سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    16 شهيدا من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح    هشام يكن: خسارة سموحة محزنة.. ويجب أن نلعب بشخصية البطل ضد نهضة بركان    مصر وجنوب السودان.. خطوات هامة نحو تعاون مثمر في مجال المياه    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    عاجل.. مقتل امرأة وإصابة 24 في قصف روسي على خاركيف ومحيطها    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    حملات تموينية على المخابز السياحية في الإسكندرية    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أنغام تتألق ب "فنجان النسيان" في حفلها ب دبي (فيديو)    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    رضا عبد العال ينتقد جوزيه جوميز بعد خسارة الزمالك أمام سموحة    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    طاقم حكام مباراة بيراميدز وفيوتشر في الدوري    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق السبت
لنشعل شمعة ونزرع وردة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 01 - 2010

ليس هذا كلاما في السياسة‏..‏ ولكنه أبيات من قصيدة في حب مصر‏.‏ *‏ لا نريد مؤتمرات شعبية جماهيرية ولا خطبا منبرية عنترية‏..‏ تذكرنا بأيام الاتحاد الاشتراكي‏..‏ ولكن رحلة عزاء ومواساة معا‏..‏ إلي بيوت الضحايا‏... كنت ألهو كعادتي كل خميس مع حفيدتي الصغيرة سالي في حديقة النادي بعد أذان الظهر بقليل‏..‏ عندما استوقفتني سيدة فاضلة تجاوزت الخمسين من عمرها‏..‏ ذات شعر أبيض‏..‏ ووجه عبوس قمطرير‏..‏ وكلمات مثل طلقات الرصاص قالت لي‏:‏ أنت تلهو هنا مع حفيدتك والنار مشتعلة في الصدور في صعيد مصر‏!‏
وأمسكت بذراعي في نفس اليوم شابة في حسن وبهاء ايزادورا ابنة القائد الروماني في مصر العليا و التي ركبت زورقا في النيل لتلحق بحبيبها الضابط المصري فغرقت وغرق زورقها وحبها‏..‏ وقالت لي ودموع الدهر كله قد جفت في عينيها الزرقاويين‏:‏ الحقوا مصر‏..‏ لا نريد أن نتحول إلي لبنان أخري‏!‏
ومال علي شاب ناعم الشعر أسود العينين وقال لي‏:‏ أنا قادم من نجع حمادي حيث تعيش أسرتي هناك‏..‏ النار تشتعل تحت الرماد‏..‏ الحقوا مصر‏!‏
قلت في نفسي‏:‏ ياه للدرجة دي‏!‏
كما طالب الرئيس حسني مبارك أن يشارك عقلاء القوم فينا في حل هذه القضية الشائكة‏..‏
في نفس الليلة اجتمعنا مخلصين متحابين جمع من المبدعين والمفكرين وأصحاب الرأي فينا من ذلك النوع الذين وضعوا الهرم في صدرهم مكان القلب
لسنا من الساسة ولا من أصحاب المناصب الرفيعة‏..‏
بيننا القبطي الذي يذوب هياما في حب مصر‏..‏ وبيننا المسلم الذي يعشق ترابها ويتعبد في محرابها ويسبح باسمها بكرة وعشية‏..‏ لم نتكلم كثيرا‏..‏ ولا يهم من الذي اجتمع وماذا قلنا‏..‏ ولكننا في آخر الجلسة وضعنا روشتة للخلاص‏..‏
