وسائل إعلام: ترامب يحضر إنذارا لأوكرانيا والاتحاد الأوروبى    عاجل - استقرار سعر الدولار في البنوك المصرية الأربعاء 13 أغسطس 2025    عيار 21 يفاجئ الجميع.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    تراجع أسعار الذهب العالمي مع تزايد الآمال في خفض الفائدة الأمريكية    عباس شراقي: بحيرة سد النهضة تجاوزت مخزون العام الماضي    نتنياهو: إيران لا تزال تمتلك 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب    وفد من حركة حماس يصل القاهرة لبحث تطورات غزة والضفة والقدس مع المسؤولين المصريين    أنا في مهمة تاريخية وروحية، نتنياهو يعترف صراحة بأطماع تراوده بشأن سيناء    الحوثيون يعلنون تنفيذ 4 عمليات عسكرية ضد إسرائيل    إن كيدهن عظيم، كولومبية تفضح أسطورة ريال مدريد على الهواء: رفضته لأنه لا يستحم    "يتعلق بمرض ابنته".. موقف إنساني من إمام عاشور تجاه أقدم عامل بنادي الزمالك    الجو نار «الزم بيتك».. طقس شديد الحرارة على أسوان اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    المتحدة تُطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    خشب المسرح أخده ونزل، لحظة سقوط فنان أسباني شهير أثناء حفله في الأرجنتين (فيديو)    بكتيريا تؤدي إلى الموت.. الجبن الطري يحمل عدوى قاتلة وفرنسا تقرر سحبه من الأسواق    11 لقبًا يُزينون مسيرة حسام البدري التدريبية بعد التتويج مع أهلي طرابلس    نشرة التوك شو| زيارة تاريخية للرئيس الأوغندي لمصر.. و"موسى" يهاجم مظاهرة أمام السفارة المصرية بدمشق    ملف يلا كورة.. شكوى زيزو.. عقوبات الجولة الأولى.. وانتهاء أزمة وسام أبو علي    نيوكاسل الإنجليزي يعلن التعاقد مع لاعب ميلان الإيطالي    منتخب 20 سنة يختتم تدريباته لمواجهة المغرب وديًا    مرشحو التحالف الوطني يحسمون مقاعد الفردي للشيوخ بالمنيا    أسعار التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    نتنياهو: بموافقة واشنطن أو بدونها كنا سننفذ ضرب إيران.. ولحسن الحظ ترامب متعاطف للغاية    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    انطلاق معرض أخبار اليوم للتعليم العالي برعاية رئيس الوزراء.. اليوم    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالثانوي العام والفني    للحماية من هبوط الدورة الدموية.. أبرز أسباب انخفاض ضغط الدم    ممنوعة في الموجة الحارة.. مشروبات شهيرة تسبب الجفاف (احذر منها)    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    «حماس» تشيد بدور مصر الثابت في دعم القضية الفلسطينية    وزيرا خارجيتي السعودية والأردن يبحثان تطورات الأوضاع في غزة    أحمد مجدي: لدي مستحقات متأخرة في غزل المحلة وقد ألجأ للشكوى    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    وزارة الشباب والرياضة: عقوبات رابطة الأندية ضد جماهير الزمالك "قوية"    الدكتور حسين عبد الباسط قائماً بعمل عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجنوب الوادي    فترة تحمل لك فرصًا كبيرة.. حظك اليوم برج الدلو 13 أغسطس    إبراهيم عيسى يٌشكك في نزاهة انتخابات مجلس الشيوخ: مسرحية (فيديو)    طريقة عمل شاورما اللحم فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهزة    الصحة تشيد بالأطقم الطبية بمستشفيات الشرقية لنجاحها فى إجراء عمليات معقدة    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    بداية أسبوع من التخبط المادي.. برج الجدي اليوم 13 أغسطس    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    أكرم القصاص: مصر أكبر طرف يدعم القضية الفلسطينية وتقوم بدور الوسيط بتوازن كبير    مصدر بهيئة قناة السويس ببورسعيد ينفي ما تم تداوله حول إغلاق كوبري النصر العائم    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    متلبسًا بأسلحة نارية وحشيش.. ضبط تاجر مخدرات في طوخ    إخماد حريق نشب في محول كهرباء تابع لترام الإسكندرية    البنك العربي الأفريقي الدولي يرفع حدود استخدام البطاقات الائتمانية والعملات الأجنبية للسفر والشراء    "الإسكان": منصة إلكترونية/لطلبات مواطني الإيجار القديم    الزراعة: حملات مكثفة على أسواق اللحوم والدواجن والأسماك بالمحافظات    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    كيف أستغفر ربنا من الغيبة والنميمة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الميزان
حان الرحيل من هذا المكان‏!!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 09 - 2012

قطع من خشب مهمل‏,‏ وبعض من أحجار غشيمة ملقاة علي شاطئ مهجور‏,‏ قلما تلتفت إليه الأنظار‏, تمر من أمامه الناس ذهابا وإيابا‏,‏ ولكن أحدا لا يلتفت إليه‏;‏ فليس في هذا المكان من دون سائر أجزاء (‏المدينة الكبيرة‏)‏ بصيص إغراء لأحد‏. يتعاقب البرد و الحرور, الظلام والنور,و لا تزال هذه البقعة علي حالها,ولا تزال العيون عازفة عن النظر إليها, عاجزة عن تخيل شكل آخر لهذا الشاطئ سوي أن يظل مهجورا!!
