ليت الشباب يعود يوماً فاحدثه بما فعل حراس مصر الذين أقسموا علي الإنجيل والقرآن والزابور علي حمايتها فمزقوها وأفقروها وقدموها مذلولة مطأطأة ليهزأ بها كل من هب ودب.. مصر التي علمت العالم الكتابة والقراءة.. مصر أم العالم وبانية أول حضارة وصاحبة أول امبراطورية أصبحت تستورد القمح والقطن بعد أن كانت تغمر بهما العالم.. مصر التي تشدقت يوماً فقالت من يشرب من ماء نيلها سيعود مرة أخري إليها واليوم من يشرب من هذه المياه سيتنقل بين المستشفيات أو إلي الدار الباقية.. مصر صاحبة اثنتين من معجزات العالم السبع وبنت أيام محمد علي اسطولاً بحرياً وكادت أن تغزو به أوروبا لولا أن التف حولها اللئام فحجموها.. مصر الموحدة والتي صانت وحافظت علي سلامة وصحة المسيحية والإسلام تشهد من يتلاعب ويشكك ويتاجر بهما اليوم.. ولعلي أقترح بالمناسبة أن ينضم هذا المجال إلي الاستثمار علي أنه استثمار ديني.. حقاً من قال "الدين لله والوطن للجميع"، فهذه الرابطة الدينية الروحية بين الخالق والمخلوق لهي احد الحقوق الإنسانية الخاصة جداً لا يمسسها أحد.. شباب من مصر يهتفون بالروح بالدم نفديك يا صليب وشباب آخر يهتف الإسلام هو الحل وأنا أذرف دماً بدلاً من الدمع وأنا أري مصر تنهار أمامي والدولة في ضياع وتيه. ارحموني من الكلمات والمعاني والتسميات التي تحمل الثنائية بين طيات حروفها مثل النسيج الواحد وجناحي الشعب والوحدة الأبدية والمواطنة الكاملة.. ولعن الله من أيقظ الفتنة وفتاوي الفضائيات تسب وتلعن وأصبحت لغة الكلام أسلحة دمار بدون رصاص.. وحقاً قال السيد المسيح: ليس كل ما يدخل الفم ينجسه بل كل ما يخرج منه.. ذاكروا التاريخ وتعمقوا في صميم أديانكم لتعرفوا كيف أسأتم إليها.. وهناك أقلام أرجو من الله أن يقصمها فلا هم لها إلا البحث عن المسالب والهنات من هنا ومن هناك لتلقي ضوء العدسات المكبرة عليها فتشعل الديار ناراً. أعود وأحدث الشباب.. لقد ضيعنا أفريقيا الامتداد الطبيعي لمصر وفقدنا صلاتنا بها ونحن جغرافياً وجنسياً أفارقة ووضعنا مصرنا علي خط الفقر المائي والغذائي بل وأكثر علي خط الفقر الأخلاقي.. أقول كمان؟ لقد بني أجدادنا صروحاً من البنيان ونحن بيننا عشش ومستنقعات "عشوائيات" طوعنا الحجارة لنشيد بها الأمجاد واليوم تسحقنا هذه الحجارة وتكون مقابر للأحياء.. مددنا ثالث خط حديدي في العالم واليوم حتي مترو الأنفاق صار أمراً عسيرا.. كان لدينا بورصة للقطن واليوم نستورده لمصانعنا وما نزرعه للألحفة والبطاطين!! الجنيه المصري كان 74 قرشاً واليوم يساوي عشرة قروش ولا نستطيع أن نعطيه لمنادي السيارات. أخرجت المدارس الخاصة والجامعات الأولي أفضل شباب متعلم فقدمنا للعالم العلماء والأطباء وآخرهم أحد المهندسين الدوليين في بناء المحطات أو الطبيب الفذ مجدي يعقوب.. وضعنا دساتير العالم العربي ولم نستطع أن نضع دستورنا فغيرناه وحورناه علي كيف الحكام وفي النهاية فقدناه وأصبح علينا وليس لنا. وهنا سوف تقول لي: طيب وآخرتها إيه؟ أقول لك: إني أراهن علي شباب اليوم 5.1 مليون شاب تم تسجيلهم في كشوفات الناخبين هذا العام هم عدتنا وعزوتنا وحينئذ أقول لهم ليت الشباب يعود يوماً فأشترك معكم في إعادة بناء مصر، كان الله معكم.