كان هذا هو كل همنا‏,‏ فالوقت يسرقنا‏..‏ والرماد مازالت تحته جمرات متقدة آن لها أن تنطفئ‏..‏ والصدور تحبس في داخلها دخانا وبخارا‏..‏
اسمحوا لي أن أقرأ لكم ماذا كتبنا وماذا قلنا في روشتة الخلاص الوطني؟
لقد قلنا وكتبنا بكل وعي وبكل ادراك لهذه النار المشتعلة في الدور والصدور التي لو انفجرت وتطايرت منها شرارة لانشرخ صدر الهرم‏:‏
‏(1)‏ ليس معقولا ولا مقبولا تحت أي ظرف وتحت أي مسمي ما حدث في نجع حمادي‏..‏ مسجل خطر ومعه مجنون وثالث متهور أو مدفوع بالحقد كله‏..‏ يطلقون الرصاصات القاتلة علي أخوة لنا لهم في الدار والجيرة ولقمة العيش والنخلة وفدان الحنطة وظل الشجرة ودفء الدار وحضن الأم ولمة الصغار‏..‏
ودم المعارك لا نعرف هل تنزف من شريان مسلم أم مسيحي دفاعا عن تراب الوطن‏..‏
لابد من محاكمة المتهمين الثلاثة محاكمة سريعة في أيام وليس في شهور طويلة بين تحقيقات الشرطة واستجوابات النيابة والاعيب المحامين وقهر المحاكم‏..‏ والحكم يصدر حالا في أيام‏..‏ وينفذ القصاص العادل أمام الجميع حتي تبرد النار التي مازالت مشتعلة في صدور اخواننا الذين عضهم ثعبان أعمق في مقتل‏!‏
كم من كلمات العزاء وقصائد المواساة‏..‏ تساوي أن يموت شاب مثل البدر في ليلة اربعتاشر لم يتعد التاسعة عشرة من عمره‏..‏ قرة عين أبيه علي صدره في ليلة عيد؟
من يتحمل منكم أيها السادة‏..‏ أن يموت ابنه علي صدره برصاصات غادرة وهو في قمة سعادته وفرحه في ليلة مولد السيد المسيح حامل خطايا كل البشر
القصاص فورا ممن قتل وبدون تأخير يوم واحد‏!‏
ولكم في القصاص حياة‏..‏ يا أولي الألباب‏.‏
‏(2)‏ لماذا لا يذهب البابا شنودة الثالث بابا الكرازة المرقسية‏..‏ وأنا أعرفه جيدا منذ أن كنا زملاء في قسم الصحافة في كلية آداب القاهرة وهو قمة في التسامح والسمو والعفو والرحمة‏..‏ يدا بيد مع مولانا الامام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي إلي نجع حمادي ويلتقيان معا داخل دور من نالته يد الغدر باسم الذين غابوا وراحوا في غفلة من الزمن
لا نريد مؤتمرات شعبية جماهيرية ولا خطبا منبرية عنترية‏..‏ تذكرنا بأيام الاتحاد الاشتراكي‏..‏ ولكن رحلة عزاء ومواساة معا‏..‏ إلي بيوت الضحايا‏..‏
بيوت كل الأقباط والمسلم الوحيد‏..‏؟
وليذهب الاثنان معا إلي دور العبادة‏..‏ الجوامع والكنائس‏..‏ كما فعلنا ايام ثورة‏19‏ من خلف زعيم الامة سعد زغلول تحديا بالصدور والنفوس والارواح ضد الاحتلال البريطاني‏!‏
‏(3)‏ لنختار نخبة من أهل الفكر والرأي والتنوير من اخواننا الأقباط وهم والحمد لله كثر‏..‏ لن أذكر أسماء‏..‏ فالأسماء معروفة‏..‏ ويجتمع هؤلاء المفكرون والمتنورون بعيدا عن سلطان الكنيسة ووصاية الجامع‏...‏ ويقدمون لنا مطالبهم العادلة بكل صدق ودون خوف‏..‏
‏*‏ كنائس جديدة‏..‏ نبنيها لهم‏..‏ كنائس قديمة أثرية نرممها كما فعل رفيق الطريق د‏.‏زاهي حواس مع الكنيسة المعلقة‏!‏
‏*‏ مناصب عليا رفيعة لهم نعطيها مادامت من حقهم‏..‏