ربما يكون موقعه علي هامش (مدخل المدينة) هو السبب وراء ذلك; حيث الناس منجذبة لأضواء المدينة المتلألئة عن بعد, وحركتها المتأججة الموحية بالحياة, لا إلي هذا الموات المتجسد في هذه البقعة من الأرض المهجورة بأطلالها الشاخصة الصامتة!
وفي ذات صباح, يمر حاكم المدينة, وأطول الحكام عمرا في حكمها, ليتفقد حلمه الكبير بتطوير المدينة بأسرها,فتلفت هذه البقعة الموحشة نظره, فيتساءل عن السبب,فيرد معاونوه بأنهم لم يغفلوها في خطة التطوير,( وهم الذين لم ينتبهوا لوجودها أساسا)!! ولكن ردهم هذا قد وضع علي رقابهم سيف الالتزام; فمنذ هذه اللحظة أصبح إحياء هذه البقعة الميتة حتما مقضيا!!
وبينما أحد المعاونين قابعا في حيرة من الأمر,دلف إلي غرفته (أحد المقربين) فتساءل عما يشغل البال,فيقص عليه القائد ما حدث,وهنا,يقترح عليه مخرجا:ا سمعت أن فلانا من أهل المدينة يجيد العزف علي القيثارة,فماذا لو جعلناه يصدح بالنغمات في هذه البقعة,فمنها أحييناها, ومنها استغلينا موهبته, وما يدريك لعل هذه البقعة تكون مزارا يرتاده الناس فيما بعد ب ؟
افكرة رائعةب هكذا صرخ القائد في وجه محدثهب افلتستدعوا فلانا هذا, ولتبلغوه بأن الثماني والأربعين ساعة القادمة هي كل ما يملكه من رصيد الزمن كي يهيئ نفسه لاستقبال الزائرينب!
الجنود ينطلقون في ردهات المدينة بحثا عن هذا العازف المجهول, حتي إذا ما وجدوا باب منزله قرعوه بقوة في وقت لم يكن هو يتوقعه, فأبلغوه بالرسالة ورحلوا تاركينه دون دليل يهتدي به, ودون أن يفسحوا له مجالا للحديث.. وهكذا دوما رسائل الجنود!
وعلي بصيص ضوء القمر, وقليل من وميض نجمات تكاد تنطفئ,حمل الرجل قيثارته مسرع الخطي إلي حيث البقعة المهجورة المنشودة,تؤنس وحدته أزواج من شهيق وزفير متسارعان في جوف ليل تنذره النسمات بصباح قارص البرودة;وكثير من علامات استفهام يبدرها خياله علي مرمي البصر.. وكثير من أحلام وأمنيات! فلما بلغ الرجل مراده تحت جنح الظلام,رأي الأرض كما لم يراها أحد, و(تخيل) أنه راح يلملم الأحجار الثقيلة وحده, وتلك الأخشاب المتناثرة غير المتسقة في الأنحاء,فجعل هذي فوق تلك متراصة, ليشيد لفكرته بناية تليق بمدخل المدينة, و(تخيل) أن الناس وقوف من حوله يستمعون إلي قيثارته, يدوي تصفيقهم دويا في أذنيه وليس الريح, فكاد صاحبنا أن ينحني خجلا لتحيتهم.. في الخيال!!
