مما لاشك فيه أن مصر تتغير بقوة, وأن القيادة المصرية الجديدة تدفع بدماء جديدة لتتولي المسئولية في زمن ثورة 25 يناير, وبالرغم من كل شيء, فإن الدماء الجديدة سوف تحاول قدر طاقتها أن تتجاوب مع الإيقاع الجديد للحياة, وللتطلعات الكبيرة لجموع المصريين, وللواقع المتغير في المنطقة من حولنا. وبقدر ما أن الظروف ضاغطة, فإن الرأي العام عليه أن يدرك أن لا أحد يملك عصا سحرية ليتغير واقعه بين ليلة وضحاها, وعلي الرغم من الميراث الطويل من الشكوك في الحكومات المصرية المتعاقبة, فإن عليه هذه المرة أن يعطيها بعض الوقت وبعض الثقة حتي تعمل في هدوء وتنجز, كما أن عليه أن يتحمل بعض الأخطاء, لأن القيادات الجديدة تحاول أن تجتهد, وأن تجرب وجوها جديدة مليئة بالحماس, وبحاجة لتجربة سياسات جديدة لعلاج مشكلات متراكمة منذ سنوات طويلة. والآن قد يتوهم البعض أن الحكومة وحدها أو الرئيس محمد مرسي أو الحزب الحاكم وحده هو الذي علي المحك, إلا أن ذلك, وإن كان صحيحا, فإنه ليس كل الصحة, لأن من هو علي المحك هي مصر بأكملها, سواء الذين يوافقون أو الذين يعارضون, بل حتي قطاع المتفرجين.. فمصر الجديدة التي ولدت من رحم 25 يناير تتلمس خطواتها, وتحاول أن تتخفف من ميراث ثقيل من الماضي بإخفاقاته وظلمه وظلامه, كما أنها تحاول أن تشق طريقها إلي النور والحرية والعدالة الاجتماعية بما تبقي لديها من أمل وجهد وعزيمة وإخلاص الرجال الشرفاء. والتحدي الكبير الذي يواجه جموع المصريين هو: كيف يمكن بناء دولة مدنية حديثة ديمقراطية تتسع للجميع, ولا تهمش أحدا بسبب لونه أو دينه, وتعلي من قيم العدل والحرية, وتستلهم التراث الإسلامي, والحضارة الإسلامية في عصور مجدها لا انحطاطها, وفي فترات إبهار الآخرين وليس في أزمة الضيق بهم. ويبقي أن الجميع لابد أن يشارك في البناء, لأن عواقب الفشل ستكون وخيمة, كما أن النجاح سيكفي المصريين جميعهم, بل في الأغلب سيكون للأمة العربية والإسلامية من نصيب, فمما لا شك فيه أن مصر القوية المزدهرة ستكون خير عون لأمتها, وهو تعود لتقود من خلال تقديم النموذج الجيد للتعايش والرقي.