‏*‏ إلغاء كل قيود وظائف الدولة‏..‏ أمامهم‏..‏
‏*‏ تخصيص كوتة في مجلس الشعب ومجلس الشوري لهم أسوة بالمرأة‏..‏ لم لا؟
ولكننا رأينا حسب اقتراح بعض اخواننا الأقباظ الذين شاركونا تحرير ورقة الخلاص‏..‏ مجرد اقتراح أن يكون كل المعينين الذين يعينهم الرئيس مبارك في المجلسين من الأقباط وحدهم‏..‏ مادام هناك مشكلة بلا حل‏.‏
‏(4)‏ لابد من خطة محكمة وعملية وليست احتفالية للصحافة والتليفزيون فقط‏..‏ لانقاذ الصعيد مما هو فيه‏..‏ وفي اعتقادي أن السيد الأخ جمال مبارك أمين السياسات في الحزب الوطني يقوم بالفعل بدور كبير في انقاذ الصعيد من ثالوث الفقر والجهل والتخلف‏..‏ ولكن علينا أن نسانده ونؤازره‏..‏ ليس بمجرد سرادقات تجمع المسئولين والوزراء وتلقي فيها الخطب العصماء‏..‏ ولكن لابد من أن نسانده إلي جانب ما يمكن أن تنفقه الدولة بالمال المسلم والمسيحي معها‏..‏ وليس أمامنا من مثال أكثر من الأخ المهندس أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني وصاحب المصانع والأسهم والمشروعات والنجم الساطع في عالم الصناعة والمال‏..‏ ومعه الاقتصادي الكبير الشهير رجل الأعمال نجيب ساويرس‏..‏
ولو اجتمع الثلاثة‏:‏ السيد جمال مبارك‏+‏ المهندس أحمد عز‏+‏ الاقتصادي نجيب ساويرس‏..‏ لنهض الصعيد من رقدته التي طالت‏!‏
‏(5)‏ علينا أن نعالج بالدبلوماسية وبالاتصال المباشر‏..‏ بالسفر إليهم‏..‏ بالحوار معهم‏..‏ تحركات اخواننا أقباط المهجر حتي لا يكونوا شوكة في جسد الوطن‏..‏ بل سلاما وضمادة تخفف من آلام جراحنا التي هي من صنع أيدينا نحن في الداخل‏..‏
‏(6)‏ لنفتح الباب أمام حرية العقيدة‏..‏ من يريد أن يصبح مسلما‏..‏ فهو لن ينقص المسيحيين واحدا‏..‏ ولن يزيد المسلمين واحدا‏..‏ نفس الشيء بالنسبة للمسلم الذي يريد أن يختار دينا آخر لنتركه يذهب الي الدين الذي هجر إليه دون أن نهدر دمه‏..‏
فماذا ينقص البحر الواسع العميق لو أخذنا منه قطرة ماء أو حتي بضع قطرات‏..‏ سيظل البحر بحرا ويظل الاسلام اسلاما ونورا‏..‏؟
‏(7)‏ لننزع من الخطاب الديني في المساجد والكنائس كل خناجر الحقد والتطرف والغمز واللمز والتنابذ بالألقاب والأدران‏..‏ بئس لاسم الفسوق بعد الايمان‏.‏
‏(8)‏ علينا أن نعظم دور الأزهر ودور الكنيسة في الداخل والخارج‏..‏ ولا نسمح بالخروج عليهما‏..‏ باعتبار أنه لا اسلام حقيقي إلا في مصر‏..‏ ولا مسيحية حقة إلا في مصر‏..‏
‏(9)‏ نحن لا نتقبل ثقافة الآخر‏..‏ لابد أن نتغير إذا أردنا أن تبقي مصر آمنة مستقرة إلي آخر الزمان‏..‏
‏(10)‏ علينا أن نواجه طوفان المحطات الفضائية التي تدس لنا السم في العسل‏..‏ ونواجهها بعلماء يفهمون الدين كواحة للانسان‏..‏ وكشجرة ظليلة‏..‏ وليس جهنم وبئس المصير‏..‏ وبتلفزيون مصري قوي‏..‏
‏(11)‏ من حق النائبة الفاضلة جورجيت قليني أن تقول في مجلس الشعب ان ماحدث يتدرج تحت لافتة فتنة طائفية‏..‏ ولكن ليس هذا وقته والدنيا تتربص بنا‏..‏ ونحن كلنا يسعي لرأب الصدع‏..‏ ولابد وأن تتوقف هذه المظاهرات التي تدعو الي الفتنة الصريحة والاستشهاد من اجل المسيحية‏!‏