اكتملت البناية في سباق مع عقارب الزمن,والتفتت الناس إليها وإليه, وراح المكان يمتلئ بالزائرين رويدا رويدا مع مرور السنين ذ إثنتي عشر سنة متصلة,رحل خلالها الحاكم وجاء حاكم آخر ثم رحل وجاء حاكم آخر ثم رحل وجاء حاكم آخر- ولم يتخل عازف القيثارة عن قيثارته أو المكان أبدا, فلما اعتاده الناس( تكلم), يحكي لهم عن أشياء تعلمها وأخري قرأها ثم عاد فعزف.. وهكذا طبائع البشر!!
ولكن,( ماذا عسي هذا الرجل فاعل)؟ اأيأخذ الأرض بأكملها لصالحه, يشدو و(يتكلم) ايضا؟أوليس أصل غرض البناية قيثارتهب؟
(..ثم لما لا يبني آخرون بنايات مماثلة لبنايته)؟!
فبني البعض بناياتهم وهذا حقهم, فلم يكن الرجل يعنيه ذلك في شيء.. وإنماكل ماكان يعنيه هو بنايته!
ويمر بعض الوقت, ثم يولد استغراب جديد من رحم الأيام:(..و لماذا بناية هذا الشخص هي الأكبر؟ وبأي حق؟ ألكونها الأقدم في هذا المكان؟).
العاديات صبحا تسابق الريح, يعتليها الجند حاملين معاول الهدم والغبار بركان,فإما أن تزال البناية أو تتساوي ببقية البنيان, فيلملم الرجل أشلاء قوته كي يحمي البناية: لن تنالوا منها( أيضا) هذه المرة, كمثل ما لم تنلوا منها علي مر الزمان ؟
وتبقي البناية شامخة لا تهتز يحميها الرجل ولا ينام له جفن,فلا فلح( المتربصون) يوما في إزالتها,بمن فيهم(أقوي الحكام),ولا توقف الرجل طوال الوقت عن تجويد محتواها,عاقدا العزم علي ألا يتركها أبدا أو يتخلي عن زائريها!!
واليوم يأتي إلي المدينة حاكم جديد,الفرق بينه وبين جميع الحكام الذين عاصرهم الرجل من ذي قبل هو أنه( صديق);ولأنه صديق,فلقد تحتم علي الرجل أن يعيش معه حلمه بشأن المدينة كلها;وهو يعيد ترتيب أوراقها المتبعثرة هنا وهناك,ويلملم أشلاء الأشياء بداخلها,ليجعل منها تاجا فوق رءوس كل المدن,وهذا حقه,وهذا واجب علي كل من يزعم صداقته ذ أن يعينه علي تحقيق حلمه!!
وتمتد لفائف الخرائط المدينة للجديدة,خريطة تلو الأخري,وتتلاقي أعين الصديقين من فوقها,فيفهم الرجل الرسالة: فاليوم ما عاد هناك مكان لهذه البناية;ذلك لأن سياق البنايات المحيطة(بالفعل)سوف يختلف في إطار خطة( جادة)هذه المرة للتطوير ستشمل جميع البنايات.
إذن فليس أمام الرجل اليوم سوي أن ينسحب,ولقد قررت الانسحاب!!
أما البناية فكانت هذا المقال الذي كنت أطل منه عليك أسبوعيا,وأما الصديق فهو الأستاذ عبد الناصر سلامة رئيس تحرير زالأهرامسوأما الرجل فهو أنا!!
لذا,فلقد شاءت الأقدار أن تكون هذه السطور هي آخر سطور أسطرها إليك من هذا المكان, تحديدا من كل جمعة, لأنتقل ببنايتي طوعا إلي بقعة أخري داخل( المدينة) في الثلاثاء من كل أسبوع بالصفحة الحادية عشر, وأعدك بأن تكون نصب عيناي دوما كمثل ماكنت, وأن تكون أنت البوصلة الوحيدة التي بها أهتدي.
أما وإن حان الرحيل سيدي.. فموعدنا الثلاثاء!!
المزيد من أعمدة أشرف عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.