مقطع فيديو جديد ودقائق معدودة تتسبب في أزمة.. حدث أصبح يتكرر في المشهد السياسي وذلك لدوره الهام في خدمة الرسالة الإعلامية كأحد انماط الإعلام الأكثر تاثيرا بنقله للصوت والصورة والمحتوي. وهو ما يجعلها الأكثر إغراء في استخدامها ليس فقط كأداة للتعبير عن الراي بل كسلاح يتم استخدامه ضد المختلفين فكريا, وكشفت الممارسة العملية لها في الاونة الاخيرة عن سوء استغلال الفيديوهات عبر الزج بها في اتون صراع سياسي بين الفرقاء من التيارات الاسلامية واللبرالية, سواء التي ينتجها افراد عبر هواتفهم أو تنتجها فضائيات أو يصورها هواة, ليتم توظيفها لتحقيق مكاسب سياسية, ومن اجل الاستمرار في شنمعركة تغيير الصورة الذهنية تجاه الآخر, أو باستعراض القوة إما بالتهديد بالعنف أو استخدامه كوسيلة للتعبير, وهو الامر الذي ادي لتحول الإعلامالي ساحة للصراع مع تنوع القضايا والافكار والشخصيات وفي ظل بيئة اعلامية تزخر بعدد كبير من الفضائيات ومستخدمي الانترنت والمحمول, ونقل محتوي الفيديوهات في صورة اخبار في الصحف الورقية, وقدرة الأفراد والفاعلينالسياسيين علي انتاجها ونشرها من اجل التأثير في المعلومات التي تشكل الراي لدي الباقين تجاه قضية ماأو تيار أو اشخاص, وهو ما يؤدي الي ردود افعال سلبية أو إيجابية, ولتدور بشأن ذلك معركة إعلاميةعبر ساحة القنوات الخاصة والانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي, وقيام النشطاء باعادة بث الفيديو لكسب المزيد من المؤيدين لصفوفهم عبر زيادة المتابعين والمراقبين لمحتواه, وبما يزيد من تأثيره وردود الافعالحوله. وبالرغم من سيطرة الطابع الفردي في إنتاج الفيديوهات المعبرة عن أي من الافكار داخل المجتمع فإن سرعة انتشارهاواستخدامها من جانب المعارضين والمؤيدين لها عمل علي تضخيم مضمونها لتبدو كما لو كانت تعبر عن تيار حقيقي واسع الانتشار. وفي حين استخدمالليبراليينفيديوهات كدليل علي الانغلاق لخصومهم الاسلاميين تم استخدام أخري مضادة لتبرير معاداة الليبراليون للشريعة أو للدين أو حتي للحرية ذاتها, وكشفت طرق معالجة قضايا مثل الاستفتاء علي الدستورعن دور الإعلام في حالة الاستقطاب الحاد والتشويش علي الراي العام, وأخذ كل تيار يبرز مهاراته في النقد والسخريه وانه الاحرص علي الدين أو الاستقرار في مقابل الفوضي, أو الحرية مقابل الدكتاتورية, وتحدي كل منهما للآخر بقدرته علي تحريك الشارع والجمهور من خلال شحنه وتعبئته, وتحول دور الاعلام من التعبير عن مصالح المجتمع للتعبير عن مصالح النخبة, وشن حروب شخصية ومزايدات وطنية ودينية علي حساب المناقشة الحقيقية للقضايا الراهنة. وافرزت سيطرة الطابع الديني علي المحتوي إما ببروز قيادات دينية أو اتجاه الفضائيات الدينية الي الحديث بالسياسة تأثيرا سلبيايتمثل في تحول بعض رجال الدين من وسطيةالفكر للمغالاة والاثارة. وبرز دور لقيادات وقوي أخري جديدة مكنتها مهاراتها في إنتاج الفيديوهات والوصول لوسائل الإعلام من الظهور وبخاصة من الشباب. وهو ما يكشف عن حالات التفتت داخل التيار السياسي الواحد وبما يؤثر علي تماسكه الفكري والتنظيمي, كما انعكس الثابت والمتغيرداخل افكار التيارات السياسية علي المواقف والتصريحات تبعا للمرجعية الخاصة وتفاوت الخبرة لديها. وعلي الرغم من اهمية دور الإعلام في إثراءالحوار ومناقشة القضايا الخلافية بين الفرقاء فإنه تم استخدامفيديوهات عبرت عن خطاب إقصائي وللتعبير عن وجهة النظر الأحادية وعن امتلاك الحقيقة المطلقة لأي من الاطراف حتي من جانب بعض ممن يوصفون بالليبرالية, وكشفت عملية استخدام الفيديوهات عن التحول في جزء منها من دور الإعلام في نقل المعرفة والحقيقة الي سلاح انتقائيسواء بالنظر الي القضية محل الاهتمام أو الي طبيعة المقطع المختار أو الي الاستقطاع منه بما يبرر وجهة نظر من يستخدمه, أو ان يتم استرجاع مقاطع قديمه أو عمل مونتاج لها, وليتم تحميل حادث أو موقف فردي علي التيار الذي ينتمي اليه المصدر بصورة جماعية, واستخدمت فيديوهات للتحريض علي العنف ومحاولة استنفار وتحريك المشاعر الدينية وتوظيفها سياسيا, وبذلك حدث التحول من دورها كأداة للتعبير عن الرأي الي ممارسة السب والقذف وانتهاك الخصوصية والابتزال اللفظي والاخلاقي, واخري تم نشرها أو تسريبها لكشف التمكن من خداع الآخر, والتناقض بين ما هو معلن وما هو مخفي. واصبحت الفيديوهات مادة اساسية في العديد من البرامج, وظهوتبرامج متخصصة للسخرية والتعليق علي محتواها ونقل الافكار التي تحتويها أو الشخصيات المعبرة عنها, وذلك من اجلالتنافس علي اكبر قدر من المشاهدين والمصداقية, وبذلك اصبحت الفيديوهات اعلانا واتهاما وحكما ضد الاخر علي النحو الذي انحرف فيه الاداء الاعلامي من نقل الخبر والمعرفة الي اصدار احكاموهو ما يشكل انتهاكا لسلطة القضاء وسيادة القانون. ولا يمكن فهم ذلك الاستخدام غير الرشيد للفيديوهات بين الفرقاء بمعزل عن طبيعة التغير في المجتمع والادوات التي اصبح يمتلكها وتصاعد دور الإعلام في ظل مناخ الحرية, وطبيعة ثقافة الديمقراطيةالمتاحة, الي جانب اتجاهات الجدل العام حول تجاذبات المرحلة الانتقالية والتي تفرض ان يكون للاعلام دور في ادارة الحوار والتنوع وليس لبث الفرقة والصراع. المزيد من مقالات عادل عبدالصادق