‏(12)‏ علينا أن نرد علي هجمة البرلمان الاوروبي علينا واتهامنا بمعادة الاقلية‏..‏ ردا حاسما ومقنعا وبلغة المنطق وبالاسانيد‏!‏ فالاقباط ليسوا أقلية بل هم نسيج وطني لايتمزق‏!‏
‏.............................‏
‏.............................‏
هذه هي ورقة الخلاص التي كتبناها مخلصين أقباطا ومسلمين علي عجلة منا‏..‏ خوفا علي مصر كلها‏..‏ ومعظم النيران أيها السادة من مستصغر الشرر‏.‏
ولنتعلم من السيد المسيح الذي أرسله الله وجيها في الدنيا والآخرة والسلام عليه يوم يولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا‏..‏ ذلك عيسي بن مريم كلمة الله لكل البشر‏..‏
ولنعي جيدا كلمات الانجيل‏:‏ لاتجعلوا كنوزكم في الأرض‏,‏ حيث يفسدها السوس والدود‏,.‏ ولكن اجعلوا كنوزكم في السماء‏..‏ فانه حيث تكون كنوزكم‏..‏ تكون قلوبكم‏..‏
ولنعي كلنا جيدا كلمات رسولنا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم‏:‏ لايكون أحدكم مسلما حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه‏.‏ لو أننا وعينا ونطقنا هذه الكلمات لأنبتت هذه الأرض الطيبة ورودا وزهورا‏..‏ وليس جمرا خبيثا حاقدا شريرا‏{‏
‏H‏ طن زبالة‏..‏ لكل مواطن‏!‏قال الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء في عبارة عنترية في بيانه أمام مجلس الشعب يوم الثلاثاء قبل الماضي‏:‏ إحنا بتوع الغلابة‏..‏ موش الواصلين‏!‏
ثم وضع فوق كتفي كل مواطن طن زبالة كل سنة‏..‏ بالصلاة علي النبي‏..‏
نفس كلمات رئيس مجلس الوزراء أمام نواب الشعب‏!‏
وقال‏:‏ إننا نحتاج‏8‏ مليارات جنيه كمرحلة أولي للخلاص من كابوس العشوائيات في الأخصاص والدويقة واسطبل عنتر وعزبة الهجانة‏.‏
في نفس يوم إلقاء رئيس مجلس الوزراء خطابه حدثت‏6‏ حالات اغتصاب‏+17‏ قتلي علي أسفلت الطريق‏+‏ حادث انتحار عامل لم يجد ما ينفقه علي أسرته الصغيرة‏!‏
في القري والنجوع البعيدة‏..‏ عرفوا بفطرتهم وفطنتهم سر الحكومة الذي خفي عن أهل المدينة المتنورين‏..‏ أطلقوا علي الزوجة اسم الحكومة‏..‏ ولما سألتهم‏:‏ لماذا يا أهل التفطن؟
قالوا‏:‏ لأن الاثنين يديران معا مصنع النكد الدائم‏!‏
طيب والستات وعرفنا‏..‏ لماذا هن نكديات بطبعهن‏..‏ وربما من غير أن يقصدن‏..‏ وربما يقصدن أحيانا‏..‏ كما قالت لي معلمة بكسر الميم أروبة من معلمات سوق الهدوم في بولاق والتي تلعب بالرجال لعب من قبيل وضع الفلفل والكمون والشطة في طبق الحياة الزوجية اليومية حتي يصبح مفلفلا مشطشطا مشتعلا حرارة وشوقا وشكا وغيرة‏,‏ أو شد وجذب وخناقات لذيذة طول الوقت‏!‏
ولكن‏..‏ لماذا تنكد الحكومة علي الناس صبحا وضحي وعشية؟
حتي إن الناس تصوروا أن الحكومة تعقد كل صباح مجلس وزرائها الموقر لكي تبحث في أمر واحد فقط‏:‏ ما هو القرار‏,‏ أو ما هي القرارات التي يمكن أن تصدرها لكي تنكد علي الناس عيشتهم مع طبق الفول وفنجان الشاي الأسود‏..‏ وقبل أن يدور دولاب العمل في بر مصر كله؟
