نواب يشيدون بتعديلات قوانين الانتخابات: خطوة نحو برلمان يعبر عن كافة فئات المجتمع    النائب مصطفى سالمان: تعديلات قانون انتخابات الشيوخ خطوة لضمان عدالة التمثيل    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    البابا لاون يلتقي موظفي الكرسي الرسولي    جامعة أسيوط: متابعة ميدانية لمطاعم المدينة الجامعية للطالبات للتأكد من جودة الوجبات    محافظ قنا يُكرم الشقيقين «أحمد وهبة» لفوزهما بجائزة الدولة للمبدع الصغير    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    رئيس الوزراء يتابع أعمال تطوير ورفع كفاءة محور 26 يوليو ويتفقد مشروع جنة 4    أسعار الفراخ البلدي تتراجع 5 جنيهات اليوم السبت (آخر تحديث)    بنك الطعام المصري عضو التحالف الوطني يُطلق النسخة الثانية من فعالية "نبتكر من أجل الإنسانية"    محافظ الإسماعيلية ووزير الرياضة يشهدان لقاء القيادات الشبابية بمعسكر القرش (فيديو وصور)    النزول من الطائرة بالونش!    افتتاح محطة طاقة غاز الرئيسية بمدينة الخارجة بالوادي الجديد    تعرف على أسعار حجز الأضاحي بمنافذ الزراعة    صحة غزة: 300 حالة إجهاض بسبب نقص الغذاء والدواء    سوريا ترحب بقرار الحكومة الأمريكية القاضي برفع العقوبات عنها    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    القوات الروسية تسيطر على 3 بلدات في شرق أوكرانيا    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين    انقطاع واسع للكهرباء جنوب شرق فرنسا تزامنا مع حفل ختام مهرجان كان    عاجل.. محمد صلاح يكشف كواليس اتفاقه مع سلوت    كونتي ضد كابيلو.. محكمة تحدد المدرب الأفضل في تاريخ الدوري الإيطالي    بمشاركة منتخب مصر.. فيفا يعلن ملاعب كأس العرب    هيثم فاروق: بيراميدز الوحيد الذي نجح في إحراج صن داونز بدوري الأبطال    ذا أثليتك: أموريم أبلغ جارناتشو بالبحث عن نادٍ جديد في الصيف    محمد صلاح يعادل إنجاز رونالدو وهنري ودي بروين    راموس يمهد الطريق.. هل ينضم رونالدو إلى مونتيري في كأس العالم للأندية؟    رئيس شئون التعليم بقطاع المعاهد الأزهرية يتفقد كنترول الإعدادية بالإسماعيلية    تسجل 44.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس في مصر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد ل48 ساعة    الطب الشرعي يكشف مفاجأة في اتهام جد بالاعتداء على حفيده بشبرا الخيمة    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    أزهر كفر الشيخ يختتم أعمال تصحيح الشهادة الابتدائية وجار العمل فى الإعدادية    مغادرة الفوج الأول لحجاج الجمعيات الأهلية بالبحيرة للأراضي المقدسة    النائب عمرو فهمي: محاولات جماعة الإخوان الإرهابية بنشر الشائعات هدفها إثارة البلبلة    موقع سفر: المتحف المصرى الكبير نقلة نوعية فى السياحة الثقافية لعام 2025    «منزل العفاريت الظريفة» على مسرح التربية والتعليم في السويس الثلاثاء    ماجد المصري يُقبل "يد" هيفاء وهبي بحفلها في دبي (صور وفيديو)    الشامي وتامر حسني يُفرجان عن أغنية "ملكة جمال الكون"    داليا مصطفى: لا أحب العمل في السينما لهذا السبب    متحف الحضارة يستقبل وفداً رفيع المستوى من الحزب الشيوعي الصيني    إسماعيل ياسين وشادية.. ثنائي كوميدي أثرى السينما المصرية    القارئ السيد سعيد.. صوت من السماء حمل نور القرآن إلى القلوب | بروفايل    رئيس الوزراء يفتتح المقر الرئيسي الجديد لهيئة الإسعاف    استخراج موبايل من معدة مريض في عملية نادرة بالقليوبية    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    جامعة كفر الشيخ تسابق الزمن لإنهاء استكمال المنظومة الطبية والارتقاء بالمستشفيات الجديدة    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    التشكيل الرسمي لصن داونز أمام بيراميدز بذهاب نهائي دوري الأبطال    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    خلي بالك.. رادارات السرعة تلتقط 26 ألف مخالفة في يوم واحد    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    المتحدث العسكري: الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لدولة فرنسا    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى المزان
‏(‏ تيجو نسأل الإنجليز‏)‏ ؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 12 - 2011

كانت السيارة التي تقلني تتجه من العاصمة البريطانية لندن إلي بلدة كنت قد حكيتك عنها من قبل وتدعي ساندويتش‏,‏ حين لمحت عيناي علي أطراف العاصمة بناية وسط البنايات الكثيرة ذات الأسقف المخروطية والواجهات التي تعلوها مربعات النوافذ الزجاجية‏,‏ استوقفني فيها أن إحدي نوافذها كانت مغطاة بسياج حديدي لافت للنظر دونا عن سائر النوافذ وربما كل البنايات المحيطة كما أسلفت, ما دفعني إلي الاستفسار من السائق(الإنجليزي) عن هذه النافذة بالذات فأجابني بأنه ربما يقطنها أحد الأشخاص العرب!! ولماذا العرب ؟ هكذا سألته,فأجاب بأنهم هم الأقرب إلي ثقافة الشعور بالخطر!!
