..‏ ودمعت عينا سيد الخلق وهو يودعه بقوله‏:‏ وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون‏.‏
وطوال رحلة عمرها ألف وأربعمائة عام وثلاثين والأذان لا إله إلا الله محمد رسول الله من فوق المأذن يعلو كل يوم خمس مرات‏.‏
وأجراس الكنائس تدق في كل ربوع مصر المحروسة كما كانت تدق عبر مشوار طويل من عمر الزمن طوله نحو الفي عام‏.‏ إعلانا وسرورا بعيد الميلاد المجيد‏..‏
وكلنا في كل دار وكل بيت وكل مدينة وكل قرية وكل نجع وكل حارة وكل زقاق فرحون بميلاد السيد المسيح عيسي بن مريم الذي كلم الناس في المهد صبيا وكان مباركا وكان تقيا‏..‏ وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا‏..‏
وها هم أكثر من مليون مسلم ومسيحي يسهرون في مولد ظهور العذراء في الوراق والزيتون بدون عراك أو شجار‏..‏ بل محبة وضحكة وصحبة عيش وملح‏!‏
‏..........‏
‏...........‏
جيوش الظلمة والضلالة لابد لها أن تنسحب وتهرب إلي جحورها وشقوقها لتفسح الطريق لمصابيح المحبة والخير والحق‏..‏ كما قال بولس الرسول حارس المسيحية الأعظم من بعد السيد المسيح‏..‏ أن تضيء الكون كله‏..‏
الدم هنا لن يصنع ودا ولن ينبت زهرا‏..‏ ولكن صحبه السنين ورفقه الطريق وود البيوت المقلقة بابها علي المحبة والرحمة والدفء والسكينة‏..‏ هي في كل زمان وفي كل مكان طريق الخلاص وغسل الآلام والخطايا‏..‏ كما غسل السيد المسيح قدمي الخاطئة مريم المجدلية من مياه نهر الأردن المقدسة‏..‏
حقول الدم أيها الرفاق‏..‏ لا تنبت وردا وحبا‏..‏ لنتعلم من تعاليم السيد المسيح ونعيد قراءة أناجيله‏..‏ فالله محبة‏..‏ وسيظل محبة حتي يرث الله الأرض ومن عليها‏..‏
الرصاص أيها الرفاق لا يصنع حبا ولكنها المودة والرحمة وأن تحب لأخيك كما تحب لنفسك‏..‏ وهو نص أساسي أن تكون مسلما‏..‏ كما علمنا القرآن كتاب الله إلي كل البشر‏..‏ وكما علمنا رسولنا الكريم خاتم الأنبياء والمرسلين‏..‏ وبغيره لا تصبح مسلما‏..{‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.