كتبت وفاء البرادعي: أجمع المراقبون علي المخاطر المحيطة بالتعاملات التجارية( تصديرا واستيرادا) بين دول العالم وذلك علي اثر استمرار المشاكل المالية الامريكية و حدوث عجز فوضوي عن سداد الديون السيادية في دول منطقة اليورو او الانسحاب من عملة اليورو نتيجة تخفيض الدعم للدول الأوروبية المثقلة بالديون وانتهاج السياسات المالية المفرطة في التقشف وانتقال العدوي إلي مناطق أخري من العالم وحدوث حروب العملات وانهيار بنوك( نتيجة الاقبال السريع من قبل المستثمرين لسحب الاموال) ومن القطاعات المرجح تضررها من ازمة الديون السيادية قطاع التجارة الخارجية نظرا للاعتماد الكبير علي الاسواق الخارجية والطلب العالمي ويعتبر نشاط التصدير احد الانشطة القليلة في الاقتصاد المصري التي يتولد عنها تأثيرات ايجابية مباشرة منها الاسهام في الناتج المحلي الاجمالي وايرادات النقد الاجنبي والعمالة وقد افاد تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء ارتفاع قيمة العجز في الميزان التجاري المصري خلال شهر يونيو الماضي ليصل إلي6.17 مليار جنيه مقابل9.11 مليار جنيه خلال الشهر ذاته من2011 ليسجل تراجعا بقيمة7 ر5 مليار جنيه بما نسبته47.9% وأعلنت الحكومة المصرية عن خفض توقعاتها لقيمة الصادرات المصرية عن المستهدف في الخطة التصديرية لعام2012 من نحو160 مليار جنيه مصري الي130 مليار جنيه وبحسب تقديرات الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات فقد حققت الصادرات المصرية ما قيمته75.8 مليار جنيه خلال الفترة من يناير إلي يوليو2012 مسجلة بذلك انخفاضا بنسبة5% عما حققته الصادرات في نفس الفترة من عام2011 بقيمة79.8 مليار جنيه. ويمثل الاتحاد الاوروبي ثاني اكبر شريك تجاري لمصر بعد الولاياتالمتحدة اذ يستحوذ علي32% من تجارة مصر الخارجية وبالتالي فإن استمرار اجراءات التقشف التي تجري حاليا في جميع انحاء اوروبا لمعالجة ازمة المديونية مع انخفاض الانفاق الحكومي ستؤثر بشكل كبير علي النشاط الاقتصادي والتجاري المصري ويمكن لذلك ان يشكل عبئا علي تمويل العجز في ميزان المدفوعات( الحساب الجاري الميزان التجاري) وانحسار نمو الاستثمارات طوال العام القادم(2013) فقد حققت الصادرات المصرية لدول الاتحاد الاوروبي ماقيمته20.2 مليار جنيه مسجلة بذلك تراجعا بنسبة14% خلال الفترة من يناير إلي يوليو من عام2012 عما حققته الصادرات في نفس الفترة من عام2011 بقيمة5,23 مليار جنيه ومن الاسباب الرئيسية لتراجع الصادرات المصرية في الاسواق الاوروبية انخفاض سعر صرف اليورو امام الجنيه المصري وسط تراجع الطلب المحلي وعدم قابلية المستهلك الاوروبي علي الانفاق فقد سجل مؤشر ثقة المستهلك الاوروبي في منطقة اليورو تراجعا بمقدار(-30) في اغسطس الماضي وللشهر الخامس علي التوالي مسجلا بذلك ادني معدل منذ ثلاث سنوات وفي ظل حالة عدم اليقين حول مستقبل منطقة اليورو من المحتمل استمرار انخفاض اسعار صرف اليورو مقارنة بالعملات الاخري وفي مقدمتها الدولار الامر الذي سيؤدي الي زعزعة الاستقرار في سوق العملات العالمية ونتيجة لربط اسعار صرف الجنيه المصري بعملة الدولار التي تشكل العملة الرئيسية في التعاملات والعمليات الخارجية بين دول العالم فان هذا الربط سيؤثر علي استقرار قيمة الجنيه المصري في الاسواق الخارجية مع تزايد تذبذب سعر الدولار في ظل اضطراب احوال النقد العالمية وشيوع ظاهرة الحروب التجارية والنقدية في ساحة الاقتصاد الرأسمالي العالمي. ومن ثم سينعكس تأثير العوامل الخارجية علي ارتفاع اسعار الواردات والمستوي العام للاسعار بسبب عدم استقرار اسعار صرف العملات الرئيسية التي يجري التعامل بها في التعاملات التجارية الخارجية بالاضافة الي ارتفاع اسعار الفائدة علي القروض الخارجية مما يؤدي الي تصاعد معدلات التضخم الامر الذي سيشكل خطورة نمو اعباء الدين وخدمته بمعدلات اسرع من نمو حصيلة الصادرات مما قد يؤدي الي نشوء ازمات شديدة في النقد الاجنبي في الدول المدينة وتدهور اسعار الصرف للعملات المحلية. والمشكلة هنا كما تراها الدكتورة امنية حلمي استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة في الحفاظ علي تنافسية الصادرات المصرية في حين ان غالبية السلع المستوردة ليس لها بدائل محلية مناسبة كالمدخلات الوسيطة التي تشكل مكونا اجنبيا في السلع المصدرة والتي لايتم استهلاك اي منها محليا مما سيزيد من اعتمادنا وبنسبة كبيرة علي هذه الواردات وبالتالي فان انخفاض قيمة الجنيه المصري قد يزيد من قيمة الواردات وما يصاحبها من ارتفاع في تكلفة الانتاج وتضخم اسعار المنتج النهائي وزيادة اعباء المعيشة علي محدودي الدخل. أما في حالة الانخفاض في قيمة العملة بسبب الاتباع المستمر لسياسات التيسير الكمي من جانب الشركاء التجاريين الرئيسيين فقد يؤدي ذلك الي إضعاف القدرة التنافسية للاقتصادات الناشئة وتحديدا قد تؤدي أسعار الفائدة المتدنية في الاقتصادات المتقدمة الي حدوث طفرة في تدفقات رءوس الاموال الساخنة الي البلدان النامية ومن بينها مصر مما يزيد الضغوط في اتجاه ارتفاع قيمة الجنيه المصري في مقابل العملات الأخري ويؤثر سلبا علي القدرة التنافسية. حروب العملات مع انحسار نمو التجارة العالمية بنسبة2.5% هذا العام مقارنة بنمو7,3% في ابريل الماضي حسب تصريحات منظمة التجارة العالمية تتوجه الدول الي ايجاد حلول لزيادة انتاجها المحلي وكما يبدو هناك توجهات من بعض الدول الكبري كالولاياتالمتحدة والصين لاستخدام اداة خفض قيمة العملة للمساهمة في تحفيز نشاطها الاقتصادي بالاضافة الي ذلك قد تسعي بعض الدول النامية الي اتخاذ نفس التوجهات لزيادة احتياطاتها من العملة الاجنبية مما يساعدها علي مواجهة الازمات المالية في المستقبل.