وفي البلدة الصغيرة الجميلة ساندويتش كان لزاما علي وعلي سائق( إنجليزي) آخر كان يقلني من مكان إلي مكان داخل البلدة أن نقطع الحقول ليلا ونمضي في قلب ظلام دامس لا ينيره سوي ضوء الكشافات الأمامية للسيارة,يكشف عن الحقول وكثير من أشجار علي الجانبين تحفنا,وأشباح منازل صغيرة متناثرة هنا أو هناك علي يمين الطريق وشماله,أو ربما وميض لمبة شحيحة الضوء بين الحين والحين تنير محيط دائرة صغيرة حولها, وسكون كنت استشعره مخيفا لم يبالي السائق به أو بي,وإنما انطلق في الطريق مسرعا, ولما لا ينطلق مسرعا وهو الذي لا يري بصيص إنسان أو حتي حيوان يعترض طريق سيارته ؟
سألت السائق سؤالا شققت به جدار الصمت بيننا فمنه أستفسر عن شيء لفت انتباهي,ومنه اشد انتباهه قليلا لعله يبطئ السيارة بعض الشيء: ألا توجد شرطة في هذه البلدة علي الإطلاق ؟ هكذا بادرته,فأجاب مبتسما: بالطبع الشرطة موجودة!! فسألته: ولكنني لا أري فرد شرطة واحد علي أي من الطرق!! فأجاب: صحيح,ولكن حال حدوث مكروه ستجد الشرطة أمامك من قبل أن يرتد إليك طرفك!! فسألته: أتعيش أنت في هذه البلدة الصغيرة ؟ فلما أومأ بنعم, سألته: أليس هذا السكون الرهيب الذي يكتنفها مغريا للصوص أو ربما القتلة كي يشرعوا في تدبير السرقات والجرائم ؟ التقط الرجل أنفاسه( مللا علي ما يبدو) ثم أجابني بسؤال: هل تعلم متي كانت آخر حادثة سرقة وقعت بهذه البلدة ؟ قلت: لا أعلم!! فقال: منذ عشرين سنة تقريبا!! غريبة!!
تذكرت هاتين القصتين أخيرا عندما علمت بمحض المصادفة من صديق بريطاني أن الشرطة البريطانية لا تحمل سلاحا قط!! بل ولا ينبغي لها أن تكون( بحكم القانون)!! أما ما أدهشني بحق بعد ذلك فهو علمي بأن المجرمين هناك ما عادوا يحملون سلاحا بالمعني الحرفي للكلمة, كما لو أنه لم تعد هناك حاجة لدي المجرمين هناك إلي حمل السلاح ما دام من سيواجههم لا يحمل سلاحا أساسا!! وكأن حمل الشرطة للسلاح مدعاة في حد ذاته لحمل المجرم للسلاح والعكس صحيح!! نظرية غريبة!!
ليس معني ذلك أن الدنيا هناك( سداح مداح); ذلك لأن( كل شيء مدروس); فقد تندهش سيادتك حين تعلم أن إنجلترا في المقابل هي أكثر الدول التي تخضع لمراقبة كاملة بواسطة الكاميرات;ففي أحدث إحصائية إطلعت عليها بالصدفة أيضا تبين أن ثمة كاميرا مراقبة لكل14 مواطنا هناك.. ولك أن تتخيل عدد الكاميرات في هذا البلد بالقياس إلي تعداد السكان والوافدين إليه فالبوليس هناك ليس سلاحا وإنما البوليس كاميرا!! كاميرا ترصد دبة النملة فلما تدب النملة ترصدها الكاميرا من جميع الزوايا, ثم بعد ذلك يأتي البوليس وتتبين الحقائق بالصوت والصورة, ولا حاجة حينئذ إلي( ضرب المجرم قلمين) أو صعقه بالكهرباء أو إطفاء السجائر في جسده الكريم;ذلك لأن الحقيقة دامغة حينئذ ولا تحتمل أي التباس,حتي وإن حدثت الجرائم في غرف مغلقة;ذلك لأن الداخل إلي هذه الغرف مرصود منذ أن وطأت قدماه الشارع الذي تقع فيه البناية لحظة وقوع الجريمة!! ألم أقل لك إن البوليس كاميرا!!