فلا يوجد قرار واحد يسر الناس ويرضي عنه خلق الله كما صاحت في أذني الست باتعة التي تعيش عل معاش الضمان الاجتماعي وتربي من الأولاد خمسة لا طوابير العيش التي مازالت تمتد من باب المخبز في مساكن زينهم وحتي محطة مصر في باب الحديد‏..‏
ولا الغلاء‏..‏ الذي قطم وسط الناس ولا أزمة فيروسات إنفلونزا الخنازير التي أصبحت تحصد كل صباح عشرة من أبناء هذا الشعب الطيب‏..‏ وعندما فكرت الحكومة في العلاج والوقاية‏..‏ بعد إيه‏..‏ استوردت مصلا قالوا إنه كان مخزونا في أوروبا‏..‏ ولم تجر عليه أي تجارب‏..‏ وكأننا في مصر فئران تجارب لضمان صحة الأوروبيين والأمريكيين‏..‏ أكابر الدنيا وسادتها‏..‏ وتعظيم سلام للأكابر‏!‏
قلنا وهللنا وصرخنا بالصوت الحياني‏:‏ أغلقوا المدارس حتي تنتهي موجة الشتاء وتموت فيروسات إنفلونزا الخنازير‏..‏ حجروا دماغهم وراسهم وألف زلطة‏..‏ الدراسة ممتدة مهما حدث إنقاذا للعملية التعليمية‏..‏ وليذهب إلي الجحيم ثلث سكان مصر من التلاميذ وقوامهم عشرون مليونا من حنايا الصدور‏!‏
ولا غول الغلاء يمسك برقاب الناس يكاد يقتلهم خنقا‏..‏ وعمنا وزير الجباية العزيز يوسف بطرس غالي مصمم علي أن يطربقها علي دماغ الشعب كله بالضريبة اليوسيفية العقارية‏!‏
لولا ان تدخل الرئيس مبارك اخيرا‏..‏ واوقف كل شيء وانتصر لنا وللغلابة وللحق‏!‏
وأه من ويلات السيول التي تبني الحكومة مسان الغلابة في مجراها‏!‏
الآن أصبحت الحكومة تسكن حدائق وادي القمر‏..‏
والشعب كله يعيش في زقاق حوش بردق‏..‏ مع أكوام القمامة وبرك الصرف الصحي وتلوث بلا حدود للماء والهواء‏..‏ مع هم العيشة وخلف العيال‏..‏ لا صلة ولا تواصل‏..‏ ولا حتي حوار ولا مجرد إدراك لمعاناة الناس ولسان حال الحكومة الذكية النكدية‏:‏ هي الناس عاوزة إيه بس؟
كل واحد عاوز مرتب الشيء الفلاني وعربية وشقة عالنيل وعروسة قمر أربعتاشر‏..‏ طيب إزاي بس‏..‏ وإحنا دلوقتي بقينا في دائرة ال‏80‏ مليون إنسان؟
ياساتر استر يارب‏..‏ نوكلهم منين ونشربهم منين؟
‏...................‏
قالت لي الصحفية النشيطة هبة عبدالخالق القادمة لتوها من رحلة دراسية في الجامعات الأمريكية‏:‏
يا سيدي يبدو أن هناك حالة من عدم الرضا لدي الناس والحكومة‏..‏ لا الناس طايقة الحكومة‏..‏ ولا الحكومة مستحملة الناس‏..‏ ولكن من منهما الظالم ومن المظلوم؟
قلت‏:‏ الاثنين موش طايقين بعض‏..‏ هناك حالة من انعدام الثقة بين الطرفين‏,‏ أو قد يكون عدم فهم كل طرف للآخر‏.‏
تسألني‏:‏ ماذا تقول فيما يحدث؟
قلت لها‏:‏ يا ست هانم الناس تعبانة والبطالة والمحسوبية والفساد يؤرقهم‏,‏ الفقر نحل وبر الغلابة‏.‏
قالت‏:‏ كل كتب الاقتصاد التي درستها في الجامعات تقول لنا لا يوجد شعب بلا فقراء‏,‏ أو حكومة بلا متاعب وبلا مشكلات‏..‏ وليس هناك دولة بالعالم كل شعبها ميسور الحال‏..‏ اللي في الكتب شيء‏..‏ واللي علي أرض الواقع شيء مختلف تماما‏.‏
قلت‏:‏ هذا صحيح‏..‏ ولكن الفقر هنا أصبح للركب جعل الأب‏..‏ من غلبه يرمي فلذات أكباده‏,‏ والأخ يقتل أخاه من أجل الفلوس ولقمة العيش‏.‏
قالت‏:‏ ألا تشعر ياسيدي بأننا نبالغ أحيانا‏,‏ وأن الناس تصنع من الحبة قبة‏,‏ كما يقولون؟‏!‏
قلت‏:‏ في الفقر وفي الهوان وفي سوء الحال لا أحد يبالغ‏..‏ الناس انتظرت كثيرا‏..‏ ولكن بلا طائل‏,‏ بينما اكتفت الحكومة المصونة بالمسكنات‏!‏
قالت‏:‏ الناس في بلدنا دايما مش راضية‏..‏ بصراحة نحن شعب كثير الشكوي بنرمي كل شيء علي أكتاف الحكومة‏..‏ كل واحد عاوز ينام ويأكل ويشرب ويسكن ويتزوج‏..‏ وكل شيء من الحكومة وعلي الحكومة‏,‏ وإن لم تفعل ذلك فهي حكومة سيئة السير والسلوك وماعندهاش دم‏!‏
قلت‏:‏ أمال‏..‏ ايه الحكومة هنا‏..‏ إيه بريئة خالص والناس بس‏..‏ هما المفتريين‏.‏ انتي الظاهر نازلة علينا من كوكب تاني‏!‏
تسألني‏:‏ وأين دور الناس هنا‏..‏ انظر إلي الموظف مثلا هل يخلص في عمله؟ وهل يؤدي كل شخص دوره؟ لماذا لا ننظر إلي الشعب الياباني وما يفعله وكيف يقومون بالعمل والنظام والتعاون‏,‏ والصينيون يملأون الأرض طولا وعرضا ويعملون بكل شيء وأي شيء‏,‏ وللأسف لدينا شباب هنا لا يريد أن يعمل سوي الجلوس علي المكاتب‏!‏
لا أحد يريد أن يتعب‏..‏ عاوزين كل شيء علي الجاهز برغم أنهم يسافرون بلاد بره‏..‏ ويعملون في دولها في أقل الأعمال ولا يغضبون أما هنا‏..‏ فلا‏!‏
قلت‏:‏ يا ست هانم أنت فيه حد قريبك وزير واللا محافظ‏..‏ الناس موش لاقية شغل بدون واسطة أو محسوبية والفساد والرشاوي في كل مكان ماتنسيش نفسك كده والنبي‏..‏ يظهر الأمريكان مأثرين فيك حبة واللا عاملين لك غسيل مخ‏!‏
‏..............‏
مازلنا نتحاور ونتشاور لمد جسور الثقة بين الناس والحكومة‏..‏
تتدخل في الحوار الدكتورة فاتن الطنباري أستاذة الإعلام في الجامعة بقولها‏:‏ تعدادنا يتزايد ودخلنا كما هو ومواردنا محدودة‏,‏ والأزمات الاقتصادية تعصف بالعالم كله‏,‏ لابد أن نسخر كل طاقاتنا جميعا للخروج إلي بر الأمان وبدلا من أن توظف كل طاقات المجتمع في لعن الحكومة والبلد ونفرج علينا كل الناس‏,‏ ومع أي غلطة نمسك ميكروفون وننادي ونصرخ‏:‏ الحقوا‏..‏ شوفوا الحكومة بتعمل إيه فينا؟
بدلا من أن نلعن الظلام فلنشعل شمعة لنظهر للعالم أفضل ما فينا‏..‏ وأجمل ما لدينا لنعطي لأنفسنا دفعة نفسية لنفخر بمصريتنا التي يحسدنا عليها الجميع‏.‏
بوسعنا أن نصبح أفضل الشعوب لو قمنا بصحوة مع أنفسنا وبدلا من أن نشكو فقط فلنعمل‏.‏
‏............‏
الحملة النسائية التي ترتدي ثوب الأحلام الوردية مازالت تحمل راية الأمل‏..‏
قلت‏:‏ ليس بالأحلام والآمال وحدهما يعيش الناس‏!‏
هناك الكثير من الأزمات والنكبات يتعرضون لها‏..‏ والشكوي والغضب يخرجان من عيون لا تري إلا السلبيات والتجاوزات والأخطاء والخطايا‏!‏