الكاميرات هناك إذن أداة بحث جنائي في حد ذاتها وقبل ذلك هي أداة عدل;ذلك لأن العدل لا يحتمل تخمينا, وإنما العدل في الأساس قائم علي العلم بالشيء بمعني توافر المعلومات المؤكدة( إديني كاميرا أديك عدل)!! وليس أدل علي ذلك من جريمة شهيرة تلك التي دوي معها اسم فنانة مغمورة كانت تدعي( سوزان تميم) لم يكن بوليس دبي هو البطل الحقيقي وراء الكشف عن ملابساتها كما قد يعتقد البعض وإنما الكاميرا التي كانت في البناية!! والفارق كبير بالمناسبة!!
كما أن الكاميرا أداة ردع أيضا;ذلك لأن الإنسان بطبيعته لا يرتدع الشر بداخله إلا إذا علم أنه مراقب نظرية الدين ذاتها, مع فارق التشبيه, قائمة علي فكرة المراقبة تلك وأنك مرصود من لدن عليم خبير( يعلم الجهر وما يخفي)( ويعلم ما تخفي الصدور); فهو ليس مطلع فقط علي ما يحدث وإنما مطلع علي ما تنتوي فعله ذ!!
الجريمة بنسبة كبيرة حتي وإن كان الخطأ مجرد مخالفة مرورية!! وليس أدل علي ذلك أيضا من نجاح تجربة الإشارات المرورية المراقبة بواسطة الكاميرات في أكبر دول العالم فوضوية علي الصعيد المروري مصر!! وسواء انصاع الناس للإشارة أو لم ينصاعوا بسبب اعتيادهم بل وإدمانهم للفوضي ففي الحالتين لقد تم التقاط المخطئين!!
ولقد علمنا أن الشرطة المصرية بصدد وضع خطط أمنية شديدة الصرامة: دوريات راكبة مجهزة تنتشر علي الطرقات; وإعادة تأهيل لأسلوب العمل الشرطي إلي حد الشروع في تغيير العقيدة الشرطية ذاتها من خلال تأهيل رجالات الشرطة لاستيعاب فكرة التظاهر(السلمي) وحرية التعبير عن الرأي بل والاعتصام, وهذه خطوة عظيمة لا يختلف عليها اثنان,ولكن فكرة الردع مازالت تتبع أساليب الأولين والمتمثلة في العصي وقنابل الغاز حتي وإن لم يتم استخدام السلاح والذخيرة الحية, ولم تزل فكرة استخدام الكاميرا للأسف ساقطة من الحسبان,بالرغم من أن الكاميرا هي التي كشفت أجزاء كثيرة من الحقيقة في أشد المواقف التباسا, ولنا في أحداث حرق المجمع العلمي أسوة حسنة, ولكن أحدا لا يؤمن بنظرية الكاميرات بعد!!
وأعود بك إلي بلاد الانجليز مرة أخري فأفهم الآن لماذا لا يضع الناس أسياخ من الحديد حول الشبابيك والنوافذ,ولماذا لا يحمل البوليس هناك سلاحا;ذلك لأن المجرم لن يشرع في الجريمة أساسا إلا بمنتهي منتهي الحذر,أو في غمار زحام شديد يختلط فيه الحابل بالنابل علي نحو يصعب علي الكاميرات استبيانه,كمثل هاتين الجريمتين اللتين وقعتا بشارع أكسفورد أكبر شوارع لندن قاطبة منذ ثلاثة أيام فقط حين طعن أحدهم شخصا في غمار( زحام) التسوق بمناسبة أعياد الكريسماس, ثم قام أخر أو ربما نفس الشخص بنفس الفعلة في نفس الشارع في ذات المناسبة ولكنه آت آت لا محالة, ذلك لأن البوليس الانجليزي سكوتلاند يارد قد هب عن بكرة أبيه لسبر أغوار الجريمتين; فالأمر هناك ليس مجرد كاميرات فحسب وإنماDNA( مأرشف) ومباحث( علمية) أخري تتعدي مسألة البصمات ومن قبل هذا وذاك حصر حقيقي لبيانات السكان يمكن العودة إليها عند الضرورة للمضاهاة والمقارنة ابتغاء الوصول إلي المعلومة,وليس الأمر( فكاكة) أو( حداقة) أو( فراسة) الموضوع يندرج تحت مسمي العلم.. هناك!!
ومن ثم وفي مقابل ما طرحته عليك لتوي, اسمح لي أن أسأل المسئولين في هذا البلد من خلالك سؤالا محددا أتمني من الله ألا يزعج أحدا: ما دمنا لا ننعم بالأمن من بعد ثبوت عدم جدوي تلويح الشرطة باستخدام العنف أو حتي باستخدامه.. مادمنا كذلك( تيجوا نسأل الانجليز) ؟
المزيد من أعمدة أشرف عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.