وكم من أب قتل أسرته لأنه لا يقدر علي إطعامهم؟
وكم من أم انحرفت عن الطريق الصحيح أو عملت بأدني الأعمال ليعيش الأبناء‏..‏ لأنه لا معاش للمطلقة أو الأرملة إلا ملاليم لا تسد جوع أسرة أو تعلم أبناء بمراحل الدراسة أو حتي تدفع ايجار شقة أو فاتورة كهرباء أو مياه‏!‏
قلن في صوت واحد‏:‏ هل سألنا رجال أعمالنا الأفاضل وأثرياءنا الذين كسبوا المليارات في هوجة التحول إلي الرأسمالية‏..‏ أين أنفقوا أموالهم‏..‏ أليس علي المظاهر الكذابة والبذخ والمجون والنساء إياهن وتركوا الفقراء يموتون جوعا وعوزا وكمدا ونكدا؟
وكم من سارق وكم من مرتش وكم من مخالف لضميره وكم من فاسد من غشاش للسلع‏..‏ وهاهو مجلس الشعب صحا أخيرا ليحاكم وزيرا سابقا مثقلا بالخطايا‏!‏
تسألني الصحفية المتمردة‏:‏ لماذا لاتقوم الحكومة بتخصيص هيئة كاملة أو حتي وزارة للشكاوي والنظر فيها‏,‏ وأخري للمتابعة لكل كبيرة وصغيرة بالبلد ويكون هناك عقاب رادع؟
لماذا لا تكون لدينا همزة وصل‏..‏ جسر بين الناس والحكومة؟
قلت‏:‏ يا عالم يا هوه‏..‏ لقد كان لدينا في عهد الرئيس السادات ما يسمي ديوان المظالم يتلقي شكاوي الناس‏..‏ ثم أغلقوه‏..‏ ليه ما أعرفش‏!‏
وكان لدينا قانون من أين لك هذا؟‏..‏ يحاسب السارق والمرتشي‏..‏ ومازال هذا القانون موجودا‏..‏ ولكن لأسباب لا أعلمها مازال مركونا علي الرف؟
الناس عايزة حكومة تحس بها‏..‏ تنزل لها تشوف الناس عايشة إزاي؟ بتأكل إيه؟ بتربي أولادها إزاي‏..‏ بتعالج عيالها واللا لأ‏..‏ وفين وبكام؟ ساكنة فين؟ قادرة علي المعيشة واللا طلعت من هدومها خلاص؟
قالت من تحمل لواء الدفاع عن الحكومة‏:‏ ما رأيك أن نحاول أن نسمع الحكومة صوت الناس‏.‏؟
قلت لها‏:‏ إزاي يا شارلوك هولمز ياما قلنا وعدنا وياما فتحنا مواضيع وياما نزلنا للناس‏,‏ وياما طبقنا كلام الرئيس مبارك للمسئولين‏:‏ انزلوا للناس اسألوا الناس شوفوا الناس عاوزه ايه؟ وياما كتبنا عنهم هنا‏..‏ عن مشكلات وهموم الناس‏..‏ وانتظرنا أن تحدثنا الحكومة‏..‏ آلو يا حكومة‏..‏ ولا حد سأل ولا حد عبر الناس الغلابة وقال لهم‏:‏ أنتم فين ياجماعة‏..‏ ازيكم‏..‏ كيف الحال؟
قال فريق حملة الاحلام الوردية النسائية‏:‏ بابتسامة عريضة في زمن شح فيه الابتسام والضحك‏:‏ لابد ألا نيأس‏..‏ نحاول ونحاول ونحاول‏..‏ إذا كانت الحكومة عاملة ودن من طين وودن من عجين‏..‏ ننزل إحنا للناس في الشوارع والميادين في الريف والحضر في كل مكان من تراب مصر الطيب‏..‏ نسأل ونسمع‏..‏ نري ما بداخل حياتهم وعقولهم شبابا قبل الرجال‏..‏ ورجالا قبل الشيوخ‏..‏ ونساء في مقدمة كل هؤلاء‏..‏ ليصبح لدينا صورة واضحة وخريطة شاملة لما يدور في العقل المصري بموضوعية وحياد‏..‏
قلت لهن‏:‏ يعني خريطة للهموم‏..‏ خريطة للنكد الأزلي‏..‏ وهو الهم والنكد كمان عاوز خريطة‏..‏ اللهم آمين‏!
ahram.org.eg@‏Email:asaadany‏‏‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.